قراءة في قرارات مؤتمر القمة العربي الأخير

قراءة في قرارات مؤتمر القمة العربي الأخير

هل استجابت القرارات أو التوصيات لتحديات الواقع العربي؟

أم أن قمة العزم والتضامن أفتقدت الكثير من العزم والتضامن!

أمين الغفاري

اجتمعت القمة العربية الأخيرة يوم 31 مارس الماضي في العاصمة التونسية. كان جدول الأعمال مزدحما فقد تعددت قضايا الأمة. خاصة منذ أن أطل الربيع العربي على الكثير من الشواطئ العربية بعواصفه وزوابعه، فهدم وطمس الكثير من القيم قبل أن يسقط رؤساء أو يزيل نظم، بدأت القمة أعمالها بمشاركة سخية في حضور الأعضاء، وقد استهلت بكلمة (الملك سلمان) بصفته رئيس القمة السابقة. ثم سلم رئاسة القمة الى(الرئيس التونسي السبسي) الذي ذكر في معرض خطابه: (أن تخليص المنطقة من بؤر التوتر أصبح حاجة ملحة لاتحتمل التأجيل، كما يجب تأكيد أولوية القضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك وتسليط الضوء عليها في الساحة الدولية، وشدد الى أن الجولان أرض عربية محتله). تحدث ألأمين العام للجامعة السيد/ أبو الغيط فذكر في كلمته (أن التدخلات من جيران العرب الأقليميين وبالأخص ايران وتركيا، قد فاقمت من تعقد الأزمات وأدت الى استطالتها، ثم خلقت أزمات ومشاكل جديدة على هامش المعضلات الأصلية، وأشار الى الأعلان الأمريكي بشأن الجولان بكونه يناقض كل الأعراف الدولية، واستطرد (ان حاجتنا تشتد اليوم اكثر من اي وقت مضى لمفهوم جامع للأمن القومي العربي. نتفق عليه جميعا ونعمل في اطاره). الكلمات تشير بالفعل الى تبني قضايا حقيقية. وتشير الى ازمات تعاني منها المنطقة العربية، وهو مايدعونا الى ترقب قرارات هامة.

وتوالت كلمات الضيوف الذين حضروا مدعوين مثل ألأمين العام للأمم المتحدة، ثم رئيس مفوضية الأتحاد الأفريقي، ثم نائبة رئيس المفوضية الاوروبية. وبعدها كلمات اعضاء مؤتمر القمة من أصحاب الجلالة والسمو والفخامة ورؤساء الوفود. صدر البيان الختامي في اعقاب انتهاء المؤتمر وتضمن على وجه التحديد سبعة عشر بندا توصف سبل العلاج للعديد من القضايا التي نصت عليها بنود البيان، وان كانت للأسف لم تحدد آليات للتنفيذ أو تحدد من هو المعني بلغة الخطاب، ذلك لا ينفي سخونة القضايا التي تستوجب موقفا واجراء وتفعيلا تطبيقا لمعنى(العزم والتضامن) وهو الأسم الذي أطلقه الرئيس التونسي على المؤتمر.

بيان الرصد و التوصيف

استهل البيان بنوده بكلمة (نؤكد) ثم مضى في سرد بنوده السبعة عشر ابتداءا بالبند الأول فقال »ان مايجمع البلدان والشعوب العربية أكثر بكثير مما يفرقها، بفضل الروابط الحضارية العريقة والتاريخ والمصير المشترك و الأخوة ووحدة الثقافة والمصالح المشتركة. وان

اجتماع القمة العربيه
بين الواقع ومرارته والآمال وتطلعاتها

استمرارالخلافات والصراعات في المنطقة ساهم في استنزاف الكثير من الطاقات والامكانيات العربية وتسبب في اضعاف التضامن العربي وأثر في الأمن القومي العربي كما أتاح التدخل في شؤون المنطقة، ثم مضى فذكر  من باب التأكيد ـ كما انه من غير المقبول استمرار الوضع الراهن، الذي حول المنطقة العربية الى ساحات للصراعات الدولية والاقليمية والنزاعات المذهبية والطائفية وملاذات للتنظيمات الارهابية التي تهدد الأمن والاستقرار والتنمية في بلداننا«.

