أطلقها مجهول وقفزت من ثلث دولار في 2009 إلى 12 ألف دولارا في 2017

»بيتكوين«..العملة الافتراضية التي تثير الجدل والمخاوف العالمية

لندن: جمال الجزائري

تثير العملة الافتراضية الأشهر في العالم، »بيتكوين« جدلاً ومخاوف عالمية مع التقلبات، التي تعرفها بصعود صاروخي وانهيار قياسي، منذ اطلاقها في 2008 على يد شخص مجول الهوية، يتردد أنه ياباني الجنسية، رمز لنفسه باسم ساتوشي ناكاماتو.

وعندما بدأ التعامل بالعملة عام 2009 كانت لا يتجاوز سعر صرفها مقابل الدولار الأمريكي 30 سنتاً، غير أنها قفزت في وقت ما في العام الماضي 2017، واقتربت من مستوى 12 ألف دولار، غير أن قيمتها انهارت منذ بداية العام الحالي 2018 وهبطت دون الـ7 ألف دولار.

وقد تكبدت »بيتكوين« خسائر حادة منذ مطلع 2018، مع استمرار تشديد حكومات حول العالم على متداوليها، وتحت وطأة موجة هبوط حادة طالت كافة الأسواق العالمية.

وبحسب تقديرات نزل رأس المال السوقي للعملات الافتراضية مجتمعة إلى نحو 296 مليار دولار خلال التداولات الأخيرة، مقابل نحو 832 مليار قبل شهر، بخسارة تقدر بنحو 536 مليار دولار.

ونزلت عملة »بيتكوين« الأكثر شهرة، دون 6500 دولارا لأدنى مستوياتها منذ نوفمبر/ تشرين ثاني 2017.

وعلى نحو مماثل، هبطت عملة »إيثيريوم« بنسبة 1.53 بالمائة إلى 715 دولارًا بقيمة سوقية عند 69.44 مليار دولار، وتراجعت عملة »ريبل« 0.9 بالمائة إلى 0.69 دولار بقيمة سوقية عند 27.57 مليار دولار.

وكانت مجموعة »لويدز« المصرفية البريطانية، قالت في يناير/ كانون الثاني الماضي إنها ستحظر على العملاء شراء بتكوين باستخدام بطاقات الائتمان.

وبهذا ينضم البنك البريطاني إلى العملاقين الأمريكيين »جيه بي مورغان« و»سيتي غروب«، اللذين أعلنا عن حظر مماثل، بسبب القلق من أن البنوك قد تتعرض للمساءلة عندما تهوي قيمة العملات الشديدة التقلب.

وكثفت بنوك كبرى أمريكية وبريطانية، منذ بداية 2018 إجراءاتها لمنع تداول العملات الافتراضية، وأعلنت عن حظرها لاستخدام بطاقات الائتمان الخاصة بها في شراء العملات الرقمية.

وبدأ »بنك أوف أمريكا« تفعيل حظر مشتريات العملات الرقمية، فيما أقدم مصرف »جيه بي مورغان« على نفس الإجراء.

فيما قال »سيتي غروب« إنه سيوقف شراء العملات الرقمية باستخدام الائتمان، وهو النهج ذاته الذي سار عليه كل من »كابيتال وان« و»ديسكفر«، ما يعني أن خمس جهات رئيسة لإصدار بطاقات الائتمان في الولايات المتحدة أعلنت أو فرضت بالفعل حظرًا على هذه المشتريات.

وحذر الاقتصادي العالمي نورييل روبيني، من انهيار سوق العملات الرقمية، قائلًا إن سعر »بتكوين« ربما يهبط إلى الصفر.

فيما قال المدير العام لبنك التسويات الدولية، أوغستين كارستنس، إن على البنوك المركزية الاستعداد للتدخل من أجل الحد من المخاطر الناجمة عن العملات الرقمية التي تشكل مخططات احتيالية.

و يثير العملة المخاوف لتسهيلها العمليات المشبوهة وغسيل الأموال، في ظل غياب الرقابة.

وقفزت القيمة السوقية للعملات الافتراضية بنحو كبير في 2017، لتنهي العام عند 569.7 مليار دولار، بزيادة 552 مليار دولار عن أرقام 2016.

ولا تملك العملات الافتراضية، رقمًا متسلسلًا ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية، كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، دون وجود فيزيائي لها.

كيف بدأت وهل ستنتهي ؟

بدأت فكرة »البيتكوين« عام 2008 على شكل ورقة بحث علمي قدمها شخص ياباني الجنسية، رمز لنفسه باسم ساتوشي ناكاماتو، وكان هدفه تغيير الاقتصاد العالمي بنفس الطريقة التي غيرت بها شبكة الإنترنت أساليب النشر.

وسرعان ما بدأت الانتشار في عدد من دول العالم في 2009، وأخذت قيمتها في الارتفاع مقابل العملات الرئيسة الأخرى مثل الدولار الأمريكي واليورو.

وعندما بدأ التعامل بالعملة عام 2009 كان لا يتجاوز سعر صرفها مقابل الدولار الأمريكي 30 سنتاً، ولكن سرعان ما تضاعفت تلك القيمة خاصة مع زيادة التعامل بها، حيث تشير تقارير إلى أن الصين تتداول ما يساوي 100 ألف عملة منها يوميًا، خلال التداولات اليومية.

وكانت العملة بدأت عام 2016 عند مستوى 435 دولارا، ويربط كثير من الخبراء ارتفاع قيمتها بالانخفاض المطرد لليوان الصيني الذي هبطت قيمته ما يقرب من 7 في العام نفسه.

