السودان.. وربيعه الثائر -عجز الأحزاب وأزمة النظام الديموقراطي يستدعي تدخل الجيش

أمين الغفاري

 قامت الثورة في السودان ضد حكم البشير، وجبهة الأنقاذ، ولايمكن اعتبارهذه الثورة التحاقا متأخرا بثورات الربيع العربي التي بدأت بتونس، ولكنها ثورة تلحق بثورات وانتفاضات متعددة قام بها شعب السودان ضد نظم حكمه، فالسودان له ربيعه الخاص، يبحث من خلاله دائما عن ترشيد أساليب الحكم، وتصويب مناهجها، وحين تتعثر في الأداء فلابد من التصحيح بانتفاضة شعبية تحمل الاحتجاج، وان لم يحدث التواصل المطلوب يمكن ان تتطور الى ثورة كاسحة تقتلع الطغيان من الأعماق. هكذا يحدثنا تاريخه منذ استقلاله، ويستوي نظام الحكم ان كان مدنيا، أو يجلس على قمته لواء أو فريق أومشير.

لكن لابد وقبل ان نسترسل ان نشير الى ملاحظة تستدعي السؤال:هل أصبحت هناك قاعدة تحكم الحراك السياسي في السودان، محصلتها، أن هناك تداولا للسلطة يقوم بين الأحزاب من جانب، وبين الجيش والنظام العسكري من جانب آخر، يتناوبون من خلالها مسؤولية الحكم، وقد حدث ذلك عدة مرات، وهو تداول لايتم بالأتفاق دائما، ولكنه يقع بالضرورة حين تصادف الديموقراطية مأزقها من خلال الممارسة الحزبية في الحكم ويبدو عجزها واضحا، ووصولها بالبلاد الى حائط مسدود. هل أصبحت تلك سمة يتميز بها النظام السياسي في السودان؟أم انه تجاوز في الوصف أو التحليل. بالتأكيد ليست تلك السمة -ان صح التعبير-، مجرد حدث عرضي، كما انها ليست أيضا قضاءا وقدرا.

ولكنها سمة تستند الى أسباب، بل وتتعمق فتصل الى جذور. كانت المشكلة الضاغطة على السودان هي (التعثر في بناء الدولة). كان السودان يخضع لحكم مزدوج (بريطاني – مصري) من حيث الشكل بينما كانت بريطانيا بالفعل تتفرد بذلك من خلال الحاكم العام البريطاني، وقد حصل السودان على استقلاله عام 1956، وبدأ في ممارسة الحكم على النحو الديموقراطي التقليدي – من ناحية الشكل أيضا على الاقل – الذي يرتكز على التعددية الحزبية، لاسيما وأن السودان كانت لديه بالفعل أحزاب متعددة قبل الأستقلال، ثم حرية التنظيم والتعبير، ومؤسسات

الفريق أول عبدالفتاح البرهان
رئيس المجلس العسكري الانتقالي

منتخبة أبرزها المؤسسة التشريعية (البرلمان) غير ان أول تجربة قد تمت مصادرتها بعد عامين فقط من الأستقلال بالأنقلاب العسكري الذي قاده الفريق ابراهيم عبود عام 1958،، واستمر في الحكم حتى جابه ثورة شعبية في أكتوبر 1964، لتقوم مرحلة أخرى من الحكم المدني بدأها سر الختم خليفة، وانتهت بحكومة الصادق المهدي أثر الأنقلاب الذي قاده الرائد جعفر النميري في مايو عام 1969، تخلل حكمه محاولة انقلابية أخرى عام 1971 للحزب الشيوعي بقيادة هاشم العطا الذي قام النميري باعدامه، واستمر النميري في الحكم حتى قيام ثورة شعبية أخرى، عرفت بانتفاضة ابريل عام 1985 وانحاز فيها الجيش للشعب بقيادة الفريق عبدالرحمن سوار الذهب، واجريت انتخابات ديموقراطية، وتم تشكيل حكومة ائتلاف عام 1986 برئاسة الصادق المهدي، ولكن يفاجأ شعب السودان بانقلاب عسكري جديد يقوده العميد عمرحسن البشير، بالأتفاق الغير معلن مع الحركة الاسلامية بقيادة حسن الترابي، وفي التمويه على هذا الأتفاق يتم اعتقال الدكتور حسن الترابي مع المعتقلين ليلة الأنقلاب وفي هذا يقول الدكتور الترابي بعد ذلك (قلت للبشير اذهب انت الى الرئاسة، وأذهب أنا الى السجن) بالطبع اخلي سراحه بعد ذلك واصبح شريكا وموجها لدفة الحكم حتى تم الاختلاف بين البشير وبينه، فعاد فترة أخرى الى السجن، بعد أن غدر به من أصبح متربعا على كرسي الحكم.

