حاضر المستقبل: السياسة الخارجية الأمريكية حيال العراق 2011-2003

إ.د. مازن اسماعيل الرمضاني

يكاد الرأي يتفق على أن غزو وإحتلال العراق في عام 2003 يشكل سابقة دولية خطيرة. فأضافة إلى أنه تم خارج اطر الشرعية الدولية كان ايضا عملا عدوانيا بامتياز. إذ ينطبق عليه نص المادة الاولى من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والصادر في 24\12\1974 والخاص بتعريف العدوان. فهذه المادة تنص على إن العدوان »…هو استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة اخرى أو سلامتها الاقليمية أو إستقلالها السياسي…«

 وكذلك يعبر هذا الاحتلال عن نقطة تحول جوهرية على صعيد العلاقة الأمريكية- العراقية. فهو لم يؤد إلى أن يتحول العراق من دولة كانت بعد عام 1968 فاعلة داخليا وخارجيا في العموم، إلى اخرى أضحت منذ عام 2003 فاشلة وفاسدة وخارج عملية صنع التاريخ العراقي والعربي، فضلا عن إنه أدى ايضا إلى أن يتحول العراق من دولة كانت مناهضة لأهداف السياسة الخارجية الأمريكية في الوطن العربي الى اخرى منساقة، في العموم، وراء هذه الأهداف.

ولعل ابرز المدخلات التي ادت إلى تقنين هذا الانسياق هو التأثير المباشر لقوات الاحتلال في عملية صنع واتخاذ القرار العراقي. ولا يلغي هذا التاثير انتقال السلطة والسيادة من هذه القوات إلى العراقيين في تموز 2004.فاستمرار الوجود العسكري الأمريكي المباشرفي العراق جعل من هذا الانتقال انتقالا شكليا ولا غير. هذا فضلا عن ثأثيرارتباط العراق باتفاقية استراتيجية-أمنية مع الولايات المتحدة تسمى اصطلاحا باتفاقية الإطار الإستراتيجي في 2008.8.4. وتفيد مضامين هذه الاتفاقية انها تتماهى مثلا والأتفاقات الأمريكية مع المانيا واليابان وكوريا الجنوبية بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية. فهذه الأتفاقات افضت بهذه الدول ولفترة ليست قصيرة إلى الإنسياق شبه المطلق وراء أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.

وعلى العكس من الاتجاه الذي تفيد به التفاعلات العراقية-الامريكية قبل عام 2003 والتي تميز بغلبة خاصية الصراع الممتد على خاصية التعاون ، افضت هذه التفاعلات بعد هذا العام إلى إقترانها بإتجاه آخر ومعاكس يفيد بغلبة خاصية التعاون على خاصية الصراع.

إن اقتران العلاقة الامريكية-العراقية بخاصية التعاون أدى إلى أن تتجاوز هذه العلاقة بعدها الثنائي لترتبط بجوهر المقاربة الأمريكية للخليج العربي والشرق الاوسط في تأسيس بيئة جيوإستراتيجية تؤمن للولايات المتحدة مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية اقليميا وعالميا. ومرد ذلك أن إحتلال العراق قد افضى إلى إنتقال التاثير الأمريكي في صناعة حاضر العراق إلى مستوى يتماهى وإدراك الولايات المتحدة لأهمية موقعه الجيوإستراتيجي وإمكاناته الاقتصادية بالنسبة لمصالحها في الشرق الاوسط والعالم. ومن هنا تنبع أهمية العراق بالنسبة للولايات المتحدة.

وتفيد تجربة التعامل الأمريكي مع العراق بعد عام 2003 ، وحتى الإنسحاب العسكري منه في نهاية عام 2011، إنها تأسست على ركائزأساسية: سياسية واقتصادية وعسكرية، وكالآتي بايجاز:

فأما عن الركيزة السياسية، فمفادها كان إعادة بناء نظام سياسي في العراق يتماهى والصورة الأمريكية التي إريد لها أن تكون. فعلى وفق منطوق نظرية الدومينو، اريد للعراق أن يكون سبيلا لإحداث تغيير لاحق وشامل في واقع عموم الشرق الاوسط. وقد عبر الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عن ذلك بقوله: » إن تأسيس عراق حر في قلب الشرق الاوسط سيكون علامة فاصلة في الثورة الديمقراطية العالمية ».

