قرار نقل السفارة الاميركية الى القدس غيمة راعدة فوق الواقع الاقتصادي العربي

بيروت جاد الحاج

بات محسوماً ان اقتصادات العالم العربي مرتهنة بالكامل لدى الأحوال الامنية والحروب في طليعتها.وليس التورط في المعارك وحده ما يؤثر على موازين التجارة وبورصات العملة ومناحي التبادلات التجارية، بل إن شد حبال المقاطعات الدولية والعقوبات وما ينتج عنها من اقتصادات موازية تبقى مفاعيلها خارج البيانات الرسمية، تشكل في المحصلة الاخيرة عوامل ضغط بقدرما قد تؤدي الى انفراجات موقتة على الصعيد الشعبي.لذا يجدر القول ان قراءة الاوضاع الاقتصادية في العالم العربي تختلف عن مساراتها الكلاسيكية في العالمين الثاني والاول حيث تلعب الصناعة والتجارة والقيمة الشرائية ومعدلات التضخم دورالمؤشر الواضح، في النسب والبيانات والارقام.

في الاردن، مثلاً، تبلغ قيمة الناتج الفردي محلياً 4135 دولارا، مقابل قوة القيمة الشرائية البالغة 9040 دولارا، ومستوى التضخم لا اكثرمن 2 4 بالمئة، مما يشي بوجود تعويمات مالية من خارج الحدود بعضها مساهمات استثمارية لرجال اعمال أردنيين يعيشون في المهاجر البعيدة او في الدول العربية، خصوصاَ دول الخليج.بالإضافة الى مداخيل اليد العاملة الاردنية المهاجرة التي تساهم بدعم عائلاتها المقيمة على وتيرة دائمة.ويتلقى الاردن اعلى مستويات الدعم المالي واللوجيستي لرعاية مخيمات اللاجئين السوريين.

سياسياً، يفرض الملك عبد الله الثاني قبضته المتينة على زمام السلطة في عمان والمملكة.ويحظى بدعم مطلق من القوات المسلحة ومؤسسات الدولة المحافظة على ولائها للعرش الهاشمي.لكن من المفترض أيضا بالملك عبد الله أن يعمل جاهدا لاستيعاب الآثار السلبية المباشرة والجانبية المترتبة على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي باعتراف واشنطن بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، وبنقل مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية إلى أحياء المدينة الغربية هذه السنة، حين ينتظر أن تشغل السفارة مبنى أو أكثر من أملاك المقدسيين العرب.

في الوقت نفسه، يعتبر التهديد السلفي على الساحة الأردنية المحلية قيد الاحتواء نتيجة تمتع تنظيم الإخوان المسلمين بالتمثيل في البرلمان.إلا أن مردود إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا الجارتين، وقبل ذلك في أطراف لبنان الشرقية، تطور ينتظر أن يرفع مستوى التهديد الإرهابي نتيجة عودة الأفراد الذين كانوا منخرطين في صفوف داعش والمتمسكين بالفكر السلفي الجهادي العنيف.من جهة ثانية، يردد الخبراء المتخصصون توقعهم بأن تساعد المشاريع الكبرى في قطاع الطاقة على تحفيز النمو في الأشهرالمقبلة.

الجزائر

 قبضة اخرى على الحكم طوال عشرين سنة!

الثمانيني عبد العزيز بو تفليقة، لا شيء يهدد سلطته اكثرمن صحته الشخصية، ويثير احتمال وفاته خشية من إمكان نشوب أزمة خلافة يصعب التنبؤ بحصيلتها، لا سيما أن القوى العسكرية والمدنية الملتفة حوله بتوازن دقيق ينتظر أن تجد نفسها في وضع مرتبك تسوده البلبلة. في هذه الحال، ليس مستبعدا أن يتعرض الاقتصاد الجزائري المعتمد بصورة كبيرة على الثروة الهدروكربونية للاهتزاز ولضعف معدل نموه، بينما لا يستبعد كثر تصاعد حال الاستياء وعدم الرضى في أوساط الشعب بسبب تفشي البطالة وارتفاع الاسعار والاكتظاظ المديني بالنازحين من الريف.

 من المقرر للدولة أن تعتمد نظام الفواتير المستحقة على استعمال الهاتف الخلوي المحمول، الأمر الذي يعمل على تحسين فرص وصول غير الميسورين ماليا إلى هذه الخدمات.

السعودية

 يواصل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، عملية نقل السلطة الفعلية في البلاد إلى نجله وولي عهده الأمير محمد، الذي أصبح في العام المنصرم ولي العهد رسميا بعد نزع هذا الموقع من يد ابن عمه الأكبر سنا، أ الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز.وليس مستبعدا أن تساهم الخطط الرامية إلى إنعاش الاقتصاد والحفاظ على قوة اندفاعه في رسم السياسات الداخلية وربما الخارجية للمملكة في وقت يلاحظ تراجع عابر وموقت في نهم الأسواق الدولية إلى النفط الخام.إلا أن التقدم في تطبيق خطة تنويع الاقتصاد وتطويره حسب رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد سوف يتسم بالبطء، وبخاصة مع حاجة الرياض إلى المزيد من الموارد بعد إبرامها صفقة القرن مع الولايات المتحدة في أيار )مايو( الماضي البالغة قيمتها الاسمية المعلنة 480 مليار دولار.

