حوار حول عبد الناصر

من عالم الكتب

الكاتب البريطاني روبرت ستيفنس

الكاتب المصــــــري محمــد عــوده

صدرت دراسة للكاتب البريطاني روبرت ستيفنس عام 1981 في اطار سلسلة من الدراسات كتبها تحت عنوان )صناع التاريخ في القرن العشرين(، وكيف تركوا بصمة على حركة التاريخ، وكتب في هذه الدراسة حلقة عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، بمناسبة مرور عشر سنوات على رحيله، وقد بدأ دراسته بالقول حينما اجتمع الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة 23 يوليو عام 1952 لكي يقرروا مصير الملك فاروق وهل يكون النفي خارج مصر أم المحاكمة والأعدام كان رأي جمال عبدالناصر الرصين »لنتركه للتاربخ وسوف يحكم باعدامه« واستطرد ستيفنس قائلا »ولنا أن نسأل الآن.. ماذا سيكون حكم التاريخ على جمال عبدالناصر نفسه؟ وكيف أصبحت سيرة الزعيم المصري وكيف تغيرت بعد عشر سنوات من وفاته؟والى أي مدى مازالت آراؤه والنموذج الذي قدمه ملائما وصالحا لمشاكل مصر والعالم العربي الآن؟ ان سير السياسيين العظام تماما مثل سير الكتاب والفنانين العظام تعاني عادة ذبولا وانحسارا بعد وفاتهم.. وأحيانا تعود هذه السيرة وتبعث ولو جزئيا في حياة جيل آخر لم يعان من وطأة الأخطاء التي حدثت، واتضحت له حقائق وأبعاد المشاكل التي ثارت.. ولعل هذا هو ماحدث لعبدالناصر. يتحدث ستيفنس عن انور السادات وقيامه بنقض بعض السياسات الأساسية لعبدالناصر، وخاصة الأشتراكية التي قال عنها السادات انها كانت فشلا مطبقا، والوحدة العربية ثم العلاقات الوثيقة مع الأتحاد السوفييتي، ولكن موقفه تباين بعد ذلك من صمت مطبق يرمي إلى طيّ صفحة عبدالناصر وسيرته في سجل النسيان إلى تنديد غير مباشر به والى حملات هجوم عنيفة ومتقطعة في صحافة القاهرة الموجهة، وقد اقترنت هذه السياسة التي هي تصفية للناصرية بدعاوى تطوير وتدعيم الانجازات الايجابية لثورة يوليو عام 1952 وعهد عبدالناصر،

الكاتب البريطاني روبرت ستيفنس
الكاتب البريطاني روبرت ستيفنس

ويزعم السادات ان هذا ماحققته ثورته المسماه ثورة 15 مايو 1971 والتي قضى من خلالها على المجموعة الناصرية بقيادة علي صبري وكانوا منافسيه الأساسيين للسلطة. يقول ستيفنس في الذكرى الخامسة والعشرين للثورة لم ترفع فيه صوره واحدة لعبدالناصر، ولم يرفع شعار واحد يذكر به، وان كان بعد أن هاجم نظم الحكم في مصر قبل الثورة، قد ذكر العديد من الأنجازات التي حققها عبدالناصر، بل ذكر انه من التجني مقارنة هذه الأنجازات المجيدة بالأخطاء والأنحرافات التي ربما تكون قد حدثت.. تماما مثل مقارنة الهرم الأكبر بحفنة من الرمال. أي ان سياسة السادات تجاه عبدالناصر كانت مزيجا من المدح والقدح. يمضي روبرت ستيفنس في توصيف شخصية عبدالناصر ونظامه بالقول )ان عبدالناصر أهم رجل دولة أنجبته الصحوة العربية وكان أحد أقطاب الثورة ضد الأستعمار، وكانت ثورته احدى الحركات السياسية الكبرى في القرن العشرين، ثم يضيف: كان عبدالناصر مصريا مسلما وأعلن نفسه عربيا وكان نتاج ثورة التحرر من الأستعمار ومن الأمبريالية وثورة اللحاق بالحضارة الحديثة التي انجبت نهرو وماوتسي تونج ونكروما وكاسترو وهوشى منه، كما كان من قواها الدافعة، وكان عبدالناصر ينتمي إلى عصر بطولي هو عصر ثورات التحرر الوطني ولكنه تجاوزه إلى مرحلة اكثر تقدما تعني بالتغيير الاجتماعي والاقتصادي والوحدة القومية وباقامة دولة عصرية تحقق اهم ماتحقق الاستقلال الاقتصادي بنفس اهمية تحقيق الاستقلال السياسي وهي جوهر مشاكل العالم الثالث وهي الآن محور كفاح دول هذا العالم لأقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، ثم يقول لقد ظلت مكانة عبدالناصر وسلطته وطيدة في مصر حتى الخطأ الأكبر الذي ارتكبه بحرب 1967.

