الاتحاد الأوروبي وحاضرالمستقبل: معطيات القوة واشكاليات الضعف

ا. د. مازن الرمضاني*

منذ اجراء المملكة المتحدة في عام 2016 لاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي والرؤى التي تتناول المشاهد البديلة لمستقبل هذا الاتحاد متعددة ومتنوعة. فالجدل في شأن هذا الموضوع يتميز بتباين مخرجاته. وقبل البدء بعملية استشراف مستقبلات الاتحاد الأوروبي في عام 2030، تقتضي الضرورة العلمية تناول معنى الاتحاد الأوروبي فضلا عن استعراض المعطيات الراهنة التي يقترن بها حاضر مستقبله وعلى صعيدين: مدخلات القوة في الجسد الأوروبي فضلا عن اشكاليات الضعف الهيكلي فيه.

فاما عن معنى الاتحاد الأوروبي فالرؤى متباينة. فمثلا قيل: انه ُيعد هيكلا لتجمعات قومية:أوروبا الجرمانية وأوروبا اللاتينية الاكثر تنوعا وأوروبا السلافية الاكثر عددا وأوروبا الانكلوسكسونية الاعمق عزلة. وايضا قيل: انه اجتماع الدول الأوروبية الاكثر قدرة ومن ثم تأثيرا اي: المانيا الاتحادية فرنسا ايطاليا المملكة المتحدة (قبل الانسحاب) والاقل قدرة. وكذلك قيل: انه اجتماع التناقض بين النزوع إلى تغليب الهوية الأوروبية المشتركة والاستقلالية وبين الحرص على الهوية الوطنية والارتباط بالأمريكيين.

ونرى ان الاتحاد الأوروبي هو كل اعلاه وغيره. فهو يُعبرعن محصلة تراكم اثار نزوع قديم الجذورنحو نوع من التعاون الأوروبي الوثيق يعود تاريخا الى محاولات الامبراطورية الرومانية التي كانت تنتشر حول البحر المتوسط صعودا. ومع ذلك يمثل توقيع معاهدة روما في عام 1957 وبتشجيع ودعم أمريكي تحولا مهما نحوالنزوع الأوروبي القديم نحو نوع من التعاون الوثيق. فهذه المعاهدة وان ادت إلى انشاء السوق الأوروبية المشتركة كمقدمة لتحقيق التكامل الاقتصادي الأوروبي عبر التكامل الوظيفي(غير السياسي) الا ان الحواجز التي اوجدها الأوروبيون لحماية انفسهم من بعضهم البعض مثلا حالت دون تحقيق هذا التكامل حتى توقيع معاهدة ماسترخت في عام 1992. ففي تشرين الاول من عام 1994 تم رسميا تغيير تسمية السوق الأوروبية المشتركة إلى الاتحاد الأوروبي.

 إن هذا الاتحاد الذي ساعدت علي تكوينه مخرجات انتهاء الحرب الباردة اواخر الثمانينيات وكذلك متغيرات بداية التسعينيات ولاسيما التحولات الكبرى في دول أوروبا الشرقية اريد به انشاء كيان اقتصادي أوروبي بسلطات وصلاحيات مهمة، كيان تذوب فيه الحدود السياسية ويتحرك بداخلة الافراد وتنتقل الاموال والبضائع والخدمات بين الدول الاعضاء بحرية مطلقة وتكون له عملة موحدة(اليورو) تمهيدا لتاسيس كيان أوروبي موحد سياسيا في وقت لاحق. وللاهمية التي اقترن بها تاسيس الاتحاد الأوروبي تمت رؤيته كمحطة تكمل ما سبقها وتمهد لما يليها تحقيقا لغاية نهائية تتمثل في تاسيس هذا الكيان المنشود ومن ثم زيادة القدرة التفاوضية الأوروبية على الصعيد الدولي على وفق قاعدة الند للند.

