كردستان – كتالونيا: عقاب العالم

النظامان السياسيان الإقليمي والدولي توحّدا لمنع العبث بحدود القرن العشرين

محمد قواص *

حكاية غريبة شهدها العالم في نفس الفترة في شرق المعمورة كما في غربها. الأكراد في العراق يطالبون بالاستقلال، والكتالونييون في إسبانيا يطالبون بالاستقلال. وكأن الكرة الأرضية قرية واحدة لها حاكم واحد. رفض طلب الاستقلاليين ليطوى ملف كردستان وكتالونيا وتؤجل طموحات الإقليميين إلى آجال تاريخية لاحقة.

لا يمكن لأي مراقب إلا أن يرى في إصرار رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني على تنظيم الاستفتاء الأخير في 25 أيلول/ سبتمبر لاستقلال الإقليم خطوة مدروسة تتكئ على معطيات ذاتية ودولية قد لا يدركها الجميع. هكذا فهم البعض قفزة برزاني واعتبروا انها ليست مجرد قفز في فراغ، بل إن شبكة أمان ستظهر فجأة لتلتقط المغامرة الكردية الجديدة التي لطالما أفشلتها محارق التاريخ والجغرافيا.

ومع ذلك ظهر أن رجل كردستان القوي أفاض في التحاذق على قواعد عالم اليوم، وبدا أيضا أن أقرب المقربين لبرزاني لم يكن مقتنعاً بأن استقلال الإقليم وتحوّله إلى دولة بات إلى هذه الدرجة ممكنا على الرغم من غياب صارخ لأي أعراض توحي بذلك.

كارليس بوتشديمون زعيم الانفصاليين في كتالونيا: رجل تكرهه مدريد
كارليس بوتشديمون زعيم الانفصاليين في كتالونيا: رجل تكرهه مدريد

بعد ذلك نظّم إقليم كتالونيا في إسبانيا في الأول من تشرين الأول/أكتوبر استفتاء للاستقلال عن مدريد. خيّل لرئيس الإقليم كارليس بوتشديمون أن الظروف باتت سانحة لتمرير ما لم يمرّ تاريخياً منذ تشكّل إسبانيا الحديثة. وقد يجوز أن البريكست البريطاني ورواج التيارات الأوروبية القومية والمخاض الذي يعاني منه الإتحاد الأورربي عوامل أوحت للانفصاليين الكتالونيبن بأن ساعتهم المنتظرة قد أينعت وحان قطافها.

ارتبك المراقبون في كاتالونيا كما في كردستان مما يرتكب في الإقليمين من خارج أي سياق منطقي واعد. غير أنه بعد ذلك أعاد نفس المراقبين التموضع وفق قواعد الممكن والمقبول وعدم الوقوع بسهولة فريسة أحلام ليست إلا أوهام. زيّن الاستفتاءان إمكانات تشكّل منظومات سياسية مستحدثة تنبت كالأورام على هامش علل خطيرة، إحداها يمثلها ظهور تنظيم داعش شرقاً، والأخرى تشي بتصدّع جدران البناء الغربي من خلال تشققات أكدها بريكست لندن وصعود دونالد ترامب إلى قمة الهرم في واشنطن.

كان يكفي لمدريد أن تتحلى بحكمة الهدوء بعد يوم استفتاء كاتالونيا العاصف العنيف فلا تكثر من الكلام وتتحصن بنصوص القانون والدستور وتترك للكتالونيين هامش الجدل حول مصير إقليمهم، حتى يطفو الانقسام داخل المجتمع الكتالوني بحيث أن الوحدويين أظهروا أنيابا تهدد بحرب أهلية داخلية. وفيما بدا أن عتاة الانفصال ممسكون بالموقف مسيطرون على اندفاعتهم نحو إعلان الاستقلال، استعادت مدريد زمام المبادرة ملوّحة بتفعيل المادة 155 من الدستور التي تسقط عن كاتالونيا حكمها الذاتي دفاعاً عن وحدة إسبانيا.

