غناؤه يثير رهبة ودهشة في نفوس المتفرّجين

دعا نبيل نعمان وعقيلته سوزان الى حفلة استقبال، تقام في قاعة فندق »فينيسيا« في بيروت وذلك للاحتفال بزواج نجلهما نديم وغيليان دات.

ومع ان هذه المناسبة لا تعتبر حدثا استثنائيا إلا اذا علمنا ان العريس سيتغيب عن اداء دوره في المسرح اللندني لبضعة أيام، وهو امر غير مألوف في حياة الشاب نديم نعمان الذي قرر دخول عالم المسرح الغنائي منذ التحاقه بالكلية الثانوية في لندن.

وكان من الطبيعي أن يلتقي خلال مرحلة التدريب عدداً كبيراً من رفاق الدراسة ممن تراجعوا في منتصف الطريق بسبب الجهد المتواصل الذي تتطلبه هذه الهواية الشاقة. وهو يعترف بالتشجيع الذي لقيه من والديه نبيل وسوزان، ومن شقيقه كريم وشقيقته نتالي، إضافة إلى الأنسباء والأصدقاء الذين كانوا يرافقونه إلى المسرح، ويسهرون معه حتى نهاية العرض.

ولقد أطل على الجمهور اللندني مرات عدة، قبل أن يتعرف النقّاد إلى الإبداع الذي أظهره في مسرحية »صوت الموسيقى«. وقد أجمع هؤلاء على القول إن أوتاره الصوتية استثنائية، وإن غناءه يثير رهبة ودهشة في نفوس المتفرجين.

ومع أنه أمضى على مسارح لندن وقتاً طويلاً، إلا أنه كان يضطر للسفر إلى الخارج وفق العقود التي يوقعها. وقد انتهى به المطاف السنة الماضية في كندا، حيث أدى بطولة »موري ياستون« في مسرحية »تيتانيك«. وهي مسرحية تراجيدية مستقاة من حادثة غرق أهم باخرة بريطانية سنة 1912.

المسرحية الغنائية التي اضطر نديم للتغيّب عن القيام بدور البطولة فيها هي مسرحية »شبح الاوبرا«. وهي حاليا تُعرض في »مسرح صاحبة الجلالة« في لندن.

وللوصول إلى تأدية هذا الدور الاستثنائي، يحتاج هذا العمل الفني إلى صوت رخيم وأداء مذهل يمسك بأنفاس المتفرجين، ويحول هذه التراجيديا إلى قاعة من الصمت والدموع.

وبحسب انطباعات النقاد، فان نديم نعمان، الشاب اللبناني الذي يحمل الجنسية البريطانية، بلغ الذروة في تقمصه لشخصية »شبح الاوبرا«. والسبب انه أخلص الى عمله ومنحه كل موهبة تجذب المتفرج وتشده الى الصالة.

وللذين يجهلون تاريخ هذه المسرحية الغنائية التي تحولت إلى فيلم سينمائي أيضاً، نقول إنها من الأعمال الفنية النادرة. وقد ظهرت للمرة الأولى كمسلسل مشوّق للكاتب الفرنسي غاستون لارو، نشرها في مجلة فرنسية عام 1909. ومن ثم كتب السيناريو ريتشارد ستيلغو الذي أعانه البارون أندرو لويد ويبر، مؤلف الموسيقى البريطاني.

وحكاية »شبح الأوبرا« هي حكاية موسيقار عبقري يسكن في مكان مجهول وراء الستارة، محاولاً إخفاء وجهه المشوّه بقناع سميك. وتشاء الصدف أن يقع في غرام الممثلة الأولى، الراقصة الرائعة صاحبة الحنجرة الذهبية، ولكنه يبقى طوال الوقت مبتعداً عنها في الكواليس.

وفي جزء من السيناريو تقول: »كنت أحلم بملاك يختبئ في مكان ما داخل هذا المسرح. ومع أنني لا أراه، ولكنني أشعر به وأحس بأنفاسه المتدفقة«.

المهم أن هذا المشهد الأخير يرتفع تدريجاً مع الموسيقى الصاخبة ليبلغ الذروة في الغناء العاطفي، عندما يخطف الشبح حبيبته كريستين ويضعها في قارب صغير ويهرب بها إلى عالمه المجهول.

قبل عشر سنوات، أعلنت إدارة »مسرح صاحبة الجلالة« في لندن أن عدد مشاهدي العمل تعدى المئة مليون على مدى السنوات، علماً أن الصالة لا تتسع لأكثر من 500 شخص، ولكنها تقدم عرضين يومياً. واللافت أن الأميركيين يمثلون غالبية الحضور، وأن تدفقهم باتجاه هذا المسرح وسواه لا ينقطع، خصوصاً في موسم الصيف. وهذه الظاهرة لا تُعتبر أمراً مستغرباً في بلد كتب له وليام شكسبير أهم المسرحيات، وأكثرها شهرة. أليس هو القائل: العالم هو مسرح ونحن ممثلون؟