الجيش يتولى السلطة بدعوة من الأحزاب

حول انقلاب ابراهيم عبود (تجمع الروايات المتداولة عن ذلك الحدث أن رئيس وزراء السودان آنذاك عام 1958 السيد عبدالله خليل (وهو ضابط متقاعد) وينتمي لحزب الأمة  » الذي ينتمي بدوره لطائفة الأنصار«، هو الذي أوعز للعسكر بأن يتقدموا ليستلموا منه السلطة، ويبرر تسليمه السلطة للعسكريين الى ذلك التنسيق الذي لاحظه بين خصمية التقليديين الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديموقراطي  »ينتمي كذلك لطائفة الختمية« لأسقاط حكومته، تحت رعاية مصرية). استدراك وتوضيح (نجح الحزب الوطني الأتحادي في السودان برئاسة اسماعيل الأزهري في الأنتخابات التي أجريت عام 1954، بناء على الأتفاق الذي تم عام 1953بين مصر وبريطانيا على اعطاء السودان حق تقرير المصير، وقد نجح الحزب في الانتخابات استنادا للدعوة للوحدة مع مصر التي كان ينادي بها الحزب وزعيمه اسماعيل الازهري، ولكنه عاد بعد الانتخابات وتنكر للوحدة، ومن ثم اتفق مع حزب الأمة الذي كان ضد هذه الوحدة، على اعلان الأستقلال، وكانت مصر أول من اعترف بهذا الأستقلال عام 1956). على ذلك النحو الذي أوعز فيه السيد عبدالله خليل (حزب الأمة) الى الفريق ابراهيم عبود باستلام السلطة، قام أيضا الدكتور حسن الترابي وهو احد القيادات المنشقة عن جماعة (الأخوان المسلمين) منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي، وشكل ما يعرف باسم (الجبهة الأسلامية القومية) بدعوة أو بتكليف العميد عمر البشير بقيادة انقلاب عسكري آخر جرى تحقيقه في 30 يونيو عام 1989 ضد حكومة الصادق المهدي المنتخبة ديمقراطيا وأصبح رئيسا لحكومة السودان. الملاحظة انه في الحالتين تقوم السلطة المدنية الحاكمة، أو القوى الحزبية المدنية بطلب مباشر من السلطة العسكرية بالتدخل والاستيلاء على الحكم. بمعنى آخر لم تتدخل القوى العسكرية استنادا لنداء شعبي أو حماية مدنيين سواء في انقلاب ابراهيم عبود أو في انقلاب عمر البشير، وانما كان التدخل في الحالتين تلبية لعراك حزبي ومصالح قيادات الاحزاب.

مظاهر لافتة في الثورة ضد البشير

قامت الثورة في السودان، ولم تكن مفاجأة، فقد تكررت مظاهر الأحتجاج، وكان لابد من ان تمتد وتتطور بعد ان تزايد الفساد، وشاخ النظام وتداعى، وتفاقمت الأزمة الأقتصادية، وفشلت الأحزاب في مواجهة تسلط السلطة وطغيانها، فقام الشعب ليباشر مسؤولياته بنفسه وكانت الثورة الشاملة وتعددت من خلالها بعض المظاهر اللافتة :

