مذيعة تلفزيونية… واحمقان

باتت وسائل التواصل الاجتماعي نافذة مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها احتمالات تخريب سمعة الآخرين، تحميل بعض الناس اوزارا ليسوا على علم بها، والإضرار بأشخاص لا ناقة لهم بها ولا جمل. أليس مفروضا أن توضع قوانين رادعة على من يستعمل وسيلة التواصل الالكترونية بنيّة غير سليمة أو بهدف تشويه الآخرين؟ حتى الآن الحبل فالت على غاربه في هذا المجال. وكان آخر ما سمعناه أن شابا يمنيا يدعى عمر العمودي قرر مغازلة المذيعة في قناة  »الحدث« كريستيان بيسري فكتب لها ما معناه: أتدركين ماذا يعني أن شابا يمنيا يمقت السياسة والحديث عنها وسماع اخبارها يقف مشدوها بالنظر لكِ مبتسما وأنتِ تتحدثين عن كوارث بلده؟ أتدركين كم يود أن يكون ولو مرة واحدة مكان أولئك الحمقى الذين يظهرون مرتدين عقالا أو ربطة عنق ليحادثوك على الهواء مباشرة فقط من أجل ان اخبرك كم تبدين جميلة؟ وحينئذ سأخبرك ايضا ان فيك من السحر ما يجعل الاخبار السيئة محببة، ومن التناقضات ما تجعل الابكم ينطق! سأحدثك عن عينيك وكونهما تحملان حربا وسلاما وموتا وحياة… وهكذا يسترسل عمر في غزله مستعرضا ملامح وجه وشعر وشامة الخد من كريستيان حتى لون فستانها الاسود يعتبره غير مناسب لها كونه يستخدم في العزاءات… ثم يذهب الى حضّ كريستيان على تحرير القدس وجلب الامان والسلام الى السودان وسوريا وإيقاف الحرب في اليمن وتحقيق استقالة ترامب وقيام الحكومات العربية بمقاطعة أميركا وإيرانن وكل ذلك من خلال ان تلفظ تلك الاماني فتصبح حقيقة برأيه:  »قولي تلك الاشياء وسأصدق… معك فقط كل الأنباء قابلة للتصديق وكل المآسي التي تمر على شفتيك تكون جميلة!«.

أعلاه غيض من فيض قريحة المعجب عمر العمودي، إلا أن الأسوأ من غزل عمر هو الرد المنتحل باسم كريستيان الذي كتبه صديقه سلمان القباتلي المفروض انه شاعر وكاتب. فسلمان قرر ان يشطح أبعد من صديقه  »العاشق« وحمّل ردّه شحنة فلسفية فقال مثلا منتحلا صوت كريستيان :  »نحن المذيعات لسنا جميلات وإن امتلكنا بعض الجمال. إنه فن الخدعة يا صديقي، جمال محشو، ملامح مركبة، وإغراء متعمد… تحزن إحدانا لسقوط رموشها الصناعية اكثر من سقوط الضحايا… وتخشى الاخطاء الفنية اكثر مما تخشون القصف… ما نحن يا صديقي إلا دمى بشرية، أو آلة إعلامية تقرأ الاخبار السيئة والجميلة بنفس الشعور والملامح فلا فرق بين افتتاح مقهى ليلي وبين سقوط عشرة ضحايا من اطفالكم ليلا… «.

واضح أن سلمان القباتلي، الشاعر والكاتب  »الكبير«، يعرف طبيعة المرأة بقدر ما يعرف صديقه عمر العمودي اللغة الكمبودية! كلاهما جاهل في ما يقولان. فالمرأة لن تتكلم عن نفسها بالصيغة المهينة الواردة أعلاه مهما كانت الظروف ولو انها حقيقة دامغة. والمرأة لا تستخف بوظيفتها وبمهنتها وبموقعها في المجتمع مهما بلغت تلك الوظيفة من تناقضات مثيرة للخجل. فحتى الساقطات لا يصفن انفسهن بشكل يحط من قدرهن كبشر. ولذا كان واضحا منذ البداية ان بقية ما جاء في رد سلمان القباتلي الذي وقّع الوقحة باسم كريستيان، ان ما كتبه لا يمكن ان يأتي على لسانها. لقد كذب، وصديقه شطح في غزل سطحي سخيف والأنكى أن بعض الذين قرأوا الرسالة والرد صدقوهما!

العدد 97 – تشرين 2019