يعاني ركوداً حاداً منذ ثورة 2010 التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي

لندن: جمال الجزائري

يعيش الاقتصاد التونسي حالة ركود حاد منذ ثورة 2010 الشعبية، التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وقد زادت الأوضاع تعقيداً مع الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد العام الماضي، والتي استهدفت سياحا أجانب، وأدت إلى تراجع تدفق السياح إليها وتضرر قطاع السياحة المؤثر في اقتصاد البلاد مما أدى إلى تفاقم اختلال التوازنات المالية للحكومة وتزايد المطالب والاحتجاجات الاجتماعية، التي بلغت مستوى خطيرا في الفترة الأخيرة، حيث شملت العديد من المناطق الداخلية في تونس، التي عرفت موجة احتجاجات شعبية رافضة للتهميش ومطالبة بالتنمية وتوفير فرص عمل. وقد انطلقت من تطاوين جنوب شرق، وتطالب بالتنمية والتوظيف، لتنتشر عدوى الغضب الشعبي من ظروف العيش الصعبة إلى عدد من المحافظات التونسية الأخرى، بينها الكاف شمال غرب، والقصرين غرب والقيروان وسيدي بوزيد وسط.

وأخذت تطورات الاحتجاجات بعداً خطيرا، عندما قال الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية إياد الدهماني، إن وحدة البلاد »خط أحمر« لن تسمح حكومته لأحد بالمساس به، وأنها سنتعامل بصرامة شديدة أمام كل من يمس وحدة تونس« وذلك في رده على سؤال، خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر الحكومة بالعاصمة تونس، حول رفع محتجين يطالبون بالتشغيل والتنمية، في ولاية تطاوين، »شعارات تدعو للانفصال«، خلال زيارة رئيس الوزراء يوسف الشاهد للولاية.

لكن ضو الغول، منسق الاعتصام في منطقة »الكامور« في تطاوين أكد في تصريحات صحافية أنه »ليس لنا أي مطالب انفصالية ولم نرفع أي شعار انفصالي، ومطالبنا وطنية واضحة بالتشغيل والتنمية«.

واعتبر أن اتهام المحتجين برفع شعارات انفصالية »مغالطات وحملات تشويه يعتمدها البعض منذ عقود وهي غير ناجحة«.

ويطالب المحتجون الحكومة التونسية بالتوظيف داخل حقول النفط، ورصد 20 من عائدات الطاقة لصالح تطاوين، إضافة إلى تشغيل فرد من كل عائلة، وبعث فروع للشركات الأجنبية داخل الولاية المحافظة.

وكان اتحاد الشغل التونسي دعا إلى إطلاق مبادرة إنقاذ وطنية لمنع انزلاق البلاد إلى الفوضى.

وأصدر الاتحاد الذي يمثل أكبر قوة نقابية في البلاد ويضم في صفوفه نحو 800 ألف منتسب بيانا في الشهر الماضي حذر فيه من تصاعد الأزمة وحالة التوتر الاجتماعي.

وسجل الاتحاد »احتداد التجاذبات السياسية التي تشكل مؤشرات عن أزمة سياسية عمقت تدهور الوضع الاقتصادي وزادت من ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي«.

وقال إن التحركات الاحتجاجية في عدد من الجهات »لم يتم التعامل معها إيجابيا وظلت السياسات حبيسة الوعود والحلول المسكنة«.

وكانت الاحتجاجات تسببت الشهر الماضي في توقف الانتاج أو إغلاق حقول لشركتين أجنبيتين للطاقة فيما يمثل تحديا جديدا للحكومة التونسية.

وتونس منتج صغير للنفط والغاز بالمقارنة بجارتيها ليبيا والجزائر العضوين بمنظمة »أوبك« لكن احتجاجات تستهدف انتاج الطاقة تفجرت في وقت حساس بينما تحاول الحكومة التونسية تنفيذ إصلاحات في إطار برنامج للتقشف.

عائدات إنتاج المحروقات تراجعت 36  خلال 5 سنوات

وأعلنت وزيرة الطاقة والمناجم التونسية هالة شيخ روحه الشهر الماضي أن عائدات إنتاج المحروقات تراجعت خلال 5 سنوات بنسبة 35.8، وبقيمة 4.3 مليار دينار1.76 مليار دولار.