1 – بروز تجمع المهنيين السودانيين مع قوى الحرية والتغيير

تعددت قوى الاحتجاج ضد نظام البشير، واتسعت رقعتها حتى خارج المؤسسات السياسية التقليدية للمعارضة مثل الاحزاب، وامتدت لقطاعات الشعب المختلفة، وقد برز هذا التجمع للمهنيين وأصبح يمثل دور الطليعة في الحراك الشعبي المتزايد في الثورة على نظام (حكومة الأنقاذ) والرئيس عمر البشير، وقد طرحت تساؤلات عديدة حول هذا التجمع، وما هي طبيعته، وماهو انتماؤه وقد تمحورت الأجابات في تفسير تلك الظاهرة حول الآتي، ان هذا التجمع ليس حزبا، وبالتالي فليس له شكل تنظيمي وانما ترجع قوته الى حجم تأثيره في الشارع، وهو يتشكل من مجموعات صغيرة تتكون غالبيتها من الشباب، ومنهم أطباء ومهندسين ومعلمين ومحاسبين وكذلك أساتذة جامعات وغير ذلك من المهن، وهم يتبنون المطالب الجماهيرية في الحرية والعدالة والسلام الاجتماعي، وقد أطلقوا على انفسهم (تجمع المهنيين السودانيين) يقول المتحدث باسمه محمد يوسف المصطفى لوكالة الصحافة الفرنسية (ان المشهد السوداني يفتقد الى القائد) فلقد تعددت المشاكل امام السودان، خصوصا على المستوى الداخلي، التي استوجبت مواجهات دامية على مستوى البلاد أثر قيام الحكومة برفع سعر الخبز الى ثلاثة اضعاف سعره، وحين تفاقمت الحالة عمد النظام من أجل تفريقها الى استخدام العنف مما أوقع ثلاثين قتيلا حسب الاحصاء الرسمي. انها احتجاجات طبيعية لم يكن لأي حزب جهدا في تحريكها. بداية هذا التجمع كان من خلال يعض أساتذة جامعة الخرطوم عام2012 وقد ضم عددا كبيرا ثم سرعان ما انتشرت الظاهرة وشجعت المهنيين في كافة انحاء العاصمة بتشكيل تجمعات مشابهة، ومما عزز حركة التضامن بينهم أنهم لايعرفون القادة الرئيسيون لهذا التجمع، فقط هم يعتمدون على عنصر الثقة بمن يحدثهم. جدير بالذكر أنه في يوم 25 ديسمبر الماضي كانت الدعوة الأولى لرئيس الجمهورية عمر البشير بالتنحي عن السلطة استجابة لرغبة الشعب السوداني وحقنا للدماء صادرة من هذا التجمع للمهنيين وذلك من خلال مذكرة قدمت للرئاسة. يؤكد يوسف مصطفى عضو هذا التجمع أنه ليس في النية تحويل هذا التجمع الى حزب سياسي، فالكثير من أعضائه هم بالفعل أعضاء في احزاب أخرى

2 – رغم ان الحراك السياسي في السودان الآن على أشده، الا ان الملاحظ غياب الدور الرئيسي المتوقع والمؤثر، أو اللافت للأحزاب السودانية رغم أيضا تعددها وتنوعها، وقد كان حزب المؤتمر الوطني هو الحزب الحاكم، وبالتالي فقد تهاوى مع سقوط النظام، وتهاوت معه قيادات

ثورة السودان
عاصفة كاسحة لنظام البشير وجبهة الانقاذ

الحركة الاسلامية التي انضمت للبشير في مواجهة الترابي، ومنهم الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس وعلي عثمان نائب الرئيس. أن أبرز الأحزاب التقليدية هو حزب الأمة ولكن لم يبد لأنصاره في البدايات دور واضح سوى الخطابات المتداولة من زعيمه السيد صادق المهدي، ثم من كريمته وهي ايضا قيادية في الحزب، ثم بدأت حركة الشارع الملتهبة تجمع وتحفز، لكي تتداعى اليها القوى السياسية المختلفة، والتنظيمات النقابية والعمالية، ومن هنا شدت اليها القوى الحزبية، وتكونت في النهاية (قوى الحرية والتغيير)، لكي تكون صوتا للشعب، وقيادة للجماهير.