آليات التنفيذ

يترقب المستمع للبيان بعد ذلك سبل التنفيذ وآليات الحركة لهذه الكلمات القاطعة المحددة، ويتساءل عن ماهيةالأجراءات التي سوف تتخذ. مادمنا في قمة (العزم والتضامن)، لكنها كما نتبين كلمات مرسلة تفتقد أي برامج أو خطط للتنفيذ، أو اي تكليف لجهات محددة، أو حتى التلميح الى اتخاذ اجراءات مشددة يمكن اللجوء اليها، نعود ونتساءل من جديد لماذا لاتتحدد أي التزامات، أو ان تكلف الجامعة العربية مثلا، وهي أولى المنظمات التي تتفق مهامها مع ذلك التكليف ببحث هذه القضايا وتوضع أمام القمة خطط عمل، مع بيان أوجه القوة أو القصور، ان تعذر الوصول الى نتائج ايجابية، ويكون الراي العام بعد ذلك هو الحكم بعد أن أصبح على بينه مما يدور على الساحة.

ثم يمضي البيان في بنوده فيعلن التأكيد على المكانة المركزية للقضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك وفي كل التحركات العربية في المحافل الاقليمية والدولية والعزم على مواصلة بذل الجهود من أجل اعادة اطلاق مفاوضات جادة وفعالة ضمن جدول زمني محدد،، حتى يصل الى دعوة المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي الى تحمل مسؤولياته في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني. هل غاب عن القمة العربية أن القضية الفلسطينية تعاني من أمر جلل، نراه ونسمعه، وهو الأنقسام الفلسطيني، فكيف الى وطن محتل يتنازعه ابناءه، ويتباينون في المواقف الى حد حمل السلاح، وتفشل كل المحاولات في رأب الصدع بين الطرفين، دون ان تتخذ القمة العربية موقفا واضحا امام هذه الظاهرة الدامية التي تهدد هذا الوطن السليب في عمقه، وتهدد النظام العربي كله باستشرائها، كما انها من جانب آخر تشوه القضية الفلسطينية، ولاتدعو القوى المختلفة الى التعاطف معها.

 هل نمضي في سرد القرارات أو بمعنى أصح التوصيات أم نعرج الى طبيعة الواقع في عالمنا العربي.

القمة العربية والربيع العربي

لقد اسفر الربيع العربي خلال سيع سنوات عجاف عن مجموعة من التحالفات سواء العربية – العربية، أو العربية ببعض القوى الأقليمية الأخرى، وارتبطت بسياسات مختلفة لعلها في صورتها النهائية على هذا الشكل (الدول الخليجية الثلاث (السعودية والامارت والبحرين مع مصر) وعنوانه مواجهة الارهاب، وتحالف آخر يجمع (العراق وسوريا وايران) وقد اجتمع رؤساء أركان جيوشها في 18 مارس الماضي أي قبل القمة العربية بثلاثة أيام، وقد يكون من دواعيها مواجهة أي ظهور جديد لـ(داعش) أو مواجهة تركيا حتى لاتتقدم عسكريا في الشمال السوري، لكبح جماح الطموحات الكردية. وغير ذلك من التحالفات المعلنة كالوجود التركي في كلا من قطر والسودان، او استقبال عمان لرئيس الوزراء ناتنياهو. بالتأكيد ليس مطلوبا من القمة الوصاية على القرارات الداخلية على اي مستوى للنظم المختلفة. ولكن الروابط التي تجمع بين البلدان العربية، والتي أشار لها البيان الختامي لابد أن يكون لها الوزن المقبول في مراجعة الأمر أو استدراكه، وقد سبق للقمة العربية في منتصف السبعينات أن شكلت وفدا لمراجعة الرئيس السادات قي قراراته تجاه اسرائيل. ولذلك فسؤالنا مشروع حول دور مؤتمر القمة في معالجة دور بعض الأنظمة العربية أزاء تصعيد الأحداث في بعض الأقطار العربية أبان مايطلق عليه(الربيع العربي)واستمرارها في اتباع نفس النهج بالتدخل في شؤون الأنظمة الأخرى، والترويج للأضطرابات. هناك بالتأكيد من يتعصب(للربيع العربي) باعتباره هبات جماهيرية، وثورات شعبية على نظم متهالكة، بينما البعض الآخر لايرى في (الربيع العربي) سوى انه (مؤامرة)، سقطت فيها نظم، ودمرت على اثرها دول، ونمى وترعرع في احضانها الأرهاب، واستجد على الأعلام العربي ظهور أبواق متخصصة للنفخ في النار،ولأشعال الحرائق وهدم الأوطان، واستهداف الجيوش العربية بصفة خاصة وجرها الى معارك جانبية تستنفد طاقتها، وتستهلك قدراتها، والأهم الأساءة الى سمعتها باعتبارها سوط لضرب الشعوب. فظهرت الكثير من المنظمات التي تلتحف بالدين، وجرى استثمارها على اوسع نطاق الى حد أعلان بعضها (دولة الخلافة)، فالتخريب أصبح هدفا في حد ذاته. انها مؤامرة كانت مقدماتها تتناثر وفق ماكانت تصرح به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس بأننا في حاجة الى (الفوضى الخلاقه) أي التي تنتج واقعا جديدا، أو ماكان يدلي به (شيمون بيريز) من اقتراحات أو بالأحرى يخطط لمشروعات عن المنطقة وحاجتها الى (شرق أوسط جديد) وعلاقات جديدة تربط بين دولة وتقسيمات أخرى تأخذ في عين الأعتبار المصالح التي جدت بعد تقسيمات(سايكس بيكو). ذلك هو الواقع الذي يشكل خلفيات مؤتمرات القمة، والذي ينبغي أن يكون حاضرا في نتائجها.

