فارس عبد الصمد

الشعر هو المتخيّل الذي نرزح تحته ،هو فوق الأشياء الواضحة والصريحة ، هو الخفي الذي يقطن مملكة خارج اللسانية الكلامية … نحن نعبّر عنه بصراحة الحياة فينا ، لكنه يأتي من الحياة غير الممسوكة ، إلى الحياة التي نلحظ وجودها بما استطعنا إليه سبيلاً …

وقد يتحوّل الشكل أو الرمز والإشارة المستخدمة من الكلام إلى الضوء ، إلى الصمت ، إلى التخاطر الذهني ، أنه يمر بأقنية غير منظومة أصلاً ،لأنه غير محدد ، وليس بالضرورة أن يكون منظوراً … فإذا كان الإنسان أُميَّاً لا يقرأ ولا يكتب بمقدوره أن يقرأ اللحظة التي تعرف ولا تُدرك ، فيقرأ الحزن على وجه حبيبه ، والألم في عينيّ طفل ، والفرح والوطن والحرية بعيون مَن يهوى ويُحب ، فلماذا نربت على كتف الحضارة من خلال ما نعلم ونحتقر بعضنا وأنفسنا من خلال ما يجب أن نعرف ؟؟..

بين واجب الوجود وممكنه ، عوالم كثيرة نجهلها ،لا يتم التعامل معها كمنظور بل كمفطور )من الفطرة ( أو ما نسمّيه الكينونة ، ونحن انتباه فيه … فكلما قلَّ المنظور يبدأ الخفي فينا بسرد أفكاره وفطرته ، وقد ندعوه الحدس ، أو التخاطر ، أو المعنى الموارب الذي يخبركَ ولا تلتقيه ، تظنُّه ولا تتيقنه ، تفهمه ولا تدركه …

من هذا المكان يطل علينا شعر فارس عبد الصمد ، ليبني رؤية بفطرته ، ليقول ما يعلمه ويحاول إدراكه ، يدركه ويحاول أن يعرفه … إنها طريقة لإقامة المعنى في قلب المبنى ، وهو ما نجح في تبيينه ، فأقام الصلاة على الحروف وذهب الى الإشارات والرموز ، ليتلقف الضوء الذي يزيل عتمة الوجود ، ويجعل من العتمة نوراً داخل نور …

الشعر رؤيا ، وها هو فارس عبد الصمد يجسّد تلك الصورة الآتية على أجنحة المسافات …من هنا يبدأ الشعر …

من »مفاتيح« فارس عبد الصمد تبدأ الصور الجميلة …