بين عدوان وعدوان

29 اكتوبر 1956

معن بشور

-1- بين العدوان الثلاثي على مصر )الاسرائيلي البريطاني الفرنسي( الذي بدا في 29 تشرين اول/اوكتوبر 1956 وبين العدوان الصهيو اميركي المستمر على الامة العربية منذ احتلال العراق حتى اليوم اكثر من وجه شبه..

1-في عدوان 1956 كانت ارادة الامة في المقاومة والاستقلال والتنمية والحرية والكرامة والعدالة والعروبة ممثلة بالحركة القومية العربية وقائدها جمال عبد الناصر هي المستهدفة، واليوم في العدوان المستمر على امتنا منذ مطلع هذا القرن والشامل لعدة اقطار عربية فالمستهدف ايضا هو ارادة المقاومة والاستقلال والتنمية والحرية والكرامة والعدالة والعروبة ممثلة بحركة المقاومة العربية وكل الملتزمين بها والمدافعين عنها شعوبا وقادة…

2-كان عدوان 1956 محطة بارزة تمثلت بتحولات دولية بكبرى ابرزها ملامح افول اهم امبراطوريتين استعماريتين في القرن الفائت وهما فرنسا وبريطانيا واليوم يتضح أكثر فأكثر افول الامبراطورية الاستعمارية الكبرى الوريثة وهي الامبراطورية الاميركية التي يتجلى افولها داخليا وخارجيا على كل صعيد..

3-اثر عدوان 1956 تعزز في العالم منظومة عدم الانحياز والتي كان لها الدور الكبير في دعم حركات التحرر العربي والعالمي في اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية واليوم تتعزز في العالم منظومات كشانغهاي والبريكس في تعبير عن ارادة عالمية جدية في الاستقلال عن النظام المالي والاقتصادي العالمي الذي تهيمن عليه وعلى مؤسساته الادارة الاميركية وشركات الاحتكار العالمي التي تسيرها..

طبعا هناك اوجه شبه اخرى بين العدوان القديم الذي انتهى بالفشل بعد عشرة ايام )7 تشرين ثاني /نوفمبر1956 (وبين العدوان الحالي المستمر منذ احتلال العراق عام 2003.. لكن العبرة الرئيسية المستفادة من العدوانين هي ان امتنا العربية كانت وما تزال. من خلال اسقاطها لكل المشاريع الصهيو- استعمارية. في قلب الاحداث العالمية وانها وراء تحولات دولية كبرى تقع… وان مشروعها التاريخي يتمثل بمقاومة الاحتلال والإرهاب والتفتيت وصولا إلى بناء نهضتها القائمة على مشروعها الحضاري المتجدد.

-2- خلال العدوان على مصر عام 1956 هب السوريون شعبا وجيشا انتصارا لاخوتهم في ارض الكنانة ففجروا انابيب نفط الاي بي سي من كركوك إلى بانياس وكان البطل البحار العربي السوري ابن وادي النصارى جول جمال اول استشهاديي هذا العصر رمزا لوحدة النضال العربي حين فجر نفسه في مدمرة فرنسية قرب الساحل المصري…

خلال الحرب على سورية، والتي اكدت كونيتها تصريحات احد ابرز المتورطين فيها رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم. رفض المصريون شعبا وجيشا كل الدعوات والضغوط الخليجية والامريكية لتوريط مصر فيها،مؤكدين ان الامن القومي لمصر وسوريا واحد.. وان من قامت بينهما وحدة رائدة عام 1958 لن تنجح كل دولارات النفط وضغوط واشنطن في الايقاع بينهما…. فهل سنرى في يوم قريب عودة العلاقات الديبلوماسية كاملة بين عاصمتين من اهم عواصم العروبة….

-3- في عدوان 1956 على مصر بات معروفا ان حكاما عربا لعبوا دورا مهما في التحريض على مصر وعلى جمال عبد الناصر ورأوا في قراره التاريخي بتأميم قناة السويس ودعمه لثورة الجزائر وتمسكه بتحرير فلسطين ومقاومته المشاريع والاحلاف الاستعمارية اسبابا لهذا التحريض من اجل التخلص من القائد الكبير ومن الحركة القومية العربية التي كان يقودها مع حزب البعث وحركة القوميين العرب واحرار الامة انذاك…

لكن كان للجماهير العربية موقف مختلف… فبالاضافة إلى وقفة سوريا شعبا وجيشا وحكومة إلى جانب مصر. صعد الجزائريون من كفاحهم المسلح ضد جيش الاستعمار الفرنسي،وهب اللبنانيون ضد سياسة حكومتهم الرافضة لقطع العلاقات مع دول العدوان واستقالت الحكومة تجاوبا مع الموقف الشعبي… اهل الخليج لا سيما في البحرين والكويت والجزيرة العربية تحركوا في مظاهرات عارمة التي عمت ايضا البلدان العربية الاخرى الخاضعة للاستعمار والحماية الاجنبية في اواسط خمسينيات القرن الماضي حتى ان جريدة اللوموند الفرنسية كتبت تقول: اذا اردت ان تعرف حدود القومية العربية فعليك ان ترى الدول التي تحركت شعوبها مساندة لمصر..

موسكو يومها وجهت انذار بولغانين الشهير الذي لعب دورا حاسما في وقف العدوان بالاضافة إلى موقف ايزنهاور الذي كان يطمح ان تسد بلاده الفراغ الناشيء عن سقوط الامبراطورتين الفرنسية والبريطانية…

اليوم ومع اختلاف الظروف العربية والدولية فما زلنا امام حقيقة تحريض بعض الحكام على احتلال العراق وعدوان 2006 عل لبنان وتدخل الناتو في ليبيا وتدمير سوريا وشن الحرب على اليمن ودائما في التامر على فلسطين والمقاومة…

ومن اوجه الشبه ايضا الاعتراض الروسي والصيني ومعهما الاحرار في العالم على هذه الحرب المفروضة على دول بعينها في الامة والاقليم… بما يعطل اهداف هذه الحروب العدوانية عليها…