لم يحصل الأكراد على دولتهم في أي بقعة تواجدوا بها في المنطقة لأسباب عديدة. رفضت العواصم الكبرى تاريخيا تشريع قيام دول ودويلات على أساس العرق والدين والطائفة حين راح رسامو الخرائط يعيدون ترتيب التركة العثمانية. سقطت مشاريع قيام دولة درزية أو علوية في سوريا أو قيام أخرى مسيحية في لبنان. وحتى حين نجح الأكراد في مهاباد في إعلان دولة لهم في إيران عام 1946، سرعان ما قرر العالم غير ذلك فأجهض الدولة بعد أشهر وأعدم زعيمها.

لكن أمر منع قيام كيان كردي مستقل لم يكن فقط بسبب غياب السقف الدولي، بل في ما بعد بسبب معارضة شرسة من حكومات العراق وسوريا وتركيا وإيران. وإذا ما اختلفت هذه الدول في ما بينها على نحو لم يخل من صدام، فإنها، في كل مرة، تواطأت بشكل عجائبي على اغتيال »الحلم الكردي« وتصويب السلوك الكردي بما يتناسب مع رؤى الدول الأربع ومصالحها.

لا شيء تغير في هذا العالم يتيح تحديثا لدفتر الشروط الذي قد يبيح إضافة كاتالونيا وكردستان كدولتين مستقلتين إلى منظمة الأمم المتحدة. صمتت أوروبا بخبثٍ ظن الكتالونيين أنه رضى حتى أيقنوا أن في الصمت سحباً لأية شرعية أممية لحراك انفصالي يُسيل لعاب انفصاليي فرنسا والدانمارك ورومانيا وبريطانيا وإيطاليا… إلخ. وهذا هو العالم يصفق بصمت لتدابير عقابية تتخذها بغداد وأنقرة وطهران ضد إقليم كردستان مؤكدا نزوعا محافظا لا يحب انقلابا في النظام العالمي، خصوصا إذا ما أتى من خارج تفاهمات الدول الكبرى في العالم.

فشل استفتاء سكوتلندا قبل سنوات )2014( رغم أنه كان دستوريا ترعاه الحكومة المركزية في لندن. وفشل استفتاءا كردستان وكاتالونيا اللذين تم اجراؤهما من خارج الدستور متجاوزا لحكومتي بغداد ومدريد. وفيما عزز الاستفتاء الدستوري الأسكتلندي من مصداقية الحزب الوطني الحاكم بزعامة نيكولا ستيرجون، فإن المغامرة غير الدستورية سددت صفعة موجعة لفكرة الانفصال بصفتها »حلما قوميا« جامعا في كردستان وكتالونيا.

مسعود برزاني: الرجل الذي أخطأ في فهم العالم في كردستان
مسعود برزاني: الرجل الذي أخطأ في فهم العالم في كردستان

لن يكون مسعود برزاني وكارليس بوتشديمون زعيمين يدخلان التاريخ في ذاكرة شعبيهما. أظهر الاستفتاءان ركاكة فكرة الانفصال لدى الرأي العام كما وقعها السلبي المدمر على وحدة الشعبين. لم يعد الاستقلال طموحا وطنيا بل أداة سياسية يستخدمها حزب السلطة من أجل أغراض تتعلق بالسياسة المحلية وعلاقة هذا الحزب أو ذاك أو هذا الزعيم أو ذاك بشروط السلطة. على ذلك خرج الانقسام الكتالوني إلى الشارع، فيما أظهر »سقوط كركوك« المدوي البون الشاسع، والشاسع جدا، الذي يفصل أهل أربيل عن أهل السليمانية، وبدا أن للأكراد مع بلدان المنطقة مصالح متعددة متناقضة لا تلتقي ولا تنتج وحدة ضرورية لأي استقلال.

