شمس الدين بلعربي والفن الكلاسيكي العصريّ

مقابلة الفنان الجزائري شمس الدين بلعربي

شمسو بلعربي للحصاد: “طبيعة عملي هو كلاسيكي تقليدي يعتمد على المبالغة الفنية للإثارة وإخراج مضمون الفيلم بشكل واضح.”

بيروت من ليندا نصار

يعدّ الفنّان التشكيلي ومبدع التصاميم السينمائية الجزائري شمس الدين بلعربي المتخصص  بالملصقات والأفيشات أحد المبدعين الذين شقوا طريقهم بوساطة الجهد والمثابرة، فراعي الأغنام الذي خصّته الطبيعة بهذه الموهبة راح يرسم بالعود على ما تقع عليه عينه من قصاصات الجرائد القديمة بين الرمال، ما جعله يصل إلى العالميّة بعد أن صمم الملصقات السينمائية بطريقة عصرية في زمن فقد فيه الفن الكلاسيكي قيمته في ظل التكنولوجيات الحديثة والثورة الرقمية.

حصل الفنان الجزائري على عدّة تكريمات أهمها في هوليوود ومع ذلك لم يتوقف عند هذا النجاح بل تابع مسيرته وها هو اليوم يحمل شهداء انفجار مرفأ بيروت في لوحة ستعرض قريبًا في الجزائر.

الحصاد التقت الفنان شمس الدين بلعربي وكان لها معه الحوار الآتي:

الحصاد : حدّثنا عن بداياتك وكيف تم اختیارك كشخصیة مؤثرة لعام 2020 یومها من قبل مجلة “مؤثرون الأمریكیة” الشهیرة، ومن ثمّ تكریمك في هولیوود لما أنجزته من إبداع وابتكار تفرّدت به

خصوصًا ملصقات الأفلام العالمیة التي عرضت في المهرجانات السینمائیة الدولیة. ماذا

یعني لك التكریم وما هي أهمية أن یكون الفنان مختلفًا وسط هذا العصر الذي كثرت

فيه التجارب ومنها ما یمیل إلى الاستسهال بهدف تحقيق الشهرة ونیل الجوائز؟

شمسو بلعربي: بعد بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله .

أشكر مجلة الحصاد على منحي هذه الفرصة للتواصل مع القراء كل التكريمات  التي حصلت عليها جاءت بعد عناء و كفاح كبيرين جداً وبعد قصة طويلة .

 كنت أمارس مهنة رعي الغنم في سن الخامسة مع خالي وكنت أمرّ بجانب صفحات الجرائد المرميّة ولطالما كانت تجذبني الصور البراقة لنجوم السينما فكنت ألتقط هذه الجرائد من على الارض وأتمعن فيها وأرسمها بالعود على الرمال. وعندما بلغت سن السادسة انتقلت الى المدينة لكي أدخل المدرسة، وفي المدرسة بدأ المعلمون يكتشفون موهبتي وبدأت أعطي الأهمية لمادة الرسم أكثر من باقي المواد مثل الرياضيات والفيزياء.

وبما أنني من عائلة  فقيرة، اضطررت إلى التوقف عن الدراسة والخروج إلى الشارع لامتهان الرسم كحرفة مثل تزيين المحلات التجارية و الديكور لكن الشارع كان قاسيًا جدا عليّ. وقد تعرضت للاستغلال من قبل بعض الذين امتصوا طاقتي الفنية من دون مقابل مع أنني كنت أعمل تحت أشعة الشمس الحارقة وأحمل السلالم الحديدية وأنا ضعيف الجسد حيث أن الشمس كانت تسخن هذه السلالم فأحملها وأشعر بعدها بحروق في يدي . لكنّ هذا الأمر لا ينفي وجود الأشخاص الذين قدّموا إلي المساعدة. وقد كنت أمر بقرب قاعات السينما لأشاهد الأفيشات والصور الضخمة للنجوم وأعيد رسم ما شاهدته على أوراق الرسم. إذًا هذه كانت بداياتي وشغفي في الفنّ.

 بعدها بدأت أفكر في إرسال أعمالي الفنية الى الخارج و فعلاً أرسلت كل الرسومات الى شركات الإنتاج السينمائية عن طريق البريد حتى جاء يوم تلقيت فيه رسالة من منتج أرجنتيني يعمل بالشراكة مع هوليوود وعرفت أعمالي في الأوساط السينمائية و بدأت أتلقى الطلبات من المخرجين والمنتجين واشتغلت على الكثير من ملصقات الأفلام العالمية أذكر منها:

The News. و Honor و Garra Mortal و Bucks of America

 والفيلم الوثائقي الكبير Chinese Hercules The BOLO YEUNG Story

وعرضت أعمالي الفنية  في مهرجان “كان” السينمائي الدولي ومهرجانات الأوسكار وسيزار ، فشاهد أعمالي الممثل الهوليوودي JIMMY GOURAD RAMADAN “جيمي رمضان” فاتصل بي  وجهز لي تكريمًا خاصًا.

بعدها تمت دعوتي إلى المهرجان العالمي للسينما بمراكش كضيف شرف ودعاني الممثل الهوليوودي الشهيرTONG POO الذي يعتبر من أساطير هوليود وله أفلام شهيرة إلى جانب روجي مور وفورست ويتاكير وآخرين واتفقنا على مشروع عمل كذلك هناك مشاريع مستقبلية أدعو الله التوفيق.

بعد ذلك جاء الوفد المؤلف من خبراء سينمائيين  وكان رئيس الوفد الممثل العالمي   Jimmy RAMDAN GOURAD حيث كرموني في حفل كبير بما أنني وبالنسبة إليهم آخر عربي   في أفريقيا والعالم العربي ما زال يصمم ملصقات الأفلام العالمية بالطريقة التقليدية أي عن طريق الرسم والفن التشكيلي. وتم تسجيل اسمي في القاموس العالمي للسينما العالمية IMDB

كما تم تسجيل قصة حياتي إلى جانب عمالقة السينما العالمية  في كتاب أصدرته مؤسسة هولوود العالمية،  ونشرت قصة مسيرتي الفنية في كتاب BUKS OF AMERICA الذي أصدر بمناسبة انتهاء تصوير فيلم BUKS OF AMERICA

 وتلقيت رسائل الشكر والعرفان والتشجيع  من الكثير من الفنانين العالميين مثل دون ويلسن وريتشارد نورتون و ستيوارت ياي و كثيرين …

و بعدها تم اختياري كشخصية مؤثرة من قبل  مجلة “مؤثرون ”  الأمريكية الشهيرة   INFLUENTIAL PEOPLE MAGAZINE  ونشر تقرير عن مسيرتي الفنية و نشرت أعمالي الفنية على غلافها .

الحصاد : ما ھي العوامل المؤثرة في فنك؟ وبمن تأثرت من الفنانین العالمیین؟

شمسو بلعربي: طبيعة عملي هو كلاسيكي تقليدي يعتمد على المبالغة الفنية للإثارة وإخراج مضمون الفيلم بشكل واضح، فقد  تأثرت بكثير من الفنانين من أمثال الفنان علي الدليمي   والفنان عبد الباقي عبد المولى والفنان بوب روس وآخرين.

الحصاد: من آخر إبداعاتك لوحة كبیرة، تتضمّن وجوهَ وبورتريهات معظم الضحایا الذین

سقطوا نتیجة الانفجار. أخبرنا قلیلا عن هذه اللوحة وأین تكمن الصعوبة بالنسبة إلى

الفنان في تجسید التفاصیل المؤلمة وجمعها في جداریة موحّدة؟ وماذا تعني لك بیروت؟

شمسو بلعربي: الموضوع يتمثل في عملي بجهد كبير جداً منذ تفجيرات مرفأ بيروت بدأت البحث باستمرار  عن صور كل الضحايا عبر الإتصال مع الأصدقاء في بيروت و عبر الكثير من الطرق و هذا البحث الذي سبب لي الإرهاق  الفكري و الجسدي الشديد لكي أكون صادقًا مع صورة كل شهيد …وقد  جمعت صور كل الشهداء رحمهم الله  ، و عبرت بهذه الرسمة عن تضامني وصدمتي بتلك الحادثة و حييت الشهداء لكي لا يبقوا رقمًا يذكر بل ذاكرة و صورة ، وبذلك بدأت برسم لوحة فنية تحمل رسم بورتريهات لكل الشهداء .

بالنسبة إلى بيروت أشعر بإحساس غريب عند سماعي باسمها  فهي تمثل لي الأمل والشجاعة  لفنها المميز وطيبة أهلها الذين يبدعون بكل قوة كلما اشتدت المصاعب ، نتمنى كل الخير لهذه المدينة التي تسكن في قلبي .

الحصاد:  كیف تنظر إلى الفرق بین الفنان الموهوب الذي طوّر مهاراته الفنیة، وبین الفنان

الذي یعتمد التقنیات ويطبقها لمجرّد أنه اختار هذا المجال كاختصاص؟

شمسو بلعربي: هناك فرق بين الاثنين حيث أن الفنان عندما يكون عصاميُّا أو موهوبًا يجب أن يبحث و يجتهد لكي يطور نفسه ، والأمر نفسه بالنسبة إلى الفنان الأكاديمي أيضاً يجب ألا  يطبق التقنيات و يبقى محدودًا بل عليه البحث و ابتكار لمسة خاصة تميزه.

الحصاد : ما هو الملصق الأقرب إلى قلبك؟ لماذا؟

شمسو بلعربي: كل الملصقات قريبة الى قلبي لكن أقربها هو ملصق THE BOXE

الحصاد: ما الذي تطمح إليها ولم تستطع أن تحققه بعد؟

شمسو بلعربي: حتى الآن حققت جزءًا كبيرًا من طموحاتي أما الشيء الذي لم أصل إليه بعد فهو تأسيس متحف عربي يجمع كل ملصقات الأفلام النادرة حيث أن هذا المشروع يتطلب دعمًا كبيرًا لشراء الملصقات من كل العالم.

الحصاد : بعد كلّ هذا النجاح والتفرد، ألا تطمح إلى توسیع مجال الملصقات التي أبدعتها

ونشر هذا النوع من الفن للجیل الجدید؟

شمسو بلعربي: نعم أطمح لفتح مدرسة لتعليم الاطفال و الشباب فن رسم الملصقات حتى أعطيهم المشعل من بعدي ولكي لا يندثر هذا الفن بعد رحيلي كوني آخر فنان عربي وأفريقي متخصص في هذا المجال.

الحصاد : ما هي مشاریعك المستقبلیّة؟

شمسو بلعربي: من بين مشاريعي المستقبلية إن شاء الله هي تنظيم معرض عبر الولايات الجزائرية وسوف أعمل عدة معارض في أوروبا أيضًا و سأكون ضيف شرف في مهرجان السينما في سويسرا .

العدد 116 / ايار 2021