وإما عن الركيزة الاقتصادية فمؤداها إدراك الولايات المتحدة أن إحتلالها للعراق سيعود عليها بأرباح إستراتيجية. وهذه لا تكمن فقط في السيطرة ضمنا على النفط العراقي وتوظيفه سياسيا دوليا لاغراض الترغيب و/او الترهيب اتساقا مع مضامين الأمن القومي الأمريكي في القرن الحادي والعشرين. لذا لم تكن عملية غزو وإحتلال العراق بمعزل عن النفط العراقي، بل أن ثمة من يقول أن هذه العملية كانت اصلا بسبب النفط، هذا فضلا عن ان هذه العملية قد ساعدت على إسترجاع الشركات النفطية الأمريكية الكبرى لمكانتها السابقة في العراق قبل تأميمه لنفطه عام 1972، وهو الأمر الذي أمن للولايات المتحدة الهدف الاقتصادي للاحتلال من جانبه النفطي.

بيد أن التحكم في النفط العراقي لم يكن الهدف الاقتصادي الوحيد. فبجانبه اريد تحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد تابع عبر دمجه بالاقتصاد الأمريكي وفتح اسواقه امام الشركات الأمريكية سبيلا لتنشيط إقتصادها، سيما وأن الكلفة المادية لإحتلالها للعراق قد دعمت معاناة هذا الاقتصاد بعنصر مهم مضاف. لذا لا يستطيع المرء الحديث عن جهد امركي لتنمية العراق. فهذا لم يكن هدفا امريكيا أصلا ولم يكن كذلك أيضا بالنسبة للحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2005. فعلى الرغم من أن ارتفاع الدخل القومي من النفط كان غير مسبوق في تاريخ العراق منذ تشكله في عام 1921 ، إلا أن هذا الثراء لم يحل دون استمرار التردي في الواقع الاقتصادي والصناعي والزراعي والخدماتي وغير ذلك خلال ما بعد عام 2003.

وإما عن الركيزة العسكرية، فالعراق اريد به، جراء نوعية موقعه الجيوبوليتيكي والجيوإستراتيجي، أن يكون بمثابة المركز الأساس للوجود العسكري الأمريكي في عموم منطقة المربع الأستراتيجي، الذي يشمل الخليج العربي، وشمال غرب أسيا وأسيا الوسطى، فضلا عن الشرق الأوسط، سيما وإن العراق يقع في موقع القلب في هذا المربع. لذا لم تكن أهمية موقع العراق غائبة عن إدراك صناع القرار الأمريكي سواء قبل نهاية الحرب الباردة أو اثناء عملية اتخاذ القرار بالغزو والاحتلال. فهذا الاحتلال اريد به أيضا توظيف أهمية العراق بما يتماهى والاهداف العسكرية والأمنية الأمريكية في عموم الشرق الاوسط.

ومن هنا كان الاهتمام العسكري الأمريكي منصبا على ثمة امور أساسية ذات علاقة بهذه الاهداف. ومنها الآتي على سبيل المثال : الحرص على اقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق، وان يتبنى الجيش العراقي عقيدة عسكرية تتماثل والعقيدة العسكرية الأمريكية، وأن يكون دوره مساندا وداعما للقوات الأمريكية في العراق او بالنيابة عنها، هذا فضلا عن تكريس إعتماد العراق عسكريا وتسليحيا على الولايات المتحدة.

وتفيد محصلة هذه الركائزالأساسية، للتعامل الأمريكي مع العراق حتى الإنسحاب في نهاية عام 2011 ، أن المشروع الأمريكي في جعل العراق إنموذجا ديمقراطيا يحتذى به في عموم الشرق الاوسط كان عاجزأ عن تحقيق إهدافه. بيد أن هذا الفشل تقابل مع نجاح في تأسيس ركائز تبعية عراقية اقتصادية وعسكرية ممتدة على الولايات المتحدة ومن ثم بالضرورة كان له تأثير سياسي لايمكن موضوعيا نكرانه.

ولا يلغي هذا التاثيرمخرجات العلاقة الوطيدة بين صناع القرار العراقي بعد 2003 مع إيران. فالحرص الأمريكي خلال عهد الرئيس بوش وكذلك الرئيس أوباما على علاقة إيجابية مع إيران افضى بالنتيجة إلى توافق أمريكي-إيراني بشأن كيفية التعامل مع العراق وعلى نحو يؤمن ضمان المصالح الأمريكية- الإيرانية المشتركة في العراق. ومن هنا كان التغاضي الأمريكي عن الإنغماس الإيراني في العراق.

