نظرية القبول بالأمر الواقع

من يعتقد ان فلسطين تخص الفلسطينيين وحدهم فهو واهم، انْ كان فلسطينيا أو من أي قطر عربي آخر.

نعم، ان ما تمخضت عنه سنوات القهر والتمزق العربي منذ بدايات القرن التاسع عشر وإلى يومنا الحالي، قد خلقت عوامل ومتغيرات لم يعد بالإمكان تجاهلها ولا يمكن لقطر عربي لوحده ان يلاحقها ويفكك بعضا من ألغازها وإشكالاتها. كما لم يعد الإيمان بالعمل العربي المشترك فاعلا أساسيا في مجريات احداث العالم المتغير بين لحظة وأخرى.

ولان القبول بنظرية الأمر الواقع لا يرضي طموحات الشعب العربي بالحرية والكرامة والوقوف على قدم المساوات مع شعوب العالم المتقدمة نُتّهمُ بأننا مرضى (نظرية المؤامرة)، فهل يا ترى ان استبعدنا التدخلات الأجنبية والأطماع الاستعمارية في الخيرات والمواقع الاستراتيجية للوطن العربي، واستبعدنا طموحات دول الجوار في ان يكونوا قوىً إقليمية متنفذة على حساب الأرض العربية، نكون قد عدنا إلى التفكير السليم؟؟

فلسطين ليست أرضا متنازعا عليها هي في قلب العالم العربي، وما يحصل فيها يؤثر تأثيرا مباشرا في كل قطر عربي حتى وان تجاهل الحكام ذلك الامر،، ولنعد لما أعلنه اكثر من مصدر إسرائيلي بان الحروب التقليدية بينهم وبين العرب قد انتهت لتبدأ الحروب (الناعمة)،، اثارة الفتن، بث النعرات الطائفية والعنصرية،، التشكيك بالقِيَم والاخلاق والمبادئ الإنسانية والمجتمعية تشويه وتحريف العقائد الدينية وخلق صراعات داخلية بين أبناء القطر الواحد أو بينه وبين الأقطار الاخرى،، كل هذه تصب في مصلحة العدو الصهيوني وحلفائه المنتفعين من التشتت العربي في أي خندق كانوا.

ان رمي الكرة في ملعب الفلسطينيين لوحدهم فيه ظلم كبير لكل قضايا الوطن العربي،، والخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية ليست هي السبب وراء انجرار بعض الحكومات العربية لإقامة علاقات مع دولة العدوان والارهاب (إسرائيل) ارضاءً لسيد البيت الأبيض الأمريكي… كما ان التخلي عن القضية الفلسطينية هو تخلٍ طبيعي عن الأرض العربية جميعها وعن الشعب والكرامة والإنسانية بمجملها.

ستبقى الأرض عربية من المحيط إلى الخليج العربي بما فيها فلسطين في القلب منها،، ولن يتخاذل الشباب الذي رفع رايات العصيان على حكوماتهم الهزيلة، يطالبون بحقهم في الحياة وان يحكموا أنفسهم بأنفسهم وان يشدوا ازر بعضهم البعض في كل الأقطار العربية،، ومشاكلهم الآنية أو القادمة لن تُحل بغير تضامنهم ووقوفهم مع بعض في خلق المستقبل الجديد. وسيحققون طموحاتهم باْذن الله.

العدد 110 / تشرين الثاني 2020