اعتناق مسرحي وعشق شعريّ في مسيرة سليم علاء الدين الفنّية

من بيروت _ رنا خير الدين

شاعر الإحساس ومسرحي القلب، أثقل موهبته بالثقافة والمعرفة حتى وصل إلى أعتاب العالمية، اجتاز بصفاته الثابتة حواجز النجاح الصعبة وصعد سلمه رويداً حتى صار ما هو عليه اليوم.

الفنان الشاب سليم علاء الدين لا يرضى بالتجزئة، ولا يقبل ما هو عادي بل يسعى على الدوام إلى تقديم الأجدد والأغرب ضمن سقف الحرية والإنسانية.

»الحصاد« كان لها لقاء مع الفنان الشاب سليم علاء الدين ننقله إليكم فيما يلي.

»الحكوجي الأخوث« لقبه الدائم، هذا الحكوجي هو مشروع عمل عليه سليم علاء الدين في فترة معينة وأثبت فيه قدرته الجيدة على الإقناع والتأثير عبر تأدية الأدوار. المغزى من هذا التأثير هو العلاقة الطردية بين ذاكرة الناس وتعلقهم بالشخصية. يلعب دوراً في ذلك، بحسب الفنان سليم علاء الدين، القدرة العالية للأداء في التأثير والتأثر بالمشاهد، مع وضوح صفات محددة بالشخصية التي من شأنها أن تعلق في الأذهان، وبذلك حصل علاء الدين على لقب »الحكوجي الأخوث«.

هو الشاعر بروح الممثل، والممثل بقالب الشعر، والملحن والموسيقي والصحافي، جمع ما بين الفنون ومزجها وأنتج شخصية إبداعية مألوفة بعيدة عن التصور العادي لروحية الفنان، فهو خليط من الحب والجنون في رداء الطفل المشاغب، يصعب على الكثيرين تفكيكه.

سليم علاء الدين…فنان عصري متجدد

قصة الحكوجي

ويقول عن ذلك: »الحكوجي الأخوث هو علاقة ما بين فنون الحكي، فالحكواتي هو الذي يخبر الحكاية، وفنون الحكي التي تتوزع على الشعر، المسرح والحكاية والرقص وغيرها هي تفاعل ولقاء ما بين طرفَي التأثر والتأثير، وهذه الفنون يؤديها كل فنان بطريقته الخاصة. كل هذه الفنون اجتمعت بشخصية »الحكوجي الأخوث«، أذكر أن هذه الشخصية سبق وقدّمتها بعدة أعمال مسرحية، حتى صار اللقب المرافق لي«.

في مطلع العام 2011 ابتكر سليم علاء الدين شخصية »الحكوجي الأخوث« التي يسعى من خلالها إلى تقديم عروض شعرية بدلاً من الأمسيات… وهذه العروض يتخللها الأداء الغنائي المعتمد على التلحين الارتجالي لمقطوعات علاء الدين الشعرية والرقص والحكايات الشعبية وخاصة تلك المستوحاة من حياة قريته كفرحمام ومنطقة العرقوب، إضافة إلى تغليف العرض بأداء تمثيلي تميز به منذ بداياته الشعرية وهو يعتبر أن »الحكوجي الأخوث« هو رد جميل ووفاء للقصيدة التي أخذت بيده إلى فن التمثيل وعودة من التمثيل إليها، كما أن نص هذه العروض قوامه قصيدة علاء الدين والحكايات الشعبية.

عن سؤاله في هذا الصدد ما اذا كان فناناً شاملاً، قال: هذه الألقاب الغريبة العجيبة ما أهميتها؟ كلّها ألقاب لا تعنيني، هي بدعة موجودة ليس الا، لكنني أعمل بجهد على تحقيق رسالتي الفنية الإنسانية بالدرجة الأولى.

الزجل… نقطة البداية

بدايته مع كتابة الشعر كانت منذ الصغر، ناظماً ألوان الزجل اللبناني، قبل أن يبدأ بكتابة الشعر العامودي الفصيح وفن القصة القصيرة.

ويقول »قدّمت جولة زجلية لأول مرة عن عمر السبع سنوات، ويعود اهتمامي بالكتابة الشعرية والزجل والقصيدة المحكية إلى شغف خاص ولد معي، لا أعلم من أين جاء. عملت على عدة تجارب بداية حتى تمكّنت من نفسي وأثبت قلمي الشعري. وأشير أنني لست مع مشروع اطلاق الدواوين، ففي رصيدي ديوان لا يوجد سواه وهو »أصل الحكي«.

