المؤتمر القومي العربي

ـ ندعو الحكومات العربية والقوى الشعبية إلى دعم موقف مصر المتوازن في قضية سد النهضة

ـ ندعو الحكومة الأثيوبية إلى التراجع عن تعنتها في قضية السد

ـ كما كنا مع مصر في معركة السد العالي عام 1956 ، نقف معها اليوم في دفاعها عن حقها في مياه النيل شريان الحياة لشعبها

التزاما من المؤتمر القومي العربي بالمصالح القومية العربية العليا وبوحدة هذه المصالح، ووعيا بأهمية وضرورة التأسيس لعلاقات تعاون متبادلة وصداقة مع دول الجوار الإقليمي لوطننا العربي، فإن الأمانة العامة للمؤتمر تؤكد دعمها الكامل لموقف مصر المتوازن من إدارة ملف  »سد النهضة« الأثيوبي، والذي اعتمد طوال خمس سنوات من المفاوضات الشاقة والمضنية حول مشروع هذا السد، وبالذات منذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ من 23 آذار عام 2015 ، بين كل من مصر والسودان وأثيوبيا، والتأكيد على الالتزام بمبدأ  »المصالح المشتركة« للدول الثلاث، كما تعلن الأمانة العامة استنكارها الكامل لتعمد أثيوبيا نسف الاتفاق المتوازن الذي جاء ثمرة مفاوضات مضنية في واشنطن بين مصر واثيوبيا والسودان بوساطة دولية طيلة الأشهر الأربعة الماضية، وهو الاتفاق الذي يتفق تماما مع أحكام القانون الدولي ويمثل حلا وسطا وعادلا ومتوازنا ، تم استخلاصه من واقع جولات المفاوضات السابقة.

لم تكتف حكومة أديس ابابا بالغياب المتعمد عن توقيع هذا الاتفاق بالأحرف الأولى كما كان مقررا، لكنها قررت أن تضرب عرض الحائط بقواعد القانون الدولي وما سبق أن وقعته من اتفاقات ومبادىء حاكمة لإدارة المفاوضات حول هذا السد، وعلى الأخص منها: اتفاق إعلان المبادىء الموقع 29 مارس 2015 ، والذي ينص في مادته الخامسة على ضرورة الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد قبل البدء في ملء خزانة المائي، وتجاهلت الحكومة الأثيوبية هذا كله، وأكدت اصرارها على البدء في ملء خزان السد بشكل منفرد ابتداء من شهر يوليو/تموز المقبل، دون التوصل إلى أي اتفاق مع كل من حكومتي مصر والسودان، الأمر الذي يؤكد سوء نية مبيته لا تعطي اعتبارا لأية مصالح مصرية أو سودانية، ولا لأية أضرار فادحة يمكن أن تصيب البلدين، فضلا عن كل ما تمثله من تجاوز لقواعد القانون الدولي والأعراف الدولية وعدم الاعتبار مع جوارها العربي، ومصر في القلب منه، على النحو الذي تأكد في اعتراضها غير اللائق على القرار الذي أصدرته جامعة الدول العربية في الرابع من مارس/آذار الجاري الذي يدعوها إلى الالتزام بمبادىء القانون الدولي واجبة التطبيق وعدم الإقدام على إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق مصر ومصالحها المائية.

إن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ترى في هذه الممارسات إصرار من حكومة أديس أبابا على ممارسة الهيمنة على نهر النيل، وتنصيب نفسها كمستفيد أوحد من خياراته، كما ترى الأمانة العامة في هذه الممارسات انسياقا وراء مخططات أعداء الأمة العربية وخاصة كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية التي تهدف إلى إحكام المزيد من الضغوط على مصر، وادخالها في انتكاسات اقتصادية واجتماعية بحجب مياه النيل عنها والتي تعد شريان الحياة للشعب المصري، وهذا ما يتأكد من هشاشة الدعاوى الأثيوبية الرامية إلى الهيمنة على مياه النيل دون حاجة حقيقية إليها في ظل إمكانياتها الهائلة من مياه الأمطار وعدم اعتمادها على النيل كمصدر مائي له اعتباره.

فأثيوبيا تعتمد على مياه الأمطار للري بنسبة 99.5  من احتياجاتها ولا يزيد اعتمادها على مياه النيل للري عن 0.5  فقط، وان إجمالي نصيب مصر من مياه النيل الذي تسعى للمحافظة عليها لا تزيد عن 55 مليار متر مكعب، في حين تزيد حصة أثيوبيا من مياه الأمطار 1050 متر مكعب سنويا.

انطلاقا من كل هذه الحقائق فإن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي الذي ترى أن الحكومة الأثيوبية ما كان لها أن تتجرأ على هذا النحو على مصر التي هي دولة المصب لنهر النيل الذي يعد شريان حياتها، ولا أن تتجرأ على جامعة الدول العربية وأعضائها إلا إذا كانت تلقى الدعم والمساندة الكاملتين من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية التي لم تحرك ساكنا لتعمد أثيوبيا الغياب عن التوقيع في العاصمة الأمريكية على الاتفاق الذي أشرف عليه وزير الخزانة الأمريكية بمشاركة خبراء صندوق النقد الدولي، والتي زار وزير خارجيتها مايك بومبيو العاصمة الأثيوبية قبل أسبوع واحد من الموعد الذي كان مقررا لتوقيع هذا الاتفاق في نهاية شهر فبراير/شباط الفائت، والا إذا كانت تراهن على تشتت الإدارة العربية وتتلقى، مع الأسف الشديد، الدعم والتشجيع من دول عربية، والا إذا كان المال العربي طرفا أساسيا في بناء هذا السد، لذلك فإن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ترى أن أي تفريط في حقوق ومصالح أي دولة عربية تفريط في حقوق ومصالح كل الدول العربية، وبقدر ما تعلن وتؤكد دعمها الكامل للموقف المصري المتوازن والمتسق مع القانون الدولي والأعراف الدولية تطالب كل الدول العربية والهيئات والمنظمات والأحزاب العربية بالوقوف صفا واحدا مدعما للموقف المصري والتصدي بكل الوسائل المشروعة لسياسات الغطرسة الأثيوبية وطموحات فرصة الهيمنة المتفردة على نهر النيل وموارده المائية التي هي حق مشترك للدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا وليست حكرا لطرف دون الآخر.

كما تطالب الحكومات العربية المشجعة لحكومة أديس أبابا والممولة لمشروع  »سد النهضة« أن تراجع مواقفها وأن تمارس ضغوطها على الحكومة الأثيوبية للالتزام بالاتفاق الذي يحافظ على حقوق الشركاء كلهم بما فيهم مصر والسودان.

وتتوجه الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي إلى كل القوى الشعبية العربية، من أحزاب واتحادات ومنظمات أهلية، إلى رفع صوتها عاليا دفاعا عن حقوق مصر في مياه النيل، انطلاقا من أن معركة مصر لبناء السد العالي عام 1956، لا تقل أهمية عن معركتها اليوم للحفاظ على حقوقها من الآثار السلبية لسد النهضة.

كما تدعوة الأمانة العامة حكومة أديس أبابا إلى التراجع عن مواقفها المتعنته احتراما للقانون الدولي ولقواعد حسن الجوار والمصالح المشتركة لدول حوض النيل مجتمعة.

التاريخ: 12 / 3 / 2020

الأمين العام للمؤتمر

مجدي المعصراوي