تدريس اللغة العربية وتجربة جديدة في منطقة ويمبلي

السعي الى طريق النجاح له ألف باب، كل ما يلزمك هو الايمان بما تفعل، والأصرار على السير بهدفك الى نهاية الطريق. قضية تدريس اللغة العربية الى الأجيال الجديدة من الجالية العربية، شغلت ومازالت تشغل بال الكثيرين، وقد نالت اجتهادا واهتماما بالفعل من الرواد في هذا المجال، ونشأت العديد من المدارس، وانتشرت في مناطق مختلفة سواء في العاصمة البريطانية، أو في مدن أخرى حفلت بحضور عربي ملحوظ، ، وهذا المجال رغم أهميته ونبله في الوقت نفسه، يحتاج الى قدر كبير من الأعداد وما يصاحبه من شروط وتكاليف أبرزها المكان المناسب، وقدر الأيجار المطلوب. التجربة الجديدة فيها قدر كبير من اتساع الأفق، وقوة الملاحظة، والجرأة في الأقتحام، وكان ميدان هذه التجربة منطقة (ويمبلي) Brent Civic Centre. خاضت تلك التجربة الأستاذة (هاله العقابي)وهي فوق موقعها كمدرسة، فهي تزاول هذه المهنة بمنطق الهواية، أكثر منه منطق الحرفة، وفي تجوالها بمركز البلدية في ويمبلي فقد لاحظت مدى اتساع المكان، وتعدد الطاولات، ومدى الهدوء والأنضباط الذي يخيم عليها، وفكرت في امكانية استغلال مثل تلك المساحات في عملية التدريس، بدلا من استخدام المدارس، في ايام العطلات فقط، وتعذر ذلك لأزدحام الطلبات، وأيضا لعنصر التكاليف في الأيجارات. لمعت الفكرة في رأسها، وتوهجت، ثم بالتفكير في كل العناصر تبلورت، ولم يعد أمامها سوى التحرك للتنفيذ. طلبت لقاء عمدة بلدية برنت السابق السيد (آرشد محمود)وعرضت عليه الفكرة، وخلال

ساعة ونصف، من الحوار بسطت أمامه كل التفاصيل، ورحب الرجل بالفكرة في النهاية، وأبدى كل الأستعداد للتعاون معها، وبدأت في الأعداد من حيث وضع خطة للتنفيذ وأهمها وجود الطلاب، والمدرسين، ثم الرعاية الكاملة لتحقيق خطة العمل، بأعلى درجة من الكفاءة للخروج بها الى أعلى درجة من النجاح، وكانت النتيجة بعد ذلك مبهرة على أصعدة مختلفة، وأهمها نجاح الطلاب بنسب مائة في المائة. ثانيا:انخفاض المصاريف نظرا لعدم وجود عنصر الأيجار للمكان، ثم ان الهدف ليس ربحيا.

حوار مع مديرة المدرسة هالة العقابي

 تقول مديرة المدرسة هالة العقابي عن المدرسة ونظامها :ان المدرسة تعمل طوال الأسبوع على النحو التالي أيام (الأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة) من الساعة 530 مساء أي بعد خروج الطلبة من مدارسهم الأنجليزية حتى الساعة 730 مساء، وهؤلاء يمكن أن يتفرغوا لعطلة ألسبت والأحد مع ذويهم ، أما في أيام (السبت والأحد) فيحضر لنا المشغولون أيام الأسبوع، ويفضلون الدراسة في هذين اليومين، فنبدأ في العاشرة صباحا حتى الثالثة مساء. كما تم اعداد بطاقات للطلبة للحضور، وأيضا بطاقات للتردد على المكتبة للقراءة أو ألأستعارة. تضيف ان الطلبة موزعون على أيام الأسبوع، وكل طالب معلوم له يوم الحضور وساعة حضوره وانصرافه، لذلك فأماكنهم محجوزة مسبقا، وعدد المدرسات ثمانية مدرسة، وعدد الفصول أربع فصول بأربع مراحل مختلفة. تستطرد هالة العقابي في القول : ان المدرسة(ويمبلي العربيه) قد تم افتتاحها عام 2015، وكان دأبنا على الدوام هو الأهتمام بكافة العناصر التعليمية والتربوية، كما نتابع مع نهاية كل فصل دراسي طلبة المدرسة من خلال التواصل مع أهلهم وذويهم للوقوف على ما حصدوه من معرفة، ولكن مع بداية العام الدراسي 2018 بادرنا بأسلوب آخر وهو بالتعاون والتنسيق مع عمدة بلدية برنت السابق السيد (آرشد محمود) كما أسلفنا من قبل وقد رحب بفكرة التعاون معنا. من الأيجابيات الأخرى لذلك التعاون هو التغلب على حالة الخجل أو التردد التي تنتاب بعض الطلبة في ارتياد الأماكن العامة أو التحدث مع الآخرين، وأمام الجمهور. كما ان الأعتياد على دخول المبنى، يشكل ايضا دافعا جديدا للقراءة، وأيضا للاختلاط مع بقية المترددين على المبنى، لاسيما أن الأهالي أنفسهم في حالة انتظار أولادهم يجدون مكانا حافلا بألوان الثقافة والترفيه، وتتوفر لهم الفرصة للتقارب والتعارف مما يعزز العلاقات بين الاهالي. التقت  »الحصاد« مع الوالد لأحد الطلاب، وهو الأستاذ (حسان الحديثي) باحث وكاتب في الآداب، وذكر أنه يقدر تماما تلك الجهود في تعليم اللغة العربية، وقد لاحظ بنفسه مدى التطور الذي حققه ابنه في تعلم اللغة العربية، وخصوصا الأحساس بالكلمة حين النطق بها ، كما أشاد بعملية التقارب بين الأساتذة والطلاب التي تلعب دورا كبيرا في الأقبال على تعلم اللغة، واختتم حديثه بالأشادة بتلك التجربة التي خاضتها المدرسة، وقال انني أشجع أصدقائي على الحاق أبنائهم بتلك المدرسة. تضيف (هاله العقابي) من جانب آخر فان المدرسة حريصة على بث روح الجماعة في نفوس الطلاب، والحرص على تعزيز العلاقات بينهم، وذلك من خلال الرحلات الجماعية سواء الترفيهية، أو الثقافية كزيارة المتاحف والأماكن ذات الدلالات التاريخية. ان التآلف والأندماج يأتي دائما من خلال العمل الجماعي، وتقوية العلاقات الأجتماعية بين الطلاب، وهو أيضا ما نحرص عليه.

في النهاية هي تجربة قد تكون فريدة، ولكنها  بلا شك ـ مبادرة جديرة بالأهتمام، وستكون لها آثارها في مستقبل الأيام، حول فكرة الأستخدام الأمثل لما توفره ادارات البلديات من خدمات وتيسيرات، يمكنها أن تساعد في القفز بعمليات الدراسة والتنشئة للأجيال الجديدة الى مستوى

أفضل وأعمق.

العدد 97 – تشرين 2019