العراق… الجريمة الكاملـة حول تقرير لجنة تشيلكوت البريطانية وبعض الوثائق السرية المنشورة في موقع وكليلكس

مصداقية الديموقراطية الغربية… رهن بمحاسبة المسؤولين عن دمار العراق

السؤال : لماذا لم يتطور التحقيق حتى الفصل الأخير وهو المحاكمة..؟

لندن: أمين الغفاري

04
عمرو موسى الأمين الأسبق للجامعة العربية العدوان على العراق سيفتح طاقة من جهنم على المنطقة

صدر أخيرا تقرير لجنة السير جون تشيلكوت البريطانية الذي طال انتظاره اكثر من خمس سنوات عن حرب العراق، وافردت له العديد من الصحف أبوابا للعرض على مساحات واسعة وكذلك اعمدة للنقد تناولها كتّاب ومحللون، وتصريحات لساسة كبار وزعماء لأحزاب لها وجود وتأثير طالت في معظمها رئيس الوزراء الأسبق توني بلير وحكومته أزاء الكثير من عوامل التقصير والمخالفات وأيضا الأخطاء التي ارتكبتها حكومته ان لم يكن هو شخصيا، وظهر توني بلير عبر شاشات التلفزيون شاحب الوجه ذابل الملامح تتعثر الكلمات على لسانه ليعلن تحمله للمسؤولية بعد ان يطرح مبرراته وليست اسانيده، ثم أصبح الأمر في النهاية كأنه مجرد صفحة وتطوى، أو ذكرى يمكن ان تنسى، حتى وان مثل درسا في ان لاتقدم بريطانيا على خطوة مماثلة في الدخول الى حرب لم تتوفر بشأنها الدراسة الكافية ان لم تكن الواجبة لاتخاذ مثل ذلك القرار الخطير، كما رجح بذلك توني ترافيرس مستشار شؤون الحكم في مجلس العموم البريطاني. لكن على الجانب الآخر كان السؤال من الذي عليه ان يدفع الثمن في النهاية لذلك التخبط ولتلك الأخطاء ان لم تكن الخطايا والجرائم التي ارتكبت و حدثت للعراقيين كمجتمع وكبشر وللعراق ذاته ككيان وكدولة لها عضوية كاملة الأركان في الأمم المتحدة وهي أعلى سلطة سياسية في العالم أو كما ينبغي لها ان تكون ؟.ان الأدانة واضحة في الخطوط العريضة للتقرير، فقد ذكر السير تشيلكوت رئيس لجنة التحقيق ان غزو العراق عام 2003 اعتمد على )معلومات استخباراتية مغلوطة وتقديرات غير دقيقة، واستطرد ان توني بلير رئيس الوزراء في ذلك الحين استهان بتأثير الحرب على العراق والمنطقة بأسرها على الرغم من التحذيرات الواضحة التي اطلقت وقتها.أن طرحنا عمل الأجهزة المختلفة أو المعنية سواء الأستخباراتية أو السياسية أو الاعلامية جانبا، وشاهدنا الأستنكار الجماهيري الواسع النطاق والذي امتد الى عواصم متعددة من دول العالم لغزو العراق، وكذلك التحذيرات التي صدرت من اجهزة سياسية ودبلوماسية وشعبية اقليمية ودولية من الأقدام على تلك الخطوة لما تفجرها من ازمات وما يترتب عليها من كوارث ومن تداعيات لاعتبرناه وازعا يمكن ان يكبح سطوة أصحاب القرارأو يساهم في ضبط حركتهم، ولكن كل ذلك لم يشفع، ولم يكبح الشهوة الجامحة للمتاّمرين والمخططين ذات ليل. وفي المذكرات السرية حول حرب العراق التي نشرتها )جريدة الأهرام( لتحقيق واسع قدمته الباحثة المدققة )منال لطفي( تشير المراسلات من بلير الى انّ بوش في الفترة من 2001 الى 2007والتي قام بنشرها تقرير تشيلكوت مؤخرا يظهر التصميم على شن الحرب وتجاهل اي منطق يدفع الى تأجيلها حتى لو كان الحصول على دعم من الأمم المتحدة، ويقول التقرير ان المراسلات بدأت بعد يوم