الهند كقوة كبرى بازغة ومشاهد المستقبل في عام 2032

آ.د. مازن الرمضاني

في العددين السابقين من الحصاد تناولنا, وبالتتابع, مقومات القوة في الجسد القومي الهندي, وثم التحديات الداخلية والخارجية  الهندية. في مقالنا هذا سننطلق من مخرجات هذه المقومات وتلك التحديات لإستشراف المشاهد الممكنة و/أو المحتملة لمستقبل الهند بعد عقد من الزمان ابتداءٌ من عام 2022. وقبل البدء بعملية الآستشراف, يُعد ضروريا التذكيربالمعنى ,الذي نتبناه, لمفهوم المشهد. عندنا , يُعبر المشهد عن حصيلة ذلك الجهد العلمي المشروط , الذي يعمد إلى توظيف العلم والخيال العلمي سبيلا لوصف كيفية تبلورالمستقبلات البديلة لموضوع الآهتمام في زمان محدد لاحق وإنطلاقا من معطيات الحاضر المرئية والجنينية. وبهذا المعنى يُعبر المشهد عن خارطة إفتراضية للطريق تصف علميا إحتمالات التطور المستقبلي لحاضر موضوع الإهتمام.

وفي ضوء ما تقدم , نرى أن مستقبل الهند في عام 2042 سينفتح على ثلاثة مشاهد بديلة, هي: أولا, مشهد الإرتقاء المتصاعد بالمكانة الإقليمية للهند نحو العالمية. وثانيا, مشهد تأجيل ألإرتقاء بالمكانة الإقليمية للهند نحوالعالمية, وثالثا, مشهد الغاء نزوع الإرتقاء بالمكانة الإقليمية للهند نحو العالمية. وغني عن القول أن كل من هذه المشاهد تدعمه ثمة معطيات يقترن بها الحاضر الهندي.

  1. مشهد الإرتقاء المتصاعد بالمكانة الآقليمية للهند نحو العالمية

تؤشرمعطيات حاضر الهند, في جانب منها, إلى دولة تتميزبفاعلية داخلية مؤثرة. وتفيد تجارب تاريخية متكررة أن إرتقاء أو تراجع المكانة الدولية لهذه الدولة أو تلك هي حصيلة لإرتقاء أو تراجع فاعليتها الداخلية . لنتذكر بهذا الصدد تجارب تلك الدول التي عدت سابقا من بين دول عالم الجنوب المتخلفة أو المتأخرة ومن ثم أصبحت لاحقا من بين القوى الآقتصادية الكبرى في العالم. ومثالها سنغافورة. وبهذا الصدد لنتذكر أيضا أن التخلف أو التأخر ليس قدرأ لا يمكن رده. أن الآنحيازإلى المستقبل, ولاسيما إلى  مشهد الإرتقاء الحضاريٌ, والعمل من أجله ابتداء من الحاضر, هو الذي يفسر التحول  الإيجابي الراهن في نوعية مكانة ثمة دول معاصرة, ومن بينها الهند .

وتدعم مشهد الآرتقاء المتصاعد مخرجات  توافر الهند على مقومات القدرة الشاملة للقوة, بمعنى القدرة, على الفعل الهادف والمؤثر,. ولا يتسع المجال في هذه الفقرة من مقالنا هذا لتناول الآبعاد الإيجابية لكافة هذه المقومات. لذا سنكتفي بتناول بعضها, ولاسيما المقوم الاقتصادي  , فضلا عن الدعم الدولي للهند, وخصوصأ الآمريكي.

