غاليريات مجمع الموسى…نموذج المملكة التشكيلي الحيّ

من الرياض – رنا خير الدين

صلة وصل بين الفنانين والجمهور

تجتمع هناك في مجمع الموسى – الرياض حكايات غاليريات فنية متعددة، لكل منها حكايا وقصص، تتوالف تارية فيما بينها وتتهامس تارة أخرى وكل ذلك في ذلك التصوّر التشكيلي والرسالة العامة من الثقافة الذي يشكّل واجهة الرياض العالمية الفنية والثقافية. خلال جولة “الحصاد” على هذه الغاليريات يُلاحظ أن ثمة أسس مجتمعة فيما بينها ومتفقة ضمنياً على أن الحدث الفنّي هو منطلق الهدف التشكيلي، ولا بد خلال هذا التوجّه العام العمل على الاستمرارية والمتابعة الحثيثة للتطورات الفنية والاتجاهات التشكيلية مع الأخذ بالحسبات النماذج الشابة الناجحة التي تسعى لتكوين صورة جديدة لهم في عالم الفنّ، فهذه الغاليريات قادرة على فتح نافذة في عالم الرسم للفنانين الشباب.

في سياق متصل، لا بد من الإشارة إلى أن فكرة استخلاص غاليريات عديدة في مكان واحد يعطي امتيازات عديدة للمكان من حيث الذاكرة، التكوين والتفضيل، والتقديم والمستوى المطلوب.

“الحصاد” خصّصت لهذا العدد جولة على بعض غاليريات مجمع الموسى وهي: صالة تجريد للفنون، صالة ورد آرت، وصالة آرت فيجن.

مميزات وتصوّر

أشرت آنفاً إلى حسنات هذه التجمّع التشكيلي العام في مكان واحد، التي تخصّ المكان والمنافسة والتبادل الفني، عدا عن إمكانية التعرف على أبرز فنانني المملكة في مكان واحد، وبالتالي هذا النسيج الكلي المتآلف يسمح في تبادل الخبرات ويسعى إلى تحقيق أهم رسائل الفنّ، وسيُثبت لاحقاً أن هذه الحقبة هي حقبة فنية فريدة شهدتها المملكة ككل والرياض على وجه الخصوص. ويمكن تلخيص هذه الامتيازات بالنقاط التالية:

  • التنوع الفنّي التشكيلي: بالطبع تسمح غاليريات الموسى بالعمل على اتجاهات الفنّ المختلفة من المدرسة التجريدية إلى انطباعية إلى الحداثة في التقديم والتصوير.
  • واجهة الرياض الفنية: يمكن للزائر أو السائح الفني الحصول على أكبر تجمع فني تشكيلي والتعرف على اهم فنانني المملكة خلال زيارته هذا المجمع.
  • منافسة فنية بريئة: بالطبع إن المنافسة الفنية هي أبرز ما قد يعطي الفنان دافع للعمل الجيد والمثابرة على الفكرة، هذه التبادل الفني ينمّي روح العطاء والتقديم، والسعي لتكوين أعمال مميزة وفريدة.
  • التبادل في سبيل التقديم: الاعتماد على الفكرة من خلال تباين وجهة النظر الفنية بين الفنانين والنقّاد، وبين الفنانين أنفسهم من مختلف المدارس وبين الفنانين والصحافة والزوّار هو ليس إلا استباط لما هو أفضل في التقديم، حيث لا تبق الفكرة مجرد فكرة ولا التصور يبقى رؤية، بل العمل هناك – أي في غاليريات الموسى – يبصر النور ويعيش ويتكاثر.
  • بؤرة اهتمام الزوّار من مختلف أقطاع العالم: يجمع هذا المجمع دوماً أبرز الفنانين العالميين، الزوّار والسياح المهتمين بالعمل التشكيلي في المملكة، كما يضم الصحافة العالمية التي باتت اليوم تتابع عن كثب شؤون وأعمال الفنانين السعوديين بشكل عام.
  • التطور المنظوري الفني: لا بد من التركيز على أن هذه التواطؤ الفني يشكّل خاصية فريدة من ناحية العمل على التطور الكلي للأفكار الفنية التشكيلية ويبرز إمكانيات التناظر الفني وتبادل وجهات النظر.
  • وجهة حضارية بحت: كما هو ملاحظ اليوم أن الفنانين السعوديين على اختلاف مدارسهم يولون اهتماماً فائقاً بالموروث الثقافي والحضاري لشبه الجزيرة العربية من القط إلى النقوش النجدية المتواجدة في أنحاء المملكة.

وإجمالاً فإن الإبداع في إبراز الهوية والعراقة لأي بيئة أو ايديولوجية هو حافزاً لكل فنان في التعبير عمّا يشعره تجاه أصوله واجداده. وبالتالي هذا التواصل التشكيلي مع الحضارة أثار فضول الصحافة والفنانين من أقطاع العالم للمجيء إلى المملكة والتعرف على حضارتها الفنية من الجنوب إلى الشمال.

غاليري تجريد للفنون… انتشار الفن التشكيلي وتبادل ثقافي 

في حديث مع مدير صالة تجريد ياسر الحميد أشار إلى أن قبل 35 سنة كان محل شدّ لوحات فقط! ثم بدأ العمل على البراويز من السعودية وإيطاليا إلى أن انطلق العمل إلى اقتناء الأعمال التشكيلية.