وقد قيل قبل غزو وإحتلال العراق : إن الإدارة الأمريكية قد عمدت إلى بلورة رؤية متكاملة لكيفية إدارته، وإنها قد أناطت ذلك بوزارتي الدفاع والخارجية. ومع ذلك تفيد مخرجات التطبيقات العملية للسياسات الأمريكية في العراق بعد إحتلاله إنها كانت تفتقد عمليا لمثل هذه الرؤية المسبقة.ويؤكد ذلك أيضا صناع للقرار الأمريكي. فمثلا، قالت كوانداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية أنذاك : » إن الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت إلاف الاخطاء التكتيكية في العراق.« والى الشيء ذاته يذهب بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي في العراق، قائلا: »إن إدارة الولايات المتحدة الأمريكية للشأن العراقي كانت في حالة فوضى وإن اخطاء كثيرة قد ارتكبت«.

إن هذه الاخطاء افضت إلى مخرجات لم تؤد بالمحصلة إلى هدم ركائز دولة، ذات تاريخ حضاري عميق الجذور وذات عمرحديث امده 82 عاما )1921-2003(، وإلى تأسيس نظام سياسي يستند عمليا على أسس غير ديموقراطية وحضارية تقف بالضد من مستلزمات بناء وإدارة دولة عصرية في القرن الحادي والعشرين فحسب وانما أيضا إلى لجوء الولايات المتحدة، وخصوصا بعد تفاقم المقاومة العراقية لقواتها إلى تبني تلك الإستراتيجية التي اعتادت قوى الاحتلال عبر الزمان على إستخدامها أي إستراتيجية فرق تسد.

ومن اجل ذلك عمدت الولايات المتحدة مثلا إلى توظيف آليات المحاصصة المذهبية والاثنية والأخذ بسياسة الاجتثاث، فضلا عن زرع وتكريس إختلالات هيكلية في النسيج الاجتماعي العراقي، وبضمنها مثلا اثارة الفتن والصراعات الطائفية ذ العرقية، ناهيك عن زرع وتكريس ثقافة الفساد والإفساد والتخلف.

وقد تفاعلت هذه الإليات مع مخرجات حل المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية وعدم القدرة على إستبدالها بمؤسسات مهنية ومؤهلة لضمان الأمن الداخلي والخارجي للعراق، وعلى نحوٍ لم يؤد داخليا إلى بناء بيئة داعمة للتردي الأمني وإستمراره، تجسدت في تكاثر المليشيات الطائفية وإنتشار عصابات الجريمة المنظمة وغير المنظمة فحسب، وإنما ادت أيضا، خارجيا، إلى أن يضحى العراق مخترقا اقليميا ودوليا، وعاجزا عن ضمان أمنه الخارجي بقدرة ذاتية. إن نجاح تجربة إحتلال العراق عبراستخدام القوة المسلحة، شجع قوات الاحتلال على تبني هذه الاداة أيضا لغرض التعامل مع المقاومة العراقية خصوصا. وقد تجسد هذ التعامل في توظيف اعلى مستويات العنف لزرع الخوف والرعب في العقول والقلوب تمهيدا لتأمين السيطرة والاخضاع. ومن هنا نبعت إستراتيجية الصدمة والترويع، والتي كانت فضائح سجن ابو غريب مثالا واضحا علي نوعية مخرجاتها غير الإنسانية في الأقل، هذا فضلا عن توظيف سياسة الفوضى الخلاقة، والتي عمدت كونداليزا رايس إلى توضيح اهدافها بالقول: »إن الوضع الحالي )في منطقة الشرق الاوسط( ليس مستقرا وأن الفوضى التي تفرزهاعملية التحول الديمقراطي في البداية هي فوضى خلاقة ربما تنتج في النهاية وضعا افضل مما تعيشه المنطقة حاليا«.

ويبدو أن صناع هذه الاستراتيجية تناسوا أن العنف لابد أن يفضي إلى عنف مضاد يتناسب والاول من حيث الشدة والانتشار ويختلف واياه من حيث الهدف. وقد توزع العنف والعنف المضاد في العراق منذ عام 2003 إلى عنف سياسي وآخر غير سياسي. وبينما كان العنف السياسي هو جوهر الإشكالية الإمنية في العراق خلال زمان الإحتلال العسكري المباشرللعراق، اضحى العنف غير السياسي، الذي تجسده جرائم المليشيات وعصابات الجريمة المنظمة وغير المنظمة، في العموم هو جوهرهذه الإشكالية بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق عام 2011.

وحول علاقة الولايات المتحدة بالإشكالية الامنية في العراق بعد عام 2003 تباينت الرؤى. فبينما افاد رأي أن قوات الاحتلال كانت وراء عدم الإستقرار الأمني انطلاقا من رؤية ادركت أن مخرجات عدم الإستقرار هي التي تبررالبقاء العسكري الأمريكي في العراق لزمان طويل، اكد رأي آخر أن القوات الأمريكية كانت بمثابة الصمام لحفظ الامن في العراق. وبينهما قالت المجموعة الدولية للازمات: »إن الولايات المتحدة هي التي كانت تمد العنف )في العراق( بالوقود وتحتويه في الوقت ذاته«. ونحن نتفق مع رأي هذه المجموعة.