الرئيس التونسي السبسي
حفاوة في اللقاء وبلاغة في التقديم

الكارثة الخطيرة الأولى في الاعتبار

بصرف النظر عن الخلاف أو الأختلاف في الرؤية أو التحليل، ان كانت وقائع تلك الفترة ربيعا ونسيما عزز من فرص الديموقراطية، واعلاء كلمة الشعوب، أو كانت رياحا وعواصف هدمت وحطمت ان لم تكن كسرت وأبادت أحلاما وآمالا عراض، فان هناك ملاحظة مثيرة للأنتباه مفادها أن الهتافات التي طرحت في الميادين، وبحت من أجلها الأصوات بين الجموع المحتشدة أومن فوق المنابرالمتعددة كانت كلها تتناول قضايا شديدة المحلية تتمحورحول تآكل الطبقة الوسطى، وانسحاق الطبقات الفقيرة وتفشي البطالة. وتجذر ظاهرة الفساد، وانتشار العشوائيات، وما الى ذلك ولايجادل أحد في مشروعية تلك المطالب، واستحقاقاتها. لكن أين الوجه الآخر لقضايا الوطن، والذي يشكل من توفره حماية الأرض وضمان المستقبل، أو حماية الحلم والأمل.. أنه الأمن القومي العربي هل غابت عنا رهافة الحس الوطني بأمن الدولة ومستقبل الوطن!. لم تقترب الشعارات المرفوعة من سطوة النفوذ الأمريكي وحتمية ايقافه، ولعل في رفض مؤتمر القمة لقرار ترامب بسيادة اسرائيل على الجولان عودة لقواعد الأمن القومي، ولكن هل الفكرة ان ترفض فقط، أو أيضا أن تضيف وتنذر أو حتى تلمح. كما لم تقترب الشعارات من التوغل الصهيوني في ألأرض المحتلة وامتداداته الأستيطانية النشطة وضرورة اقصائه، (عاد البيان الختامي للقمة في التنديد باستباحتها للساحة العربيه)!. بل ان قضية القضايا، وهي (فلسطين) كما وصفها البيان الختامي بأنها (صاحبة المكانة المركزية) قد غابت تماما في زحام الأقتتال الوطني والصراع الحزبي والسباق الانتخابي. كأن سياجا قد نصب على مشاعرنا قبل حدودنا، وفصل خيالنا عن واقعنا، وأصبحنا مجرد قوافل في أوطان، بلا أمة ننتمي اليها، ولا أمن يجمع بيننا، ولا مستقبل سوف يتشكل بناء على حاضرنا. أصبحنا أسرى الواقع الراهن الذي انحصرنا في داخله. كأنه شرنقة نسجت خيوطها حول عقولنا. اننا نعيش واقعا كئيبا، لكن علينا ان لانسلم به ونرتضي احكامه، نحن نعيش حالة من التراجع، جعلتنا لانسمع صرير الرياح التي تهب علينا حتى من جيراننا تريد ان تقتلعنا من أرضنا. لقد كانت الولايات المتحدة أكثر حبورا وسعادة ونشوة بتلك الثورات، ولم نتعود طوال تاريخنا وعراكنا مع الهجمات الأستعمارية أن تكون هكذا حدبا وحنانا مع المطالب الوطنية

ونتذكر نداء اوباما الى الرئيس الأسبق حسني مبارك بالتنحي وقوله الآن يعني الآن !!. لكن غابت بامتياز قضية القضايا (فلسطين)، وغابت معها القدس والضفة والجولان.