نقده لتجربة عبدالناصر

يقول مستر ستيفنس: نجحت خطط عبدالناصر نجاحا نسبيا ومتباين الدرجات ولكن حد من هذا النجاح فشله في اقامة نظام سياسي ذي حيوية وقوة ذاتية يمكن ان يتخلص من العسكريين ومن الأعتماد على الأجهزة البوليسية أو الرقابة على الصحف، وتعثره في تحديد النسل وتنظيم التزايد السكاني السريع، وباستمرار البطالة المتفشية والفقر المدقع في الريف وبتراكم دين خارجي ثقيل تم بالنفقات الضخمة التي انفقت على التسليح ثم التدخل في حرب اليمن. ثم يستطرد ان مشاكل مصر ضخمة وعميقة الجذور خاصة الفقر وقلة الموارد، ولذلك من الصعب ان يتوقع أحد من اي نظام مهما كانت نواياه حسنة حل هذه المشاكل أو تخفيفا جوهريا لوطأتها في اقل من عشرين عاما )مدة حكم عبدالناصر18 عاما( ويستطيع عبدالناصر ان يزعم لنفسه أنه قد خفف بعض المساوئ وبدأ في طريق ايجابي بناء، ولاتستحق اشتراكيته العربية أن يصفها السادات »بالفشل المطلق«. تمت اقامة السد العالي وان كانت خطوات استصلاح الأراضي وكهربة الريف قد تباطأت بسب نفقات الحرب مع إسرائيل. ان الثورة قد حققت زيادة صغيرة في متوسط دخل الفرد في مصر، وقامت بتوزيع أكثر عدالة للثروة فيها ولكن المكاسب الأجتماعية تحققت عن طريق الخدمات الأجتماعية المجانية التي تطورت وارتفع مستواها أكثر مما جاءت عن طريق زيادة الدخول، فقد أقيمت المدارس والمستشفيات والوحدات الصحية ومشاريع الأسكان والتأمين الأجتماعي المحدود. وعن التصنيع يقول مستر ستيفنس: لقد بدأت مشاريع التصنيع تخطو الخطوات الأولى وتستوعب قدرا كبيرا من العدد الضخم من العاطلين في المدن. ثم يستطرد في القول عن النظام السياسي : كان فشل عبدالناصر في ان يخلف وراءه نظاما سياسيا وطيد الأركان أو حزبا سياسيا حقيقيا ويرجع ذلك في شق منه إلى تردده في ان يشاركه أحد في السلطة، ثم إلى تأثره بتجربة النظام الحزبي السابق في العهد الملكي ومدى فساده، وهو ما أراد تجنب البلاد اتباعه. ينتقل الكاتب إلى قضية الديموقراطية فيقول: سنحت أكثر من فرصة أمام عبدالناصر للتحول بحكمة نحو الديموقراطية، وكانت الأولى بعد خروج الأحتلال عام 1956 بناء على اتفاقية الجلاء، ولكنه وجد نفسه أزاء اخطر تحد خارجي واجهه وهو سحب الولايات المتحدة وبريطانيا عرضهما بتمويل السدالعالي ورد عبدالناصر بتأميم قناة السويس ومن ثم الحرب، وكان موقفه ازاء تلك الازمة سببا في دفع حركة التحرر من الأستعمار، وكانت الثانية بعد قيام الوحدة مع سوريا، ولكن ضغط الأحداث، ومشاكل مجموعات الضباط الذين يتزعمهم عبدالحكيم عامر خلفت العقبات وربما قدمت الذرائع لعرقلة السير نحو نظام سياسي أكثر ديمواقراطية. فشلت الوحدة، ولكنه مع ذلك ظل الرمز الاكبرللقومية العربية الثورية ولطموحها نحو الاستقلال، ثم لمنظومة دول العالم الثالث فقد اسس عبد الناصر لنفسه مكانه رفيعة مثل تيتو كأحد أقطاب عدم الأنحياز، ثم يعدد مستر ستيفنس الكثير من الأحداث منها ثورة اليمن وتدخل مصر التي ساندت الثورة في الشمال والجنوب الا ان ذلك كبّد مصر الكثير من المال والرجال، وكانت حرب67 وتحملت مصر ديونا واستقبلت معونات، وان كانت الأحداث قد أكدت بعد وفاة عبدالناصر أن هذه الأنتكاسات التي مرت بها لم تغير شيئا من جوهر الأوضاع التي حققت استقلال مصر، ولم

