ســميــــــــر غـانــــــم زعيم فن الارتجال على خشبة المسرح

اكثر من خمسين عاما،والفنان سميرغانم يملأ الحياة الفنية ضحكا وبهجة،ويتصدر فيها الكثيرمن الشاشات في السينما والتلفزيون،كما انه كان يتبوأ كذلك مكانة فنية سامقه على خشبة المسرح . حياة غنية لاشك،وتراث عريض من الاعمال المتنوعه التي كانت تنشر الضحكة بصخبها،او البسمة برقتها.  .ربما كان عادل امام يفوقه في عدد الافلام ،نظرا لكونه قام بالتمثيل في افلام لا تتسم بطابع الكوميديا الخالصه مثل (عندما يطير الدخان)و(الحريف)و(امهات في المنفى)ولكن سميرغانم كان ميدانه الوحيد هو الكوميديا بتعدد اشكالها او الوانها سواء عبر السينما اوالتلفزيون،

ســميــــــــر غـانــــــم

اوالمسرح  وقد أثرى اعماله بدخوله عالم ( الفوازير) في شهر رمضان،وقد اقدم على تلك التجربة بعد الشهرة البالغة للفنانه نللي ،وترك علامة بشخصية (فطوطه)،و اقتحم عالم المسلسلات التلفزيونية بشخصية( ميزو) اما في عالم المسرح فقد كانت تلك هي ساحته هي الأكثر تميزا وتعددا ،بشكله والوانه الفنية المختلفه. كان سمير غانم يجد فيها ضالته،في استعراض موهبته في نوع من الفن لايجاريه فيه احد وهو فن الارتجال ،وكان يقول (اشعر انني المسرح،والمسرح هو أنا،ولا اتخيل حياتي يوما دون ان اقف على خشبة المسرح واواجه الجمهور ،وأرتجل فيضحكون واضحك معهم ) .

كيف كانت بدايته الفنية ..؟

 كانت هواية التمثيل هي الهواية الجامعه بين (سمير غانم ) رئيس فريق التمثيل بكلية الزراعة جامعة الاسكندرية،و(جورج سيدهم) رئيس فريق التمثيل بكلية الزراعة جامعة عين شمس،وقد تعاونا في تقديم اعمال مشتركه للشاعرين صلاح عبدالصبور ونجيب سرور،على سبيل المثال،وبعد التخرج بدأكل منهما في التفكير في تكوين فرقة خاصة بهما ثم اضيف عنصر اّخر اسمه عادل نصيف ، لكنه لم يستمر سوى شهر واحد،وبخروجه جاء

سمير غانم وزوجته دلال عبد العزيز

العنصر الثالث،وكان غني الموهبه،وله حضور متميز وهو(الضيف أحمد ). في تلك الفترة كان هناك مخرجا اّخر له قدر من الابهار في عطائه وهو المخرج (محمد سالم) يقدم برنامجا تلفزيونيا ناجحا له جمهور عريض ،وكان البرنامج يقدم تحت اسم ( أضواء المسرح) التقى بهم هذا المخرج ،وتحمل مسؤولية تقديمهم من خلال هذا البرنامج ،فحققوا نجاحا كبيرا خصوصا في اسكتش (دكتور الحقني)، و( حواديت )و ( براغيت) وغيرها من الاستكشات وتعددت فرص تقديمهم وأطلقوا على فرقتهم اسم فرقة( ثلاثي أضواء المسرح) تيمنا باسم هذا البرناج التلفزيزني الشهيرالذي كان بداية انطلاقهم .كانت تلك هي بداية الصعود والانتشار.قدمهم المخرج (محمد سالم) أيضا في فيلم من اخراجه وهو فيلم ( منتهى الفرح) وقد ظهر في هذا الفيلم نخبه من مشاهير الفن مثل محمد عبدالوهاب وهو يغني ( قالوا لي هان الود عليه ،ونسيك وفات قلبك وحداني) وظهر فريد ألاطرش وهو يغني(حبيب حياتنا كلنا) وظهرت مها صبري وهي تغني( ماتزوقيني يا ماما ) واالمطرب المغربي ّعبدالوهاب الدوكالي وصباح وشادية وفايزه احمد واخرون كان من بينهم ( ثلاثي أضواء المسرح) في فقرة لتفتت الانظار . نجح الفيلم ونجحت معه ( فرقة الثلاثي)، انهالت العروض السينمائية على ثلاثي أضواء المسرح للمشاركة في أفلام كوميدية في أدوار مساعدة لنجوم العمل الرئيسيين. كانت تلك هي البداية عام 1963،بعدها توالت أعمالهم السينمائية اشهرها( 30 يوم في السجن) مع فريد شوقي ،(كرامة زوجتي) مع صلاح ذو الفقار و( شاطئ المرح) مع نجاة الصغيرة مهدت تلك الإفلام لكي يقدم الثلاثي عدة استكشات عرفها الجمهور المصري والعربي على شاشة التلفزيون،والتي استمر تقديمها عدة سنوات ،وتولى اخراجها (محمد سالم) ونسج خيوطها هذا الثلاثي،. ،كما قدموا عدة مسرحيات منها طبيخ الملايكه، ولكن لاحت لهم ازمة شديدة ،في عام 1970 ،وهي رحيل الضلع الثالث في الفرقة وهو الفنان (الضيف احمد) ،وحاول جورج وسمير البحث عن شبيه فنان كبديل لشخصية ( الضيف احمد ) وقد تقدم لهما الكثير من الذين يتشابهون مع الضيف في الشكل ،ولكنهم يفتقدون جانب الروح وسمات الشخصية وادائها الفني ،فاقتصر الامر عليهما فقط ،وأصبحت فرقة الثلاثي تبعا لذلك قوامها شخصيتان هما سميرغانم  وجورج وسيدهم .