هل يمكننا ان نرصد أسباب تلك المفارقات..؟

سوف يسارع البعض من الذين يستسهلون عملية الرصد والتحليل ويقولون أن السبب هو (هزيمة 67)، وما ترتب عليها من انحسار المد القومي، وهي مغالطة تبلغ حد الفحش لأن هزيمة 67 لم نرفع معها راية الأستسلام، وانما كان القتال بسببها ومن خلالها أكثر شراسة واندفاعا، وأصبح التحرك على كل الجبهات، فتوحدت الأمة العربية في مؤتمر الخرطوم وارتفعت رايات المقاومة تعلن(لا تفاوض ولاصلح ولا اعتراف)، وشهدت سيناء معارك ضارية بداياتها (راس العش، وجزيرة شدوان)، وضربت المدمرة ايلات في عرض البحر، وهاجمت الضفادع البشرية ميناء ايلات، ثم الجدير بالتسجيل برزت حركة المقاومة الفلسطينية ومعركة (الكرامه)والقيادة التاريخية الفلسطينيه(أبوعمار). وحين استعرت نيران المعارك، قامت الدبلوماسية الامريكية في محاولة لتفتيت الموقف العربي تعرض أولا امكانية استرداد مصر لسيناء، ثم تجرى مفاوضات كل على حده مع سوريا والأردن حتى الوصول الى اتفاق، وكان الرد المصري (القدس قبل سيناء والضفة قبل سيناء والجولان قبل سيناء)، الكل وحدة واحدة. وليس هناك مجال لحل منفرد، والكل تحت حماية معاهدة الدفاع المشترك العربية، ثم جاءت مبادرة وزير الخارجية الأمريكية (مبادرة روجرز)، وقبلها عبد الناصر من اجل بناء (قاعدة الصواريخ)

على ضفاف قناة السويس، ولكن عبد الناصر رحل فماذا طرأ على الموقف العربي؟. لو كانت هزيمة 67 هي سبب المحنة التي نعاني منها اليوم، وقد مضى عليها حتى الآن أكثر من خمسين عاما، فلماذا استمرت حالة التردي حتى الآن ؟ خمسون عاما تقلد فيها ساسة وزعماء وقادة مقاليد الأمة العربية، وتوالت فيها أجيال بعد أجيال من أهل الرأي وقادة الفكر وقوى المعارضة في الحركات السياسية المختلفة، فلماذا لم نصحح الأخطاء ولم نعالج المواقف، ولم نقوم الآداء ؟. هل توقف الزمن عند عام 67، أم أننا لم نكن فقط على مستوى الأحداث بمسؤولياتها، فزدنا من الشرذمة والأخطاء، وفاقمنا من المشاكل، وضاعفنا من المحن، واكتفينا بأن نلقي اللوم على نكسة 67، عوضا عن جلد الذات، و تأنيب الضمير، وضعف الآداء.

كلمة في النهاية

هزيمة 67 ليست هي مسؤولة عن حالة الأنكسار التي نعاني منها، أو الأحباط التي نعايشها، وانما تكمن في تلك السياسات والمواقف المتردية التي لجأنا اليها ومارسناها فكانت تلك النتيجة، ومنها:

أولا – العودة عن الترديدات القومية : أخطر مافي كامب ديفيد العودة عن الترديدات القومية عن اسرائيل وتصوير العلاقة معها انها كانت محكومة بعقد نفسية، وبذلك يصبح تعريف الصراع معها أنه كان عبثيا وليس صراعا شاملا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأستراتيجيا، ويلي ذلك ان السادات قد قام بفتح الباب حتى أمام الدول عربية التي لاتربطها أساسا أي حدود مشتركة. ولكنها لم تتورع عن مد الروابط السياسية والتجارية، وتجعل من جهازها الأعلامي نافذة كان لها السبق في ان يطل الصهاينة من خلالها على المشاهد العربي لكي تألفها العين العربية. وتقوم بتطبيع الثقافة والفكر، وتمتد حبال الحوار والنقاش، ويصبح العدو صديقا حتى على اللا وعي بعد أرض قد اغتصبت وشعب قد طرد من وطنه لكي تضمه مخيمات التهجير، وغياهب الترحال.

