في رحيل سحر طه

د. علي الصمد

كان حلمها بغداد، فقالت للطير عُد للعراق، وبلّغ سلامي للأهل.. وقد أستمر فؤادها يحاكي وجعها حتى اللحظة الأخيرة، لكنها بقيت شامخة في هزيعها الأخير فلم تغيّر موقفها من الحياة والوجود والفن.

رحيل سحر طه

لقد طغى حضورها الفني على ما عداه، حيث استطاعت خلال حياتها أن تترك بصمتها الفنية التي بلغت مداها… لتقول للزمن الذي لا يُعير اهتماماً لأحد… لا شيء يجعلك تنتبه سوى الإبداع.

ورغم صراعها مع المرض الذي انتصرت عليه في العام 2003 و2006، إلا أنها بقيت صلبة واقفة متجذرة في الأرض، تحاكي غزّة والعراق ولبنان، وتتمسّك أكثر بتراثها الموسيقي والفني حيث استطاعت أن تسجّل موقفاً خلال محنتها الأخيرة، أنها رسمت خطّاً بيانياً في غنائها فاسترجعت الذاكرة بتقديم الأفضل ، ومحدّثة عبر ترك أناملها وصوتها وحسّها الفنّي يسترجع هوانا الى عشق أفكارنا وأحلامنا… أوليس وظيفة الفنان أن يكون نقياً صادقاً خلوقاً واعداً بتجديد الحياة ؟؟

لم يقف الفن على هامة الجسد بالمطلق، وإلا لما كنا هنا لنكرّم فنانة غابت جسداً ولم يزل فنّها يصدح في أرجاء الخارطة الثقافية في لبنان والعالم العربي.. والحقيقة أن العالم بدأ يتغيّر في معناه.. من الإنسان الرقم الى الإنسان الفلسفة والفن والأدب ؟

سحر طه، فنانة حملت همّ عائلتها الصغيرة من زوجها وولديها، إلى عائلتها الكبيرة العراق وفلسطين ولبنان… وحين يكبر همّ الفنان وتتسع رؤياه كلما قلَّ الكلام في حضرة الإبداع.. وكل الذين عرفوا سحر قالوا أنها السِحر والسَحَر في آنٍ واحد.. الجميع أحبّها وأحبّتهم، لم تختلف مع العالم من حولها، لقاؤها دائماً الحب والحرية، وهو أثمن ما يقدمه الفنان في وجوده، العطاء دون منّةٍ أو حساب..

 

العدد 97 – تشرين 2019