يعرب الكثير من المراقبين عن خشيتهم من أن تؤدي أسعار مواد الطاقة المنخفضة والمقترنة بالانضباط المالي إلى إثارة موجة من الاستياء وعدم الرضى في أوساط المواطنين العاديين.وربما سعى بعضهم إلى ربط هذه الحال مع الاستياء تجاه اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وقرار الرئيس ترامب يوم 6 كانون الأول )ديسمبر( المنصرم بنقل سفارة بلاده إلى القدس الغربية في العام المقبل.

سوريا

من المتوقع لحدة القتال المندلع عبر الأراضي السورية أن تتراجع بشكل ملحوظ مع دحر قوات تنظيم داعش في وسط البلاد وشرقها، وتقلص مناطق الاشتباك.من جهة اخرى، ثمة خطر جدي من أن تظل أقسام لا يستهان بها من شرق سوريا وشمالها الشرقي خاضعة لنفوذ مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية )قسد( الكرد بأكثريتهم الساحقة وخارج نطاق سيطرة الدولة خلال 2018.

ينطلق العام الجديد والدولة برئاسة الدكتور بشار الأسد تفرض سيطرتها على المناطق المدينية الكبرى ومحيطها الريفي المباشر، بينما يسجل استمرار وجود جيوب صغيرة ومحدودة لمقاتلي داعش في أرياف دير الزور على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث أخذت قوات سوريا الديمقراطية ذات الطابع الكردي تنتشر بدعم أميركي مباشر، الأمر الذي يصح أيضا على كل من محافظتي الرقة والحسكة، حيث لا تزال قوات الجيش السوري تفرض سيطرتها على جيب هام ولو صغير في مركز المحافظة الأخيرة.أما في محافظات حماة وحلب ودرعا، فيواجه الجيش جيوبا هامة من المسلحين التابعين لجبهة النصرة، أو حتى تنظيم داعش، والعديد من الجماعات السلفية الجهادية المسلحة المعروفة بتطرفها في كثير من الحالات.كما تظل محافظة إدلب برمتها خاضعة لسيطرة جبهة النصرة وكذلك لقوات عسكرية تركية دخلت إلى المحافظة في الشهر ما قبل الأخير من العام المنصرم.

العراق

ليس مستبعدا أن تشهد سوريا حركة نشيطة على نطاق ضيق ترمي إلى تنفيذ عملية إعمار محدودة ولا سيما في المناطق المحررة من سيطرة قوات داعش، حتى لا تصبح مناطق نفوذ للقوى المتنافسة والمتناحرة.

بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية والإنجازات الميدانية والسياسية، يبدو رئيس الحكومة الدكتور حيدر العبادي في طليعة المرشحين للفوز في الانتخابات البرلمانية المقررة في نيسان )أبريل( المقبل.

ليبيا

.تسعى حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بتأييد ودعم الأمم المتحدة جاهدة من أجل توسيع نطاق سيطرتها على الأجزاء الشرقية من البلاد، حيث تنشط إدارة حكومية منافسة بزعامة السياسي المعروف عبد الله الثني، وهي مرتبطة بالبرلمان الليبي الذي يحظى باعتراف دولي.

يبدو وقف النار الهش بين قوات حكومة الثني بقيادة المشير خليفة حفتر صامدا، وبخاصة مع تحديد موعد للانتخابات البرلمانية.إلا أن حظوظ التوصل إلى تسوية فعلية أو حل دائم تبدو هزيلة.من ناحيته، ليس مستبعدا للاقتصاد أن يعرف بعض الانتعاش والنمو مع إعادة عدد من حقول النفط الخاملة في الوقت الحاضر إلى وضع الإنتاج والإفادة من عائد بيع نتاجها.

مصر

المتوقع للانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها قبل نيسان )أبريل( المقبل أن تسفر عن تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للمنصب لولاية ثانية.فالرجل يتمتع بتأييد قوي وثابت ضمن مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية والأوساط القريبة من الأفراد العاملين في القوات المسلحة والمؤسسات المرتبطة بها.

في حال إعادة انتخاب الرئيس السيسي، فإن من المرجح أن يواصل الدفع قدما في عملية تطبيق الخطة المالية الاقتصادية التي يساندها ويدعمها صندوق النقد الدولي، علما أن من الشائع الكلام عن سعي الخطة إلى إعادة التوازن إلى بنية الاقتصاد الوطني مع تحسين جو الأعمال والشركات.

