سرطان القولون… الوقاية خير من ألف دواء-هل هو مرضٌ  »ساذج« فعلاً؟

بيروت ـ رنا خير الدين

تزايدت في الآونة الأخيرة إصابات الجهاز الهضمي والقولون والكبد بنسب مرتفعة تأثرت بشكل مباشر من طبيعة التحولات والتغيرات في النمط العيش والاستخدامات الخاطئة في الغذاء، والتحوّل الصناعي الناتج عن المواد الكيماوية والحافظة للأطعمة والأغذية، ناهيك عن الفرط الهائل في تناول الأدوية ومضادات الالتهابات.

في لبنان مثلاً، تتفاقم أمراض القولون والأمعاء منذ مدة، دون سنة معينة، فالاتجاه العام الخاطئ في تناول الوجبات والتوجّه إلى الأطعمة السريعة أسفر عنه خطر في الإصابة بالسرطان، تحديداً سرطان القولون.

الدكتور بلال حطيط

في التقرير سنبحث في أبرز مشاكل الجهاز الهضمي مؤخراً والكبد مع الدكتور بلال حطيط إخصائي في الجهاز الهضمي والكبد والتنظير.

مشاكل الجهاز الهضمي

ينقسم الجهاز الهضمي إلى قسمين، القسم الأول القولون والثاني الكبد. أبرز مشاكله عضوية، منها التهابات المزمنة في الأمعاء، هي نوع من أنواع الأمراض المناعية مرتبطة بطبيعة حياتنا بشكل وثيق. تبرز هذه المشاكل من جراء الاستخدام المفرط لأدوية الالتهابات عند الصغر، ما يزيد فرز المناعة لمضادات ضد الأمعاء في الجسم على الدوام، ما يؤثر على الأمعاء عند الكبر وربّما اتلافها.

كما من المشاكل البارزة في الجهاز الهضمي كسل القولون وهو خلل في الحركة يُصيب الأمعاء الغليظة وتحديداً القولون ويتسبّب بتأخير مرور الفضلات عبر الأمعاء، وفي هذه الحالة يبقى البراز عالقاً في أجزاءٍ من القولون ولا ينتقل بشكلٍ طبيعي إلى القولون السيني المسؤول عن دفع وإخراج البراز إلى خارج الجسم.

قد يترافق كسل القولون مع اختلالات أُخرى في حركة الأمعاء الدقيقة مثل تأخّر تفريغ المعدة. كما يعتبر الإمساك المزمن من المشاكل المتعارف عليها في بلادنا حيث يعد الإمساك من أكثر المشكلات شيوعاً حيث يكون الإمساك مصحوباً بالانتفاخ والصداع وسرعة الانفعال. الإمساك المزمن من الإمساكات التي تستغرق فترة طويلة للعلاج.

وأخيراً تتفاقم أعداد هائلة للأمراض المزمنة السرطانية في المعدة والأمعاء، والتي سنتحدث عنها مفصّلاً فيما يلي:

انسداد القولون… خطر للإصابة بالسرطان

هو ثالث أكثر السرطانات المنتشرة حول العالم، والذي عادة يصيب أفراد ما فوق الخمسين عاماً. ويقول  »د. بلال حطيط« من الغريب اليوم تزايد عدد المصابين بسرطان القولون ما دون الخمسين عاماً، هذا أمر غير مقبول، يحتاج عناية وتشخيص دائمين. وينتشر هذا السرطان لدى الرجال أكثر من النساء. الاكتشاف المكبر لسرطان القولون عامل مهم في عدم الحاجة لعلاجات متقدمة.

يعرف سرطان القولون بالسرطان  »الساذج«، لأنه أقل خطورة من غيره كما يزعم البعض لكن الحقيقة إن سرطان القولون خطير.

من أبرز أسبابه بحسب ما يشير  »د. بلال حطيط«:

ـ التغير النمطي الحياة نحو الوجبات السريعة التي تحتوي نسب عالية من الزيوت والمواد المصنّعة.

ـ تعسّر الهضم الذي يسببه الضغط على الأمعاء بسبب عدم الهضم بشكل جيد واستنزاف المادة المخاطية المسيرة للبراز.

ـ البدانة المرافقة لسوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة أو المشي.

ـ يمكن للكحول أن يكون سبباً لخطر الإصابة بسرطان القولون.

انسداد مجرى القولون وهو مرحلة متأخرة من المرض، وهو المسبب الأساسي في الإصابة.

أعراض المرض الصامت

يؤكّد  »د. بلال حطيط« أن عوارض سرطان القولون غير مباشرة، ولا يمكن للمريض ملاحظتها بشكل واضح. ويقول: القولوع عبارة عن أنبوب عضلي، يمتص كمية معينة من الماء بعد عملية الهضم في الأنانبيب الصغيرة التي تمتص الغذاء، وظيفته تقوم على امتصاص نسبة معينة من الماء وإخراج الأوساخ، أي انسداد في هذا الأنبوب العضلي ينتج عنه تضخّم فيه. لذا عوارض سرطان القولون تقوم على تلك الناتجة عن الانسداد في القولون وهي: الإمساك، الغازات، انتفاخ في المصران.