إن المصالح المشتركة التي ادت إلى تكوين الاتحاد الأوروبي لا تلغي ان الواقع الأوروبي استمر يقترن ايضا بمصالح متناقضة افضت اليها مخرجات تجارب التاريخ وتباين القدرات الذاتية الفردية على الفعل الدولي المؤثر والخشية من التأثير الالماني فضلا عن التنافس الضمني على القيادة الأوروبية ناهيك عن تأثيرتباين نوعية علاقات الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية على علاقتها مع بعض. لذا يمكن القول موضوعيا ان الاتحاد الأوروبي يجمع بين عناصر القوة واشكاليات الضعف في ان وبمخرجات مؤثرة سلبا او ايجابا في نوعية قدرته على الفعل الدولي الهادف والمؤثر.

اولا: مدخلات القوة

تتباين الرؤى في شان المدخلات التي تضفي على الدولة و/او الكيان الدولي كالمنظمات الاقليمية او العالمية خاصية القوة بمعنى التأثير. ومع ذلك وبالقدر الذي يتعلق بالاتحاد الأوروبي نرى ان ابرزها يكمن في المدخلات الجغرافية والاقتصادية والعسكرية ومخرجاتها في تكوين مدخلات القوة الاخرى.

  1. المدخل الجغرافي

جغرافيا يمتد الاتحاد الأوروبي من المحيط الاطلسي غربا إلى جبال الاورال شرقا ومن جزر غرينلاند شمالا إلى جزيرة مالطا جنوبا. وبهذا الاتساع فانه ينتشر على رقعة جغرافية تساوي نحو 782و324و4 كلم مربع. ولا يقلل من اهمية هذا الاتساع انسحاب المملكة المتحدة بمساحة تساوي نحو 244. 820 كلم مربع وبكثافة سكانية تعادل 113. 6 نسمة لكل كلم مربع. وتتيح هذه الرقعة الجغرافية الواسعة والممتدة على مساحة (27) دولة من الدول الاعضاء حاليا في الاتحاد الأوروبي ثمة مزايا مهمة. ومنها الاتي مثلا:

اولا: انه يتوافر على موارد اولية تقترب كما ونوعا من الموارد الاولية الأمريكية وتتجاوز مثيلاتها اليابانية. لذا يُعد الاتحاد الأوروبي احدى مناطق الفيض في العالم ولاسيما في الموارد الغذائية والمعادن غير الوقودية فضلا عن توافره على النفط في بحر الشمال.

ثانيا: ان انتشاره على رقعة جغرافية واسعة جعله يحتضن في عام 2018 نحو512. 4 مليون شخص وبانسحاب المملكة المتحدة بكمها السكاني البالغ نحو 62. 04 مليون نسمة يبقى مجمل سكان الاتحاد الأوروبي عاليا بنحو 459. 4 مليون نسمة. وبهذا يكون ثالث قوة بشرية في العالم بعد الصين والهند. وتعد المانيا الاتحادية الاكثر سكانا بنحو 82. 100. 000 مليون نسمة. بينما الدولة الاقل سكانا هي مالطا وباقل من نصف مليون نسمة. وتُعد معدلات الولادة في الاتحاد الأوروبي منخفضة. اذ يبلغ متوسط مواليد المراة 1. 6 طفلا. وبينما تتميز جمهورية ايرلندا باعلى هذه المعدلات وبنحو 13 ولادة لكل 1000 نسمة تسجل المانيا الاتحادية اقل المعدلات وبنسبة 8 ولادة لكل 1000 نسمة. لذا تتميزجل المجتمعات الأوروبية بغلبة الفئة العمرية ذات الاعمارالكبيرة على سواها.

إن تأثير عدد السكان في الاتحاد الأوروبي لا يقتصر على الكم وانما يمتد ليشمل النوع. فبسبب نوعية الاهتمام الرسمي والخاص بالتعليم والتعلم تتميزدول الاتحاد الأوروبي بارتفاع نسب المتعلمين فيها. هذا جراء الانفاق العالي نسبيا على قطاع التعليم. فبينما تخصص مثلا السويد 16. 2 من ميزانيتها السنوية لهذا القطاع تذهب نسبة 7. 9 من الميزانية الايطالية اليه.