3- التشكيلات التاريخية للأحزاب في السودان تنتمي الى كيانات طائفية، فلأحزاب الشهيرة مثل حزبي الأمة والأشقاء الذي اصبح الوطني الأتحادي لاحقا ترجع في انتمائها الى طوائف، كالأنصار والختمية، ثم جماعة الأخوان المسلمين التي انشق عنها الترابي، وقام بتشكيل حزب جبهة الميثاق الاسلامي، التي تطورت الى الجبهة القومية الأسلامية، لم تعد تحصل في مجموعها على التأييد الذي يؤهلها للحكم بعد أن ثبت في الأساس فشل جماعات الأسلام السياسي في القيام بأي دور في عمليات البناء والتنمية، وعجز السودان الغني بالثروات تحت حكمها أن يفي بمتطلبات شعبه فضلا عن الكوارث التي تسببت فيها نخبة الحكام على طول عهودها.

أما الأحزاب الأخرى ومنها ألحزب الشيوعي السوداني والاشتراكي والجمهوري،، وأيضا الأحزاب التي انتمت الى الجنوب السوداني وقد تعددت وفي مقدمتها حزب الأحرار الجنوبي، وقد لعب دورا قبل حدوث الأنفصال بين الجنوب والشمال، فهي ضعيفة البنيان، تفتقد الى الجماهيرية، وبالتالي فأدوارها باهتة، ويكتنفها ضعف القيادة، وغموض المستقبل.

حكم نظام الأنقاذ في الميزان السياسي

لاشك ان نظام البشير قد شهد منعطفات كارثية في ممارساته السياسية على مدى ثلاثين عاما من حكمه، وسوف يتحمل السودان تبعاتها خلال مسيرته ومستقبله سواء في عمليات التنمية أو الأمن

أولا – انفصال الجنوب

شهد السودان في عهد البشير وجبهة الأنقاذ انشطار الدولة الواحدة الى دولتين، بعد ان سال الدم بينهما عبر سنوات طويلة. فقد السودان جراء ذلك الانفصال ثلث أراضيه تقريبا بما تحمله من ثروات وخاصة النفط، وثلث سكانه بما يوفره ذلك من طاقات بشرية، ورغم أن تلك القضية كانت بدايتها قبل نظام البشير بعقود الا أن نهايتها المأساوية كانت خلال حقبته في الحكم، ونظامه بذلك يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، لقد أضفت حكومة (الأنقاذ) على الحرب الأهلية نزعة دينية، وقامت بتحويلها من صراع بين الحكومة المركزية وحركة تمرد بعض تطلعاتها أو مطالبها مشروعة، ولكن تم تجاهلها عبر عقود طويلة من الزمن، الا أن اسباغ النزعة العقائدية على ذلك الصراع وتحويله الى (حرب جهادية) قد ساهم في تأجيجه ونفخ فيه النار، لكي تتمزق معه أواصر الترابط بين المواطنين شركاء الأمل والألم في الوطن الواحد، وتلك هي الجريمة الكبرى.

ثانيا – تدني حركة التنمية والبناء

رغم أن مسؤوليات جسام في ذلك تتحملها مع نظام (جبهة الأنقاذ) كل العهود السابقة التي شهدت حكومات مدنية ومنتخبه، أوعهود كانت محصلةانقلابات، فالقصور كان شديد في حركة التنمية والبناء والألتفات الى الأقاليم المتعددة في السودان للنهوض بها كان ضئيلا ان لم يكن معدوما، وكان الأهتمام في معظمه بالعاصمة السودانية، وكذلك بعض مدن الشمال ان سمحت الاحوال، وان كان في مرتبة أقل، لكن الأهمال الكامل كان لبقية الأقاليم وفي المقدمة منها دارفور وكردفان ومنطقة الجنوب وبلغ القصور في عهد البشير حد أكثر بعدا، فقد استمر نحو ثلاثين عاما، ولم يكتف بالأهمال بل عمد الى قتال وقمع المحتجين، ثم تطور الى تسليح ميلشيات تدين له بالولاء من اجل مواجهة تلك الثورات المتنامية. أصبحت مشكلة المشاكل في السودان هي الفساد من جانب واللاتنمية من جانب آخر، وبلغ الأستخفاف بها الى أن وصلت الى رغيف الخبز.