أما عن أهداف الغاليري، فقال: أبرز أهداف الغاليري هو انتشار الفنّ وتطويره من خلال اقتناء الأعمال، مساعدة الفنانين التشكيليين للبروز خارج المملكة، مساعدة الفنانين الشباب. إضافة إلى جلب أعمال من خارج السعودية لمساعدة الفنانين السعوديين في تبادل الخبرات الفنية التشكيلية بينهم وبين الخارج.

تنظم تجريد للفنون معارض دورية على مدار العام وتجدر الإشارة إلى أن تتنشر للغالبير أعمال لفنانين مطبوعة بنسخة خاصة ووضع منها في العديد من الفنادق والمستشفيات.

غاليري آرت فيجن… صلة وصل بين الفنان والمتلقي والمقتني

بالحديث مع الأستاذ عبدالله الأحمري أشار إلى أن فكرة آرت فيجن جاءت من مبادرة تجمع الفنانيين في حدث فني كبير من قبل الفنان محمد فارع والفنان عبدالله الأحمري والأستاذ عبدالمحسن الشويمان والأستاذ محمد السعوي.

وقال في حديثه لـ”الحصاد”: بعد تشكيل الفريق عملوا معاً على تطوير الفكرة جرى انشاء شراكات تهتم بالفنّ والفنون لذلك بدأنا بإنشاء صاله فنية وعملت البرامج لتشغيلها واشتغالها بالمعارض الفنية والمبادرات والورش الفنية. تم اختيار مجال الفنّ لأن جميع من في الصالة لهم اهتمام وارتباط بالفنّ التشكيلي وتسويق الأعمال الفنية.

وأضاف: تعمل آرت فيجن على كافة الأصعدة وكل المجالات في الفنّ التشكيلي ونعمل على إعطاء كل فنان كان من المحترفتين أو الهواة فرصة لطرح إنتاجه الفنّي الذي يتماشى مع سياسات وطرح الصالة والاهتمام بالجيل الشاب الذي يعدّ أهم عنصر في ذلك، لأن الجيل القادم الذي يحمل على عاتقه الكثير من الممارسات الفنية الحديثة في عملية الإبداع.

وحدّد الأحمري أهداف الغاليري قائلاً: الأهداف التي وضعتها آرت فيجن كثيرة أهمها:

– الاستفادة من دعم المتاحف والمشاريع الحكومية والخاصة والفردية بالأعمال الفنية.

– دعم الحراك الفني والثقافي الأمر الذي يساهم في تعزيز جودة حياة الفرد والأسرة والمجتمع.

– تمكين الفنانين التشكيليين في تسويق أعمالهم.

– تقريب المسافة بين الفنان والمتلقي والمقتني.

– إيجاد حراك فني ثقافي يخدم الحركة التشكيلية.

– إظهار الكفاءات الفنية البارزة في الفنّ التشكيلي للمجتمع.

– إبراز دور الفنّ السعودي في المجتمعات الأخرى.

– تثقيف المجتمع للاهتمام بالأعمال الفنية.

– نشر ثقافة الفنون الإسلامية.

– زيادة الحراك الثقافي بالمجتمع.

– تنمية ثقافة الفنون البصرية لدى المجتمع ورفع الذائقة الفنية.

غاليري ورد آرت… أسلوب عصري يعكس النهضة السعودية الشاملة

أما  غاليري ورد آرت التي تعتمد شعار “فنّ، في متناول الجميع”، تقدّم خدمات في المجال التشكيلي بحيث تتلخص هذه الخدمات بتنظيم الفعاليات الفنية، عرض الأعمال والمقتنيات الفنية، إثراء الذوق العام وتنمية الحس الإبداعي والفني لدى المجتمع من خلال ورش العمل والجلسات الحوارية الفنية.

وتهدف الغاليري إلى بناء وإثراء المشهد الفني المعاصر في المملكة العربية السعودية ورفع حركة الوعي الفني ونشره في المجتمع، وتوثيق حركة الفن السعودي واتجاهاته كنواة لانشاء متحف للفن السعودي المعاصر، واقامة معارض وفعاليات تشكيلية محلية ودولية بهدف إيصال هذا الحس الجمالي إلى عشاقه في المجتمع، تثمين التجارب واستكشاف الأفكار الجديدة والبحث عن المواهب الشابة إلى جانب ذلك تعمد الغاليري على التأكيد على دور الفنانين ودعمهم في العملية الإبداعية والتأثير الذي يمكن أن يحدثه الفنّ على المجتمع.

وتعتبر ورد آرت غاليري منصة تهتم بشكل أساسي بدعم الحراك التشكيلي ونشر ثقافته والإرتقاء بالفن السعودي المعاصر إلى المكانة التي يستحقها في عالم الفنون البصرية من خلال طرح مجموعة خاصة منتقاة بعناية من الأعمال الفنية المميزة لرواد الفنّ التشكيلي المعاصر في المملكة وخارجها، تضم تلك المجموعة اتجاهات بصرية مختلفة ما بين الانطباعية والواقعية والتجريدية وغيرهم من المدارس الفنية المطروحة على الساحة.

العدد 127 / نيسان 2022