جولة لـ»الحصاد« على المسلسلات العربية لشهر رمضان 2018

من بيروت ـ رنا خير الدين

شهر رمضان جمّعنا على المسلسلات الدرامية وكان منفّذاً لأهل النقد والدراما من أجل صبّ كل عوامل الدراما العربية المناسبة، وهنا لا بدّ من الإشارة أن على من يعمل في مجال الدراما والإنتاج الفنّي الالتفات أكثر وأكثر إلى واقع المجتمع وما يحتاجه الجمهور كي تكون الدراما منبثقة عن سبق تصميم.

لذا، تماشياً مع المتطلبات تعرض »الحصاد« جولة سريعة على أبرز المسلسلات الرمضانية العربية لعام 2018، حفاظاً منها على تقديم مادة اجتماعية تساعد المشاهد في انتقاء مسلسلاته في الأعمال اللاحقة، وتكون لفتة للقائمين على الدراما والسيناريو للوضع في الحسبان المعايير الأخلاقية والمهنية والمجتمعية للبناء السلوكي للمجتمعات العربية، وعليه يتم اختيار القصص والمواد.

وتجدر الإشارة، أن الهدف الأساسي ليس الإهانة أو النقد بل الإضاءة على أبرز الأعمال التي حملت رسالة بغض النظر إن كانت الرسالة قد وصلت بالطريقة الصحيحة أم لا، فيبقى على الصحافة دور الإضاءة موضوعياً على ذلك.

وبعيداً عن نوعية الإنتاج الدرامي لا بدّ من الإشارة أن شركات الإنتاج تعمل مداورةً لحصد أكبر عدد من المشاهدين ورفع نسب المشاهدة على المحطّات التلفزيونية التي بدورها ترفع نسب الإعلانات، فهذه البروباغندا التي تعتمدها القنوات هي بالدرجة الأولى عامل جذب للإعلانات،

الممثلة حياة فهد في مسلسل مع حصّة قلم

ورفع سقف المنافسة، لذلك تتنافس فيما بينها للحصول على مسلسلات لفنانين لهم شعبية واسعة لدى الجمهور.

فيما يلي نعرض لكم جولة »الحصاد« الدرامية على مسلسلات شهر رمضان 2018.

«جوليا« جرعة كبيرة من الكوميديا

عمد كلّ من المخرج إيلي ف. حبيب والمخرج المنفّد سالم الحدشيتي إلى جانب المؤلّف مازن طه إلى بلورة صيغة جديدة من جرعة زائدة في الكوميديا اللبنانية الطريفة في مسلسل »جوليا« الذي يُعرض على قناة »ال بي سي«.

«جوليا«، التي تلعب دور بطولته الممثلة ماغي بو غصن، هو خليط واقعي مضحك، بعيد عن الركاكة والهزليّة، حيث أن »جوليا« فتاة شابة تعشق التمثيل إلى حدّ الجنون، لا بل تعيش الدور والشخصية في حياتها اليومية ليس فقط أمام الكاميرا، فتصبح الشخصية هاجساً يطاردها أينما حلّت ولا تستطيع السيطرة عليه، ويتطور وضعها بشكل طردي مع الأحداث وبموجة عكسية في مشوارها، الأمر الذي يضع »جوليا« في مواقف محرجة ومضحكة في آن.

هذه الكوميديا العائلية على الرغم من وضوح فكرتها العامة والأساسية إلى أنّها تشدّ الكبير والصغير إلى مشاهدتها، من جهة من خلال الأداء المضحك المتزامن مع عرض الحلقة أو من ناحية تبدّل الشخصية والدور الذي تؤديه »جوليا« في كلّ بضعة حلقات، الأمر الذي يعطي انتعاش وحيوية للمسلسل ويُرغب المشاهد بالمتابعة.

كما أنّ الأدوار بالمجمل هي إلى حدّ ما قريبة إلى المشاهدين بفعل سلاستها وبساطتها، مع إضفاء ميزة لكّل منها تكون محور بروز »عقدته« النفسية التي تظهر بكادر جميل وخفيف الظلّ.

يمكن القول أن الانتباه ومداراة الفعل وردّ الفعل عند الجمهور أمرٌ أساسي وضروري، ومراعاة أن شهر رمضان هو شهر العائلة، والمراهقين سيرغبون بمتابعة الأعمال الرمضانية أكثر من الكبّار، لذا لا بدّ من اعتماد مادة درامية متوجّهة وهادفة أكثر من الاعتماد على تلك التي تصوّر مساوئ المجتمع دون معالجتها، ويمكن القول أن »جوليا« نجح في تقديم نوع من الكوميديا الخفيفة التي تصلح للجميع الأعمار دون أن تترك أثراً سلبياً على هذه الشرائح.

يذكر أن العمل شارك فيه عدداً من الممثلين اللبنانيين والسوريين، أبرزهم: ماغي بوغصن بدور »جوليا«، قيس شيخ نجيب بدور »الدكتور عاصي«، تقلا شمعون بدور »ديانا«، جيسي عبدو بدور الصحافية ريما، ليليا الأطرش بدور »غنوة« وسلطان ديب بدور شادي«.

«الهيبة« فقد هيبته مع »العودة«

لا يمكن المرور على سلسلة الأعمال الدرامية اللبنانية دون المرور على مسلسل العام الماضي لشهر رمضان الماضي مسلسل »الهيبة« الذي اختار »العودة«… ويا ليته لم يعدّ!

الهيبة العودة

«العودة« الجزء الثاني من مسلسل »الهيبة« تدور أحداثه قبل أربع سنوات أي إلى الفترة التي سبقت أحداث الجزء الأول.

وهنا يجب التوقف عند أسباب هذه »العودة«، فلما أراد المخرج سامر البرقاوي هذه »العودة«، هل لإعادة »شاهين« من الموت، أم أنها محاولة لتغطية غياب نادين نسيب نجيم عن الجزء الثاني؟ في شتّى الحالات فإن البرقاوي قد خسر منذ بداية العروض الرمضانية حماس الجمهور. »العودة« لم يكن عند حسن ظنّ المشاهد، كلّ من تابع الجزء الأول كان لديه فضول في معرفة ماذا سيحلّ بـ»عليا« و«شاهين« و»جبل« لكن المخرج فضّل فكفكة الأحداث وإعادة برمجتها حسب تسلسل في »العودة«، فهل سنشهد جزءاً ثالثاً يعود به المخرج إلى ما قبل ولادة »جبل«؟

إلى ذلك، لا بدّ من الإشارة أن دخول كبار الممثلين اللبنانيين أضاف إلى المسلسل هيبة إلى حدّ ما أمثال أحمد الزين ورفيق علي أحمد، وأعطى وجهاء »الهيبة« دوراً في إدارة شؤونها وأمور أهلها، واللافت في هذا الجزء الرسالة منه، في صدّ »جبل« )تيم حسن( أي محاولة تهريب الأسلحة الثقيلة إلى سورية.

أمّا منى واصف »أم جبل« أثبتت مجدداً أنها مدرسة في الأداء والتمثيل التي أنسجت خيوط مدرستها بقوتها وثباتها.

طاقم العمل: تيم حسن، نيكول سابا، أويس مخللاتي، منى واصف، عبدو شاهين، ميريام عطا الله، رفيق علي أحمد، فادي أبو سمرة، فاليري أبو شقرا، ختام اللحام، عبدالمجيد مجذوب، أحمد الزين، خالد السيد، نقولا دانيال، ميرفا القاضي، نتاشا شوفاني ونجاح سفكوني.

«تانغو« خيانة ومفاجآت

لا شكّ أن كاتب السيناريو أياد أبو الشامات قد برع في انتقاء الحوار والحبكات في قصة المسلسل الاجتماعي »تانغو«. »تانغو« الذي تدور أحداثه حول قصة عشق من الطراز الأول لكنها محجوبة، وممنوعة لأن البطلين متزوجين.

تدور أحداثه حول أربعة شخصيات تجمعهم علاقات مهنية وصدقة مشتركة. تسارع هذه الأحداث تسمح للمشاهد بالانسياق تلقائياً معها. يؤدي باسل الخياط دور »عامر« الذي لم تكشف حتى الآن تفاصيل شخصيته وهو الأمر الذي يترك تشويقاً في تحليل وبناء شخصية البطل من أجل رسم وتخيّل ما قد يحدث في الحلقات التالية.

يقع في هذا العمل على عاتق المشاهد عدّة مهمات لا مهمة المشاهدة فحسب، بل هو تارةً يكون المحقق ويضع افتراضيات حول مقتل »لينا« التي تؤديه دانييلا رحمة، التي أثبتت وعلى عكس التوقّعات أنها صاحبة إرادة وليست صورة أو عارضة للمنتجات والسلع العالمية وتارةً أخرى ناقد عاطفي للأحداث والمجريات. بين هذا التحليل وذلك الاستباق عشرات العقد والرموز يجب تفكيكها، لدى المشاهد المجال في التوسّع برأيه والمشاركة في أحداثه.

من دانييلا رحمة في »لينا« إلى باسم مغنية الذي يؤدي دور الزوج »سامر« الذي تعرّض للخيانة من قبل زوجته، وتاه ما بين صديقته التي أحبّها وزوجته التي لم تترك له سوى خيار الكره. مغنية بالغنى عن التعريف فأدائه وحضوره كفيلين بأن يجعلا المشهد مليء بالمعاناة

تانغو

والانفعال.

الصورة تكتمل للرباعي عند الممثلة السورية دانا مارديني التي تؤدي دور الزوجة المدمنة المفجوعة بخيانة زوجها لها مع صديقتها المقرّبة. مارديني عبّرت بكلّ معنى الكلمة عن المرأة الغاضبة، المتمردة الحزينة والغاضبة، وصوّرت الحالة بكلّ تفاصيلها وتمكنت من إقناع المشاهد بصدق إحساسها رغم أنها تعرّضت لنوبات واضطرابات.

«طريق« يتربّع على عرش الماراتون الدرامي

مع تسارع وتيرة الأعمال الدرامية تقع معظمها في فخّ المطبّات، حيث يسير المسلسل على وقع سريع وعالي من الأحداث ويخفت شيئاً فشيئاً بعد الحلقة الخامسة عشر، على عكس ما جرى مع مسلسل للكاتب نجيب محفوظ الذي سارت أحداثه الأولى حول حياة شابة محامية تدعى »أميرة بو مصلح«، تؤدي الدور الممثلة نادين نسيب نجيم، »أميرة« تعيش حياة شبه عادية إلى جانب والدتها وأختها، تبحث من كل ميل على عمل حتى تؤمّن وضع أفضل لعائلتها، لكن »طلال« صاحب المنزل والمحطّة يطمع ببيعهما ورمي »أميرة« وعائلتها خارجاً. وهنا تبدأ الحكاية حين تتعرف على »جابر« الذي يؤدي دوره الممثل السوري عابد فهد. وتجمعهما قصة اجتماعية تنتهي بالزواج لكن سرعان ما تبرز بينهما الاختلافات الفكرية ونمط العيش، لأن الاختلاف يجرّ إلى الخلاف.

عابد فهد استطاع كسر حاجز جديد ويثبت صفة جديدة لديه في التمثيل تتمثّل بقدرة على ملاءمة الشخصية مع طبعه، حيث يبرز بدوره ذلك الراعي الغني الذي يعيش نمط حياة أقل من عادي من دون أي جديد أو تطوير. أما »أميرة« فتبرز نقاط قوتها كثيراً خصوصاً أنها تبرز تلك المحامية شاطرة القوية، كما تحب أن تبرز نجيم تحديداً، فنجيم لا تحب الأدوار الثانوية ولا تستهويها الكاميراً بقدر ما تستهويها صلابة ومتانة الدور الذي تؤديه.

نجح »طريق« في مواءمة الحذر من الوقوع في فخّ سرعة الأحداث، وبدأت الأحداث تتبين واحدة تلو الاخرى مع اقتراب النهاية، ليترك المسلسل طابعاً لدى المشاهد فيه نوع من الراحة النفسية بعيداً عن التوتر والقلق.

وتجدر الإشارة إلى أن مشهد »جابر« يرقص قد حصد ضّجة إيجابية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث أن فهد أدّى دوره بنجاح وتقرّب بأدائه من جمهوره أكثر.

قصة المسلسل للكاتب نجيب محفوظ، حوار وسيناريو لسلام كسيري وفرح شيا. شارك في التمثيل إلى جانب البطلين كلّ من ختام اللحام، وفاء الموصللي، عبد الهادي الصباغ، نهلة عقل داوود، زينة مكي وجنيد زين الدين.

رسائل مبطنة في »عوالم خفية«

لا شبيه بإبداع الممثل المصري الكبير عادل إمام ولا تجوز المقارنات عليه، فهو حالة فنية لا بل مدرسة في التمثيل وأسطورة في الأداء، وبرزت تلك الأسطورة مؤخراً في مسلسل »عوالم خفية« الذي يؤدي فيه دور »الأستاذ هلال« الصحافي المعروف المعارض للحكومة ويشغل

جوليا

منصب في جريدة »نبض الشعب«، وكانت مقالاته تثير الرأي العام.

دارت أحداث المسلسل حول جريمة قتل ممثلة مصرية »مريم رياض« في مدينة الإسكندرية وقُيّدت على أنها انتحار. »مريم« في أيامها الأخيرة أي خلال ابتعادها عن الأضواء والشهرة دوّنت مذكّراتها التي تحمل فضائح اقتصادية وقضايا فساد لأسماء معروفة وسياسيين في البلد، استخدمت بذلك الرموز والإشارات في مذكّراتها داخل كتاب »عوالم خفيّة«. تقع هذه المذكّرات صدفة بيد الصحافي »هلال« الذي يبدأ تحليل رموز شخصية »مريم رياض« ومضامين مذكّراتها التي عرضت فيها الأحرف الأولى لأسماء الفاسدين والمجرمين. وعليه، يتعرّض »هلال« للضغوطات من جهاز أمن الدولة ومن جهات سياسية كثيرة، كما يعرض عليه مبالغ طائلة من أجل عدم الإفصاح عن المفسدين، كما يتعرّض للخطر وعائلته عّدة مرّات بعد عرض الوثائق والكشف عن القضايا.

وفي إطار الحماس والتشويق سجّل المخرج رامي إمام شوطة مهمة في تاريخ الإخراج المصري حيث سجّل جودة ومهارة عاليتين في تقديم الصورة والأحداث الدرامية بكادر بوليسي كوميدي خفيف ومشوّق في آن.

شارك في العمل: صلاح عبد الله بدور »دراز أبو المعاطي«، فتحي عبد الوهاب بدور »رؤوف«، بشرى بدور »غادة كامل«، هبة مجدي بدور »نهى مندور«، أحمد وفيق بدور »جمال«، أسامة عباس بدور »مندور شكري«، طارق صبري بدور »عماد هلال«، محمود حجازي بدور »عصام«، أشرف مصيلحي بدور »زياد«، خالد أنور بدور حفيد الصحفي »هلال« واسمه »عزّ« ورانيا فريد شوقي بدور »مريم رياض«.

«مع حصّة قلم« رسالة إنسانية بحت

لمعت نجمة الشاشة الخليجية الفنانة حياة فهد في مسلسل درامي رمضاني لعام 2018، حيث تركت انطباعات كثيرة حول الأداء والعمل بحدّ ذاته.

تدور أحداث العمل الكويتي حول امرأة مسنّة تعاني من فقدان الذاكرة للأحداث قررت أن تدوّن كلّ تفاصيل الأحداث التي تحدث معها كي لا تنساها، وتعيش على نمط أقلّه يسمح لها بالتأقلم والمجتمع.

وفي المشهد الأول في السجن تقول »حصّة«: »اش بيه القلم…حتى الحبر جفّ…« إشارة منها إلى أن كل ما على »هذه الدنيا فانٍ« لا يدوم، كذاكرة الانسان يأتي يوماً وتتلاشى فيه. وفي مشهد جميل لاحق تتحدث »حصّة« مع نفسها وتقول: »لولا أوراقي الملّونة التي اعتمدت عليها

طريق نادين نجيم

لكانت حياتي بيضاء خالية«.

رغم ذلك كلّه، إلى أن تدوين الأحداث لم يحمي »حصّة« من وقوعها في فخّ الخداع من المقربين والبعيدين، فتصادفها الأحداث وتعاكسها المواقف وتتعرض للخداع طمعاً بمالها وحياتها، ويضعها مرضها أمام مكائد من المقرّبين.

العمل الدرامي الخليجي يأتي في إطار اجتماعي كوميدي خفيف يحمل في طيّاته رسائل عديدة إلى المجتمع رغم أن العمل تعرّض للانتقادات من المغرّدين على وسائل التواصل الاجتماعي لما جاء فيها من ألفاظ وشتائم في تمثيل العائلة الكويتية اعتباراً منهم أن العمل يصّور العادات الشرقية للعائلة الكويتية لذا يجب مداراة السيناريو والحوار بما يتوافق مع التقاليد، مع ذلك فإن العمل كسر حاجز الرتابة والصلابة في التقديم وبرع الممثلين في أداء أدوارهم لتحقيق الهدف المنشود منه.

شارك في العمل إلى جانب الممثلة حياة الفهد، محمد جابر، زهرة الخرجي، باسم عبدالأمير، مشاري البلام، عبير أحمد، يعقوب عبدالله وغيرهم من نجوم الشاشة الخليجية.

 

 

عوالم-خفية

 

 

 

 

 

 

 

مسلسل مع حصة قلم