فاما عن المقوم الاقتصادي, تعد الهند أسرع الاقتصادات العالمية نموأ. فوفقا لاحصائيات صندوق النقد الدولي شهد الاقتصاد الهندي خلال اعوام 21019-2020 نموا في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل7.5 %, وهو النمو الذي يتفوق على معدل للنمو في الصين البالغ 6.9% , وايضا على الآقتصادات الغربية, التي تشهد إنخفاضأ في معدل النمو بنحو 3%. وجراء معدل النموالمتسارع الذي تحققه الهند قيل, في عام 2019, آن الاقتصاد الهندي سيصبح في عام 2030 الآقتصاد العالمي الثاني بعد الصين, سيما وأن ثمة آراء تتوقع ان ينمو الاقتصاد الهندي بمعدل يساوي 7.8%. لذا تساءل البعض: هل ستصبح الهند قاطرة الآقتصاد العالمي؟

وجراء أتجاهات النمو الهندي, لا يحتمل توقفه أو تراجعه, خصوصا وأن معطيات إيجابية أخرى تدعم تصاعده. ومثالها مخرجات موقعها الجغرافي. فالهند ذات مساحة واسعة جعلتها سابع دولة عالميا وثاني دولة أسيويا بعد الصين,الآمر الذي جعلها دولة قارية وبحرية  تتحكم في طرق مهمة للملاحة البرية والبحرية والجوية. هذا فضلاعن واقعها السكاني ببعديه الكمي والنوعي. ولنتذكر إنها الدولة الثانية عالميا من حيث عدد السكان بعد الصين, كما إنها تُعد القوة الثالثة عالميا من حيث عدد القوات العسكرية, وخامس أكبر قوة اقتصادية عالمية , وسادس قوة نووية عالمية .وسابع أكبر قوة بحرية في العالم. كما آن الهند تُعد ثاني أكبرمصدر عالمي لبرامجيات الحاسوب بعد الولايات المتحدة الآمريكية… الخ من مقومات القوة. كما إنها تشارك في العديد من التكتلات الاقتصادية المهمة كمجموعة العشرين, ومجموعة بريكس, ومنظمة شنغهاي… الخ

وأما عن مقوم الدعم الآمريكي للهند, غني عن القول إن الدولتين: الهند والولايات المتحدة الآمريكية تتبادلان ,ومنذ حصول الهند على استقلالها عام 1947, علاقة استمرت تجمع بين التعاون والصراع الكامن. بيد أن بداية صعود الصين إلى قمة الهرم الدولي أفض بالإدارات الآمريكية إلى إيلاء العلاقة مع الهند أولوية تكاد تكون خاصة. فمثلا قال, في وقته, رئيس الإدارة الآمريكية, باراك أوباما,”  … أن الولايات المتحدة ستتطلع إلى التعاون مع الهند من أجل صناعة المستقبل بشكل تعاوني…”.

وربما يفسر تصريح لوزير الخارجية الآمريكية , ريكس تيلرسون, في عام 2017 , أسباب هذا التطلع الآمريكي. فهو يقول: “… أن الهند بحاجة إلى شريك موثوق فيه…وأود أن أقولها بصراحه أن الولايات المتحدة هي هذا الشريك الموثوق, نظرا لقيمنا المشتركة ورؤيتنا المتطابقة حيال الآمن والآستقرار في العالم…” إن هذا النزوع ألآمريكي نحو التعاون الوطيد مع الهند دعمه تفاقم الخشية الهندية من مخرجات مشروع الحزام والطريق الصيني. فهذا المشروع تم رؤيته هنديأ كمشروع لتطويق الهند, اعتمادأ على العلاقات الوطيدة بين الصين ودول الجوار الجغرافي للهند , كباكستان وسريلانكا وغيرهما.

وبهذا النزوع المشترك نحو التعاون آريد أمريكيا أن يفضي إلى تشكيل آئتلاف أمني إقليمي يجمع  بين الولايات المتحدة والهند واستراليا واليابان سبيلا لمواجهة الصين. وبالمقابل  أريد به هنديا أن يكون مدخلا داعما لها في صراعها الممتد مع باكستان وكذك مع الصين.

