في الهجرة النبوية

معن بشور.

لم تكن الهجرة حادثا عاديا في حياة الرسول )ص(، ولم تكن مجرد محطة تاريخية في حياة الدعوة الاسلامية، بل كانت بشكل خاص إعلانا ساطعا عن عمق العلاقة بين الرسالة والجهاد في سبيلها، بل بين الإيمان والكفاح من أجله…

عرف العرب قبل الإسلام وبعده هجرات وتغريبات عديدة انتقلت فيها قبائل وعشائر من قلب الجزيرة العربية إلى الساحل المتوسطي في المشرق والمغرب.. واستطاع مهاجرون في ديار هاجروا إليها ان يطبعوها بطابعهم الثقافي والحضاري…  لكن الهجرة النبوية تميزت عنها جميعا انها كانت هجرة من أجل قضية بقي المهاجرون ومعهم الأنصار يقاتلون في سبيلها حتى انتصروا وكانت لهم العودة إلى مكة بعد فتح مبين…

من هنا اكتسبت  الهجرة النبوية تلك الأهمية في حياة العرب والمسلمين وتم التقويم السنوي من خلالها وباتت عنوانا لامرين اولهما الظلم والحصار والأذى الذي تعرض له الرسول )ص( واصحابه )ر( على يد المشركين من اهل قريش وثانيهما نجاح المهاجرين مع اهل يثرب )الانصار( في إعداد جيش المسلمين الأول الذي خاض المعركة تلو الأخرى لينتصر الإسلام في النهاية وينتشر في أرض الله الواسعة…

في تفاصيل تللك السيرة النبوية المضيئة، والهجرة أبرز محطاتها، دروس كثيرة وعبر ينبغي استحضارها بعقل منفتح بعيد عن التزمت، وبفكر نير بعيد عن التعصب، واستلهامها من قبل عشرات الملايين من العرب والمسلمين الذين هجروا من ديارهم اما بسبب الاحتلال كالاخوة الفلسطينيين أو بسبب القمع والاستبداد كاللاجئين السياسيين. أو بسبب الجوع والبطالة والقهر والحروب الأهلية كالملايين ممن يركبون مخاطر البحر هربا إلى حيث يجدون لقمة خبز حرمتهم منها أنظمة الفساد والهدر،فيستمدون من تلك السيرة العزيمة على مقاومة الواقع المظلم الذي يعيشونه….ذلك أن السيرة النبوية، وفي القلب منها الهجرة، هي فعل مقاومة بكل المعايير.