وتُظهر البيانات أن معظم تداول عملة بيتكوين يجري في الصين، ولهذا فإن أية زيادة في الطلب من هناك تميل إلى أن يكون لها تأثير كبير على السعر، حيث يعد عدم خضوع البيتكوين إلى سلطة مركزية، ميزة جاذبة للراغبين في الالتفاف على ضوابط رأس المال في دول مثل الصين.

وسجل سعر صرف عملة »بيتكوين« صعوداً صاروخياً خلال العام الماضي 2017 حيث اقترب من مستوى 12 ألف دولار بعد مكاسب خيالية حققتها خاصة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

غير أن قيمتها انهارت منذ بداية العام الحالي 2018 وهبطت دون الـ7 ألف دولار وسط تساؤلات حول مستقبلها.

حظر عربي وفتاوى بتحريمها

وفي العالم العربي صدرت في السعودية ومصر وفلسطين، فتاوى تحرم تداول العملات الافتراضية المشفرة، وأبرزها ببيتكوينا.

وحذر عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبد الله المطلق، من التعامل بالعملة الافتراضية المشفرة بالبتكوينا، نتيجة لمخاطره الكبيرة جداً.

وقال خلال لقاء مع التليفزيون السعودي في يناير/ كانون الثاني الماضي بنحذر من الدخول فيها لأن المال غال والشرع حرم إضاعته وأكله بالباطلا.

من جهتها أقرت دار الإفتاء المصرية، بحرمة وعدم جواز تداول عملة ببيتكوينا الافتراضية، والتعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارة وغيرها.

وأفتى شوقي علام مفتي مصر، بعدم اعتبار العملة الافتراضية ببيتكوينا وسيطاً مقبولاً للتبادل من الجهات المختصة.

وأرجع المفتي بعلاما التحريم وعدم الجواز إلى بالضرر الناشىء عن الغرر والجهالة، والغش في مصرِفها ومعيارها وقيمتهاا.

وأصدرت دار الافتاء الفلسطينية، الشهر الماضي، فتوى تحرم فيها التعامل مع العملة الافتراضية بما فيها بالبيتكوين«.

وأرجعت دار الافتاء سبب تحريم العملات الافتراضية في فلسطين، الى ارتباطها ببالمقامرةا، واحتوائها على الغرر الفاحش بحسب ما جاء في بيانها.

وقالت دار الافتاء ان العملة الافتراضية ببيتكوينا وغيرها من العملات، لا يجوز بيعها أو شراؤها لأنها عملة ما زالت مجهولة المصدر، ولا ضامن لها وشديدة التقلب وتتيح مجالاً للنصب والاحتيال.

وكان المغرب منع التعامل بـ»البيتكوين« في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مع تنامي عدد المستخدمين الذين يتعاملون بها، لتصبح بذلك ضمن أوائل الدول العربية التي تجرم العمل بتلك العملات التي تثير الجدل والمخاوف.

وأصدر مكتب الصرف الحكومي، حينها، بيانًا قال فيه إن التعامل بهذه النقود الافتراضية، يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري العمل به، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات.

وأكد بيان مشترك آخر صادر عن وزارة المالية المغربية والمركزي المغربي والهيئة المغربية لسوق الرساميل، أكد على غياب حماية العميل الذي يتعامل بـ»البيتكوين«، فضلا عن غياب حماية قانونية لتغطية الخسائر التي قد تنتج عن تعطل منصات التبادل، وغياب إطار قانوني خاص بحماية مستعملي هذه العملات عند إنجازهم للصفقات.

ويخشى المغرب على اقتصاده وعملته المحلية، نتيجة لخروج النقد الأجنبي عبر تجارة العملات الافتراضية، ما قد يخفض في مرحلة من المراحل معروض النقد الأجنبي.

من جهتها منعت الجزائر »البيتكوين« في قانون المالية لعام 2018، و

وجاء في المادة 117 من القانون الذي دخل حيز التطبيق أنه »يمنع شراء العملة الافتراضية وبيعها وحيازتها«.

وأضافت: »العملة الإفتراضية هي تلك التي يستعملها مستخدمو الانترنيت عبر الشبكة العنكبوتية، وهي تتميز بغياب الدعامة المادية كالقطع والأوراق النقدية، وعمليات الدفع بالصك أو بالبطاقة البنكية«.

ووفق المادة 117 ذاتها، فإن مخالفي هذا الأمر يعاقبون وفق القوانين السارية المفعول في البلاد.

بدوره أعلن مصرف قطر المركزي في فبراير/ شباط الماضي حظر التعامل بالعملة الافتراضية »البيتكوين« بأي شكل من الأشكال أو تبديلها بأي عملة أخرى داخل قطر.

وأوضح »المركزي«، في تعميم للمؤسسات المالية، أنه لا يجوز فتح حسابات للتعامل بها، أو إرسال أو استقبال أي حوالات مالية بغرض شراء أو بيع تلك العملة.

وبحسب التعميم سيتم توقيع العقوبات المقررة، وفقا لأحكام قانون مصرف قطر المركزي حال مخالفة التعليمات.

وتابع المركزي: »يأتي الحظر حرصا على سلامة الجهاز المالي والمصرفي، بعد أن نشط مؤخرا وفي مختلف دول العالم، التداول بالعملات الافتراضية ومنها ما يسمي البيتكوين«.

وذكر المركزي القطري، أن »البيتكوين« عملة غير قانونية لعدم وجود أي التزام من جانب أي بنك مركزي أو حكومة في العالم لتبديل قيمتها مقابل نقود صادرة ومبرئة للذمة، أو مقابل سلع عالمية متداولة، أو مقابل الذهب.

وأورد التعميم، أن التعامل بهذه العملات يكتنفه مخاطر عالية تتمثل في تذبذب قيمتها بشكل كبير، وإمكانية استخدامها في الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية.