جورج طربيه وجورج شكور يتبادلان التكريم شعراً

وجه الشاعر البروفسور جورج طربيه قصيدة إلى الشاعر جورج شكور عنوانها: »مُذ خلا الخُلد«، وهي الاولى في مجموعته الشعرية السابعة عشرة التي هي قيد الاعداد. وهي رد لتحية كان شكور قد وجهها إلى طربيه في الاحتفال التكريمي الذي اقامته له رابطة قدامى اساتذة الجامعة اللبنانية، بادارة الناقد الدكتور عبد المجيد زراقط ومشاركة رئيس الرابطة الدكتور عامر الجوهري مرحبا والشاعر المغترب الدكتور رشيد معطي، وفي ما يلي قصيدة طربيه:

مذ خلا الخلد والطيور الحور

هاجرت فالجنان قفرا بور

غاب جبران غاب عنها انين الناي

فالناي اخرس، مكسور

وثلوج نيويورك سود حدادا

لا لذكرى يهتاج فيها الشعور

في سماء من معدن تسحق الروح

صفاحا)1( فهي للروح سور

والنعيمي نهره الميت أشجاه

وما أبكى، فالعيون صخور

والفريكي )2( قلب لبنان دام

بين كفيه محبط مقهور

وشتاء حاكته في سوق ذوق

أنمل الياس )3( قضبه بلور

غجريا سكران طاف الليالي

راقصا عازفا توشاه نور

مطر النور خيط خيطان نول

ألبستها لنخلها جيكور )4(

وتغني السياب. اشجى نشيد

قيل في الماء رددته الدهور

مطر الريح والربى بات قضبانا

لسجن تناذرتها الطيور

مطر صب كالرصاص، صلاة

كان بالأمس، طقسه مزمور

اين فوزي المعلوف فوق بساط

الريح يعلو ولا تفر النسور

وأبو ماض في القفار وحيدا

بات طيفا تقمصته القشور

لا نجوم تذكر الشيخ طفلا

لا حقول، لا مواطن، وبدور

اين مطران، روكز)5( وخليل )6(

ورشيد )7( ونده الشحرور )8(

وسعيد )9( هدية الله للارض

وورد من حصنه منثور

كان نجمي الحبيب هابت وحدي

في ظلامي العظيم جرمي يدور

اين يمضي الرفاق، لم يبق منهم

أحد في الديار فهي قبور

رمت اشقى الكهوف في الارض طرا

هو عندي مقدم، لا القصور

ها انا عند قمة الجبل الملهم

وحدي يلفني الديجور

تقدح الليل ريشتي وبروق الافق

نوري، ونارهن سطور

انا في قمة التوحد، عرشي

شاهق الحزن، لي بسيناء طور

واستجيب الدعاء، ابصرت طيفا

في ذرى الحزن زارني شكور )10(

ذا أمير مطوع للقوافي

بين كفيه تستريح البحور

سيد النظم هو خير جليس

بعد عقل )11( ودره موفور

هو صفو الاباء علما وخلقا

كم لواء اضاء، شعت بدور

هو للضاد مرجع وإمام

لغة العرب حصنه المسحور

وهو جار الذرى اذا اشتقت

ناديت فلبى، يزورني وازور

وهو جنبي، في وحشتي ونصري

نعمه حين يرتئي ويشور )12(

جبتي ملعب الرياح وسينائي

جموع، ولوحتي دستور

مذ خلا الخلد هاجرته الطيور

الحور والروض بلقع مهجور

اجدب الحقل، والمواسم بارت

نحن حراسه الاباء الصقور

نحن حراثه )13( فنحيي مواتا

شعراء، وذنبنا مغفور

قم بنا نطرد اللصوص من الهيكل

ما اروع المسيح يثور

ولنصح: بيتنا تقى وصلاة

ونقاء وعزة ونذور

ويحكم مذ احلتم القدس وكلا

لزناكم وساد فيها الفجور

قم اخي، نطرد البغاء فبيت

الشعر حرم وشعشعان نور

فمصير الهشيم نار اكول

وحدة الشعر، قدسته العصور

منذ هوميرس العظيم وسر الشعر كنز في قدسه مستور

والرحى تطحن الزؤان، كما الببر، وكل بقدره مقدور

فلنقد رونق الجلال إلى الخلد تضئ شمسه الربى، والزهور

وهدير الدهور ما أروع النهر يغني لما رحاه تدور!

ـــــــــــ

)1( صفاح: جبال نعمان )2( أمين الريحاني )3( الياس ابو شبكة ابن بلدة ذوق مكايل، لبنان )4( مهد الشاعر العراقي بدر شاكر السياب )5( خليل روكز )6( خليل حاوي )7( رشيد نخله )8( شحرور الوادي )9( سعيد عقل )10( الشاعر جورج شكور )11( سعيد عقل )12( يبدي الاستعداد للاستشهاد دفاعا عن القيم مرضاة لضميره وربه )13( نسبة إلى ان جورجيكوس اللاتينية تعني في القاموس الحارث، وكلا الشاعرين اسمه جورج.

قصيدة شكور

اما قصيدة جورج شكور فعنوانها: »تمتلك بلاد الارز«، وقال فيها:

نبت بظل الأرز، والعز، عاليا

ويا نعم »تنورين« تغني المعاليا

وتهدي إلى الدنيا طلائع نحبه

ترصعها بالنابغين دراريا…

ومنهم »دياب المكرمات« محافظا

أمير بيان، بادعاء ومحاميا

وصاب رأي في السياسة، رائدا

وقائد قوم، حكمة مباديا

وأنت، ان اغرتك بعض عواصم

ظللت بلبنان العظيم مباهيا

ولبنان قلب الله، مهد حضارة

تناوحت الأديان فيها تماهيا

تخذت من التعليم أسمى رسالة…

كمثل رسول ينشر الحق، ساميا

أحبك طلاب، صددت صعابهم

وباتت لهم درب المعالي مراقبا

وأصبح موصولا بعمرك عمرهم

وتحيا بهم عمرا يجدد، ثانيا

وجامعة أخلصت، دوما، ودادها

اكبرتها مذ اكبرتك مراميا

وصاغت لك التكريم حقا لكابر

وتنته تياها بحبك، حاليا

وزاد قداماها مزاياك مدحة

فطابت نواياها، وزادت تباهيا

تحييك من لبنان، كل هنيهة

بيوتات فكر تستشيرك، راعيا

زرعت بذارا طيب الاصل صالحا

لتحصد قمحا طيب الطعم، ناميا

حفت صداقات تسامت بصدقها

وصنت مودات تناهت تفانيا

سلام عليك، اليوم، للشعر ناظما

وللنثر، موفور العطاء، وراقيا

البروفسور جورج طربيه

الشاعر جورج شكور