من المفترض بعائد تنفيذ هذه الخطة هذا إذا كان مردودها مطابقا للزعم بخصوص إنتاجيتها أن يساعد في تحسين مستويات معيشة المواطنين العاديين، الذين تشكو شرائح واسعة بينهم من تصاعد معدل التضخم المتمثل في تناقص قدرة الناس الشرائية وتبخر رواتبهم ومقبوضاتهم بسرعة متزايدة مع خسارة الجنيه المزيد من قيمته في أسواق القطع عند صرفه في مقابل سعر الدولار الأميركي.هذا ما قد يستتبع انطلاق سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية، وتنظيم مظاهرات حاشدة من حين إلى آخر للمطالبة باستمرار الدعم وبالتخفيف عن كاهل المواطنين المصريين.

أما الدعوات التي تطلقها جماعات إخوانية أو جهات ذات نزعات سلفية إلى »مقاومة منظمة«، فلا يحتمل أن تحظى بآذان صاغية ولن تجد من يلبيها.والمؤكد أنها سوف تذهب أدراج الرياح في حال تحقق توقع بعض الجهات الاقتصادية الخبيرة بتحقيق البلاد مستوى مقبولا من معدل النمو والانتعاش مع تحسن ملحوظ في مستوى المعيشة.

إلا أن الخشية تزداد من احتمال استغلال الجهات الإخوانية والسلفية الجهادية للأوضاع المستجدة والمشاعر المحتقنة غضبا وسخطا بعد قرار الرئيس ترامب يوم 6 كانون الأول )ديسمبر( المنصرم، وتسلل هؤلاء إلى التحركات الشعبية الاحتجاجية التي تميزت بضيق نطاقها وضعفها الظاهر في الأسبوع الأول اللاحق لإعلان ترامب، الذي حمل كلا من شيخ الأزهر وبابا الأقباط إلى رفض استقبالهما لنائب الرئيس الأميركي عندما يقوم بزيارة رسمية إلى القاهرة.

المغرب

لقد صار في الآونة الأخيرة إلى تعزيز الأدوار التي يؤديها كل من رئيس الحكومة والبرلمان في المغرب.مع ذلك، لا يزال العاهل المغربي، الملك محمد السادس، يحتفظ بالسيطرة الاستراتيجية، بينما يتمتع بمقدار غير يسير من التأييد السياسي والشعبي، وهو في ذلك يستند إلى نتائج الانتخابات العامة التي جرت قبل قرابة عام.

من ناحيتها، تعتبر الحكومة الائتلافية القائمة برئاسة عبد الإله بنكيران منقسمة على نفسها حول عدد من المسائل والقضايا، بما في ذلك اهتمامها بالطريقة التي يمكن لها اتباعها بهدف معالجة حال الاضطراب والبلبلة في منطقة الريف الشمالي.

في جميع الحالات، من شبه الحتمي أن يختبر النمو الاقتصادي تباطؤا ملحوظا نتيجة انهيار العائدات بعد أن اختبرت البلاد محاصيل ضعيفة إن لم تكن بائرة بصورة تامة.

العراق

المرجح أن يبدأ العام الجديد وقد انتهت القوات المسلحة العراقية مرفودة بقوات الحشد الشعبي من تنظيف بادية الأنبار ونينوى والجزيرة من جيوب داعش، الأمر الذي يعني القضاء على آخر تواجد عسكري متماسك ومتراص لهذا التنظيم على أرض العراق.مع ذلك، يخشى العديد من المراقبين، ولا سيما الغربيين بينهم، من استمرار تهديد داعش الأمني والفتنوي في البلاد لأعوام مقبلة غير قليلة.

من المفترض بالسلطة أن تعمل بكثير من الانضباط والتشدد لضبط الأوضاع في المناطق المحررة من سيطرة قوات داعش، حتى لا تصبح مناطق نفوذ للقوى المتنافسة والمتناحرة، الأمر الذي تحقق بشكل مريح في محافظات كركوك وديالا وصلاح الدين بعد القضاء على جيب داعش الهام في منطقة الحويجة.

المتوقع أيضا أن تهتم الحكومة بمعالجة الأوضاع السياسية، وبخاصة مع احتمال تزايد غليان تطلعات الأكراد بزعامة الملا مسعود البرزاني إلى زيادة مستوى حكمهم الذاتي إن لم يكن الاستقلال التام لإقليمهم، وبخاصة بعد أن انكمشت حدوده حتى انحصرت في منطقة الجبال الشمالية، كما كان الحال قبل العام 1991، وبالتحديد أكثر قبل العام 2003.

بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية والإنجازات الميدانية والسياسية، يبدو رئيس الحكومة الدكتور حيدر العبادي في طليعة المرشحين للفوز في الانتخابات البرلمانية المقررة في نيسان )أبريل( المقبل.