الوقوع في التواطؤ

الدور الذي يفترض أن يأخذه المثقف العربي إزاء القضايا الكبيرة، غائب، لأسباب أساسية، غياب القضية المركزية الأولى فلسطين، وهذا عائد الى تكنيس القضايا الكبيرة من قبل أجهزة تفوق قدراتنا، وتحريف القضايا عن معناها، وإيهامنا بأن المسائل الصغيرة هي جوهر المشكلة… المثقف الحقيقي نأى بنفسه عن الصراعات المذهبية التي فرضت وجودها بقوة، ومنهم من انزلق في متونها… فجاء دوره في الصمت حيناً وفي الصمود والمقاومة أحياناً أخرى، لكنه راح يحسب في سخافات السياسة، دون قبول فكرة أن المعركة تحمل أبعاداً أكثر مما قرر لها… وقد ساهمت وسائل الاعلام في فرز المناخات السياسية للحياة الثقافية، فصار الواقع أبعد من احتمال العقل النقدي الصريح، لواقعنا وهويتنا التي لم تزل موضوع خلاف حتى الآن، وأُعيد التفكير في كوننا عرباً أو مسلمين أو أعاجم أو مسيحيين.. فبدأت تبرز فكرة الأعراق على حساب القضايا القومية الكبرى، فكان لا بدّ من الوقوع في هذا التواطؤ.