ليس من السهل هذه الأيام استشراف مستقبل العالم. تعيش العواصم الكبرى صحوة متأخرة لروسيا تعيد محاسبة العالم أجمع على »إثم« سقوط الإمبراطورية السوفياتية. بالمقابل تبدو الولايات المتحدة عاجزة عن قيادة هذا العالم الذي احتكرت بسهولة زعامته منذ اندثار السوفيات وغياب موسكو عن المشهد الأول في تسعينات القرن الماضي وتواري بكين خلف أجندات لا تحتاج إلى ضجيج. على هذا يتم إعادة انتاج مشهد الشرق الأوسط على نحو دراماتيكي ودموي لا يظهر فيه بجلاء الخيط الأسود من الخيط الأبيض. وعلى هذا أيضا تتحسس أوروبا سبلها وهي التي ترتجل كل يوم وضعا جديدا يبعد الرعاية الأميركية التقليدية عنها، على الأقل بالنسخة التي يفتخر دونالد ترامب بها، فيما تواجه بارتباك عودة »فلاديمير الأحمر« ليدق حدائق عروشها.

من داخل هذا المشهد تطل شراسة هذا العالم في رفض المغامرات الانفصالية التي تنبت أو قد تنبت في أي مكان في العالم. كانت تلك المحاولات تندرج في السابق ضمن سياق الحرب الباردة بصفتها أسلحة في النزال بين الجبارين، لكنها في هذا الزمن تفقد وظيفتها في صراع الأمم وتتقدم بصفتها نشازا زائدا على قواعد يجتمع عليها الخصوم الكبار رغم خصومتهم.

لكن أسئلة ستدور حول مسؤولية زعماء الانفصال في الحالتين. أليست وظيفة الزعيم أن يحسن قراءة ما لا يدركه العامة؟ ألم يمتلك الرجلان المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية التي تتيح أو تمنع الذهاب بعيدا في خياراتهما؟ ثم ألن يعتبر العالم أن الشخصيتين باتتا تشكلان خطرا على الاستقرار في مناطق نفوذهما وبالتالي على الفضاءات المحيطة والمرتبطة بكردستان شرقا وكتالونيا غربا؟

هددت مدريد كاتالونيا بالتخلي عن مكتسبها المستقل كإقليم داخل المملكة الإسبانية. وبين ليلة وضحاها علّقت بغداد سيادة أربيل على المعابر وأعادت الإمساك بكركوك ولمحت إلى تصدير نفط المحافظة مباشرة دون المرور بإقليم كردستان وربما قد تذهب احترازيا إلى إعادة النظر بالمكتسبات الاستقلالية التي أباحها دستور ما بعد غزو 2003. أطاحت أنقرة بتراكم من العلاقات مع كردستان وأعادت تقزيم الإقليم إلى منطقة عراقية يحكمها الحاكم في بغداد.

فشل الاستفتاءان. قد يدفع بوتشديمون ثمن ذلك في كاتالونيا. لا يبدو أن شيئا كبيرا قد يحدث في كردستان، فالأمر قد لا يعدو كونه يوم آخر يلي يوما آخر. دعا رئيس برلمان الإقليم برزاني للتنحي، تنحى الرجل، بيد أن لا مؤشرات كبرى توحي بتوقف البرزانية والطالبانية عن الإمساك بيوميات الأكراد ومستقبلهم.

روايتا كردستان وكتالونيا تستحق تأملا حول أحوال هذا العالم وحدة نزقه من طموحات قومية تتسلل من شقوق الوهن والأزمات. ما زال النظام العالمي يقاوم معانديهن بيد أن ظروفا أخرى قد ترفع من مستويات العناد وتضعف من درجات المناعة عند الدول.

 أوروبا وقفت صفا واحدا ضد انفصال كتالونيا
أوروبا وقفت صفا واحدا ضد انفصال كتالونيا

لم يحصل الأكراد على دولتهم في أي بقعة تواجدوا بها في المنطقة لأسباب عديدة. رفضت العواصم الكبرى تاريخيا تشريع قيام دول ودويلات على أساس العرق والدين والطائفة حين راح رسامو الخرائط يعيدون ترتيب التركة العثمانية. سقطت مشاريع قيام دولة درزية أو علوية في سوريا أو قيام أخرى مسيحية في لبنان. وحتى حين نجح الأكراد في مهاباد في إعلان دولة لهم في إيران عام 1946، سرعان ما قرر العالم غير ذلك فأجهض الدولة بعد أشهر وأعدم زعيمها.

موقف العالم والمحيط مكّن حيدر العبادي من استعادة ما ربحه الأكراد منذ 2003
موقف العالم والمحيط مكّن حيدر العبادي من استعادة ما ربحه الأكراد منذ 2003

لا شيء تغير في هذا العالم يتيح تحديثا لدفتر الشروط الذي قد يبيح إضافة كاتالونيا وكردستان كدولتين مستقلتين إلى منظمة الأمم المتحدة. صمتت أوروبا بخبثٍ ظن الكتالونيون أنه رضى حتى أيقنوا أن في الصمت سحباً لأية شرعية أممية لحراك انفصالي يُسيل لعاب انفصاليي فرنسا والدانمارك ورومانيا وبريطانيا وإيطاليا… إلخ.

من داخل هذا المشهد تطل شراسة هذا العالم في رفض المغامرات الانفصالية التي تنبت أو قد تنبت في أي مكان في العالم. كانت تلك المحاولات تندرج في السابق ضمن سياق الحرب الباردة بصفتها أسلحة في النزال بين الجبارين، لكنها في هذا الزمن تفقد وظيفتها في صراع الأمم وتتقدم بصفتها نشازا زائدا على قواعد يجتمع عليها الخصوم الكبار رغم خصومتهم.

بودتشيمون لاجئ في بلجيكا

قضت محكمة في بروكسل ببقاء زعيم إقليم كتالونيا السابق كارلس بودتشيمون حرا في بلجيكا لحين النظر باتهامات إسبانيا له بالتمرد.

وأصدرت المحكمة قرارها، اليوم والذي يعني أن بودتشيمون، الذي غادر إسبانيا، أواخر ـشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد أن أقالت مدريد حكومته الانفصالية وحلت برلمان كتالونيا، سيبقى حرا ليروج للاستقلال في انتخابات ستجرى في الإقليم يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول، التي ربما تتحول لاستفتاء على الانفصال بفعل الأمر الواقع، وفقا لوكالة »رويترز«.

وانتقد بودتشيمون النظام القضائي الإسباني، وقال إنه يفتقر للاستقلال والحيادية، مؤكدا أن تحركات حكومته مشروعة.

وقال حزب بودتشيمون وحزب آخر، مطلع الأسبوع، إنه يتعين عليهم اتخاذ قرار بشأن أي تحالف رسمي، وأنهما قد يخوضان الانتخابات معا، وأنه ربما تكون هناك تحالفات أخرى بعد الانتخابات.

وشهدت إسبانيا أسوأ أزمة سياسية منذ أربعة عقود، وتسببت في حالة من الانقسام، وأججت المشاعر القومية في كتالونيا وخارجها.

وكان بودتشيمون قد سلم نفسه للشرطة البلجيكية مع أربعة من وزرائه السابقين بعد أن أصدرت إسبانيا مذكرة اعتقال أوروبية بتهم التمرد وإساءة استغلال المال العام وتم حظر مغادرتهم بلجيكا دون موافقة قضائية.

وقال مدعون في بروكسل في بيان إن الخمسة قد مثلوا أمام محكمة بلجيكية يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني في جلسة إجرائية لمناقشة مذكرة الاعتقال.

وقال بودتشيمون في مقال بصحيفة »الغارديان« البريطانية: »هل يعتقد أي شخص أن الحكومة الكتالونية المقالة يمكن أن تتوقع جلسة نزيهة ومستقلة وغير خاضعة لتأثير الضغط السياسي والإعلامي. لا أتوقع ذلك«.

وتسيطر الحكومة الإسبانية على إقليم كتالونيا الذي يساهم بخمس الاقتصاد الإسباني بعد أن أجرى زعماء محليون استفتاء على الاستقلال يوم الأول من أكتوبر/ تشرين الأول رغم أن المحكمة الدستورية قضت بحظره.