واحد من هجمات 11 سيبتمبر عام 2001 واحداها يوم 11 اكتوبر اي بعد شهر تماما من هجمات سيبتمبر وعندما كانت العملية العسكرية جارية في افغانستان وتتحدث عن عمل عسكري ضد العراق وصعوبة قبوله من العالم العربي وأوروبا وروسيا بسبب التوقيت، وتستطرد السطور فتقول أن ملحق المراسلات السرية يكشف أن )تغيير النظام العراقي( وليس التخلص من أسلحة الدمار الشامل كان هو الهدف الحقيقي لغزو العراق وتبدو حرب افغانستان في هذا السياق )حربا تمهيدية وثانوية( للهدف الحقيقي وهو العراق.يكون مفهوما أنه في السياسة دائما هناك اهداف معلنة تخاطب المجتمع الدولي وأحكامه والرأي العام وعواطفه وانفعالاته والقدرة على استقطابه، وأهداف أخرى خفية غير معلنة تستجيب لطموحات أصحاب القرار وتخدم رؤاهم حتى وان تدثرت بألوان من الخديعة والتضليل. أتذكر تصريحا للسيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية في ذلك الوقت )ان العدوان على العراق سيفتح على المنطقة طاقة من جهنم(.لكن الى اي مدى كان توني بلير متوافقا مع جورج بوش الأبن في غزو العراق. ان التقرير يكشف عن تواطؤ يبلغ حد التوحد في اعتبار ان التخلص من صدام هو الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله، وحتى القيام بعملية احتوائه قضية مرفوضة لأن الأحتواء ذ كما يقول – اكتشفنا ان الأحتواء مع )القاعدة( كان امرا محفوفا بالمخاطر، لكن رحيله سيحرر المنطقة لأن نظامه هو الأكثر وحشية وغير انسانية في العالم.ان بلير يقول لبوش صراحة )سأكون معك مهما كانت الظروف(. على الجانب الآخر الأمريكي وبعيدا عن تقرير تشيلكوت نرى ان ادارة جورج بوش كانت الحلم الذي وجد سبيله الى الحياة وأصبح واقعا بالنسبة لمن يطلق عليهم )المحافظون الجدد( وهم مجموعة سياسية أمريكية تؤمن بقوة امريكا وهيمنتها على العالم ووجودهم ليس قاصرا على المجال السياسي فحسب ولكن تجدهم ايضا في مختلف الوان الطيف الفكري والثقافي ومنهم ايضا محاربون قدماء، والأكثر مدعاة للقلق ان اكثرهم من المثقفين اليهود، والأشد قربا من اسرائيل ، وكان منهم )ديك تشيني( في موقع نائب الرئيس ودونالد رامسفيلد في موقع وزير الدفاع، وقد جاء انهيار الأتحاد السوفييتي ليتوافق مع المنظومة الفكرية لتلك الجماعة باعتبارها فرصة لاعادة صياغة النظام العالمي وهيمنة الولايات المتحدة على مقدراته باعتبارها القوة الأعظم والأوحد.يجدر بنا ان نشير الى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قد نبه في كتابه )القيم الأمريكية المعرضة للخطر( الى ان المحافظين الجدد ذ الذين روجوا لفكرة انه اما ان تكون معنا او ان تصبح ضدنا ذ اصبحوا بفلسفتهم الأمبريالية يشكلون اكبر خطر على سمعة الولايات المتحدة في العالم، ولكن يجدر بنا ايضا من جانب اّخر أن نتحفظ، وأن نقول للسيد كارتر ان المحافظين الجدد ليسوا هم أول من قالوا )من ليس معنا فهو ضدنا( ، فقد سبقهم الى ذلك جون فوستر دالاس أبان حكم الرئيس ايزنهاور، وهو يناهض دعوة عدم الأنحياز والحياد الأيجابي التي تبناها عبدالناصر وتيتو ونهرو، ووصفها بكونها )سياسة غير اخلاقيه( لأنهم ينبغي أن يكونوا معنا ثم أردف )من ليس معنا فهو ضدنا(.