 ثالثا – استضافة بن لادن

حاول نظام (جبهة الأنقاذ) أن يجمع أنصاره، أو من يتولون خطابا سياسيا مشابها في فكرة او اتجاهاته، من أجل أن يعزز وسائل دعمه، وأن يوسع من دائرة نفوذه، ولذا قام النظام قبل أن ينفرط عقده نتيجة اصطدام سطوة حسن الترابي مهندس الأنقلاب وطموح عمر البشير قائد الأنقلاب، باستضافة زعيم تنظيم القاعدة أسامه بن لادن عام 1990، وقد عمل بن لادن على الأستفادة من تلك الزيارة، فقد دعم بامكاناته المالية نظام الحكم، وفي المقابل كان السودان ساحة ومرتعا للكثير من عناصر ذلك التنظيم، وقد أثارت تلك الأستضافة ما يوصف بالمجتمع الدولي، وفي المقدمة منه الولايات المتحدة الأمريكية، التي أدرجت السودان على قائمة وزارة خارجيتها من الدول الراعية للأرهاب.

رابعا – حرب دارفور

تصدت حكومة السودان لحركتين متمردتين عام 2003 هما حركة تحرير السودان وكان احد قادتها المهندس يحيي بولاند قد انشق عن الجبهة الاسلامية القومية، وانضم الى جون جارنج قائلا في تصريحه الشهير (وجدت العرق أقوى من الدين) وحركة العدل والمساواة التي تتشكل من المجموعات العرقية المسلمة، وذلك في منطقة دارفور، واتسعت شرارة الحرب بعد ان واجهها البشير بعنف بلغ حد التطيهر العرقي، وأدت الى مقتل أعداد تتداول أرقامها بكونها بلغت مئات الآلآف من المدنيين وقد تصدت لتلك الحركات :القوات المسلحة السودانية والشرطة ورجال الجنجاويد وهي قوات سودانية تتكون من قبائل عربية خصوصا البدو، وقد ظلت أغلب المجموعات العربية الأخرى في دارفور غير مشاركة، وقد اتهم بسببها الرئيس البشير بارتكاب ابادة جماعية، أو جرائم ضد الأنسانية من قبل محكمة العدل الدولية.

تتعددالأخطاء الجسيمة التي ارتكبها الرئيس عمر البشير، وتشهد سنوات حكمه الكثير من الوقائع والأحداث، ولكن تقع في مقدمة الخطايا الوطنية، الأستمرار في الحكم كل تلك العقود، وتجريف البلاد من القوى السياسية الفاعلة، اضافة الى التنكيل بقوى المعارضة عبر كل الانتفاضات التي شهدتها الساحة السياسية في السودان، والتركيز على آفة التمكين من الحكم.

السودان الى أين.. ؟

هو السؤال الذي يتردد الآن، ويخشى بعض المراقبون ان تكون لتنظيم قوى الأسلام السياسي بعض الخلايا النائمة، وهي نوع من التنظيمات السرية، يطلق عليها (كتائب الظل) تتحصن في مزارع مغلقة يملكونها على اطراف العاصمة (الخرطوم) يمكن ان تنشط في محاولة لأسترداد السلطة، ولذلك يجدر بالسلطة القائمة ان تسارع الى نزع سلاح كل المليشيات او الكتائب او التنظيمات المسلحة، ولاشك ان عهد جبهة الأنقاذ ترك من خلفه العديد من القضايا المعلقة والمشاكل المعقدة اضافة الى تعثر اقتصادي بالغ، وهي تحديات ومهام جسام، تستوجب التعاون بين القائمين على الأمر من المجلس العسكري الأنتقالي الى تجمع المهنيين السودانيين الى قوى الحرية والتغيير من المعارضة أن يعبروا بالسودان فوق كل تلك التحديات، والطريق امامهم طويل، وان كان بالتضامن يمكن ان يكون أكثر نجاحا وأقصر زمنا، وأن يوضع في الاعتبار التحذير المتكرر من السيدالصادق المهدي من استفزاز المجلس العسكري، وهي ملاحظة جديرة بالأنتباه من كثرة الأعتصامات، واغلاق الطرق، وتعطيل المصالح، والتطرف في المطالب، مما يهدد عوامل الأستقرار، والحفاظ على حركة العمل والأنتاج.

العدد 93 – حزيران 2019