ديغول وعواقب اللعب بالنار 

 جاد الحاج

لا بد من اعتراف تمهيدي للطرفة اللاحقة: 

لقد دخل الجنرال ديغول الى حياتنا من باب المصادفات الطارئة  في واقعتين منفصلتين، فبعد اندحار هتلر وانتحاره وخروج جيشه من فرنسا  استعاد الجنرال المناضل زمام الامور وغادر لندن  الى باريس وبدأ بتطهير الجيش من

الجنرال ديغول

آثار النازية الغازية، علماً ان معظم الضباط الموفدين الى الخارج من طرف الانتداب الفرنسي كانوا الى جانبه سرّاً. ولدى وصوله الى لبنان وسوريا زار بعض المعاهد والمستشفيات والمدارس والجامعات مستطلعاً اوضاعها.  

يومها كانت جدتي في مدرسة راهبات اللعازارية ووقفت في رتل مع رفاقها للترحيب بديغول الذي اختار ان يربت على شعرها الأجعد الهاشل وسألها عن اسمها. .  

وذهب الجنرال ديغول في جولة ثانية الى الدامور ليتفقد فصيلاً من جيشه هناك. هذه المرة كان دور جدي بلقاء  الجنرال  فحمل  كاميرته ذات القوائم الثلاث وهرع الى بساتين الخضار والموز حيث دلّه المزارعون الى مكان ديغول. هناك لجأ جدي  الى حسن معرفته اللغة الفرنسية واقنع الجنرال بالصعود الى السطح لتصويره في افضل  إضاءة  ممكنة.  كان  ديغول في مزاج رائق، والنهار ربيعي مشمس، وأهل الدامور ، بحفاوة فائضة، يمزجون موج البحر برائحة بنّهم المحمص ! 

على السطح طلب جدي من الجنرال ديغول الوقوف ملتفتاً الى البحر وعاد الى ’خيمته‘ السوداء، أدخل فيها رأسه ، عدّل العدسة، وعاد   ومدّ يده الى ذقن  الجنرال بلطف ووجل قائلاً: ’مون جنرال‘ ارجوك التفت نحو العدسة قليلاً!‘ هنا حدث ما لم يكن في الحسبان  إذ صفع ديغول ظاهر يمنى جدي قائلاً: انا اصدر الاوامر لجيوش جرارة  وانت تأمرني 

طبعاً جدي حصر قصة الصفعة في المحيط العائلي وركز اهتمامه الإجتماعي على  اللقطة التي وجدت طريقها الى إطار جميل وتعلقت في واجهة دارنا.

ويروى  ان  ديغول، بعد بلوغه سدة الرئاسة، كان في زيارة الى مدينة ’ليل‘  مع زوجته إيـﭬـون.   ذهبا معاً الى العشاء في احد مطاعم  المدينة وما ان جلسا حتى تقدم من مائدتهما صاحب المطعم مرحباً، ثم استأذن الجنرال ان يسمح لزوجته برؤية المطبخ، فوافق شارل ديغول مبتسماً وراح يتأمل لائحة الطعام على مهل متوقعاً ان تتأخر السيدة الأولى في تحري كل شاردة وواردة، لكن ما   هي سوى دقائق حتى عادت ايفون مبتسمة ايضاً، واخبرت زوجها ان الرجل باح لها انه كان احد تلامذة مدرستها وانه كان يكن لها مشاعر خاصة لكنه لم يجرؤ على مصارحتها . . . حينئذ علق ديغول قائلاً: لو انه باح لك بحبه يومها  لكنت اليوم زوجة صاحب مطعم! 

ــ لو انه فعل ما تقول كان هو اليوم رئيس جمهورية  فرنسا!اجابت إيـﭬـون . . . 

 الحكمة:  اللعب بالنار ولا مناوشة الزوجات الحكيمات !

العدد 115 / نيسان 2021