الجيل المسروق

نعيم تلحوق

حتى أحلامنا المكسورة، نُهِبتْ،

سرقوا آمالَنا، أمنياتنا، والأغنياتْ،

حفروا على مفرق الأهداب وجهاً،

أسمّوه  »الكتاب الضائع«،

وجرّحوا قلبَ الشهوات،

فتحوا في كل طريق  »وَاتْسًا«،

ليضيعَ ما تبقَّى من وصالٍ بين عيوننا،

أقفلوا البابَ على الموتْ،

وسرقوا منَّا الحياةْ،

كي نموت عناداً، فانفصاماً، فجنوناً…

أن نفنى وقوفاً على ضمائرهم،

سجوداً في أقبية خياناتهم،

راكعينَ على صلاةٍ منهوبةٍ من يدِ الله…

وقالوا لنا :

لا تحلُموا، أنتم الجيلُ المسروقُ !!؟

قتلوا كل شيء،

 فنصبوا كميناً للأموات كي لا تحتفي الوردةُ بعمر الشهيدْ،

جعلونا سارقينَ وشحَّاذينَ، وطفَّاراً، قبل غزوة المارقينْ…

كفَّنوا صدورنا قبل أن تتنفَّسَ القضيةُ رائحتَها الذكيةْ،

فصرنا نتناً في قبورٍ ملعونةٍ

تستجدي قلوب أطفال ترضع نكساتها قبل الفطام…

نحن كنا في كل أحد نرقص مع آلام المسيح،

 لنسيح عِرقَ المتهوِّدين في بنوك الأممْ،

فصِرنا اللاحدْ…

قتلوا عروبتَنا، وأحيوا العجمْ،

وقالوا أممٌ، أممْ، وقلنا نعمْ…

واختفى فينا ما يُضحِكُ، وما يُشربُ،

وما يَقرُبُ وما يُشْبِعُ،

وقالوا : ذِممٌ… ذِممْ…

جاءت أممٌ… ذهبتْ أُممْ…

 »مِعزَى على غنمْ«…

وكنَّا ننام على مآقينا كي يصيحَ الفجرُ،

وكُنَّا، لا نقبل أيَّ شيءٍ إلاّ الوطن…

حرقوا سلّافَنا وسلاّفَ ما كُسِرَ من أحلامِنا، وأقلامِنا،

 وما تفجّرَ من دمِنا، ومن غدِنا…

 وأعادونا الى اللعبة تحت ظرف قاهر بلا أسماء…

كان لكلِّ واحدٍ فينا إسمٌ، صِرنا بلا أسماءْ…

كان لكل يوم عندنا شيءٌ، صِرنا بلا أشياءْ…

لم تحذَّرنا آلامُنا، فلم نسعَ خلفَ بطولاتنا،

كي نستلَّ من السمفونيةِ النغم…

كنَّا ال  »لا«، وصِرنا النعم…

كنَّا القلقَ وصِرنا الندم…