خمس وعشرون مشيناها معا

بقلم الياس عون

نقيب محرري الصحافة

النقيب محمد البعلبكي يا من يرعاه الله في عليائه كنت من طينة الرجال الأنقياء.

 أمتطيت حصان التدريس في الجامعة الاميركية، ومن تلامذتك المميزين: البطريرك اغناطيوس هزيم، غسان تويني، منح الصلح، بهيج طباره، عبد الرحمن الصلح، سعيد فواز، جبران حايك، اللواء احمد الحاج وسواهم من الذين عاركوا الحياة الجامعية، وبعد التخرج حلقوا في الفضاء الأرحب.

النقيب الراحل محمد البعلبكي
النقيب الراحل محمد البعلبكي

مع النقيب محمد البعلبكي كان التلاقي على الدوام. في عرينه »صدى لبنان« جريدته التي سقاها بماء الورد، كانت اللقاءات. وفي نقابة الصحافة كانت الرحلة الطويلة. رحلة مسحتها الحلاوات بزيت العبقرية، الى رحلة تغلغلت فيها المرارات. ومع الحلاوات والمرارات كان محمد البعلبكي صاحب يراع جريء. وهذا اليراع الذي تسلح به حتى الرمق الاخير، يراع بنيوي حمله فوق المنكبين وطاف به الامصار العربية والعالمية. فزرعه مقالات في الصحف، ومحاضرات فوق المنابر السياسية والاجتماعية والثقافية داخل الوطن وخارجه.

في نقابة الصحافة – وانا امين صندوقها لخمس وعشرين سنة – كان النقيب محمد البعلبكي متفانيا في خدمة صاحبة الجلالة. وكم مرة ردد امامي، وامام من كان يؤم مكتبه، بأن الصحافة اللبنانية التي يحلو للبعض ان يسميها بالسلطة الرابعة، انما هي من السلطات الأوائل في الجمهورية اللبنانية. فبأمكانها ان تحل محل هذا الرئيس او ذاك اذا شغر منصبه.

في ايامه النقابية المديدة كانت النقابة تضج بالزائرين من شخصيات رفيعة المناصب الى اشخاص عاديين. وكان النقيب محمد البعلبكي يرحب بها الترحيب الحار، كما الترحيب في المؤتمرات الصحافية فوق منبرها.

هذا المشبع حيوية كان مثاليا في تعاطيه مع موظفي النقابة. لقد اتكل على نشاطهم واخلاصهم وتفانيهم في الخدمة. فكانوا عند حسن الظن، وهو نقيب للصحافة على امتداد ثلاث وثلاثين سنة.

كان متمكنا من لغة الضاد. يرتجل الكلام ولا يتلعثم. كان صاحب ديباجة بحترية.

 ومع انطفاء شمعته خسر الجسم الصحافي علما من اعلامه الكبار الكبار. وانا خسرته رفيقا صديقا في المناقبية والاقدام.

 رحمه الله ومنحنا الصبر على غيابه وعدم رؤيته.