إن عدم قدرة قوات الاحتلال على ضمان الامن في العراق، افضى في وقته بالإدارة الأمريكية إلى دراسة العديد من الخيارات. وقد كان من بينها مثلا خيارتعزيز الوجود العسكري المباشر سبيلا لتحقيق النصر الشامل في العراق، وكذلك خيار الإنسحاب العسكري من العراق، فضلا عن خيار ربط العراق بالمنظومة الامنية-الاقتصادية الأمريكية، ناهيك عن خيار تقسيم العراق. ففي 2007\9\27 تقدم جوزيف بايدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أنذاك، بفكرة قضت بتقسيم العراق، عرقيا ومذهبيا، إلى دويلات : في الشمال )كردية(، وفي الوسط )سنية(، وفي الجنوب )شيعية(.

بيد أن غياب الظروف الموضوعية والذاتية الداعمة للإستمرار في تعزيز الوجود العسكري الأمريكي المباشر، أو لتقسيم العراق رسميا والتي تجسدت في تعاظم الخسائر البشرية الامريكية )4500 قتيل، واكثر من 60000 جريح، و100 الف جندي مريض نفسيا( وتفاقم كلفتها المادية )نحو 800 مليار دولار( فضلا عن نمو مناهضة أمريكية داخلية ودولية للاحتلال العسكري الأمريكي للعراق، افضى الى التفكير بمشهد مركب قوامه ربط العراق بالمنظومة الامنية ـ الاقتصادية الأمريكية ربطا وثيقا من ناحية، وتأمين الإنسحاب العسكري من العراق وبصيغة لا تؤثر على السمعة والمكانة الدولية للولايات المتحدة. وقد كان الإنسحاب المسؤول، كما اسماه الرئيس الأمريكي اوباما هو المخرج الأمثل من ناحية أخرى.

ومن اجل ترجمة هذا المشهد المركب إلى واقع ملموس كان لابد من صياغة علاقة أمريكية ذعراقية تضفي على هذا المشهد الشرعية القانونية. وقد كانت الأداة هي الاتفاقية الموقعة بين الرئيس الأمريكي بوش، ورئيس الوزراء العراقي المالكي في عام 2008 والموسومة بـ »اعلان المبادىء لعلاقة التعاون والصداقة طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية« والمسماة إصطلاحا بإتفاقية الإطار الاستراتيجي. وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في بداية الشهر الأول من عام 2009. وبموجبها تم الإنسحاب العسكري الأمريكي من العراق عن طريق البر باتجاه الاراضي الكويتية في نهاية عام 2011.

وتجدرالإشارة إلى أن هذه الاتفاقية لم تعرض على الكونغرس الأمريكي للمصادقة عليها وهو الأمر الذي يكرر حالة سابقة تجسدت في اتفاقية الامن المتبادل بين العراق والولايات المتحدة في عام 1954 والتي لم يصر الى نشر مضمونها إلا بعد التغيير في العراق عام 1958. وكما أن اتفاقية عام 2008 لم تعرض على الكونغرس الأمريكي، كذلك لم تُعرض أيضا على مجلس النواب العراقي للمصادقة عليها. وهذا ربما يعود إلى إقترانها ببنود سرية لم يُرد للرأي العام العراقي الاطلاع عليها.

وكما أن المستقبل يختلف عن الماضي، كذلك يختلف المستقبل عن الحاضر. فمع أن الحاضر يعبر عن مرحلة إنتقالية متحركة تربط بين ما كان )الماضي( وبين ما سيكون )المستقبل(، إلا أنه، مع ذلك، على قدر عال من الاهمية، هذا لأنه الزمان الذي ستحدد مخرجاته معطيات الزمان الذي سيكون. لذا يُعد المستقبل بمثابة الحاضر المؤجل.

 وعليه، لابد أن تنطوي مخرجات السياسات الامريكية حيال العراق منذ يوم إحتلاله في 9\4\2003 الى يوم الانسحاب العسكري منه في 2011\12\18 على تداعيات مؤثرة في نوعية مشاهد السياسة الخارجية الأمريكية حيال العراق، ومن ثم بالضرورة في العلاقة الثنائية الأمريكية-العراقية. وستكون هذه المشاهد موضوع إهتمامنا اللاحق.

إستاذ العلوم السياسية ودراسات المستقبلات*