وقالت الوزيرة، خلال مؤتمر صحفي بمقر رئاسة الحكومة بالعاصمة التونسية  إن »عائدات إنتاج النفط والغاز الطبيعي والغاز المسال في تونس انخفضت إلى 2.4 مليار دينار )1 مليار دولار( عام 2016؛ مقابل 6.7 مليار دينار )2.8 مليار دولار( في 2012«.

وأوضحت أن »معدل الإنتاج اليومي من المحروقات بلغ فى أبريل/نيسان الماضي 44.3 ألف برميل نفط يوميًا، و791 متر مكعب من الغاز المسال، و5.8 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا«.

وأضافت الوزيرة: »تقلص معدل عدد الرخص السارية المفعول في قطاع المحروقات من 50 رخصة قبل عام 2012 إلى 26 رخصة عام 2016، وهو ما ترتب عنه تقلص عدد الآبار الاستكشافية والاكتشافات«.

ولفتت إلى أنه في »عام 2016، تراجع إنتاج النفط في تونس إلى 16.7 مليون برميل )ما يعادل 66 ألف برميل يوميًا(؛ مقارنة بإنتاج 24.4 مليون برميل نفط عام 2012 )ما يعادل 67 ألف برميل يوميًا(«.

وتابعت: »حصة الدولة المتأتية من نشاط الشركات البترولية )بما في ذلك المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية(، تتراوح بين 75 و80 من مجموع العائدات«.

وأشارت الوزيرة، إلى أن معدلات بيع البترول تراجعت عام 2016 إلى 44 دولارًا؛ مقارنة بـ111 دولارًا في عام 2012.

وذكرت أنه »حتى أبريل/نيسان الماضي، سُجلت 25 رخصة بحث واستكشاف في مجال المحروقات؛ منها رخصة واحدة للاستكشاف و24 رخصة للبحث، و5 رخص متوقفة لوضعيات خاصة )لم تذكرها(…أما عدد امتيازات الاستغلال، فبلغت إلى حدود نفس الفترة 55 امتيازًا، تتوزع بين 35 امتيازًا في طور الانتاج، و9 في طور التطوير، والتقييم و11 في حالة توقف، بينما اكتشفت بئر نفطية جديدة بولاية المهدية )شرق( عام 2016«.

وبينت الوزيرة أن »أكثر من نصف إنتاج المحروقات في البلاد موجود في خليج قابس وصفاقس وجربة وجرجيس )جنوب(، و30 في تطاوين )جنوب(، و6 في قبلي )جنوب(، و6 في نابل )شمال شرق(«.

وتنتشر في تونس 39 شركة نفطية؛ تتوزع 6 منها في تطاوين، و4 في قبلي، و7 في صفاقس والمهدية، و10 في الحمامات )شرق(، وشركة واحدة في القصرين )غرب(، و11 في خليج قابس وصفاقس ومدنين )جنوب(.

وحذرت المسؤولة التونسية من أنه »خلال الفترة الأخيرة جرى تضخيم وتهويل ونشر أرقام غير صحيحة حول قطاع المحروقات في البلاد«.

ومنذ أكثر من شهر، تشهد محافظة تطاوين )جنوب(، احتجاجات تطالب بالتوظيف داخل حقول النفط ورصد 20 من عائدات الطاقة، لصالح تطاوين إضافة إلى تشغيل فرد من كل عائلة وبعث )افتتاح( فروع للشركات الأجنبية داخل الولاية، المحاذية للحدود الليبية ثلث مساحة تونس وتضم نحو 150 ألف نسمة )من أصل أكثر من 11 مليون نسمة(، وتشهد أكبر نسبة بطالة بنحو 32 بالمئة بحسب إحصائيات حكومية في 2016 مقابل 15 بالمئة على المستوى الوطني.

وتعاني تونس وضعا اقتصاديا صعبا، وتسعى حكومة الشاهد إلى تحقيق نمو بنسبة 2.5 خلال العام الجاري.

ووافق صندوق النقد الدولي، منتصف الشهر الماضي، على الإفراج عن قسط ثانٍ لتونس قيمته 350 مليون دولار من قرض بقيمة 2.8 مليار دولار، ويشترط الصندوق أن تجري الحكومة التونسية إصلاحات اقتصادية، منها خفض الإنفاق على الأجور وتوجيهه نحو الاستثمار.

