بين نصر الجزائر واحتلال العراق وغزو ليبيا

بين انتصار الجزائر على الاستعمار الفرنسي بعد 131 عاما من الكفاح والثورة في 19/3/2017، وبين الاحتلال الاميركي للعراق في 19/3/2003، وبين الغزو الأطلسي لليبيا في 19/3/2011، شريط طويل في نضال أمة كانت مستهدفة، ولا تزال، من مغربها إلى مشرقها وفي القلب منها فلسطين…

وكما كان انتصار الجزائر إيذانا بنهاية الإمبراطورية الفرنسية التي كانت تشكل مع بريطانيا ما عرف بالاستعمار القديم، فإن المقاومة العراقية المجيدة للاحتلال كانت إيذانا ببدء اهتزاز هيمنة الإمراطورية الأمريكية التي سميت بالاستعمار الجديد، على العالم لتؤكد أن مصير العالم يتحدد في أمتنا وإقليمها الحضاري.

وإذا كان انتصار الجزائر، هو في أحد جوانبه، ثمرة احتضان الأمة العربية وأحرار العالم لها، حيث لم يجمع العرب على دعم قضية كقضية الثورة الجزائرية، فقد تسلل الاحتلال الأمريكي للعراق، وغزو الناتو لليبيا، من تواطؤ أنظمة عربية سهلت وشاركت وشجعت وحرضت ومررت القوات الغازية… بل أن احتلال العراق، وبعده غزو ليبيا، أطلقا موجة من الحروب على دول، والاحتراب داخلها، مقرونة بأبشع أشكال التحريض الطائفي والمذهبي والعرقي أسماها بوش الصغير بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

ولقد أساء البعض فهم موقفنا من خلال المؤتمرات والمنتديات والحملات والهيئات الرافضة لتلك الحرب، وآثارها، وتداعياتها، وحاول تدفيعنا ثمن ذلك الموقف، كما فعل ويفعل اليوم مع مواقفنا مما يجري لأمتنا وفيها…

لكن الكثير في المنطقة بات يدرك اليوم كم مثل ذلك الاحتلال وافرازاته من مخاطر كبرى على العراق ووحدته وأمنه واستقراره وموارده ودوره الهام في الأمة والإقليم والعالم، وإن إخراج سوريا واليمن وليبيا من الحروب المفروضة عليها إنما يتطلب إغلاق الجرح العراقي عبر طرد كامل للاحتلال الأمريكي وتصفية آثاره وتداعياته، وطرد قوى الغلو والتطرف والتوحش من ربوعه، وتحقيق مصالحة حقيقية بين مكوناته السياسية والاجتماعية لا إقصاء فيها أو حظر أو اجتثاث أو إبعاد، وصون وحدة العراق واستقلاله وسيادته الوطنية وتعزيز دوره العربي والإسلامي، وبناء أفضل العلاقات مع دول الجوار بعيدا عن أي تدخل خارجي في الشوؤن الداخلية…

وكما حاول المستعمرون الانتقام من الجزائر وثورتها عبر إشعال أكثر من حرب داخلها منذ الاستقلال حتى اليوم، وتمكن شعب الجزائر من الانتصار عليها، فإنهم يحاولون منذ عام 2003 الانتقام من العراق، ومن وقف معه ضد الاحتلال الأمريكي كسوريا ولبنان وفلسطين واليمن وليبيا، عبر ما نراه من احتراب وحروب، وستنتصر هذه الدول والشعوب على كل ما يحاك لها بإذن الله…