مستقبلات السياسة الخارجية الصينية حيال إيران حتى عام 2035

إ.د. مازن الرمضاني*

لقد افضى توقيع اتفاقية الشراكة بين الصين وايران في 26/3/2021  من قبل وزيرى خارجية البلدين, في الذكرى الخمسين لآقامة العلاقات الدبلوملسية بين الدولتين, الى حديث عنها تميز بعضه بالمبالغة في تضخيم أنعكاستها على العلاقات الثنائية وكذلك على منطقة الخليج العربي. لذا يتطلع هذا المقال,الذي يذهب إلى منحى أخر, إلى الآجابة على السؤال الإستشرافي الاتي: كيف يمكن أو يحتمل أن تكون مستقبلات السياسة الخارجية الصينية حيال ايران أنطلاقا من مضامين اتفاقية الشراكة بين البلدين حتى عام 2035؟ وقبل تناول هذا السؤال, من المفيد التذكيرأولا بطبيعة التحول الجذري, الذي طرأ على جوهر السياسة الخارجية الصينية بعد وفاة ماوتسي تونغ في عام 1976, ,وأنعقاد المؤتمر الحادي عشر للحزب الصيني الشيوعي في عام 1977 والمؤتمرات اللاحقة. فهذا التحول الجذري يفسر أنماط الحركة السياسة الخارجية الصينية حيال الدول الآخرى كافة.

1, التحول في السياسة الخارجية الصينية

لقد أفضت حصيلة مؤتمرات الحزب الشيوعي الصيني بعد عام 1977 إلى جعل الاصلاح والتحديث الداخلي على صعد الزراعة والصناعة والبحث والتطوير والدفاع بمثابة المهمات العليا للصين. وبإنجاز هذه المهمات اريد الإرتقاء بالفاعلية الداخلية للصين سبيلا للإرتقاء اللاحق بفاعليتها الخارجية , ومن ثم تحقيق غاية نهائية وبعيدة المدى تكمن في أن تعود الصين, كما كانت في سنوات أمبراطوريتها خلال الحقبة الزمانية الممتدة بين 1840- 1380م, قوة دولية رائدة ومؤثرة. ومن أجل ذلك ذهب صناع القرار الصيني إلى الآخذ بالسلوك الواقعي/البرغماتي وبضمنه توظيف أدوات القوة الناعمة عوضا عن السلوك الايديولوجي وأدواته الصلبة الذي كان لصيقأ بحقبة ماوتسي تونغ.

 وقد تجسد هذا السلوك الواقعي/البرغماتي في تبني ثمة منطلقات أساسية, يعد أبرزها منطلقان, هما: أولآ, تغليب تحقيق الآمن الاقتصادي على سواه, ومن ثم بناء قدرة اقتصادية متميزة. وثانيا, تغليب سياسة التعاون مع الدول الآخرى على سياسة الصراع معها, ومن ثم بناء أوسع شبكة من العلاقات الدولية. وتأسيسأ على هذين المنطلقين, تتعامل الصين مع الدول الآخرى كافة, التي تشكل بيئتها الخارجية, سواء القريبة والبعيدة جغرافيا عنها. والشء ذاته ينسحب بالضرورة على تعامل الصين مع الدول الآساسية في منطقة الشرق الآوسط, ومن بينها إيران. وتفيد حصيلة مجمل مضامين الآتفاقية المعقودة بين الدولتين أنها قد تفضي, خلال زمان المستقبل المتوسط الممتد من الآن إلى اكثرمن عقدين, إلى إقتران السياسة الخارجية الصينية حيال ايران بثلاثة مشاهد مستقبلية بديلة, وكالاتي:

  1. المشهد الآول: التغيير الثوري

وبه يقصد أن يفضي التطوراللاحق للعلاقة المتبادلة إلى أن تكون إيران بمثابة الحليف والشريك الآساس للصين في عموم منطقة الشرق الآوسط. وتدعم مثل هذا المشهد ثمة معطيات:

أولا: نزوع الصين إلى أن تكون هي الدولة القائدة اقتصاديأ للعالم في عام 2030 وإلى أن تتحول سياسيأ  إلى قوة عظمى  في عام 2050- 2049وهوالعام الذي سيشهد ألآحتفال بمرورمائة عام على تأسيس دولة جمهورية الصين الشعبية في عام 1949. إن هذا النزوع , الذي يدعمه استمرارمعدل النمو الآقتصادي الصيني بوتيرة عالية نسبيأ, يجعل الصين تتطلع إلى التحالف الوثيق مع ثمة قوى إقليمية, هنا وهناك, دعمأ لقدراتها الذاتية بعناصر مؤثرة مضافة.