وكانت الأوضاع الاقتصادية المتردية في تونس أحد أسباب الثورة الشعبية، التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي في 2011.

وبرغم أن تونس نجحت نسبيا، في محيط عربي مضطرب، في تحقيق انتقال ديمقراطي إلا أن الحكومات المتعاقبة عليها من 2011 واجهت اضطرابات اجتماعية في الأقاليم الواقعة في جنوب ووسط البلاد حيث يشعر الشبان العاطلون عن العمل بأن الفوائد الاقتصادية للثورة لم تصل إليهم.

وفي السابق استهدف محتجون تونسيون صناعة الفوسفات التي تديرها الدولة حيث تسببت انخفاضات في الانتاج منذ عام 2011 في خسائر بلغت حوالي ملياري دولار. وارتفع انتاج الفوسفات، وهو مصدر رئيسي لإيرادات البلاد من العملة الأجنبية، هذا العام بعد اتفاقات تم التوصل إليها مع المحتجين.

ومن شأن انتعاش انتاج الفوسفات أن يساعد النمو الاقتصادي في البلد الواقع في شمال أفريقيا الذي عانى أيضا من تراجع في الإيرادات من قطاع السياحة بعد هجمات كبيرة شنها إسلاميون متشددون في 2015.

وكانت أرقام لوزارة الطاقة التونسية أظهرت ارتفاع إنتاج الفوسفات في تونس 46 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2017 مع انحسار الاحتجاجات بمدن الحوض المنجمي في جنوب البلاد.

وكشفت البيانات بحسب وكالة »رويترز« أن الإنتاج بلغ في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي 1.33 مليون طن. وتتوقع الحكومة مضاعفة إنتاجها من الفوسفات إلى 6.5 مليون طن في 2017 بأكمله في ظل تراجع وتيرة الاحتجاجات وارتفاع الإنتاج الى اعلى مستوياته الشهرية منذ 2010.

وقد يعطي انتعاش إنتاج الفوسفات دعما للاقتصاد التونسي العليل الذي يعاني من تراجع عائدات قطاع السياحة بعد هجمات وهبوط صادرات الفوسفات نتيجة الإضرابات.

وفقدت تونس إيرادات بنحو ملياري دولار في السنوات الماضية بسبب تراجع صادراتها من الفوسفات نتيجة الاحتجاجات المتكررة في الجنوب.

انهيار قياسي للدينار التونسي

يعتبر الدينار التونسي من أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية في تونس، حيث شهدت العملة التونسية منذ ثورة 2010، تذبذباً كبيراً في سعرها أمام العملتين الرئيستين الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي.

وأرجع العديد من الخبراء والمسؤولين الحكوميين هذا التراجع في قيمة الدينار التونسي إلى العجز الكبير في الميزان التجاري، وتراجع القطاع السياحي والاستثمار الأجنبي المباشر، اللذان أدّيا إلى تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة.

وفي الربع الأول من العام الحالي، ارتفع العجز التجاري لمستويات قياسية إلى 3.878 مليار دينار )1.64 مليار دولار(، مقارنة بـ 1.466 مليار دينار )621 مليون دولار( في الشهر المقابل من عام 2016، وفق إحصائيات المعهد التونسي للإحصاء.

العجز التجاري، رافقه تراجع ملحوظ في قيمة الدينار التونسي، وهو ما أثار مخاوف من نية الحكومة التوجه إلى تعويم الدينار التونسي.

وتراجع سعر صرف الدينار التونسي إلى مستويات قياسية هي الأدنى منذ سنوات، إلى 2.51 دينار للدولار الواحد، مقارنة مع 1.34 ديناراً قبيل بدء الثورة قبل 6 أعوام.

كان المركزي التونسي أصدر الأسبوع الماضي، بياناً أكد فيه أن »السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف المعتمدة لا تستهدف تخفيضاً في قيمة العملة، أو سعر صرف محدد، أو تعويما للعملة الوطنية«.

جاء ذلك، رداً على تصريحات سابقة الشهر الماضي لوزيرة المالية المقالة لمياء الزريبي، قالت فيها إن »البنك المركزي سيقلّص تدخلاته لخفض الدينار تدريجياً، ولكنه لن يسمح بانزلاق كبير للعملة المحلية مثلما حدث في مصر عندما جرى تعويم الجنيه«.