  1. مشهد تأجيل الإرتقاء بالمكانة الإقليمية للهند نحو العالمية

ينطوي هذا المشهد على ما يفيد أن صناع القرارالهندي قد ادركوا أن الآرتقاء بمكانة دولتهم نحو العالمية يتطلب احداث تغيير جوهري في معطيات البيئتين الداخلية والخارجية للهند خلال زمان المستقبل المتوسط ( عقدان من الزمان), خصوصا وإن المخرجات الإيجابية لمثل هذا التغييرهي التي تدعم نزوع الهند نحو الإرتقاء بمكانتها نحو العالمية . إن مثل هذا الإدراك دفع, وكما تفيد ثمة مؤشرات هندية, بصناع القرارالهندي ,الى السعي أولا نحو ترصين المكانة الآقليمية الراهنة للهند عبرمدخلين: داخلي وخارجي, استعدادا للإرتقاء اللاحق بالمكانة الدولية للهند , هذا ربما تاثرا بالتجربة الصينية, التي تتخذ من سياسة النفس الطويل وترسيخ فاعليتها الداخلية, سبيلا للإرتقاء الدولي اللاحق. ولنتذكر بهذا الصدد أن عام 2049, أي مرور 100 عام على إعلان ولادة دولة الصين الشعبية, هو العام الذي جعله الصينيون  بمثابة عيد ميلاد الصين كقوة عظمى. ونرى إنهم سيحققون هذا المشهد المستقبلي المنشود من قبلهم.

فأما عن المدخل الداخلي فهو يكمن في دعم مجمل مقومات القدرة الهندية على الفعل عبرالآرتقاء بوضعها الآقتصادي, والحفاظ على تماسكها الداخلي وفاعلية مؤسساتها الوطنية, فضلا عن المنجزات المتحققة فعلا, ناهيك عن إحتواء التحديات الدااخلية, التي استمر الجسد الهندي يعاني من اثارها.

وأما عن المدخل الخارجي فهو يقترن بمخرجات لتحول في مضمون السياسة الخارجية للهند. فكما يفيد الواقع, أضحت هذه السياسة تتميز بالإضافة, إلى إقامة شراكات دولية على آسس المصالح المشتركة, بخاصية الواقعية المتوازنة  في علاقاتها مع القوى المؤثرة دوليأ. كما هو الحال مثلا مع الولايات المتحدة الآمريكية والاتحاد الروسي.  فبعد أن كانت علاقاتها مع الآولى متميزة ومع الثانية صعبة ومتوترة, أضحت الهند ذات علاقة جيدة مع الاتحاد الروسي. وهنا لنتذكر أن الهند كانت من بين الدول التي أمتنعت عن التصويت في الجمعية العامة للآمم المتحدة ضد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا. وبينما تستمرالهند في علاقتها المتميزة مع الولايات المتحدة الآمريكية, الإ إنها , في الوقت ذاته, لم تتردد عن الإنتماء إلى تجمعات دولية مناهظة عمليا للهيمنة الآمريكية كتجمع ( بريكس) , الذي تٌعد الهند, إلى جانب الصين والآتحاد الروسي, من بين ألدول الاعضاء المهمة فيه.

كما أن الهند, من أجل جعل القرن الحالي اسيويا, تدرك أهمية تحول العلاقة مع الصين من الصراع الكامن ألى التعاون بإعتبارهما من بين اكثر الدول العملاقة الآسيوية تطورا اقتصاديا وعسكريا :تقليديا ونوويا . بيد أن النزوع الهندي نحو علاقة إيجابية مع  الصين لم يتحقق حتى الآن, هذا جراء إرتباط العلاقة بين الدولتين بطبيعة العلاقة الهندية -الآمريكية, وممانعة الولايات المتحدة للتقارب والتعاون الهندي-الصيني. لذا من المرجح بقاء الصراع الهندي- الصيني على الهيمنة أسيويأ ممتدا, وبمخرجات تنطوي على الحد من النزوع الهندي نحو الريادة العالمية. ومما يدعم هذه المخرجات أيضا أن  الهند لازالت خارج مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الآمن الدولي , كما أن النظام الدولي متعدد الاقطاب لازال قيد التشكل, وأن سنوات طويلة قادمة لابد أن تمضي أولا مقترنة أيضا بالتآكل التدريجي لمقومات الفاعلية الداخلية الامريكية مقابل النمو التدريجي لمقومات الفاعلية الداخلية للقوى الكبرى البازغة, ومن بينها الهند.

  1. مشهد الغاء نزوع الإرتقاء بالمكانة الإقليمية للهند نحو العالمية

يجد هذا المشهد دعما له جراء تفاقم تاثير ديمومة مخرجات التحديات الداخلية والخارجية الهندية, التي تم تناولها في مقالنا السابق,  وعدم القدرة الهندية على الحد منها أو إحتوائها ,وعلى النحو الاتي:

1.3 ديمومة التحديات الداخلية

تتعدد التحديات الداخلية, التي تعاني الهند, بدرجة أو أخرى, من مخرجاتها. وتفيد معطيات الواقع الداخلي للهند أن هذا المشهد يكتسب مصداقيته من ديمومة تاثيرمجمل هذه التحديات. في ادناه سنتناول أبرز بعض أهمها مرة أخرى, وكالاتي:

1.1.3 التحديات الآقتصادية

لقد استطاعت الهند خلال زمان قصير نسبيا تحقيق مستويات عالية من النمو جعلتها تتفوق حتى على الصين, كما تم ذكره في اعلاه. بيد أن هذا النمو لا يلغي آن الهند تعاني من إشكاليات اقتصادية هيكلية متعددة وبمخرجات تدفع إلى إنفاق نسبة عالية من ناتجها المحلي الإجمالي على إعادة بناء البنى التحتية المتقادمة جراء تراكم الضغوط عليها. وبهذا الصدد لنتذكر, مثلا,  أن  شرائح واسعة من سكان الهند تعاني من الفقر والبطالة وبمعدلات مرتفعة, هذا في الوقت الذي يشهد فيه البلد نموا سكانيا متصاعدا, فضلا عن إستمرار التفاوت المتزايد في الدخل بين الآفراد والولايات الهندية. وتتفق ثمة آراء على أن هذه الإشكالية تشكل ثغرة مهمة في النموذج  التنموي للهند وتهديدا لتجربتها التنموية. وتتفاعل هذه الإشكالية مع سواها والمتمثلة في ندرة المواد الطاقوية مدعومة بتنافس شديد عليها, فضلا عن ارتفاع اسعارها جراء ازدياد الطلب العالمي عليها.

وتتفاعل الإشكاليات  الآقتصادية مع إشكاليات آخرى ومثالها الهيمنة البيروقراطية , وإنتشارالفساد المالي والآداري, وحقوق الإنسان, وبمخرجات تؤدي ألى الآنشغال بمعالجة تحديات الداخل ومن ثم تراجع السعي نحو الآرتقاء بالمكانة الهندية من الآقليمية إلى العالمية.

2.1.3.  المخرجات السلبية للاستيراد العسكري الواسع

من المعروف أن الهند تُعد رابع أكبر قوة عسكرية في العالم في شقيها التقليدي والنووي, وكذلك من حيث الكم والنوع  . بيد أن الهند, كإحدى القوى العسكرية الكبرى في العالم, تفتقر, مع ذلك, إلى منظومة للتصنيع العسكري تتماهى مع هذه المكانة العسكرية المهمة. إذ تعتمد إعتمادأ كبيرا على الاستيراد لتسليح قواتها العسكرية. ويذكر الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم للسلام لعام 2018 أن حجم الآنفاق العسكري الهندي في هذا العام بلغ نحو 66.5 مليار دولار. وغني عن القول أن هذا الآنفاق  الكبيرعلى التسلح يفضي , في الآقل, إلى إحداث تباطؤ في عملية التنمية الاقتصادية, التي يرتكزعليها النزوع الهندي نحو العالمية . كما أن مخرجات الصراع الممتد مع كل من الصين وباكستان والتوترات الحدودية بينها وما يتبعها من إستنزاف, تنطوي على مخرجات داعمة أيضا لهذا التباطؤ.

3.1.3 مخرجات إنتشار جائحة كورونا 19

كغيرها من دول العالم, لم تكن  الهند بمعزل عن التاثر بتداعيات جائحة كورونا, بيد أن هذه التداعيات كانت من بين الاكثر شدة عالميا على مواطنيها. فوفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية , كانت الهند قد أحتلت  حتى يوم 13 تشرين الثاني 2020 المرتبة الثانية عالميا عدد, بعد الولايات المتحدة الآمريكية, من حيث عدد الآصابات المؤكدة (8.728.793 مليون آصابة) وعدد الوفيات (1.286.68 مليون حالة وفاة)  ومما ساعد على ذلك الكثافة السكانية العالية . ولنتذكر أن الهند تأتي مباشرة بعد الصين من حيث إجمالي عدد السكان, هذا فضلا عن الواقع الثقافي للطبقة الفقيرة الآكثرمن حيث عدد السكان في الهند.