فالإمساك يحدث بسبب ضغط الأورام على الأمعاء، ممّا يسبّب حشراً للبراز داخل الجسم. من عوارضه أيضاً وجود الدم مع البراز، ويحدث بسبب تأثّر الأمعاء بالورم وتفتت أنسجة الأمعاء تترافق العوارض بألم في البطن وتتكوّن بسبب الإمساك وعسر الهضم. يشهد المريض انخفاض في الوزن بشكل فجائي.

علاجاته طبقاً لانتشاره

يقول  »د. بلال حطيط«: لتحديد علاج سرطان القولون يعتمد على تحديده، ومدى انتشاره، وفي حال انتشار المرض فوق مجال القولون يجب التوجّه إلى العلاج الكيميائي للسيطرة على المرض خارج القولون يتبعها عند السيطرة عمل جراحي. والعلاج الكيميائي يعطى للمريض هذا النوع من العلاج عن طريق الفم أو الوريد، وهذا النوع من العلاج يحتوي على مواد كيماوية قوية جداً، لذلك يشعر المريض بعد جرعات هذا العلاج بالدوار، والتعب، والغثيان. والعلاجات الكيميائية هي متنوعة، تتوجّه للسيطرة على تكاثر الخليّة العشوائي حتى لا يمتد السرطان إلى أعضاء الجسم الأخرى.

ويتابع: في حال تواجد المرض داخل القولون يكون حلّه الأول هو عملية جراحية لاستئصاله يتبع العملية الجراحية في هذه الحالة العلاج الوقائي من الانتشار، وذلك في حال تخطّي المرض العضلة أو وجود خزع ليمفاوية موجودة فيها خلايا سرطانية يكون العلاج الوقائي هو الحلّ

الوقاية تقوم على عدّة عوامل

الأول مع مراقبة لفترة خمس سنوات.

خلال العملية الجراحية يتم قطع أجزاء القولون المصابة بالأورام، وفي حال تم اكتشاف أن المرض انتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم، يتم قطع هذه الأجزاء.

 »على صحة السلامة«

ينصح  »د. بلال حطيط« إلى اتباع الوقاية الدائمة بإجراء الفحوصات اللازمة للكشف المبكّر للمرض، ولا يكفي ذلك بل يحتاج إلى أسلوب حياة صحيح بعيداً عن الأطعمة المصنّعة والكحول وممارسة الرياضة بشكل منتظم.

كما يدعي إلى من جراء فحص للبراز، لمعرفة إذا كان يحتوي على دم أم لا. أو فحص مستقيم المريض باللمس الشرجي، لمعرفة وجود آفة نامية. المنظار السيني، حيث يدخل الطبيب منظاراً مرناً إلى المستقيم أو منظار القولون، حيث يدخل الطبيب منظار أكثر مرونة من منظار المستقيم، إلى أول القولون.

نصائح غذائية

التغذية الصحيحة والملائمة هي العامل الوقائي الأهم لمرضى سرطان القولون. وقد بينت الدراسات الحديثة أن الإقلال من الطاقة الغذائية أي معدل السعرات الحرارية وضبطها بما يناسب الجسم، من شأنه وقف العديد من الأورام  مثل أورام الثدي والقولون والكبد والجلد وذلك عن طريق الاقلال من التفاعلات المؤكسدة  الضارة مما يعين على التخلص من مولدات الأورام والتخلص من الخلايا التالفة والخلايا ما قبل السرطانية بموتها.

التخلص من البدانة، إن للبدانة مفعول ضار بشكل عام على الصحة، وعلى مرضى سرطان القولون بشكل خاص فإن الانتباه للوزن والتقليل من البدانة ينتج عنه راحة للأمعاء في الهضم ويحمي القولون من الكسل.

وبحسب مدوّنة  »ويب طب« يجب الابتعاد عن اللحوم المصنّعة والمحفوظة، لأن الدراسات أثبتت أن زيادة استهلاك اللحوم يتلازم مع زيادة معدلات سرطان القولون والبنكرياس.

يجب الإقلال من الدهون، اذ أن هناك علاقة مؤكدة  بين أورام القولون والثدي وبين استهلاك الدهون.

 الحرص على تناول الكالسيوم بكميات كافية، اذ يرجع الدور الوقائي للكالسيوم  ضد الأورام الى قدرته على تخفيض معدلات وجود الأحماض الضارة في القولون، والإقلال من الأكسدة لهذه الأحماض  المسببة لأمراض القولون.

علاقة المناعة بالجهاز الهضمي

تجمع جهازي المناعة والهضمي علاقة طردية إلى حدّ ما من حيث العمل والوظيفة الجسمية، على اعتبار أن الأنزيمات المناعية التي تهضم الطعام في المعدة، وأي تقصير بجهاز منهما يمكن أن يؤثر على وظيفة الجهاز الآخر والعكس. فأي تلبّكات في الأمعاء تنعكس على عمل

يترافق انسداد القولون آلام في الأمعاء

المناعة خصيصاً عملية امتصاص الغذاء.

دكتور بلال حطيط في أسطر

أخصائي في الجهاز الهضمي والكبد والتنظير، أخصائي في زراعة الكبد. خريج جامعة اليسوعية، مستشفى أوتيل ديو.

رئيس قسم الجهاز الهضمي في مستشفى الساحل  بيروت.

مسؤول وحدة الكبد في قسم زراعة الكبد في مستشفى الرسول الأعظم.

طبيب متقاعد في مركز  »Bellevue« الطبي. وأستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية ـ كلية الصحة.

 

 

العدد 98 – تشرين الثاني 2019