وقد بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 1.26 ديناراً تونسياً، قبيل أيام من اندلاع الثورة التونسية، بينما بلغ اليورو الأوروبي 1.81 ديناراً خلال نفس الفترة.

ومطلع العام 2012، تراجع سعر العملة التونسية إلى 1.42 ديناراً/ دولار واحد، بينما بلغ 1.93 ديناراً مقابل اليورو الأوروبي.

وواصل الدينار التونسي تراجعه أمام الدولار الأمريكي مطلع 2013، إلى 1.53 ديناراً/ دولار واحد، بينما بلغ 2.05 ديناراً/ اليورو الأوروبي.

ومطلع 2014، سجل الدينار التونسي هبوطاً إضافياً أمام الدولار إلى 1.66 ديناراً، بينما بلغ 2.15 ديناراً مقابل العملة الأوروبية الموحدة.

وتحسنت العملة المحلية مع الإعلان عن الدستور التونسي في 2014، وارتفع سعر الدينار أمام سلة العملات الأجنبية بنسبة 7.3 أمام الدولار، إلى 1.54 ديناراً وهو أعلى سعر للدينار في ذلك العام.

ولم يمنح الإعلان عن تشكيل حكومة الحبيب الصيد في فبراير/ شباط 2015، الثقة للاقتصاد والعملة المحلية، وتراجع سعر صرف العملة المحلية إلى 1.89 ديناراً/ دولار واحد، و2.18 ديناراً مقابل اليورو.

وواصل الدينار انحداره، مع وقوع تفجيرات إرهابية استهدفت معالم سياحية وحافلة تقل رجال أمن خلال فترات مختلفة من العام 2015، تراجعت خلالها العملة المحلية.

وسجل سعر صرف العملة المحلية 2.2 دولاراً، مع استمرار التخوفات الأمنية، بينما حافظت على تماسكها أمام اليورو في حدود دينارين اثنين، بسبب تراجع العملة الأوروبية.

ومع ارتفاع التخوفات الاقتصادية وصدور تقارير تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة على أساس فصلي في 2016 وتباطؤ نمو الاستثمارات الجديدة، واصل الدينار تراجعه إلى مستويات جديدة مع بداية العام الجاري.

وسجل أدنى سعر للدينار التونسي مقابل الدولار في 2016عند 2.34 ديناراً/ دولار واحد، ونحو 2.44 دينارا/ يورو واحد.

ودفعت تصريحات إذاعية نسبت لوزيرة المالية المقالة لمياء الزريبي الشهر قبل الماضي، قالت فيها إن البنك المركزي سينفذ تنازلاً تدريجياً في تحكمه بأسعار الصرف )تعويم جزئي(، إلى هبوط أكبر في أسعار صرف الدينار مقابل الدولار واليورو.

وبعد نحو أسبوعين من تلك التصريحات، أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد في بيان الشهر الماضي عن إقالة الزريبي دون إبداء أسباب لذلك.

على صعيد متصل قال المدير العام للسياسة النقدية للبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إن البنك يحتفظ حاليا باحتياطي من العملة الصعبة في حدود 12.5 مليار دينار )ما يقارب 5 مليار دولار( ما يعادل 104 يوم توريد، لمجابهة الهبوط المستمر في سعر الدينار التونسي.

وأكد مدير عام السياسة النقدية بالمركزي التونسي محمد صالح سويلم، في تصريحات إعلامية أن »الأمور تحت السيطرة، وأن البنك سيقوم بدوره التعديلي للمحافظة على سعر صرف الدينار«.

وأشار سويلم إلى وجود اختلال بين العرض والطلب على العملة الأجنبية، ذلك أن الطلب عليها يفوق بكثير العرض.

واعتبر أن ذلك »طبيعي لأن هناك قطاعات هامة كانت تضخّ موارد من العملة الصعبة للسوق شهدت تعطلا كبيرا، على غرار قطاع الفوسفات الذي بقي معطلا لمدة كبيرة، وتعطل إنتاج الطاقة، والقطاع السياحي الذي مرّ بفترة صعبة«.

