هواء

نعيم تلحوق

هواء

-إلى دمشق-

جائرٌ هذا الهواء،

لا يحلم كالعاشقين،

لا يطاله وردٌ،

أو زرُّ  ياسمين…

يخاف فراشةً سرحت،

واختبأت بين السنين…

….

لوتْ نسمةٌ على صدري،

أفردت وجهَها لي،

جسدُها رغيفُ الجائعين،

وجسدي عنيدٌ عنيدْ…

لا يكنزه خوف ولا يحرقه أنين،

استفاقت حبيبتي بي،

نثرت ضفائرها حولي،

فاختفى عني التعب،

كانت شفتاها خمرٌ،

وهمسُها العنب…

ما احتاج وجهها سوى فيء النهيد،

نهرها شلالُ خيال،

نهداها كوكبا برقٍ،

عيناها ملحُ ضوءٍ،

وشفتاها نسيم بحر،

وقلبها الغضب…

جائر هذا الهواء،

العنَّاب تعلَّم الرقص

من سحر ياسمينها،

كلُّ مَن مرَّ بها،

أسقته روحها،

وتركته يعاند الوقت،

والصمت،

والحنين،

وتكرز عنه التعب…

أكثر من شآم أنتِ،

تحفّينَ خاطركِ بي،

فتزهرُ البلوى الياسمينَ…

لم تظهر صورتكِ في المرايا،

ولا أدرككِ الحسينُ…

مَوتي خيالٌ سافرٌ،

مُتُّ، ثمَّ قمتُ، ثمَّ مُتُّ،

ثم نمتُ ثمَّ فقتُ ثمَّ عدتُ،

بعدما استمهلني الحنين…

تسلَّلي إلى غدي،

الليل نكَّس وعده بي،

النهار قلَّم أظافره بجنوني،

صرتُ أخاف من رمشكِ،

إذا ما جاءتني ريحٌ،

واستبدَّتني خرافة…

شكوتكِ قلبي، فانفصلتْ…

سألتكِ عني، فاتّصلتْ…

ضعتُ بيني وبين الشكوى،

كان الوهمُ قطعةَ حلوى،

يخطف ظنّي مني،

رحتُ أشحذ همَّة دمي،

لأعيدَ وصل ما قطعتْ،

صرخ الصوت بي :

لا تُجمّل حظكَ يا فتى،

فأنت أكثرُ ما استطعتْ،

… وبقي ناظري يهيمُ معكِ،

وعمري يردُّ الجواب لي،

يا فتى،

لست تدري ماذا فعلتْ…

لستَ تدري ماذا فعلتْ…

جائرٌ هذا الهواء،

وأنتِ بيني وبيني،

 جوابٌ لا يحين ْ…