كاتالونيا المقاطعة التي تسعى للاستقلال

تعد منطقة كاتالونيا أحد أكثر الأقاليم الاسبانية ثراء، وهي منطقة صناعية، ذات نزعة استقلالية، وتعتز بهويتها ولغتها الخاصة.

ويمتد تاريخ الإقليم إلى العصور الوسطى، ويعتقد كثيرون من أهالي الإقليم أنهم أمة مستقلة عن بقية اسبانيا.

ويعزز هذه المشاعر الذكريات المرتبطة بفترة فرانسيسكو فرانكو الذي حاول قمع الهوية الكتالونية، وينعكس الأمر بوضوح في التنافس الشرس بين نادي برشلونة ومنافسة ريال مدريد اللذين يمثلان قمة كرة القدم الإسبانية.

ويقع الإقليم في أقصى الشمال الشرقي لإسبانيا وتفصله جبال البرانس عن منطقة جنوب فرنسا الذي يرتبط بها الإقليم بعلاقات وثيقة.

وأغلب سكان الإقليم يعيشون في عاصمته برشلونة، التي تمثل مركزا اقتصاديا وسياسيا مهما، فضلا عن أنها نقطة جذب سياحية تحظى بشعبية كبيرة.

ويشتهر الإقليم أيضا بالصناعات التقليدية وصناعة الكيماويات والأغذية المصنعة والمعادن، فضلا عن ازدهار قطاع الخدمات به.

تاريخ

ظهرت المنطقة أول مرة كهوية متميزة مع صعود مقاطعة برشلونة في القرنين الـ 11 و12 لتصبح تحت نفس الحكم الملكي لمملكة أراغون المجاورة وأصبحت قوة بحرية كبرى فى العصور الوسطى.

وأصبحت كتالونيا جزءا من اسبانيا منذ نشأتها في القرن 15 عندما تزوج فرديناند ملك أراغون وإيزابيلا ملكة قشتالة ليوحدا مملكتيهما.

وفي القرن التاسع عشر تجدد الشعور بالهوية الكتالونية التي تحولت إلى حملة من أجل الاستقلال السياسي وحتى الانفصال وشهدت هذه الفترة مرحلة لإحياء الانتماء الكتالوني.

وعندما أصبحت إسبانيا جمهورية في عام 1931 منحت كتالونيا حكما ذاتيا واسعا خلال الحرب الاهلية الإسبانية وكانت حينها معقلا رئيسيا للجمهوريين.

وكان سقوط برشلونة على يد الجنرال فرانكو في عام 1939 بداية نهاية المقاومة الإسبانية. وتحت الحكم المتشدد لفرانكو ألغى الحكم الذاتي، وتعرضت القومية الكتالونية للقمع، وأصبح استخدام اللغة الكتالونية مقيدا.

السياسة واللغة

مع ظهور الديمقراطية في إسبانيا بعد وفاة فرانكو أصبح لإقليم كتالونيا البرلمان الخاص به مع حكم ذاتي واسع النطاق.

وأدى تراجع الاقتصاد الاسباني في السنوات الأخيرة إلى تأجيج النزعة الانفصالية في كتالونيا حيث يعتقد الكثيرون أن الإقليم يدفع أكثر مما ينبغي لمدريد.

مسعود برزاني رجل الاستقلال بعد أبيه

هو مسعود مصطفى شيخ محمد شيخ عبد السلام شيخ عبد الله شيخ تاج الدين، ولد في 16 أغسطس 1946 بنفس العام الذي شهد تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يترأسه حاليًا، على يد والده الملا مصطفى بارزاني، وبنفس العام تم تأسيس جمهورية مهاباد أول دولة كردية في العصر الحديث، أعلنها قاضي محمد بدعم من الاتحاد السوفيتي، وأخذت الجمهورية اسم عاصمتها مدينة مهاباد، والتي انهارت في نفس العام، بعد أن سحب الاتحاد السوفيتي جيشه من أراضي إيران، فأعاد الجيش الإيراني تنظيم نفسه.

