حكاية الدولار

آفاق/ جاد الحاج

لطالما تساءلنا لماذا يتفرد الدولار الأميركي بأولوية مطلقة على صعيد الاقتصاد والمال والبورصة حول العالم، ولماذا يتحكم سعره   باقتصادات عالمنا الثالث فيذلنا ويجعلنا طوابير يائسة أمام أبواب الصرافين ومداخل محطات الوقود ، ناهيك عن رفوف السوبر ماركت وفواتير المطاعم والمقاهي والمقاصف الليلية.

اصبح الدولار “مذهباً” إضافياً من المذاهب التي نؤمن بها وننام على وعودها ولواستقيظنا على فشلها في تحقيق تلك الوعود.

 لنرجع الى سنة 1944 واتفاقية “بروتون ويتس” التي جعلت الدولار معياراً دولياً لكل عملات العالم إذ تعهدت اميركا بموجب تلك الاتفاقية  تأمين غطاء من الذهب  لكل من يريد بيعه الى البنك الفيديرالي الاميركي بسعر 35 دولاراً لكل أوقية  . ومذذاك سمي الدولار “العملة الصعبة” واكتسب ثقة دولية بسبب اطمئنان الدول الكبرى وفرضها قبوله على الدول النامية.   هكذا بدأت دول العالم تجمع في خزائنها ما توفر لها من الدولارات ثم تحول قيمتها الى ذهب اميركي. استمر الوضع على هذه الحال حتى خرج الرئيس ريتشارد نيكسون في سبعينيات القرن الماضي ذات يوم ليصرح بأن الولايات المتحدة توقفت عن تسليم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب! وجاء ذلك الخطاب بمثابة صدمة اقتصادية لفت الارض بسرعة البرق وغيرت الكثير من تدابير المصارف المركزية، فقد اكتشف العالم فجأة ان الولايات المتحدة دأبت على طبع دولارات بعيداً من غطاء الذهب واشترت ثروات الشعوب وامتلكت حصصا هائلة من أموالها وعقاراتها ومصانعها .

هنا يجدر التذكير:  ان جميع رؤساء البنك الفيديرالي الاميركي منذ تأسيسه حتى اليوم كانوا يهوداً مقربين جداً من اللوبي الصهيوني المرابط في نيويورك ، ونذكر ايضاً القول المأثور للرئيس بنيامين فرانكلين حين تبين له عدد اليهود المقيمين في نيويورك وقد بلغ    خمسة ملايين يقطنون مدينة تتسع لتسعة ملايين مواطن اميركي. قال فرانكلين: “إن اليهود سوف يكونون مسؤولين وحدهم عن خراب اميركا”.

وقد اعلن نيكسون في  خطابه الشهير ان الدولار سوف يعوَّم في الاسواق المضاربة ويتحدد سعر صرفه بناء على حركة العرض والطلب وبناء على سمعة اميركا واقتصادها وكأن تلك القوة الاقتصادية لا تستمد طاقتها من تلك الخدعة الكبرى التي استغفلت العالم سنوات طويلة.

لم تتمكن اي دولة من الاعتراض او اعلان رفض ذلك النظام النقدي الجديد لأن مصير مليارات الدولار في مصارفها سوف يصبح بلا قيمة تذكر… سميت هذه الحادثة عالمياً بصدمة نيكسون “نيكسون شوك” وقد صدرت عنها مؤلفات ودراسات  قبل سقوط نيكسون في ’ووتر غيت‘ وبعد خروجه من السلطة، وفي ذلك الخطاب العتيد قال نيكسون: “يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها ويجب ان يلعبوها كما وضعناها. يعني علينا أن نبقى ممسكين، نحن الاميركيون، بزمام ومصير عملتنا الخضراء على مستوى العالم بأسره!

من هنا بدأت اميركا تطبع ما تشاء من الدولارات وتشتري به بضائع جميع الشعوب مما دفع الرئيس بوتين الى القول: “اميركا تسرق العالم”.

العدد 121 / تشرين 2021