الكاتب المصــــــري محمــد عــوده
الكاتب المصــــــري محمــد عــوده

يستطع السوفييت ان يحولوا مصر إلى بلد تابع. يضيف مستر ستيفنس ان لدى مصر على عكس معظم الدول العربية الاخرى احساسا قويا بذاتها كدولة ومع انها كانت في الماضي والحاضر مركزا للعالم العربي في امور كثيرة الا ان مصر عميقة الاحساس بمصريتها بقدر احساسها بأنها عربية، ومن الطبيعي ان تفكر على اساس جهد مشترك لمجموعة دول وليس على اساس دولة كبرى يذوب فيها الكل.

عبدالناصر… الثورة مستمره

يبدأ محمد عوده رده على ماجاء في دراسة روبرت ستيفنس بالقول )يتفق الانسان أو يختلف مع مستر ستيفنس، ولكن في الحالين لابد ان يحترمه ويحاوره فهو كاتب يحب العرب ويحترمهم وأهم من ذلك يفهم ولا ينقطع اهتمامه المتصل بقضاياهم، وهو يطرح في دراسته تلك المختصرة كل القضايا الجوهرية والجدلية حول عبدالناصروعصره، وهو يطرحها كأسئلة مشروعة وليس كاتهامات كما طرحت دائما، وهي لذلك تستحق الرد والمناقشة، وأهم القضايا التي يثيرها :

أولا عبدالناصر والديموقراطية

يقول محمد عوده : ابتداءا ليس للتاريخ حكم واحد على اي من »صانعيه« وأقطابه وهو يختلف باختلاف مناهج المؤرخين. ولعل أصدق حكم على هؤلاء سواء كانوا ديكتاتوريين أم ديموقراطيين هو حكم الشعب، فالشعوب هي التي تسعد أو تشقى بالحاكم وهي أفضل وأعدل من يحكم له أو عليه، وقد أصدر الشعب المصري حكما صادقا على عبد الناصر أكثر من مرة. يعدد الكاتب تلك المرات فيقول

انه في يومي 17، 18 يناير عام 1977 قام الشعب بانتفاضة ضد انور السادات حبن رفع الأسعارعن بعض السلع التموينية، وكانت انتفاضة عارمة استدعت الأستعانة بقوات من الجيش إلى الشوارع لضبط الحركة بعد الغاء السادات لأرتفاع الأسعار التي اغضبت الناس. لكن الذي تمت ملاحظته ان تلك المظاهرات التي احتشدت في الشوارع قد رفعت صور عبدالناصر.

عام 1970 مات عبد الناصر ولم تعد له سلطة، ومع ذلك وجدنا مظاهرة حزن عميق جارف ساحق تصاحب جنازته واحتشدت خلف جثمانه الملايين، وعقدت جامعة شيكاغو ندوة خاصة لدراسة ظاهرة )جنازة عبدالناصر( التي حيرتها.