 بارزاني الأب

 ثم هاجم جمهورية مهاباد فاستسلم قاضي محمد للجيش الإيراني مع وزرائه، ولكن مصطفى بارزاني رفض الاستسلام وخرج برفقة 500 مقاتل إلى الجبال، فنشبت بينه وبين القوات الإيرانية معارك ضارية استمرت لفترة طويلة لينسحب بعدها إلى الاتحاد السوفيتي؛ وبعد 12 عاماً عاد بارزاني الأب من موسكو إلى بغداد، في أكتوبر 1958.

تتمتع عائلة البارزاني بشعبية كبيرة بين الأكراد في العراق والدول الأخرى، ويقول الكاتب والمحلل الكردي بحسب شهادات البعض.

 درس بارزاني الابتدائية في الموصل، والإعدادية في بغداد حيث كان يسكن مع والده وقيادات الحركة الكردية، التي كانت جزءاً فاعلاً من الحركة السياسية العراقية، إلا أن توجه الرئيس عبد الكريم قاسم نحو القوى اليسارية، أدى إلى تغيير توجه الدولة في التعاطي مع الملف الكردي.

 تعرضت قيادات الحزب الديمقراطي للملاحقة عام 1960؛ الأمر الذي دفع مصطفى بارزاني إلى مغادرة بغداد باتجاه كردستان العراق عام 1961، وفي يونيو قصف سلاح الجو العراقي منطقة بارزان حيث يقيم بارزاني وأسرته، ونجا مسعود يومها من موت محقق كما ذكرت تقارير إعلامية، ليبدأ بعدها ما يعرف في الأدبيات الكردية بثورة أيلول، التي منعت بارزاني من إكمال تعليمه.

الالتحاق بالبيشمركة

 وتسبّبت العوامل السياسية وتنقلاته من بلد لآخر في عدم إكمال »مسعود« لدراسته المتوسطة، ليلتحق بقوات البيشمركة عام 1962، ويؤدى دوره العسكري في ثورة الكرد، التي اندلعت عام 1961، والتي استمرت 4 سنوات، كبداية لانخراطه في العمل السياسي تحت إشراف والده.

بعد 5 أعوام في البيشمركة أصبح عضواً في الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1967، وحضر المفاوضات التي جرت بين القيادة الكردية وحكومة العراق عام 1970، التي أدت لتوصل الحكومة العراقية إلى اتفاق مع الأكراد منحوا بموجبه حكماً ذاتياً سرعان ما انهار، وعاد الأكراد للثورة المسلحة، إلى أن تم توقيع اتفاقية الجزائر بين شاه إيران والحكومة العراقية عام 1975.

جلال طالباني

في عام 1994 كان الإقليم في العراق منقسمًا بين حزب بارزاني في الشمالي الغربي، والحكومة الموازية له في الشرق بقيادة جلال طالباني )الرئيس العراقي فيما بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003( وحزبه الاتحاد الوطني الكردستاني. واستمرّت الأجواء المتوترة والقتال بين الطرفين حتى اتفاق سلام في 1998. وفي أكتوبر 2002 قدم كل قائد من الطرفين اعتذارًا عن ضحايا الاقتتال الداخلي بين الأكراد.

في 2005، انتُخب »مسعود« كأول رئيس لإقليم كردستان حتى الآن، ليعيد أمر انفصال الإقليم، رغم معارضة داخلية عراقية وإقليمية ودولية أيضًا، ربما يدفع ثمنها »مسعود« ويكون مصير حلم دولته كابوسا كما حدث من قبل حين انهارت جمهورية مهاباد عام 1946.

وأجرت الحكومة الإقليمية، التي تتولى السلطة منذ انتخابات نوفمبر/تشرين ثاني 2012 والمدعومة من الحزبين الانفصاليين الرئيسيين، استفتاء غير ملزم على الاستقلال عام 2014 حيث صوت 80 بالمئة بنعم، فيما اعتبرت الحكومة الإسبانية أنه ليس من حق كتالونيا دستوريا الانفصال.

وتعد اللغة الكتالونية لغة رسمية في الإقليم إلى جانب الاسبانية ويتم التشجيع على استخدامها في التعليم والإعلام. وأغلب سكان الإقليم يتحدثون اللغتين.

كما تنتشر اللغة الكتالونية أيضا في فالينسيا في الجنوب وجزر البليار ومنطقة روزالين في فرنسا لذلك يعتبر القوميون في كتالونيا أن هذه المناطق تشكل »دولا كتلونية«.

 برزاني يغادر…

أعلن رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، في كلمة متلفزة أنه قرر عدم التمديد بمنصب رئيس الإقليم اعتبارا من مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، تحت أي ظرف.

وقال في كلمة تعبر عن شعور بالمرارة لإعلان استقالته قال إن الأكراد لم يجدوا من يقف إلى جوارهم من خارج إقليمهم لدعم حقهم في تقرير المصير.

وألقى برزاني كلمة نقلها التلفزيون بعدما وافق برلمان كردستان العراق على طلبه عدم تمديد فترة رئاسته للإقليم بعد أول نوفمبر تشرين الثاني في أعقاب استفتاء على الاستقلال قاده مما أثار نتائج عكسية وردا عسكريا واقتصاديا ضد الإقليم الذي يقوده منذ 2005.

وقال برزاني »ثلاثة ملايين صوت لصالح استقلال كردستان صنعوا تاريخا لا يمكن محوه«.

وأضاف باللغة الكردية والأعلام العراقية خلفه »لم يقف أحد معنا سوى جبالنا«.

»لماذا تريد واشنطن معاقبتنا؟«

وانتقد الولايات المتحدة لسماحها باستخدام دبابات أبرامز، التي أمدت بها القوات العراقية لقتال داعش، ضد الأكراد. وقال إن الأسلحة الأمريكية استخدمتها أيضا قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران. وتساءل »لماذا تريد واشنطن معاقبة كردستان؟«

إلى ذلك، عرض بارزاني على بغداد مفاوضات جدية لحل الخلافات مع الأكراد، داعياً الأكراد إلى الاستمرار في المطالبة بحقوقهم. وذكر أن الاستفتاء كان هو الحل الوحيد لحل كافة المشكلات العالقة مع بغداد، وجاء باتفاق كافة القوى السياسية في كردستان. وأضاف قائلاً: إن العراق لم يعد يؤمن بحقوق الأكراد واستخدم الاستفتاء ذريعة لمهاجمة كردستان

وفي حين أكد أنه لا يمكن محو الاستفتاء، أشار إلى أنه كان يهدف لإيجاد حلول سلمية للمشكلات مع الحكومة العراقية، مشدداً على أن كردستان لا يحمل نوايا عدوانية ضد العراق.

وأوضح بارزاني أن الجيش العراقي انهار مرارا، وأن كردستان لم يستغل تلك الأوضاع للتوسع والتمدد. وشدد على أن القوات الكردية قدمت الكثير من التضحيات في الحرب ضد داعش.

ووصف العمليات العسكرية التي نفذتها بعض القوات في البيشمركة عقب الاستفتاء في كركوك بأنها »خيانة كبرى«. وقال إن »خيانة تسليم كركوك )في إشارة إلى خصوم بارزاني( أحدثت شرخا كبيرا«.

»الحشد قاد الدبابات الأميركية للقضاء علينا«

وأوضح أن قوات البيشمركة أخلت قواتها سلما من كركوك حتى لا تدخل في مواجهات مع الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي. وأضاف أن »الحشد الشعبي قاد الدبابات الأميركية للقضاء علينا«.

كما دعا رئيس إقليم كردستان بغداد إلى مفاوضات صحية بناء على الدستور، رافضاً أي مخططات للنيل من إقليم كردستان وكرامته.

واتهم بارزاني قوات الحشد الشعبي بأنها تحاول تهجير التجمعات الكردية خارج الإقليم. وشدد على أن الحشد حاول دوماً إثارة صراع كردي عربي.