ويضيف »أحب كتابة الشعر، وأهوى الصعود إلى المنابر لكنني لست مع إطلاق الكتب كما يحدث اليوم، عملية تفقيس الكتب، التي هي الأخطر علينا. مشروع الكتاب هو بطاقة تعريف عن الشعر، التي يستخدمه الفرد لإثبات نفسه كشاعر وتظل ذكرى حتى بعد مماته، لذلك يجب على الكاتب أخذ الحيطة والحذر قبل نشر أي كتاب أو ديوان ويضع في الحسبان أن الكتاب ليس مشروع اليوم فقط، بل مشروع المستقبل«.

للصحافة… حكاية خاصة

عمله في الصحافة بدأ مبكراً من أيام دراسته الجامعية، فأحب هذه المهنة لكنه يعترف لأن الشعر هو الأساس إضافةً إلى المسرح.

فيقول »الشعر هو أولى خطواتي، هو من وجّهني إلى المسرح والصحافة. لكن الصحافة بشكل عام اكتشفتها في نفسي دائماً في الكثير من الأماكن والظروف.

المسرح كينونته الدائمة

المسرح بالنسبة لعلاء الدين هو أسلوب حياة، كينونة. هو المعبد الذي يمارس في طقوسه الخاصة الإبداعية، هو المكان الذي تجري فيه عملية تطهير للروح والنفس.

وعن ما اذا كان هذا المعبد بخطر، قال: »معبد المسرح في خطر في كل العالم، لم يعدّ له المكانة التي كانت له من قبل. في لبنان، أرى أنه يتفاوت من حين إلى حين، صعوداً ونزولاً، ففي فترة يمر بركود وفترة تعلو وتيرة الصوت في تقديم المسرح وليس أي مسرح«.

ويضيف »المسرح هو الاعتناق. كل دور أديته له مكانته الخاصة، لكنني أحنّ لمسرحية من إخراج جنا الحسن بعنوان »لما النوم يغادر جفونك« أو »انسوميا« في عام 2008، لعبت فيه دور متشرّد. المسرحية عبارة عن مجموعة مسرحيات عبارة  توليفة لعدّة نصوص. لدي حنين

يهوى المنابر والخطابات

لهذا الدور لأن هذا العرض كان فيه قصصاً كثيرة تشبهنا، قريبة إلينا في الواقع، وكيف نفكر. كما أحبّ عرض »زير سالم ودكتور فاوست« حيث اختارني المخرج والكاتب اللبناني الكبير شكيب خوري لبطولة رائعته »الزير سالم والدكتور فاوست« مع الممثلة اللبنانية يارا جوزيف بو نصار في واحد من أهم الأعمال المسرحية التي قدّمت على الخشبات اللبنانية في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين«.

واستمر علاء الدين في الأعمال المسرحية التي قدمته عالمياً، فعمل مع الكاتب والمخرج المسرحي الياباني المتخصص في فن النو الحديث ناووهيتو أوميواكا، وشارك في عمله »المطعم الإيطالي« الذي قدمه أوميواكا في عدة لغات وفي عدة دول ومع ممثلين من مختلف أنحاء العالم.. وقد نال علاء الدين العديد من التنويهات والتقديرات واستحسان عن دوره في هذا العمل.

ومع مطلع العام 2009 اختاره المخرج السوري الكبير نجدت إسماعيل أنزور ليكون أحد أبطال فيلمه »أهل الوفا« الذي يتحدث عن عملية الشهيد الحي وعن جنوب لبنان المقاوم حيث شاركه البطولة الممثل المتميز عمار شلق وبولين حداد إضافة إلى نخبة من نجوم الشاشة اللبنانية، حيث يقول عن هذه التجربة »كانت فريدة، لأنها كانت أول ظهور لي أمام الكاميرا، هذا العمل البطولي الذي حكى الجنوب«.

يصف نفسه بالقارئ النهم التي يعتبرها أهم صفة للممثل، فالمشاهد ذكي قادر على تفرقة الفنان المثقف عن سواه. المشاهد يلاحظ تعابير الممثل الحركية والحسيّة إضافةً إلى لغة عيونه وجسده التي تحمل معها كل ما يعرفه ويختزنه الممثل في عقله. وكل صفات النجاح في تأدية الدور لا تنفع إن لم تُثقل بالثقافة والمعرفة.