في عام 1967 حدثت )النكسة( وكانت أقسى مايمكن لعبدالناصر ودفعته شجاعته أن يقف ويعلن مسؤوليته عن خطايا قد ارتكبها غيره وأن يتنحى، وقبل ان ينتهي من خطابه كانت الملايين قد خرجت، وزحفت كطوفان من البشر إلى بيته ولم يعودوا الا بعد ان عدل عن قراره

وكان هدف الغزو الثلاثي عام 1956 الأول والأخير هو اسقاط جمال عبدالناصر )أعلن ايدن ليس بيننا وبين الشعب المصري أي خصومة وأن معركتنا مع الطاغية جمال عبدالناصر( ووزع عبدالناصر السلاح على الشعب، وبرزت حركة المقاومة والتفت الجماهير حول عبدالناصر. لقد تعددت المعارك التي خاضها عبدالناصر من جانب و من جانب آخر، كانت الثورة الأجتماعية التي قادته لتأمين تذكرة الأنتخاب برغيف الخبز. كانت تلك القضايا هي التي شغلته وأخرت ارساء النظام الديموقراطي الذي يمكن ارساء قواعده، ويهدف اليه عبدالناصر.

ثانيا القضية العربيه

تحدث الكاتب عن قضية الوحدة فتناول في البداية معاناة العرب على يد الاستعمار القديم، ثم انتقل إلى عصر الأكتشافات الجغرافية الكبرى، وانتزاع تجارة الشرق من ايدي العرب، وكانت البرتغال هي البداية، ومن ثم أصبح العرب نهبا للجميع، وبسقوط السيادة الأوروبية بدأ القرن الأمريكي، وقد تبين أن العرب لديهم كنز لابد من الأستئثار به وهو البترول، ولذلك قد أصبح محور كل السياسة والأستراتيجية والثقافة والتجارة هو تجريد العرب من كل حقوقهم الروحية والمادية واثارة كل انواع الصراعات والخلافات الطائفية والمذهبية والعصبية بينهم، وأصبح أمن أوروبا ورخاؤها معتمدا على فقر وتشرد العرب. ويفرد الكاتب صفحات كثيرة عن المعاناة العربية عموما والمصرية خصوصا وصولا إلى مرحلة عبدالناصر ومحاولات ضربة وتصفية مشروعة العربي الذي يعتمد على تصفية الحواجز التي قامت بين اقتصاد متكامل تكاملا نموذجيا يعزز عمليات التنمية ويحافظ على الثروة العربية ولايسخر البترول العربي لبناء مجد اوروبا أو لزيادة ثروة امريكا، وكانت الوحدة التي يرمي لها عبدالناصر هي وحدة الهدف لا وحدة الصف وهناك وثيقة هامة تحمل فكر عبدالناصر في الوحدة وهي )محاضر الوحدة الثلاثية( عام 1963، وكان يرى ان هناك اشكالا مختلفة للتعايش بين النظم العربية التي تفرضها ضرورات العمل المشترك، ثم يقوم الكاتب بتحليل الوحدة السورية المصرية، وحرب اليمن، وكذلك حرب 1967 ويتساءل هل كانت هذه الحرب تهورا أدى إلى كارثة؟ويفرد لذلك جانبا كبيرا من الشرح المفصل باعتبارها كانت مؤامرة دبرت لعبدالناصر وفرضت عليه، ثم يعرج لبذور المؤامرة، وينتهي إلى القول أن )صحيفة بريطانية كتبت ان حرب 67 كانت )أغلى ثمن لرأس رجل( وعلى العكس لم تسقط تلك الرأس، فقد حدث مالم يحدث في التاريخ لأي قائد هزم هزيمة كبرى، وخرج الشعب بأكمله لكي يتشبث به، وخرجت الجماهير العربية تطالب بنفس المطلب، وعاد عبدالناصر في أكبر مظاهرة تاريخية وأعظمها لأرادة الملايين لكي يقود المعركة من جديد ببناء القوات المسلحة وخوض حرب الأستنزاف ويعلن أن )ماأخذ بالقوة لايسترد بغير القوة(.

قضية الأشتراكيه

يقول الكاتب انها ليست اشتراكية عربية، ولكنها التطبيق العربي للأشتراكية، ثم يفيض في الشرح، ومحددا أن تاريخ مصر الأقتصادي الاجتماعي الحديث ماهو الا قصة للتجارب المحبطة والمجهضة للتنمية منذ أن حاول محمد علي اقامة دولة عصرية )رأسمالية(، ثم مرورا بقضية الديون في عصر اسماعيل، ثم تحويل مصر لمزرعة قطن لمصانع لانكشير بعد الأحتلال، ثم جاء عصر عبدالناصر الذي لم يبدأ بالأشتراكية، ولكن الرغبة في التنمية هي التي قادته إلى ذلك، وقد استطاعت الأشتراكية أن تحقق نتائج مبهرة في الخطة الخمسية الأولى اعتمادا على التمويل الداخلي، وقدمت التجربة المصرية الناصرية اطارا نظريا تمتزج فيه الوطنية والدين والأشتراكية وتعكس الأصالة العربية كما تقدم حلا للحيرة والتشتت المذهبي، وان كانت قد اجهضت بعد ذلك بعصر )الأنفتاح( الذي قاده انور السادات بعد الأنقلاب الذي قام به عام 1971

عبدالناصر والصراع الدولي

يروي محمد عوده قصة مصر مع الأحلاف الأجنبية بداية من مشروع )النقطة الرابعة( الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية إلى حكومة الوفد قبل الثورة، ورفضته الحكومة في ذلك الوقت، ومحاولات امريكا المتكررة بعد الثورة وتصورت أن الضباط الشبان يمكن احتواؤهم، ولقاء عبدالناصر مع فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكية، وفشل دالاس في اقناع عبدالناصر بالأحلاف، ثم مؤتمر باندونج واعتراف مصر بالصين الشعبية الذي اغضب امريكا، ومن بعده مقاومة حلف بغداد، ثم سحب الغرب لتمويل السدالعالي ومن ثم لجوء عبدالناصر لتأميم قناة السويس، فالعدوان الثلاثي على مصرعام 56، وتقديم مشروع ايزنهاور أو ماعرف ب )نظرية الفراغ(، ومعركة ايقاف امريكا لشحنات القمح لمصر، واستمرار المحاولات الأمريكية لتطويع عبدالناصر، وانتهى الأمر بحرب 67، وقد صدر كتاب لمدير المخابرات المركزية الأمريكية بعنوان )رمال وحبال( كشف فيه ان البنتاجون والمخابرات الأمريكية والبيت الأبيض كانوا ضالعين حتى رقابهم في حرب 1967، وقد جاء بعد ذلك دور )كيسنجر(، وقد أورد ستيفنس في دراسته أن كيسنجر طالب أن يتخلى عبدالناصر عن زعامته للقومية العربية )الراديكالية( حتى تقبل الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل لكي تحل قضية الشرق الأوسط، وقد رفض عبدالناصر تجزئة القضية العربية. يحلل الأستاذ عوده العلاقة مع امريكا وكذلك العلاقة مع الأتحاد السوفييتي، وينفي تماما التصور الشائع أن الثورة لعبت على الحبلين، ويذكر انها كانت تتحرك في اطار مبادئ محددة تقبل التعاون وترفض المساس بالسيادة، وفي اطار علاقات متكافئة، وانها لم تبدأ بالعداء مع أي قوى، وكل ما كانت تسعى اليه هو تحرير العالم العربي وتأمين أمنه القومي باتساع حركة التحرر والتعاون الأفريقي والأسلامي. أخيرا حاولت جاهدا تلخيص قضايا الحوار بين الكاتبين البريطاني والمصري وان كان الأمر سيكون أكثر امتاعا بقراءة النصوص ذاتها على فيضها واتساعها.

أمين الغفاري