وبحسب سوليم فإن من »الإجراءات التي قام بها البنك المركزي في الفترة الأخيرة لمجابهة هبوط الدينار، ضخ العملة الأجنبية«، موضّحا أن »الطلب على العملة الأجنبية ارتفع بسبب ارتفاع الاستهلاك في مقابل تراجع الإنتاج«.

وفي 26 أبريل/نيسان الماضي اتخذ المركزي التونسي جملة من القرارات من بينها زتقوية التدخل في سوق الصرف لدعم الدينار عبر ضخّ حوالي 100 مليون دولار.

وقرر البنك المركزي التونسي، قبل أيام التدخل لتعديل توازن العملة المحلية )الدينار( من خلال رفع نسبة الفائدة الرئيسية، بـ 50 نقطة أساس إلى 4.75، ومثلها في النسبة الدنيا لتأجير الادخار إلى 4.

وقال محمد صالح سويلم »للمحافظة على قيمة الدينار يجب إعادة العمل والتقليص من الاحتجاجات الاجتماعية لجلب الاستثمارات ولإعادة القطاعات المنتجة التي تضخّ العملة الأجنبية«.

في المقابل حمّل وزير المالية التونسي الأسبق إلياس الفخفاخ مسؤولية تراجع الدينار، للبنك المركزي.

واعتبر أنّ »انزلاق الدينار وهو مؤشر خطير يعكس العديد من المخاطر مثل ارتفاع المديونية والتضخم وكلفة الاستثمار، ولابد من ترشيد العجز التجاري عبر الحد من التوريد ودفع التصدير«.

وتعاني تونس منذ 2011 تباطؤاً في نمو اقتصاد البلاد، ونفذت الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي سياسات مالية منها خفض أسعار الفائدة لتحفيز السوق المحلية.

وتباطأ نمو الاقتصاد التونسي في العام الماضي 2016، إلى 1 مقارنة مع 1.1 في 2015، وفق أرقام رسمية نشرها المعهد الوطني للإحصاء )حكومي( في وقت سابق.

وحسب إحصائيات للمعهد نفسه، فإن العجز التجاري ارتفع إلى 3.878 مليار دينار )1.64 مليار دولار( في نهاية مارس/ آذار 2017 مقارنة بـ 1.466 مليار دينار )621 مليون دولار( في مارس 2016.

جدل حول قانون »المصالحة الاقتصادية«

ومع الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها تونس يرى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي وحزبه » نداء تونس«، الذي يقود الحكومة الائتلافية، أن هناك حاجة لـ »مصالحة اقتصادية« يتم بموجبها العفو عن نحو 400 رجل أعمال محسوبين على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، تورطوا في قضايا فساد.لكن هذا المسعى يلقى معارضة شعبية وحزبية.

ومشروع »قانون المصالحة الاقتصادية« هو مبادرة عرضها السبسي لأول مرة في 2015 لعقد مصالحة مع المئات من رجال الأعمال وآلاف الموظفين في الإدارة ومسؤولين سابقين من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، لكن المبادرة لاقت معارضة واسعة من المجتمع المدني وأحزاب من المعارضة آنذاك.

وأعاد السبسي طرحها مرة أخرى / الشهر الماضي، على البرلمان بعد ادخال تعديلات على مشروع القانون.

ويقول حزب حركة نداء تونس، الذي يقود الائتلاف الحكومي ويدعم مشروع القانون، إن الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد تقتضي المصالحة، وأن القانون سيعزز فرص إنعاش الاقتصاد المتعثر. ويثير القانون نقاشا كونه يأتي أيضا بموازاة عمل هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة قانونيا بالتقصي في انتهاكات الماضي ضد حقوق الإنسان بجانب الانتهاكات المالية والتمهيد للمصالحة.

وهددت أحزاب من المعارضة ومنظمات من المجتمع المدني بتصعيد رفضها للمسعى والاحتجاج في الشوارع في حال عدم سحب القانون.

وتظاهر الشهر الماضي العشرات من التونسيين في محافظة قفصة جنوبي البلاد، احتجاجا على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، الذي يعفو في حال إقراره، عن نحو 400 رجل أعمال محسوبين على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الذي أطاحت به ثورة 2011 تورطوا في قضايا فساد.

وينص مشروع القانون، على العفو عن الموظفين العموميين وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية.