تبرّع له بكليته فأنقذه وأنقذ ضمائرنا

بيروت – رنا خير الدين

اعتدنا سماع أخبار الدمار والخراب، اعتدنا قصص الحقد والكره، انسلخنا عن روحية المجموعة وتعشعشت مذهبية الأنا التي توسوس على الكراهية والمصلحة الفردية، لكن الطبيب شوقي يونس ترجم العطاء في قالب روحي أخوي عفيف من المصالح، فوهب كليته دون تردد، دون تراجع بل بالإصرار والاندفاع. اذ قام الدكتور شوقي يونس باتخاذ قرار منح إحدى كليتيه إلى الشاب محمد سليم ابن السادسة عشر من عمره غير آبهٍ بالعواقب الصحية وغيرها، فمحمد الذي أنهكته المداومة على غسل الكلى قد انقطع أمله، خصوصاً بعد موت عدد من أقرانه لأسبابٍ مماثلةٍ، إلا وأن يونس أزاح شبح الموت عنه وأعاد له أمل الحياة مع باقة من المحبة.

البعض نسي معنى العطاء دون مقابل، والبعض الآخر لا تمر عبارات المحبة والتسامح والوهب من قربه، لماذا؟ أونسأل لماذا هذا الانشراخ بين الناس، أين هي تقاليد أجدادنا التي تقوم على محبة الآخر والكرم والعطاء؟ فوسائل الإعلام تلعب دوراً كبيراً في هذا الصدد، فهي تعطي حيزاً كبيراً للدمار، وتكبّر عدسة الكاميرات على حوادث القتل والاغتصاب والتعنيف، وتوسّع الجدال حول كل ما ينتهك الأعراف ويمس بها، غير مدركة -بعضها- أن توجّه سلوكيات شبيبة المجتمع نحو الانحراف والتأرجح، أما جيل العقود الأكبر فقد ملّ من هذه الأخبار منذ الحرب الأهلية. لكن، يونس لم ينقذ حياة محمد فقط بل أنقذ ضمائرنا وأثبت أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة فعلاً، ويشدد يونس على أهمية التخلص من الأنا القائمة على الذاتية والتركيز على صالح المجموعة، فهكذا ننعم بمجتمع سالم محب. والرسالة اليوم للجميع، في تشجيع فكرة وهب الأعضاء وعدم التأخر في تلبية أي محتاج، والحفاظ على روح العطاء.

بدوره، غرّد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني عبر حسابه على »تويتر«، قائلاً: »أفتخر بوجود الطبيب المراقب الدكتور شوقي يونس ضمن فريق وزارة الصحة يمارس الطب كرسالة بالفعل وليس بالقول فهو تبرع بكليته لطفل مريض«. وأضاف: »التبرع بالأعضاء تبرع بالحياة، أقدموا عليه بفرح الإعطاء وزرعوا الامل في نفوس المرضى«.