ثالثا: ادى الامتداد الجغرافي الواسع للاتحاد الأوروبي إلى ان يتميز بخاصية جيواستراتيجية مهمة تفتقر اليها مثلا الولايات المتحدة الأمريكية هي سهولة الانطلاق الى دول الاطراف والتأثير فيها. فوقوع أوروبا في وسط العالم تقريبا جعلها اقرب من سواها إلى القارات الاخرى ومن ثم اكثر تفاعلا واياها اقتصاديا وثقافيا وعسكريا وسياسيا. إن هذه الخاصية لم تسهل على الدول الأوروبية الكبرى انذاك استعماراقاليم عديدة في قارات اسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية فحسب وانما سهل ايضا ارتباط هذه الدول في مرحلة ما بعد الاستعمار بعلاقات وطيدة مع النخب الحاكمة في العديد من دول عالم الجنوب. فتراكم الاثر الثقافي متفاعلا مع تشابك المصالح الرسمية وغير الرسمية جعل سياسات هذه الدول اكثر انسجاما وتعاونا مع تلك الدول الأوروبية.

  1. القدرة الاقتصادية

لقد ادى تراكم توظيف الاتحاد الأوروبي لقدراته المتنوعة والمتعددة عبر الزمان إلى ان تُبنى تلك الركائز التي اهلته إلى ان يكون قوة اقتصادية عالمية كبرى. ففي عام 2018 بلغ مجمل الناتج المحلي الاجمالي نحو 18. 8 تريليون دولار وبنسبة تساوي 22 من الاقتصاد العالمي. وحسب احصائيات صندوق النقد الدولي لعام 2018 جاءت اقتصادات ثلاث دول أوروبية ضمن اقوى الاقتصادات في العالم. فقد جاءت المانيا الاتحادية في المركز الرابع وبناتج محلي اجمالي بلغ نحو 4. 02 تريليون دولار. إما فرنسا فقد كانت في المركز السادس وبناتج محلي اجمالي بلغ نحو 2. 79 تريليون دولار. اما ايطاليا فقد جاءت بالمرتبة الثامنة وبناتج محلي اجمالي بلغ نحو 2. 42 تريليون دولار.

إن ارتفاع مجمل الناتج المحلي الاجمالي الأوروبي قد ادى إلى ارتفاع مماثل في متوسط الدخل السنوي للفرد الأوروبي، ولاسيما في الدول الأوروبية ذات الاقتصادات المتينة. فقد بلغ عام 2019 في النرويج نحو 54. 947 الف دولار وفي النمسا 42. 697 الف دولار وفي هولندا 41. 711 الف دولار وفي المانيا 40. 007 الف دولار.

ان توافر الاتحاد الأوروبي على قدرة اقتصادية مهمة حتى بعد خروج المملكة المتحدة منه والتي عُدت سابع اقوى اقتصاد في العالم في عام 2019 وان لا يلغي تأثيره الدولي المهم، بيد ان نوعية هذا التأثيرالاقتصادي بالمقارنة مع نوعية نمو مثيله الصيني و/او الهندي لا تجعل من تنبوء المؤرخ والمستقبلي الأمريكي بول كنيدي صائبا. فهو الذي قال في نهايات القرن العشرين:  » اذا لم يكن القرن القادم (الحادي والعشرين) قرنا أمريكيا فمن المحتمل جدا ان يكون قرنا أوروبيا«.

  1. القدرة العسكرية

يُعد الاتحاد الأوروبي قدرة عسكرية مهمة. فهو يتوافر على كم عسكري يتفوق على القوة الرؤسية باربعة اضعاف. ويدعم هذا الكم الذي ترفده اصلا قدرة قتالية تقليدية متطورة وقدرة اخرى غير تقليدية تتمثل في العضوية في حلف الناتو امتلاك فرنسا للسلاح النووي وامكانية المانيا امتلاكه عندما تقرر ذلك ، هذا فضلا عن انفاق عسكري عال بلغ نحو 4. 2 من مجمل الناتج القومي الاجمالي لدول الاتحاد الأوروبي الأمر الذي جعلة ياتي في مرتبة متقدمة عالميا

ان القدرة العسكرية الأوروبية وان عدت محصلة حسابية نظرية لقدرات الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي وخضوع استخداماتها لحساباتها السياسية إلا ان النزوع الأوروبي نحو تعزيز التعاون المشترك في مجال سياسات الامن والدفاع بعيدا عن الهيمنة الأمريكية على منظمة حلف شمال الاطلسي(الناتو) سيما وان أوروبا اضحت تدرك انها بحاجة الى بناء علاقات جديدة مع القوئ الدولية الاخرى فضلا عن اعادة تفعيل فكرة الجيش الأوروبي الموحد لتامين الامن الأوروبي بقدرة ذاتية سواء عبر الردع او الاستخدام المباشر للقوة العسكرية. ان فكرة هذا الجيش تُذكر بفكرة الجنرال ديغول التي تطلعت في الستينيات من القرن الماضي إلى بناء قوة أوروبية نووية ذاتيه ادراكا منه ان الولايات المتحد الأمريكية لن تدخل في حروب دفاعا عن أوروبا. وقد حالت معطيات الحرب الباردة والانسياق الأوروبي وراء السياسة الأمريكية دون ترجمتها إلى واقع ملموس. وما ذكره الجنرال ديغول يكرره الرئيس الفرنسي الراهن، ماكرون في سياق دعمه لفكرة الجيش الأوروبي.

 ومما يدعم القدرة العسكرية للاتحاد الأوروبي اتجاهه إلى تحقيق قدر من التكامل الامني بين السياسات العسكرية والامنية ليس فقط عبراضفاء الطابع المؤسسي على هذه السياسات وانما ايضا الغاء التداخل بين الوظائف الامنية لعدد من المؤسسات المسؤولة عن ضمان الامن الأوروبي كحلف الناتو واتحاد غرب أوروبا (تاسس في عام 1954) ومؤتمر الامن والتعاون الأوروبي (تاسس في عام 1979).

وفي ضوء نوعية مجمل قدراته الموضوعية يتكرر القول ان الاتحاد الأوروبي يعبر عن بروز قوة دولية فاعللة وقادرة على احداث تغير مهم في المعادلة الدولية لعالم ما بعد انتهاء الحرب الباردة ومن ثم المشاركة في بلورة الهيكلية الدولية لعالم القرن الحادي والعشرين. بيد ان هذا الجانب الايجابي من الصورة الأوروبية لا يلغي الجانب الاخر لها. فالاتحاد الأوروبي يعاني، كسواه من القوى الفاعلة دوليا من اشكاليات ضعف هيكلية تنطوي على تأثيرات سالبة في انماط سلوكه.

ثانيا: اشكاليات الضعف

تتوزع هذه الاشكاليات إلى مستويين متفاعلين: داخلية وخارجية

  1. اشكاليات الضعف الداخلية

لقد افضى تباين التطور الحضاري لدول الاتحاد الأوروبي إلى ان يجمع منذ تأسيسه في عام 1992 وعبر تطوره الهيكلي اللاحق بين مستويين من هذه الدول:

فاما عن الاول فهو يشير إلى تلك الدول ذات القدرات الخاصة والتي تم تسميتها منذ السبعينيات من القرن الماضي بدول المركز الأوروبي وهي الدول الأوروبية الكبرى: المانيا وفرنسا وايطاليا والمملكة المتحدة(وحتى خروجها من الاتحاد الأوروبي).

واما عن المستوى الثاني فهو يشمل مجموع الدول الأوروبية الاعضاء الاخرى: المتوسطة والصغيرة والتي تم تسميتها بدول الاطراف الأوروبية.

ويفيد هذا التصنيف ان تباين دول الاتحاد الأوروبي في قدراتها الذاتية يفضي بالضرورة إلى تنافر مصالحها ومن ثم الاخذ بسياسات تعبر عن هذا التنافر. لذا لا يستطيع المرء القول ان الاتحاد الأوروبي يعبر عن مصالح متماثلة. فمصالح دول المكز الأوروبي لا تتماثل مع مصالح سواها هذا ناهيك عن الخشية الأوروبية الكامنة من دور الماني يسعى إلى جعل أوروبا المانية الهوى.

واضافة إلى التوتر الكامن بين الأوروبين ينطوي استمرار تعارض جل المصالح الأوروبية داخل وخارج القارة الأوروبية على تعطيل ذوبانها ضمن اطار المصالح المشتركة. فمثلا يفضي قانون التنافس بين الدول الراسمالية الذي تتأثر به دول الاتحاد الأوروبي بالضرورة بها الى الوقوف ضمنا او صراحة بالضد من السياسات الأوروبية المشنركة التي تتقاطع مع مصالحها الوطنية سيما وان هذا القانون يفيد ان الدول الراسمالية لا تنمو اقتصاديا إلا ايضا على حساب بعضها البعض الاخر. ومثلما ان درجة حماس الراي العام في الدول الأوروبية لموضوعة التكامل السياسي الأوروبي ليست متماثلة كذلك تتباين الرؤى الرسمية في شان الغاية النهائية للاتحاد الأوروبي بين الدفع الالماني-الفرنسي مثلا نحو التكامل السياسي بهيكلية اتحادية او اندماجية وبين دعوة المملكة المتحدة وهولندا مثلا إلى الارتباط الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية بديلا لفكرة التكامل السياسي الأوروبي.

  1. اشكاليات الضعف الخارجية

تكمن ابرز هذه الاشكاليات في طبيعة العلاقة الأوروبية- الأمريكية واثارها في انماط السلوك الأوروبي

يفيد تاريخ هذه العلاقة إنها مرت ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية بمراحل تباينت في خصائصها. وتُعد نهاية الحرب الباردة عام 1991 بمثابة الحد الفاصل بين نوعين عامين منها.

فاما عن المراحل الاولى فهي تلك التي تميزت بانسياق أوروبي شبه مطلق وراء السياسة الخارجية الأمريكية. وقد افضت إلى ذلك مخرجات الحاجة الاقتصادية والهواجس الامنية خلال مرحلة الحرب الباردة بين اعوام 1945-1991.

واما عن المراحل الثانية فهي تلك التي تميزت بالتطلع الالماني-الفرنسي خصوصا نحو اعادة بناء العلاقات الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية على اسس جديدة. والى هذا التطلع دفعت مخرجات العلاقة الطردية الموجبة بين نمو القدرة الاقتصادية الأوروبية والنزوع إلى اداء دور سياسي دولي مستقل ومؤثر.

ويفيد واقع العلاقة الأوروبية-الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة ان الانسياق الأوروبي وراء السياسة الخارجية الأمريكية والذي لا تلغيه مدخلات التنافس/او الصراع الأوروبي-الأمريكي استمرفي العموم لصيقا بهذه العلاقة. ومما ساعد على ذلك التوظيف الأمريكي للقواسم المشتركة الأوروبية-الأمريكية فضلا عن تأثير مخرجات دعم عدد من الدول الأوروبية وخصوصا المملكة المتحدة قبل خروجها من الاتحاد للفكرة الاطلسية التي دعت إلى ديمومة الارتباط السياسي الأوروبي الوثيق بالولايات المتحدة الأمريكية.

إن التأثير الأمريكي في السياسة الأوروبية حيال قضايا أوروبية وغير أوروبية لا يفيد بفاعليته في العموم فحسب وانما يؤكد كذلك استمرار التطلع الأمريكي نحو تعطيل الاتحاد الأوروبي عن ممارسة سياسة خارجية مستقلة خشية ان يؤدي ذلك إلى دعم صعوده كقوة دولية مؤثرة ومنافس دولي مضاف.

وفي ضوء تأثير مدخلات القوة في جسد الاتحاد الأوروبي واشكاليات الضعف الهيكلي فيه نتساءل: ماهي المشاهد البديلة لمستقبل الاتحاد الأوروبي في عام 2030؟ إن الاجابة عن هذا السؤال هي التي ستشكل محورمقالنا القادم.

*استاذ العلوم السياسية ودراسات المستقبلات

العدد 103 – نيسان 2020