امرأة من ضباب

يكتبها شعرا:

حافظ محفوظ

امرأة من ضباب

صحيحٌ… انا ناكر للجميلْ

وأيّ جميلٍ… وأين الدليل؟

انا مَنْ مددتُ اليكِ يداً

بدون انتظار ثوابٍ بديلْ

فكيف تسوقين ضدي اتهاماً

كسهمٍ اصاب فؤادي العليل؟

نَحَتْتُ لكِ في ضلوعي مثالاً

ودلّلتُهُ في هيامٍ نبيلْ

فحطّمتهِ في غرور وطيشٍِ

واخمدتِ في صدري حسّ الصهيلْ

صحوتُ من الخدْرِ شيئا فشيئا

وادركت واقع قلبٍ قتيلْ

وايقنت انك صخر اصمُّ

وانيٍ ارفض عيش الذليلْ

تخليت عن حلمٍ خادعٍ

ودمّرتُ ذاك السرابٍ الدخيلْ

وانزلتُكِ من سماء خيالي

فما عدتْ اليكِ اميلْ

شموخ الكرامة يطفئ وجداً

وينزع من ساعديْه الفتيلْ

صنعتُكِ من مرمرٍ عاطفيّ

تكسّر عند امتحان القبولْ

انانيةُ بامتياز عجيبٍ

ركبتِ على عرش فن الوصولْ

وكذابة من عيار ثقيل

كلامُ كثيرُ وفعلُ قليلْ

هوايتك الأخذ دون عطاءٍ

كأنَّ العطاءَ من المستحيلْ

وإنْ شئت يوما سخاء وبذلاً

تفوقين في البخل كلّ بخيلْ

خبا الشوق نحوكِ حتى تلاشى

ومات الهوى دن اي عويلْ

لفظتك من خافقي في إباءٍ

كجسمٍ غريبٍ مريضٍ عميلْ

تجاوزتِ حدّك دون حياءٍ

وكنت بعيني الحنونَ الخجولْ

حنانكِ مصلحةْ وانتهازْ

وموسمُ قنصٍ بكل سبيلْ

مزاجيةٌ ذاتُ افقٍ قصيرٍ

وقطة مسكونةُ بالفضولْ

تهوّرتُ حين ظننُتك رمزاً

لتمثالِ عمرِ صقيلٍ اصيلْ

ولما قذفتِ يمكنونِ صدرٍ

خبيثٍ غرقتُ بنهرِ الذهولْ

لسانكِ زلّ فهل تمزحين؟

ألا بئس هذا المزاح الثقيلْ

تمنيّتُ لو متّ قبل سماعي

كلامكِ ذاك اللئيم الرذيلْ

واشكر ربي لأني اكتشفت

حقيقة سركِ قبل الرحيلْ

ففضلك ارّختُهُ في ضميري

ولن انكر قيمة هذا الجميل

وان كنت مظلومةً في ظنوني

فظلُمكِ هيّأ نشر الغسيلْ

نصيحتي ان تستعيري لساناً

قصيرا وقصّي اللسانَ الطويلْ

وداعاً ايا امرأةً من ضبابٍ

وحقلَ غيومٍ بكلّ الفصولْ