جريء باختيارته في الأداء المسرحي. فيعتبر أنه على المسرح هو مفتوح على كل الاحتمالات لكن كل احتمال في مكانه، لا شيء في المسرح مجاني، كل لقطة أو أداء أو تصرف لهم سبب وجواب يصبّ في الفعل أو الغرض من الحبكة الدرامية ككل للعرض.

سيرة مقتطفة

عمل علاء الدين في الصحافة منذ الصغر، في »مجلة أحمد« الصادرة عن دار الحدائق عام 1992، كما شارك في برنامج سفينة نوح عام 1996 وعمل في اذاعة صوت الجمال عام 2004 وفي جريدة اللواء بدءاً من العام 2005 بعد تأديته لواجب خدمة العلم، وفي مجلة روتانا عامي 2006 و2007، وفي مجلة كل النجوم 2007 وفي جريدة الأخبار 2008 و 2009.

حصل على شهادة تقدير من كلية التجارة في جامعة بيروت العربية عن قصيدة »عاشقة القمر«، هو مؤسس ورئيس المنتدى الأدبي لطلبة الجامعة اللبنانية بين عامي 2002 و 2005.

نال جائزة »ملتقى الشارقة للشباب العربي الرابع عشر« عن فئَتْي الشعر )قصيدة قانا( والمسرح، ضمن وفدٍ شكّلته وزارة الشباب والرياضة لتمثيل لبنان، بمشاركة 18 دولة عربية، عام 2003. نال جائزتي أفضل ممثل وأفضل موسيقى عن مسرحية »لما النوم يغادر جفونك« في مهرجان فيلادلفيا للمسرح الجامعي العربي في العاصمة الأردنية عمان – 2008. كما نال جائزة أفضل ممثل عن العمل نفسه في المهرجان المسرحي الجامعي في بيروت في العام نفسه.

مختارات من قصائد الشاعر سليم علاء الدين.

»قومي

قُوْمِيْ اكْتِبِيْنِيْ عَالشِّتِيْ…

تَ تِشْرَبِيْنِيْ تْرَابْ…

وِكْتَابْ…

مِنْ إِيْدِ الصُّبِحْ…

وِحْرُوْف بِتْنَدِّيْ…

يْزَلْغِطْ عُطِرْ…

يِتْشَرْدَق بْرِيْحِةْ عُمِرْ…

قَلْبِيْ أَنَا لِكْتَابْ…

قُوْمِيْ حْرِقِيْنِيْ رْمَادْ…

دَقَّتْ جرَاسِ لْمَيْدَنِيْ…

قُوْلِيْلِهُنْ جَايِيْ دِنِيْ….

تْغَيِّرْ دِنِيْ…

وْنِلْبِسْ قلُوْب جْدَادْ…

قُوْمِيْ اكْتِبِيْنِيْ عَالسَّمَا…

تَ تِلْبِسِيْنِيْ شَمْسْ

وْقُوْلِيْلِهُنْ بِالْهَمْسْ…

لِلنَّاصِرَه مَاشِيْ حَفَا وْلَلْقُدْسْ…

وْجَايِبْلِهُنْ أَعْيَادْ«

خَلِّنْ يقُوْمُوا يِلْعَبُوا لِوْلادْ…

******

مَشِّيْ مَعِيْ  عَ الشَّامْ

صَوْتِكْ بِتِرْمِ النَّوْمِ مَرْجُوْحَا…

بْتُرْقُصْ مَعِ غْنَانِيْ الْهَوَا ..

عَا نَغْمِةِ شْبَابِيْكِ مَفْتُوْحَا …

يَا صَوْتِكِ الأَحْلامْ …

بَدِّيْ نَامْ …

بَالله الْقَحِيْلِكْ كِلِمْتَيْنِ حْرَامْ …

بْيُوْتِ الْوَحِيْدِيْ مْدَنِّقَا سْطُوْحَا ..

مَا أَوْجَعِ جْرُوْحَا …

يَا صَوْتِكِ الرَّسَامْ …

مْبَارِحْ رَسَمْ عَ غَفْوِتِيْ بْلَوْنِ السَّهَرْ ..

شُوْ نَيَّمَكْ؟ قِلِّيْ

عَجِّلْ قَبِلْ مَ تْخُوْنَكِ الإِيَّامْ ….

مَشِّيْ مَعِيْ تَا آخُذَكْ عَالشَّامْ …«.