وتؤكد أراء ان تاثير الجانحة لم يقتصرعلى تداعياتها الصحية فقط, وإنما شمل الاقتصادية آيضأ, سيما وأن الاقتصاد الهندي  كان قد شهد , في أوج  تداعيات كورونا, تراجعا ملموسأ.  فجراء الاغلاق العام وانخفاض الاستثمار, آظهرت بيانات وزارة التجارة الهندية أن الصادرات السلعية الهندية كانت قد تراجعت , جراء الانخفاض في الطلب وتأخر عمليات الشحن , إلى 36.47%وبما يساوي 19.5 مليار دولار. والتراجع شمل الواردات أيضا, إذ بلغ 51.5% وبما يساوي 22.20 مليار دولار. ومن المحتمل عاليا أن هذا التراجع في الصادرات والواردات قد استمر ممتدا إلى ما بعد عام 2020. فتداعيات كورونا إزدادت حدة عالميا وبمخرجات اقتصادية ربما أكثر تاثيرا . ومن المحتمل أن الآنشغال بمعالجة التداعيات الآقتصادية للجانحة سينطوي, هو الاخر, على دعم الانكفاء عن التحول إلى العالمية, ولو مؤقتا , سيما وأن التعافي من التداعيات الاقتصادية لجانحة كورونا يحتاج إلى زمان قد يكون طويلا, كما يؤكد أصحاب ألاختصاص في الآقتصاد.

2.3 التحديات الخارجية

للهند علاقات دولية واسعه قوامها في العموم التعاون المتبادل. بيد أن هذا الواقع لا يلغي أن علاقاتها  خصوصأ مع بعض دول جوارها الجغرافي, ولاسيما مع الصين والباكستان, تتسم بالصراع الممتد, الذي يتحول, في أحيان, إلى صراع علني, أو يبقى, في أحيان أخرى, في حالة كمون. ولآن الصراعات بين هذه الدول هي من نمط تلك الصراعات ذات الجذور العميقة, فمن غير المحتمل ان لا تعمد كل من الصين وباكستان إلى تعطيل نزوع الهند إلى عالمية الدور خصوصأ وإن مثل هذا الدوريشكل تهدديا لمصالح منشودة من قبلهما. وبالمقابل يتطلب تحقيق مثل هذا النزوع أحتواء المناهظة الإقليمية له. إذ بدون  إحتواء تناقض المصالح بين الهند وكل من الصين وباكستان  وسواهما قد يتعذر تحقيق  الدور العالمي, الذي تصبو إليه الهند. وتشير المعطيات الهندية إن الهند تعمل من أجل ذلك. ومع ذلك , من السذاجة القول أن فض الصراعات ذات الجذور العميقة يمكن أن يتم خلال زمان قصير, فمتغير عدم الثقة المتبادلة  الناجم عن مثل هذه الصراعات يحول دون ذلك.  والشئء ذاته ينسحب على العلاقة الهندية- الصينية-والباكستانية. لذا بالإضافة إلى الكوابح الداخلية, يفضي أيضأ واقع إستمرار المناهظة الإقليمية لدورهندي عالمي مؤثر إلى تأجيل تعطيل تحقيقه, ولو إلى حين.

وعلى الرغم من أن مستقبل الهند في عام 2032 قد يقترن  بأحد المشاهد أعلاه,  بيد أننا نرجح المشهد الثاني, أي تأجيل الإرتقاء بالمكانة الآقليمية نحو الريادة العالمية, على سواه. فمخرجات هذا التأجيل هي التي تعززمقومات القدرة الهندية على الفعل, ومن ثم النزوع الهندي إلى أداء دور عالمي مؤثر.

  • استاذ العلوم السياسية/السياسة الدولية ودراسات المستقبلات

العدد 127 / نيسان 2022