»سرير«أدهم الدمشقي

من »سرير« عن دار نلسن، يجعلنا أدهم الدمشقي ندرك أن ما لديه قد انتهى، بنص يشفي غليله ككاتب ويجعلنا نغصُّ مرات كثيرة، القاريء مكانٌ لإفراغ شحنة التعب، والكاتب يؤلمه وعيه، وحنينه وذكرياته وخيباته، يخيفه أنينٌ يفتّت قلبه ليصير معه طعما جميلا يدمنه ».

ما هذا العالم الذي تضعنا فيه يا أدهم ؟ لقد اخترت وعيك في النص وعليك أن تتركه الآن الى آخر.. أن توقف السرد وتبدأ بالذهاب الى المعنى.. العالم ممسوك أيها الفتى المنذور للغة والذي ابتكر وعيه فصار رجلا يقيم شكّه الأبدي للحياة، دون أن يحمل ورقة توت يستر فيه خبايا الوقت والزمن المرّ.

لقـد قرأت كـل أفكار أدهم بشجاعة، وللمـرة الأولـى يخيفني السرد الذي مسرَحه ـ وهـذا هـو اختصاصه ـ فحـاول أن يكبت برنـاردشو المتألم ـ النائم فيه ـ فأوضح وجهة القتل والاغتصاب والموت في صورة لشكسبير في »ما كبث« و»يوليوس قيصر«… دون أن يرشدني إلى معنى..

أدهم الدمشقي

قصص حكايات مندورة للوحش، دون ان يمسك بجذوة الحياة ـ القدر ـ توليد المعاني ؟!

أدهم الدمشقي شاعر مسرحي عالق في عُريه ولن يتمكن أحدٌ أن ينجيه من هذه المعضلة إلا لعنة أخرى يسقط فيها لتعيده إلى تحدٍ جديد لتمعين صورة الماضي والاستفادة منها، بحنكة وصبر شديدين.

قف أيها الفتى الشويري على حافة نبضك، واستلقِ على جراح ندماتك، فالابتهال بالمأساة حظ الراكضين نحو المجرة، والقاطنين في اليأس مصيرهم التفرّج على العالم دون الحياة…

لقد أفرغ أدهم في »سرير« شحنات ترسم مشهدا دون أن نحظى بنعمة الفيض…لقد أشركنا بخيباته دون أن يعلّق في ذاكرتنا مكانا لنرتشف معه قهوة الصباح على بيدر العشق، قتلنا فيه السواد وصار القارىء في جنازة دون أن يقدم أدهم له البديل…

هذه أحدى مناكصات السرد التي تخفي متعة الضوء الذي يرشدنا بحكمة الى لذة المعنى بمفردات أقل، وبفرادة أبهى…

لأدهم الدمشقي مستقبل واعد، فلن يقنعني أنه ابن الستين بسوداويته دون أن يعترف بأنه ابن الثلاثين الذي لن يتوقف عن استقراض عمره من الزمن ليعيد حياكة وعيه ورؤيته الى العالم، لذلك أدعوه إلى لحظة تأمل تجعله يقف على عتبة السبعين، ويضحك ليجعلنا نغني معا، قُمْ يا أدهم من سريرك إلى رحاب اللحظة فلن توجعني أحلامك وافكارك المجنونة…

العدد 87 –كانون أول 2018