ثانيأ: إن أتجاه العلاقات الآمريكية-الصينية, خلال زمان المستقبل المتوسط, إلى الصراع, ومن ثم احتمال الدخول في حرب باردة جديدة ,يدفع بالصين إلى التحرك على تلك الدول, التي يعتريها القلق جراء مخرجات أنماط السياسة الخارجية الآمريكية حيالها, ومنها إيران, دعمأ لجهود المواجهة المشتركة حيال هذه السياسة. لذا يتكررالقول رحلة وزير الخارجية الصيني إلى دول في منطقة الشرق الآوسط, ومن بينها إيران , كانت بمثابة الرسالة الصينية إلى الولايات المتحدة تفيد أن الصين صارت طرفا مؤثرا في منطقة مهمة للمصالح الحيوية الآمريكية.

ثالثا: حاجة صناع القرار الصيني إلى إقناع الراي العام المحلي بقدرة بلادهم: الصين , وإستعدادها على ردع الولايات المتحدة ليس فقط في المناطق القريبة جغرافيأ من حدودها وذات الآهمية الخاصة بالنسبة لآمنها القومي كبحر الصين وتايوان/فرموزا مثلآ فحسب, وإنما أيضأ في مناطق بعيدة جغرافيأ. ويؤكد السفير الصيني السابق في طهران, هو ليمينغ, في معرض تعليقه على الآتفاقية قائلآ: ” إنها تغيير بالغ الآهمية, وأن الصين كانت, ومنذ فترة طويلة, تتجنب تطوير العلاقة مع إيران بسبب الحساسية الآمريكية. إن هذا الآمر لم يعد قائمأ.”

رابعأ: إن الحاجة الصينية الماسة للنفط الخام, والتي يفيد بها مرور 3 مليون برميل منه يوميا عبر مضيق هرمز بإتجاه الصين, متفاعلة مع الخشية من إندلاع صراع إقليمي يؤدي إلى تعطيل مدها بأحد مصادر الطاقة, يدفع بها إلى الإنخراط بشكل اوسع وأكبر في اتفاقيات شراكة مع الدول العربية في الخليج العربي وكذلك مع إيران لتامين حاجاتها واستثماراتها وصادراتها إلى  هذه الدول. وتتقابل هذه المعطيات الصينية مع واقع إيراني ساعدت مخرجاته على عقد الآتفاقية, هم أن توقيعها جاء في وقت تميز بتصاعد التوترالداخلي الناجم  عن الضغوطات العقوبات الآمريكية, فضلا عن تردد شبه عالمي عن الدخول في علاقات اقتصادية وتجارية مع ايران باستثناء الصين وثمة دول معفاة من عدم التبادل التجاري مع إيران.

  1. المشهد الثاني: التطورالاعتيادي/الطبيعي للعلاقة الثنائية

تفيد ثمة معطيات أن توقيع اتفاقية الشراكة بين الصين وايران لم يكن حصيلة لإرادة مشتركة رمت الإرتقاء بالعلاقة الثنائية إلى أفاق أرحب وأوسع, وإنما كان حصيلة لتطور تدريجي وطبيعي  لهذه العلاقة, وسبيلا لتبادل المصالح المشتركة وضمان ديمومتها. ونرى أن المعطيات, التي تدعم هذا المشهد تكمن في الآتي مثلا:

اولآ:  إ ن توقيع الآتفاقية جاء بعد خمس سنوات من بدء الحديث عنها, ولآول مرة, في كانون الثاني من عام 2016. ويفيد هذا التوقيع المتأخرإن أطرافها لم تتوافر, في الزمان السابق على  تاريخ توقيعها, على إرادة بنائها على أسس ثابتة ومستقرة , هذا خلاف تلك الشراكات العميقة والمستقرة بين الصين وثمة دول عربية كالمملكة العربية السعودية ودولة الآمارات العربية. لذا قد تكون هذه الآتفاقية إنعكاسا لجهد إيراني عمد عبرإستخدام أسلوب الترغيب إلى إغراء الصين على أن تشمل هي أيضأ بالمستوى ذاته من التعاون  المتطور, بأنواعه,الذي تقدمة الصين لدول أخرى في الشرق الآوسط, ومنها دول عربية.  ومضمون هذه الاتفاقية يزخر بالإغراءات الإيرانية المقدمة للصين.

ثانيا: على الرغم من العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة والصين , بيد أن هذا التوتر لا يعني أن الصين لا تولي علاقتها مع الولايات المتحدة أولوية خاصة. فكما كان هو الحال مع الاتحاد السوفيتي السابق, كذلك من المحتمل المرجح أن يكون هو الحال ايضا مع الصين. فالاتحاد السوفيتي السابق , بعد وفاة جوزيف ستالين وتولي نيكيتا خروشوف سكرتارية الحزب الشيوعي السوفيتي, تطلع  إلى الوفاق مع الولايات المتحدة . لذا كان يتجنب, هو ومن بعده من صناع القرار السوفيتي, الإرتقاء بعلاقة معها إلى مستوى الصراع  المباشروالحاد. ولنتذكر كيف تعامل الطرفان بعضهما  مع الآخر خلال أزمة الصواريخ في كوبا عام 1962, والذي حالت مخرجاته دون إندلاع الحرب التي لا يريدها أحدأ, أي الحرب النووية, لدمارها الشامل.

 ونرى أن الصين تدرك إن تحولها إلى أن تكون حليفا أساسيا لايران في منطقة الشرق الآوسط, يفضي, في حالة استمرار الصراع الكامن الآمريكي-الصيني-الإيراني ممتدا, إلى دعم تأجيج هذا الصراع  بعنصرمهم مضاف, وبمخرجات تفضي إلى معطيات لا تتوائم مع نزوعها نحو الإرتقاء الاقتصادي ومن ثم السياسي الدولي. لذا نرى أن  واقعية/ برغماتية التفكير الصيني لن تدفع الصين إلى التخلي عن علاقاتها الوطيدة مع الولايات المتحدة الآمريكية وكذلك مع الدول العربية في الخليج العربي لصالح علاقتها مع إيران. فعلاقاتها مع هذه الدول مجتمعة أجدى وأنفع لها من علاقتها منفردة مع أيران.

ثالثأ: وعلى الرغم من التحسن الذي شهدته العلاقات الثنائية الصينية- الإيرانية, والذي من المحتمل أن تشهده أيضأ خلال زمان المستقبل المتوسط, إلا أن أتفاقية الشراكة بين البلدين لا تستوي والحدث النوعي النادر أو العلامة الفارقة. فالصين ارتبطت بمثلها  , ولمدة 25 عامأ , أيضأ مع دول عربية عدة وكذلك مع اسرائيل لتطوير ميناء حيفا أعتبارأ من عام 2021 ضمن أنماط تعاون متعددة أخرى.

وأنطلاقا من أن تاريخ العلاقة الثنائية بين الصين وإيران يشير إلى ان تعاونهما كان حذرا في العموم, جراء خشية الصين من مخرجات تداعياته على علاقاتها الوطيدة مع تلك الدول التي  تقوم علاقاتها مع إيران على الصراع الكامن, من المحتمل أن يتطور التعاون العسكري بين الصين وإيران إلى مستويات أعلى ولكن ليس إلى المستوى, الذي يفضي إلى قيام تحالف عسكري ثابت وواسع بين الدولتين. فإضافة إلى أن الصين لم تتعهد بالعمل على إنشاء مثل التحالف, إلا أنه يتطلب أيضأ أن تكون العلاقات الآمريكية- الصينية قد تحولت وأقترنت بالحرب الباردة وما تتطلبه من تفاعلات دولية وربما على غرارتلك التي شهدتها الحرب الباردة الآمريكية-السوفيتية, كذلك من غير المحتمل أن تعمد الدول العربية في الخليج العربي وسواها مثلا إلى التغاضي عن قيام مثل هذا التحالف, في حالة قيامه فعلا,  لدوره في دعم السياسة العسكرية الإيرانية حيالها بعنصر فاعل. لذا من المحتمل أن تتاثرسلبأ العلاقات الصينية مع جل دول الخليج العربي, وهو الآمرالذي ستعمد الصين على الحيلولة دونه, لإنه ينطوي على تحمل خسارة باهظة لا تستطيع إيران تعويضها. ولنتذكر بهذا الصدد أن  الدول العربية شكلت في عام 2019 سابع شريك تجاري للصين وبحجم تبادل تجاري مرتفع بلغ 146 مليار دولار وبزيادة نسبتها 9% على اساس سنوي. وفي ضوء هذه النسبة, لنتصوركم سيكون حجم التبادل التجاري الصيني-العربي خلال السنوات القادمة؟