ماذا فعل ذلك التحالف في الحرب على العراق ؟

لم يتفرد بوش وبلير بالهجوم على العراق وانما شكّلا تحالفا معهم من عدة دول، ولكنهم كانوا الأبرز في الدعوة وفي التنفيذ، ولم تكن النتيجة كما اعلنوا ازاحة نظام دون الدراسة الكافية او الأدلة الموثقة كما كشفت لجنة تشيلكوت أو حتى التمهيد لاعدام رئيس أو زعيم، ولكن النتائج كانت اكبر وابعد واعمق من ذلك.النتائج كانت دماراً للبشر وللحجر وللتراث.النتائج تشكلت من أشلاء جثث تبعثرت، وفتات حجرأصبح رمادا، وأشباح تراث سكن الوجدان وأمسى حلما وذكرى. بل ان النتائج كانت ابعد من أن تكون جرائم حرب حرمها القانون أو نص عليها تشريع، بل أضحت تشكل جرائم لم يبتدع لها بعد فقه القانون تشريعا أو حتى تعريفا فقد فاقت التصور وتخطت وهم الخيال.

الحرب على العراق في الوثائق السرية على موقع وكليكس

بعض المعلومات التي تنشر يمكن ان تصيب الأنسان بالصدمة لدرجة أن يرفض تصديقها من فرط مافيها من اجحاف وعدم انسانية، ولكن من جانب اّخر المشكلة ان مازعموه يجد مصداقية شديدة على ارض الواقع، ومن هذه المعلومات الصادمة تلك التي وردت على موقع وكليكس وتنسب الى احد زعماء)فيدرالية الاخوة العالميةIFB( وهي منظمة يقال انها سرية عالمية وتتحكم بامريكا وغالبية الدول الغربية واسمها سالامريكي، وقد ذكر هو على فراش الموت )الأسباب السرية جدا لاحتلال العراق( يقول لااحد يدرك كم هو )العراق( مهم بالنسبة لنا نحن في )IFB(. لقد نجحنا بالتضليل على السببين الاكبرين لاحتلالنا له، من خلال التركيز على السببين المعروفين اللذين اتفق عليهما الجميع:

1ـ ان العراق، جغرافيا هو مركز الشرق الاوسط. السيطرة عليه تعني السيطرة على قلب الشرق الاوسط، جغرافيا وعسكريا وحضاريا.

02
متظاهرات واحتجاجات ضد الحرب وتبعاتها ذهبت كلها ادراج الرياح

2ـ وهو كذلك اقتصاديا يمتلك اكبر خزين نفطي، بالاضافة الى النهرين والكثير من المعادن المهمة المكتشفة وغير المكتشفة.

لكن بالحقيقة ان هذين السببين ثانويان في استراتجيتنا الخفية. فلو كانا هما الاساسيين كما اوحينا للجميع، لما اضطررنا ابدا لاحتلال العراق، لكن طموحاتنا ازاء هذا البلد كانت اكبر من امكانات صدام مهما اراد التنازل لنا، اذ تتجاوز الى حد بعيد المصالح النفطية والعسكرية، الى مصالح استراتيجية سياسية وعقائدية وتاريخية تعتبر هذا البلد من اخطر المناطق في استراتجيتنا الكبرى للسيطرة على العالم، وبالتالي تتطلب حضورنا المباشر في ارض العراق:

1ـ سياسيا دينيا، وهذه نقطة مهمة جدا : ان شعب العراق يتنوع الى شيعة وسنة)بالاضافة الى الاكراد والتركمان والمسيحيين وغيرهم(، ويقع مباشرة وسط القطبين الاسلاميين المتصارعين: القطب الشيعي الايراني والقطب السني السعودي. وهذا يعني انه البلد الوحيد المهيأ جغرافيا وسكانيا، لأن يكون ساحة للصراع بين القطبين المتحاربين وتعميق الشقة في العالم الاسلامي اجمعه بين الشيعة والسنة.ان خلاصة سياستنا الحالية في العراق، ان يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتنا الكاملة)مباشرة وغير مباشرة( سياسيا وعسكريا. والعامل المهم الذي نجحنا بتأسيسه ونعمل على ابقائه، اننا جعلنا الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا، بحيث   لايمكنها ان تكون دولة مركزية قوية، وهي عرضة سهلة لتفجيرها والتحكم بها. فترانا دائما عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب نبادر الى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار. وما ان يستقوي العرب حتى نبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم ونعطي المجال لبروز الدور الكردي واستخدام ورقة كركوك. واذا لا حظنا توحد الاطراف العراقية كلها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول الوطنية المعادية للامريكان، حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الامر للارهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتُحيي الاحقاد الطائفية وتشجع هجرة الشباب والكوادر، وبالتالي تبرير الاعتماد علينا من اجل حمايتهم من الارهابيين!

نحن من يشجع التغلغل الايراني في العراق ونعمل اعلاميا على تضخيمه اضعاف اضعاف، من اجل اخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في ارض العراق، وايضا اخافة العراقيين ودفعهم للتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الايراني.

خذ مثلا، مسألة تأخير تكوين الحكومة خلال اشهر طويلة. كان يكفي منا بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تكوين الحكومة المناسبة. لكننا تقصدنا الحيادية ولعب دور الاب الناصح الطيب الذي لا يمتلك سلطة حاسمة ازاء الضغوط الايرانية والسعودية والسورية.. كل هذا من اجل ان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيون ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة لدورنا الابوي الناصح والحامي لأمن البلاد!

ومن اكبر دلائل نجاحنا الكبير في التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم، اننا اوهمناهم بأننا عازمون على ترك العراق بعد ان فشلت سياستنا به. وبين حين وآخر نجري مسرحية اعلامية عن انسحابات عسكرية خداعة. بينما يكفي القليل من الحكمة للتفكير بالامر التالي:

اننا شيدنا في المنطقة الخضراء في بغداد اكبر واضخم واقوى سفارة في تاريخ البشرية. مساحتها 104 هكتارات وتعد أكبر بستة إضعاف من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك، وبعشرة أضعاف من سفارتنا في بكين. كلفتها حوالي مليار دولار وتكلفة إدارتها السنوية مليار دولار. فيها 20 مبنى و1000 موظف، وهي تعتبر  مستقلة حيث تضم السكن والاسواق وكل وسائل الترفيه ومولدات الطاقة والتنقية والتصفية، حتى يمكنها العيش مستقلة تماما لعدة اعوام!

فكيف يصدق انسان حتى لو كان له عقل طفل، اننا نشيد مثل هذه السفارة الاسطورية في بلد ندعي بأننا في الطريق لمغادرته؟!

03
جورج دبليو بوش وتوني بلير لم يكن تحالفهما ضد نظام وانما كان ضد دولة ومجتمع

ماذا تعني الحضارة العراقية وكيف يتمثل خطرها

اما الحضارة العراقية فهي منافسنا الاكبر لأنها الاقرب الينا، فحضارتنا الغربية هي صورة محدثة عنها، أي ذروة الحضارة المادية الدنيوية. أننا نعرف ونعترف بأن جذور الحضارة الغربية ترجع الى بابل، ونحن لا نتنكر لها، بل نخشى ان نعلن عن ذلك صراحة حتى لا تسرقنا هذه الحضارة وتستولي علينا، فتصبح )بغداد( هي )باريس ولندن ونيويورك(. انها الروح التي نحتاجها ونقدسها في اعماقنا، لكننا لا نريد ان نعترف بها، الا بعد التيقن من قدرتنا على السيطرة عليها. نحن مثل الابناء اليافعين، نحتاج الى الكثير من النضج والاستعداد لكي نتصالح مع معلمنا الاول ونتمكن من التفاهم الايجابي معه والاستفادة من خبراته وثرواته. ان العراق حضارة خطيرة بقدرما هي جبارة وغنية وعظيمة. انه اشبه بالحيوان المفترس الذي يحتاج الى الكثير من القوة والسيطرة والمراوغة والتركيع والتجويع من اجل تدجينه وترويضه. ان أي ضعف من قبلنا ازاء هذه الروح العراقية النارية المتحفزة سوف يمنحها الفرصة التاريخية المنتظرة لكي تثب علينا وتلتهمنا مثلما التهمت غيرنا من قبلنا. انظرو الى صدام، كان يكفي بعض الغفلة والدعم والتساهل من قبلنا، حتى يشرع فجأة بتنفيذ مشروعه الامبراطوري الشرق الاوسطي، من خلال التوغل في ايران ثم احتلال الكويت للسيطرة على العربية السعودية لينفث حلمه الامبراطوري الموروث والمتجذر في ارض موطنه!

