الوصية والميراث عند الموحدين الدروز

راجع نعيم

»الوصية« والميراث عند الموحدين  الدروز  ومئة مثال في تقسيم الإرث.

كتاب من منشورات المجلس الدرزي للبحوث والإنماء لمؤلفيه الراحل سماحة الشيخ حليم تقي الدين، رئيس القضاء المذهبي الدرزي، وفضيلة الشيخ مرسل نصر قاضي المذهب. وهو الكتاب الثالث في سلسلة الكتب التشريعية الهادفة إلى التعريف بتراث الموحدين  الدروز، والأول في موضوعه وأحكامه واجتهاداته، والخاص بأحكام الوصية، والميراث مع حق الخلفية عند هذه الفرقة الإسلامية التي طالما تجنَّى عليها المؤرخون وأغمطها حقها الباحثون عن سابق تصور حيناً لمآرب وغايات سياسية، وعن جهل وخطل أحياناً كثيرة، ولقد ساهم الكتاب بحق مساهمة جليلة في تسليط الضوء على معطيات مذهب التوحيد، وأضاء نقاطاً لم تكن مضاءة من قبل، فأغنى المكتبة الإسلامية بما كانت بحاجة إليه، وملأ فراغاً كان لا بد من مَلئِهِ خدمة للمعرفة، والقضاء الشرعي في آن. وقد تَميَّز هذا المؤلف (بفتح اللام) في جملة ما تميز به، باقتصاره على بيان وشرح أحكام الوصية وشروطها عند الموحدين الدروز  واجتهاد القضاء المذهبي الدرزي فيها، وأحكام الميراث وشروطه وفاقاً للمذهب الحنفي مع حق الخلفيّة، القائل:  »إن الفرع المتوفّى قبل وفاةَ مورِّثه تقوم فروعُهُ مقامه، وتأخذ نصيبه كما لو كان حيّا. وهذا ما نصّ عليه قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية الصادر في 24 شباط 1948 علماً: كما يقول المؤلفان في المقدمة  »إن الأحوال الشخصيّة عند الموحدين الدروز ومنها الوصية والميراث استمدت أصولها منذ ما يزيد على ألف سنة، من أحكام القرآن الكريم، ومقاصدِ آياته البينات المتجددة في مفهومها والمتطورة في تطبيقها وفاقاً لكل زمان ومكان، وتغذت فروعُها باجتهادات تستند مع بعض التباين، إلى المذاهب الإسلامية المعمول بها في لبنان والبلاد العربية وهي:  »الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي والجعفري« ولعل في هذه الحقائق وغيرها التي وردت في الكتاب رداً مُفحماً على القائلين: إن الدروز ليسوا من المسلمين، وهو افتراءٌ محض وتحاملٌ صريح على معتقد الموحدين  الدروز  ونشوءِ دعوتهم التوحيدية والتقدمية في الإسلام، والاجتهادات المذهبية التي أخذ بها الدروز دخلت مع مرور الزمن، في حياتهم الشخصية والعائلية وتقاليدهم الاجتماعية، وأصبح مجتمعهم اللبناني والعربي قائماً عليها في ماضيه، ومشدوداً إليها في حاضره، وموصولاً بها في مستقبله. ولعل ما يُلاحظ بشدة في سياق العرض التاريخي في الكتاب لحقوق الطوائف وامتيازاتها المذهبية التي استتبعت قوانين عديدة للأحوال الشخصية  لكل طائفة قانونها  إن الطوائف الإسلامية وهي السنَّة، والشيعة، والدروز أصبحت تخضع كل منها لتشريع خاص في أحوالها الشخصية اعتبرتها الدولة جزءاً من تنظيماتها القضائية وأقرَّت لها مِلاكاً خاصاً ما عدا الطوائف المسيحية الخاضعة لسلطة الكنيسة البابوية فهي تُخْضِعْ (أي الدولة) كُلاً منها لتشريع خاص في أحوالها الشخصية ومرجعٍ قضائيٍ خاص، إنما غيرُ تابع لتنظيمات الدولة. وأمام هذه المفارقة غيرُ الوطنية، باعتبار أن الدولة تجمع ضمن حدودها الدستورية المعترف بها دولياً سَبْعَ عَشْرَةَ طائفةً تعترف بها قانوناً، يقترح المؤلفانِ أن تُقْدِمَ الدولةُ بمقتضى صلاحياتها الاشتراعية الاستثنائية على وضع قوانينَ استثنائيةٍ وجذريةٍ تضفي طابعَ الوحدة والتوحيدِ وتشتمل على قانونٍ واحدٍ للأحوال الشخصية تستثني منه بأحكامٍ خاصةً ما يتصل بالمعتقد الدينيّ لكل مذهب إسلاميّ ومسيحي مع قوانين وتنظيمات واحدة تابعة لها. على أن يُشرف على تنظيم هذه القوانين وزيرُ العدلِ وإنشاء وزارة تُسمَّى وزارةِ الأحوالِ الشخصية.

وبعد، كتاب الوصية والميراث عند الموحدين الدروز  لا غنى عنه لكل قارئ، ولكل مكتبةِ. فإضافة إلى كونه يتناول أحوالَ الإنسانِ المواطن في حياتِهِ العائليةِ والاجتماعية، فهو مَرْجِعٌ من أهمِّ المراجعِ في حقل التشريع الإسلامي.

العدد 97 – تشرين 2019