النقاد وفرقة الثلاثي

استقبل النقاد كما الجمهورفرقة ( ثلاثي اضواء المسرح) بكل الترحيب،فقد شكلوا لونا جديدا من الفن الجماعي،ولكن كان  لكل عنصر من تلك الباقة دور يؤديه ،وقد كان السباق بينهم عماده الاجتهاد في الأداء والتميز في  الدور. يقول  سمير غانم في حواره مع الاعلامية ( وفاء الكيلاني) كنت اشعر انني

اقل من زميلاي مكانه ،وقلت لاحمد الضيف ذات مره وكنا في الاردن ( يا احمد انا شكلي طبيعي ،ولكن انت وجورج اكثر تميزا في الشكل بما يمكن ان يخدم الدور الذي يؤديه كل منكما،انت مثلا حين انظر اليك وارى ملامح وجهك وتعبيره لازم اضحك او حتى ابتسم ،وجورج يميل للبدانه بما يمكن ان يستخدمها في عمل موقف كوميدي  يؤدي للضحك ،ولكن ماذا افعل أنا،وليس لدي شيئ لافت ،فرد الضيف قائلا ان لديك موهبة في الاداء ،سوف تتفجر في يوم ما وسأذكرك بذلك ،وامسك بذقنه كما وكأنه يقسم بها على صحة كلامه،ومازلت اذكر له هذه المقوله،بعد ان حققت تقدما،واحرزت مكانه.

كتاب (المضحكون) وتقييم فرقة الثلاثي

عام 1970 صدر كتاب بعنوان (المضحكون) للكاتب الراحل محمود السعدني قدم فيه تحليلا لمجموعة من ممثلي فن الكوميديا في ذلك الزمن ،وكانوا فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي وعبدالمنعم ابراهيم ومحمد عوض ،ومحمد رضا وامين الهنيدي وايضا ثلاثي اضواء المسرح الضيف احمد وجورج سيدهم وسمير غانم. قال السعدني عن الثلاثي، وصف جورج بالممثل قائلا: “هذا الولد السمين موهبة في هذا المجال وهو نوع نادر بين الممثلين. عينة لطراز عظيم ونموذج للممثل الجيد جزء من شارلز لوتون وعبدالغني قمر وصلاح منصور وهو يستطيع الآن أن يغير مساره وأن يتجه بموهبته وبمفرده نحو ميدان أفضل إذا صادفه مخرج فاهم ورواية حقيقية وحظ حسن، لشق طريقه إلى القمة بسهولة، إنه يؤدي دوره بسهولة، إنه نهر لا يجد مجرى أو قطار فقد القضبان ويا خسارة يا جورج لو ضل هذا الطريق سوف ينطفيء”.  أما عن الضيف فقد وصفه بالمضحك، نتيجة لسماته الشكلية، التي يوظفها على الشاشة أو المسرح لإضحاك الجمهور، وقال عنه: “كانت الطبيعة سخيفة معه فأعطته كل ما يجعل الرجل العادي منفرا، ويجعل الرجل المضحك محبوباً، والحجم السفروت والظهر المحدب والسيقان التي تشبه الماعز، ولكنه الأرجوز المضحك في الفرقة . لكن ماذا كتب السعدني عن سمير غانم .لقد هاجم السعدني، سمير غانم ووصفه بكداب الزفة، ولخص دوره في جذب انتباه الناس واضحاكهم لفترة وجيزة حتى بداية القصة واندماج الفنانين في التمثيل، وقال عنه: “هو بين الثلاثي مجرد كداب زفة فلا هو مضحك ولا هو ممثل ولكنه ضرورة، والهدف منه هو جمع المتفرجين، ومن أدواته الرقص والزمر والصراخ والتطبيل، وهو يستطيع فعل كل هذه الأشياء ولكنه ليس علماً على أي منهم… ولكن مصيبة سمير أنه ليس الجورج وليس الضيف ولكنه معهما ولكي يستمر لا بد أن يكون مع أحد. انتهى التقييم الذي طرحه محمود السعدني ،ويحمل رؤاه،  لكل اعضاء فرقة الثلاثي,

لكن الحياة لاتتوقف عند رأي،انها تتجدد وتطرح رؤى أخرى،كما انها يمكن ان تعيد من جديد اي تقييم                 للسطور الأولى التي سبق وان كتبت . في اواخر عام 1973 كتب محمود السعدني مسرحية ،وقدمها للمخرج هاني مطاوع ،وبعد قرائتها قال للسعدني انه سيقدمها لفرقة (ثلاثي اضواء المسرح) واشترط السعدني ان يقوم جورج سيدهم بالدور الرئيسي ،لكن المخرج قال له (حين يقرأ سمير غانم المسرحية سيتمسك بالدور الرئيسي ،وحين اعترض السعدني مذمرا ان له تقييم خاص لسمير غانم بأنه ( كداب الزفة) رد المخرج قائلا (هذا راي قديم فقد تطور سمير غانم كثيرا،واصبح النجم الاول في الفرقة و يمكن ان يترك الفرقة ان غضب )بالطبع اندهش محمود السعدني،ولكن كان عليه ان يسلم بأن الفنان يمكن ان يتطور من خلال فنه،وتتفجر مواهب كامنه داخله ،في انتظار الفرص السانحه. هكذا اصبح سمير غانم من الفرسان الاوائل في فن الكوميديا.ترك سمير غانم (فرقة ثلاثي اضواء المسرح) و اصبح له مسرحا،يلعب فيه دور  البطل الأوحد ،صاحب الايراد الأوسع اذا تم الاحتكام(لشباك التذاكر).

مسرح سمير غانم

كان حضور سمير غانم على المسرح طاغيا،وكنت قدرته على الارتجال،والاضافة الى الحوا،من سماته الفنية الواضحة،ورغم ان الارتجال قاعدة مرفوضة في المسارح الجادة،والالتزام الكامل بالنص الذي كتبه المؤلف،الا ان المسرح الكوميدي– كما عودنا فنانونا الكبار-لا دخل له بتلك التقاليد المسرحية الرصينه، والتاريخ المسرحي في مصر عامر بتلك المخالفات ،والى حد ان فنانا كبيرا مثل عبدالمنعم مدبولي ترك مسرحية (مدرسة المشاغبين) احتجاجا على خروج عادل امام وسعيد صالح وغيرهم على النص الى ان المسرحية كانت تتجاوز الوقت المحدد لانتهائها بأكثر من ساعة اضافية ان لم تزيد.

تتعدد مسرحيات سميرغانم ومنها(موسيقى في الحي الشرقي) مع صفاء ابو السعود و(الأستاذ مزيكا) مع نوال ابو الفتوح و( جحا يحكم المدينه ) مع اسعاد يونس و( المتزوجون ) مع شيرين وسبقتها في بطولة تلك المسرحيه الفنانه (هويدا) ابنة المطربه (صباح)و ( فارس وبني خيبان )مع دلال عبدالعزيز ومسرحية ( بهلول في اسطنبول) مع الهام شاهين ،ومسرحية ( أنا ومراتي ومونيكا) مع نرمين الفقي

وغير ذلك من العديد من الوان المسرح الكوميدي الاستعراضي.

السينما والتلفزيون والاذاعه

اقتحم سمير غانم عوالم الفن المختلفة،ورغم ان المسرح كان ميدانه الاقرب ،ألا أن الأذاعه اجتذبته الى ساحتها فقدم المسلسل الاذاعي (فطوطه وكأس العالم)كما قدم ايضا مسلسل (عزمي واشجان )

أما في ميدان السينما فقد كانت اسهاماته متعددة ،فقدم في البداية أدوارا مساعده مثل(اميره حبي أنا)

مع سعاد حسني وحسين فهمي، وقدم ادوارا في اطار البطولة الجماعيه كما في فيلم ( البعض يذهب الى المأذون مرتين) مع نور الشريف وعادل امام،الى ان وصل الى مرحلة البطولة المطلقه كما في افلام ( نوع من النساء) و( الرجل الذي عطس) و( حسن بيه الغلبان)وغيرها من الافلام .

حياتـه العائليـة

تزوج من الفنانه دلال عبدالعزيز ،وله ابنتان الفنانه دنيا وقد تزوجت من الاعلامي رامي رضوان  والفنانه ايمي ( أمل) وهي متزوجة من الفنان حسن الرداد .

تكريمه

تم تكريمه من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» في دورته التاسعة والثلاثين في نوفمبر) 2017، بمنحه جائزة فاتن حمامة التقديرية. وقد نعته رئاسة الجمهوريه وكذلك وزيرة الثقافة د. ايناس عبدالدايم ، وكذلك نقابة المهن التمثيلية في مصر والهيئة العربية للمسرح وعدد كبير من الفنانين

بمختلف الدول العربيه 

رحل سمير غانم احد اعمدة فن الكوميديا ،واستاذ فن الارتجال على المسرح ،وكم نشر البهجة والسعادة ،واشاع اجواء من الضحك والفكاهة الراقية البعيده عن الابتذال ،وبرحيله طويت صفحة فرقة ( ثلاثي اضواء المسرح ) فقد سبقه في الرحيل ( الضيف احمد ،ثم جورج سيدهم ) زميلا الرفقة والصعود في عالم المسرح والفكاهة.

أمين الغفاري

العدد 119 / اب 2021