السقوط

معن بشور

قال لي صديق شاب من إحدى دول مجلس التعاون الخليجي… »بين شباب الجزيرة والخليج سؤال يضج في وجدانهم… أيعقل أن يكون المال وحده وراء هذا السقوط المريع لكثير من المثقفين العرب الذين كنا نعتبرهم كباراً، فغادروا أفكاراً أمضوا عمرهم يبشرون بها، وانقلبوا على مشاريع فكرية عاشوا شبابهم يناضلون من أجلها، وتحولوا إلى متاريس عقائدية لعصبيات طائفية ومذهبية، وارتضوا أن يكونوا أبواقاً تنفخ في فتن تعصف ببلادهم، وتدمر جيوشهم، وتقوض مجتمعاتهم، وتقتل شعبهم«…

قلت للشاب الواعد، ككثير من شباب الجزيرة والخليج: »بالتأكيد للمال دور كبير في أحداث هذه التحولات، لكن مفاعيله تبقى محدودة لولا أن هؤلاء المثقفين في معظمهم باتوا متعبين محبطين من المواقف المبدئية التي كانوا يجاهرون بها، خصوصاً مع الخيبات الكبيرة التي حلت بالمشاريع التي هللوا لها، فانتقلوا من أمل كاذب إلى يأس غير مبرر، فكان من السهل اصطيادهم، وإغراقهم بالإغراءات على أنواعها، فبعد ما كان بعضهم متطرفاً في اليسار صار متمتعاً بخدمة اليمين، وبعد أن كان عالي الصوت في مقاومة الاستعمار والصهيونية والرجعية صار منظراً للتعايش معهم ولتبرير الخضوع لهم«…

وأضفت قائلاً: »لكن بقي على امتداد الأمّة أحرار محاصرون على أكثر من صعيد، ولكن مصممون على حمل راية المقاومة والعروبة والحرية والكرامة والاستقلال والوحدة وكل عناصر النهوض في الأمّة وإنهم لفائزون بإذن الله… وتباشير النصر تلوح من أكثر من ميدان »…