لهذا فأننا منذ سنوات طويلة تمحورت سياستنا ازاء هذه الحضارة الخطرة في ناحيتين:

ـ التعتيم عليها في جميع وسائل الاعلام والمؤسسات المعنية، رغم تقديسنا السري لها. بل العمل على تشويهها من خلال التركيز على الموقف التوراتي منها ومسألة)سبي اليهود( ونقمة الله على بابل وتدميرها. والتعتيم ايضا على دور العرب والمسلمين والحضارة العباسية في تنوير اوربا. وجعل)الف ليلة وليلة( وحكايات العبيد والجواري هي الصورة الاعلامية الوحيدة الشائعة في الاعلام العالمي.

ـ بنفس الوقت، فأننا نجهد بكل امكانياتنا للتعمق في معرفة تواريخ وتفاصيل وخفايا هذه الحضارة من خلال النبش والتنقيب والدراسات السرية، على امل فك اسرارها والسيطرة عليها والاستعداد لمواجهة كل مفاجأتها غير المنتظرة. أننا نؤمن ان هنالك اسرارا كبرى تحت الارض تركتها القوى الجبارة المؤسسة لها والمتحكمة بالكون. بل ربما هنالك ادوار مفترضة لقوى معينة قادمة من كواكب اخرى قد ساهمت بتأسيس الحضارة في سومر وبابل. لهذا فأن من اهم غايات اجتياحنا العراق والسيطرة عليه، ان نستحوذ على آثاره المهمة وننقب بصورة سرية عن بعض الآثار الخاصة التي تقودنا الى تلك الاسرار المخفية الخطيرة. ليس صدفة ان اولى خطواتنا في اول يوم لسيطرتنا على العراق، اننا هيأنا لسرقة المتحف العراقي وتدميره من اجل التعتيم على استيلائنا على بعض الآثار المهمة. كذلك قمنا بالسيطرة على الموقعين الاثريين لمدينتي )بابل( و)اور(، وحولناهما الى معسكرين خلال عدة سنوات من اجل التغطية على عمليات التنقيب السرية بحثا عن بعض الآثار الهامة التي ستساعدنا على فك اسرار هذه الحضارة الجبارة والسيطرة عليها.ويستطرد قائلا :صحيح تماما ادعاؤنا بأننا اتينا لكي نبني العراق، ولكن ما لم نقله بوضوح، اننا سوف نبنيه بعد ان ندمره ونفكك مفاصله وندرسه ونفهم اسراره ونضمن تماما كل مفاجأته ووثباته الغادرة. فبسيطرتنا الروحية التاريخية على العراق نضمن سيطرتنا الفعلية على الشرق الاوسط كله، وبالتالي عموم العالم.

التقرير عامر بالأستطرادات، ويمكن التشكيك في فحواه، ان لم تكن هناك اسانيد قوية تؤكده ولاتدحضه، ولكن المشكلة أن ماجاء في بعض رواياته ينسجم مع مانتابعه من احداث على ارض الواقع. التقرير مر، وتصديقه اكثر مرارة، ولكن ماجرى يشكل ملحمة من الأحزان ومن الآلآم جرت وقائعها أمام العالم وكان مسرح الأحداث أرض العراق وتحت سمائه. كانت هولا تتصدع له الجبال، ومع ذلك لم تجر محاكمة لأي حاكم أو مسؤول، بل ان الجنود هناك لهم حصانه في كل مايرتكبوه.لم يشفع ضد هذا العدوان المظاهرات الصاخبة التي دوى صداها في العالم أجمع تندد بالحرب، ولم يلتفت أصحاب القرار لأعداد القتلى ولا صراخ الجرحى، ولا دماء الأطفال، ولاهدم المنازل وتدمير المنشاّت، وضياع دولة في اطار حرب طائفية لاتتضح لها نهاية، ان لم يكن لها سبق اصرار على التواصل والأستمرار. يبقى السؤال اين سطوة الشعوب وارادتها ازاء تلك الجرائم.. في هذه الديموقراطية؟