ثانيا – الحرب على العراق ليس من اجل تنحية صدام فحسب، ولكن لضرب العراق ذاته قوته، وتمزيق كيانه، وتعريف شعبه بأنهم سنه وشيعه واكراد، في محاولة لالغاء هويته العربية، بل وحضارته ذاتها وطمس تراثه، والعراق ليس مجرد قطر عربي، يضاف الى مقومات القوة،

السيد احمد ابو الغيط
تحليلات للواقع وعمق في الرؤى ولكن أين آليات التنفيذ ؟

ولكنه دعامة رئيسية في بناء القوة العربية. والغريب ان تلك البديهيات، لم تطرح للتفكير أمام تعاونوا على احداث ذلك الدمار.

ثالثا – ضرب سوريا ومحاولة تمزيقها أيضا، وكانت سوريا دائما على الساحة العربية تمثل الضمير العربي وتشتعل غيره على التراب العربي في مواجهة أي خطر وتشارك في الرد على أي عدوان، ولعلنا ما زلنا نذكر يوم ان أقدمت على نسف انابيب البترول التي تمر عبر اراضيها ابان العدوان الثلاثي على مصرعام 1956، ثم كانت شريكا يوم العبور في اكتوبرعام 1973.

رابعا – ثم كانت الطامة الكبرى بالنسبة للقضية الفلسطينية وهي الأنقسام الفلسطيني، والعراك على السلطة في وطن هو أساسا في حاجة الى وحدة الصف، ليس بكونها عامل نهضة وبناء، ولكن بوصفها قاعدة تحرر وتحرير. لقد ادى هذا الأنقسام الى تراجع لايمكن التقليل من أثره على المواطن العربي بالدرجة الأولى وتقييمه للقضية الفلسطينية التي كانت تنشد من أجلها الأناشيد منذ النكبة في عام 48، وتتردد الملاحم، بل وتتم الأنقلابات العسكرية على نظم من أجل تقصيرها في الدفاع عن فلسطين.

خامسا : ظهور تنظيمات الأسلام السياسي، وهي تنظيمات يمكن ان توصف بأي شيء الا انها تقترب من الأسلام بسماحته، وتحريمه للقتل والتدمير والتخريب، وترويع الآمنين، وحرق المختلفين مع التنظيمات. ان مهاجمة دور العبادة، وتهديد أمن المواطنين، واغتيال الأفراد لايمكن أن تكون ثقافة رجل دين يعي مفهوم الدين أو رفيق فكر لأنسان سوي، أوعامل اصلاح لرجل عاقل، ولكنها التجارة باسم الدين، والارتزاق باسم الرسالة، ان لم يكن العمالة لمن يدفع ويبسط في الدفع. أنها خنجر مسموم يوجه نصله الى ضمير الأمة ان لم يكن لقلبها. على هذه الوتيرة أصبحت أجتماعات القمة العربية لدي المواطن العربي – كما نلمسه – أشبه بالنغمة ذات الرتم الواحد، الذي لايحمل تنويعه لافته، من كثرة ما شاهدناه وسمعناه من الأجتماعات التي أضحت سمتها الخطابة ودعامتها الشجب والتنديد، ومخاطبة المؤسسات الدولية بالقيام بالتزاماتها أو المجتمع الدولي بالوفاء بواجباته، بمنأى عن جهدنا نحن بصفتنا أصحاب قضية، وتجمعنا وحدة مصير وحتى ان كانت هناك قرارات فهي تقع في مقام التوصيات، ولاأكثر فهي بطبيعة الامر ليس لها قوة التنفيذ. بيان القمة خطبة رنانة بكلمات مرسلة.

تتقدم نشرات الأخبار، وتملأ عناوين الصحف، ولكنها لاترضي عربي، ولاتقلق خصم، ولاتداوي جرح.