وأيضا من  المحتمل أن تستمر ايران في شراء السلاح  من الصين وسواها. فتجارة السلاح الدولية مفتوحة لم يستطيع دفع الثمن. ومع ذلك تفيد البيانات المتاحة أن تجارة السىلاح الصينية تتجه إلى دول أخرى غير إيران. هذا إضافة إلى أن صادرات الصين من السلاح لا تتوافق حاليأ مع الحاجات الإيرانية. فإيران تسعى الآن إلى الحصول على أسلحة دفاع جوي لسد حاجتها اليها , بينما تشكل الدبابات الصينية رخيصة الثمن, بالمقارنة مع الآمريكية مثلا, جل المبيعات الصينية الرئيسية من السلاح.

  1. المشهد الثالث: الصين صديق الجميع

على خلاف فترة ما قبل عقد السبعينيات من القرن الماضي إتجهت الصين, كما تم ذكره في أعلاه, بعد هذا العقد إلى الآخذ بالواقعية/البرغماتية في سياستها الخارجية. وجراء ذلك لم يعد اللون الآيديولوجي لهذه الدولة أو تلك, ولا كذلك نوعية أرتباطاتها الإستراتيجية الدولية, مهمأ لدى الصين. وتبعأ لهذا التحول الجذري في التوجه السياسي الخارجي الصيني, فإنه رتب نتيجة مهمة قوامها الحرص على بناء وتطوير التعاون مع كافة تلك الدول, التي ترى الصين أن العلاقة معها تعود عليها بالفائدة, سواء الآنية أو المتوسطة أو بعيدة المدى, والتي تخدم مشروعها في الإرتقاء الداخلي والخارجي.

 وجراء ذلك قيل: ” لو أن ماوتسي تونك عاد حيأ وتم سؤاله: ماذا فعلت من أجل الصين؟ فإنه سيقول: لقد حاولت أن أجعل من الصين قوة كبرى إلا أن الزمان نصحني بتأجيل ذلك إلى القرن الحادي والعشرين.”

وتفيد ثمة معطيات قائمة وأخرى جنينية أرجحية هذا المشهد على سواه. وكالاتي مثلا:

أولآ:  لقد اضحت الصين تتوافر على علاقات وطيدة مع جل دول العالم , و/أو علاقات واسعة حتى مع تلك التي تتميز علاقتها مع الصين بالتوتر كالولايات المتحدة الآمريكية. ولنتذكر أن الميزان التجاري بين الدولتين أستمر لصالح الصين, على الرغم من توترعلاقتهما.

ثانيا: ينسحب سعي الصين إلى أن تكون دولة صديقة وذات علاقات تعاون وطيد مع دول العالم على دول الشرق الآوسط, وبضمنها الدول العربي في الخليج العربي وسواها, وكذلك مع إيران .فالعلاقة مع هذه الدول لا تؤمن للصين حاجاتها التجارية والاقتصادية وسواها فحسب. وانما تجعلها بمثابة الطرف المحايد والمقبول والموهل للتدخل كطرف ثالث لفض صراعاتها المحتملة . لذا من غير المحتمل أن تعمد الصين إلى الآخذ بسياسة رسمية تناهض العرب في حالة إندلاع صراع بين دولة, أو دول, عربية مع دولة إقليمية أخرى ترتبط مع الصين بعلاقات واسعة كإيران. ففي هذه الحالة, من المرجح أن تتحدد السياسة الصينية حيال الطرفين على وفق نوعية مصالحها مع كل منهما, وعلى النحو الآتي:

 فعندما تكون هذه المصالح  مع الطرفين على مستوى متماثل أو متقارب من حيث الآهمية, عندها, من المحتمل, أن تذهب الصين إلى تبني سياسة الحياد الرسمي المعلن مع بذل الجهد سواء المنفرد أو المشترك للحيلولة دون تصاعد هذا الصراع. ولنتذكر مثلا سياسة الحياد الرسمي المعلن خلال الحرب العراقية-الإيرانية, فهذه السياسة اتاحت للصين الإستمرار في تعاملها مع الطرفين. فمثلما كانت مثلا تبيع السلاح لايران كانت تبيعه للعراق أيضأ. ولكن عندما تكون هذه المصالح أعلى مع الطرف العربي أو مع الطرف الإيراني, فمن المستبعد أن لا تعمد الصين إلى تبني سياسة الضغط على هذا الطرف أو ذاك تأمينا لديمومة مصالحها معهما في أن.

ثالثا: إستمرار الآخذ بتلك الإستراتيجية, التي كان ماوتس تونك قد تبناها في وقته على نطاق واسع , والتي افادت بالاتي: ” أنت تحارب بأسلوبك وأنا أحارب بأسلوبي.” وفي زيارته لمقر جامعة الدول العربية عام 2016 أعلن الرئيس الصيني الحالي أن أسلوب محاربته يقترن بالآتي:

أولا, عدم تبني سياسة الوكلاء بالآنابة عن الصين.

ثانيا: عدم سعي الصين إلى تحقيق ثمة مصالح على حساب الطرف الآخر.

ثالثا”  عدم محاولة الصين ملىء الفراغ في الشرق الآوسط في حالةحدوثه.

وتفيد دالة ثلاثية هذا الآسلوب أن الصين, حتى وأن تطورت علاقتها مع إيران ستعمد , في الوقت ذاته, إلى تطويرعلاقاتها أيضأ مع الدول العربية في الخليج العربي وسواها, ومن ثم الآخذ بسياسة توازن المصالح مع الطرفين . وتنقل مصادر المعلومات أنباء عن مقترحات صينية للملكة العربية السعودية ودولة الآمارات العربية المتحدة للإرتقاء بالتعاون الثنائي القائم حاليا إلى افاق أرحب. وبهذا الصدد, يُطرح السؤال الآتي: هل تستطيع الصين الحفاظ على موقف متوازن بين الدول العربية وإيران , ومن ثم تكون شريكأ حقيقيأ لهم؟

للإجابة نقول: إن الصين استطاعت ذلك في الماضي. ومما ساعد على ذلك أن منطقة الخليج العربي لم تكن بذات الآهمية التي تحضى بها بالنسبة للصين. ونرى إنها تستطيع حاضرا ومستقبلا ولسبب معاكس لما كان. إي مخرجات الآهمية العالية للمنطقة في التفكير الآستراتيجي الصين ومصالحها العليا. لذا اكرر القول: إن المشهد الثالث أعلاه: الصين صديق للجميع, هوالمشهد المرجح خلال زمان المستقبل المتوسط القادم.

وأخيرا, أتساءل: هل أخذنا, نحن العرب بالفكرة السليمة القائلة إن الإستعداد للمستقبل بكل إحتمالاته, السلبية والإيجابية, يبدأ من الآن وليس من لحظة حلوله, ومن ثم هل نتوافر على رؤية مسبقة وبعيدة المدى لكيفية التعامل مع قوة كبرى بازغة تشق طريقها إلى قمة الهرم الدولي بتخطيط دقيق وصبر جميل, هي الصين ؟ وجراء محدودية الآخذ بالتفكير العلمي في المستقبل وتطبيقاته العملية, أي دراسات المستقبلات, عل الصعيد العربي, تصعب الإجابة على هذا السؤال. ومع ذلك  تجدرالإشارة إلى أن من لا يستعد لآحتمالات المستقبل, سلبأ أو ايجابأ, سيكون كالذي يُسهل للغير إستعمار مستقبله بإرادته. وتلك هي الخسارة الكبرى.

*استاذ العلوم السياسية/السياسة الدولية ودراسات المستقبلات/ لندن

العدد 116 / ايار 2021