الأبعاد البيئيه والسياسيه  لحرائق غابات الأمازون

الدكتورهيثم الشيباني – خبير في البيئه

يعيش الانسان في وسط بيئي يستمد منه أسباب العيش والرفاهية، الا أن قانون التوازن يفرض على الانسان أن يعتني بالبيئة ويقدم لها كل أسباب النمو والازدهار ومتى ما اضطرب هذا التوازن فان الحياة على هذا الكوكب تنتفض احتجاجا على شكل احتباس حراري   أوجفاف أوفيضانات وغير من الظواهر التي مرت بنا وقرأنا عنها في بطون التأريخ، والقادم لا يعلمه الا الله.

 قام الانسان بإزالة الكثير من الغابات من أجل الاستفادة من مساحاتها الشاسعة لبناء المصانع أو المساكن أو تحويلها إلى أراض  لزراعة محاصيل معينة مثل القمح أو الشعير وما إلى ذلك الأمر الذي ترتب عليه حرمان البشرية من فوائد الغابات التي لا حصر لها.

حرائق الأمازون

1.المقدمه:ان  الأمازون أكثر غابات العالم مساحة وعمرا إذ يعود عمرها إلى أكثر من خمسمئة مليون سنة الأمر الذي أدى إلى حدوث تغيرات كبيرة فيها حيث يوجد فيها أكثر من نصف أنواع الكائنات الحية المعروفة على الأرض وفيها أنواع كثيرة من الأشجار والنباتات والحشرات والأسماك إضافة إلى خمسة مصادر للمياه العذبة.  تقع غابات الأمازون في قارة أمريكا الجنوبية ضمن مساحات واسعة من البرازيل وبعض المناطق المجاورة لها. كغيانا والبيرو وفنزويلا والإكوادور إذ تبلغ مساحتها حوالي خمسمئة وخمسين مليون هكتاراً الأمر الذي جعلها تلعب دوراً كبيراً في عملية البناء الضوئي التي تقوم فيها النباتات بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين وهو العنصر الأهم لكل المخلوقات إذ يعتبر المحرك الأساسي لعملية التنفس ولا بد من الإشارة إلى أن نسبة الأكسجين الصادرة من هذه الغابات تعادل حوالي 20 من نسبة الأكسجين الكلية الموجودة في الغلاف الجوي. تتميز غابات الأمازون بالمناخ المعتدل طيلة العام،حيث تصل درجات الحرارة إلى ما يعادل 27 درجة مئوية علماً أنها مصنفة ضمن إحدى الغابات المطرية حيث يبلغ مستوى الأمطار السنوي فيها حوالي 440 سنتيمتراً.

 يصنف نهر الأمازون ثاني أطول نهر في العالم بعد نهر النيل وهو نهر اكتشفه الإسبان خلال رحلاتهم في البحث عن الذهب في قارة أمريكا الجنوبية علماً أنه ينبع من بحيرة صغيرة تقع وسط جبال الأنديز الواقعة على الجهة الغربية من أمريكا الجنوبية ويصب في المحيط الأطلسي كمية تعادل خمس كميات المياه التي تصبها الأنهار الأخرى كما وأن تياره يعتبر أقوى التيارات في العالم حيث يبلغ حجم حوضه حوالي 7 مليون كم² فهو ينتج ما يعادل 25 من الماء العذب مقارنة مع الأنهار الأخرى ويعيش فيه أكثر من مئتي نوع من الحشرات والثدييات  لكن حركة الملاحة فيه قليلة نظراً لوقوعه بالقرب من خط الاستواء حيث درجات الحرارة العالية والحشرات المسببة للأمراض والأوبئة الخطيرة. الأضرار التي لحقت غابات الأمازون هي الانتهاكات الجائرة بحق الطبيعة نظراً لخصوبة الحياة فيها ولموقعها المتميز وعدم الاكتراث بالحفاظ على دورة الحياة فيها مثل قلع النباتات وخلع الأشجار وتجريف التربة وذلك بحجة بناء الطرق السريعة لتربط بين المناطق المحيطة بها إضافة إلى إنشاء مناطق سكنية على أطرافها. تم استغلال الأراضي في زراعة المخدرات وتحويل بعضها إلى معامل لتصنيع المخدر ثم إرساله إلى الدول المجاورة. لوحظ انقراض بعض أنواع الأشجار مثل شجر الماهوجني بسبب اقتلاعه نظراً لقيمة أخشابه المرتفعة. كما حصل جفاف كثير في أنهارها وموت الكثير من الأسماك فيها. ولا شك أن إنتاج كميات كبيرة من الكربون فيها   يساهم في الاحتباس الحراري.

2.الموقع الجغرافي:

 تقع غابتا  الأمازون على عدة دول هي : البرازيل وبيرو وكولومبيا وفنزويلا  و(غويانا الفرنسية) وسورينا غيانا وبوليفيا والإكوادور،  لكن الجزء الأكبر من غابات الأمازون يقع في البرازيل في قارة أمريكا الجنوبية.

المساحه بالهكتار 550.000.000.

 يبلغ أقصى ارتفاع لأشجارها 900 متر عن سطح البحر.

وتعتبر هذه الغابات الرئة التي تتنفس الأرض من خلالها.  لكن يجري التجريف والقطع الجائر لأشجارها ونباتاتها، بحجة تحويلها إلى طرق سريعة ومدن سكنية كما تجري زراعة المخدرات فيها وإنشاء معامل تصنيع وتحويل هذه المخدرات  وتهريبها إلى جميع أنحاء العالم بواسطة العصابات ودعم بعض الحكام.

 قال علماء من البرازيل والولايات المتحدة أن الاجتثاثات الذي تتعرض لها غابات الأمازون،أكبر  من 60 بالمئة.

 كما استطاعت تقنيات الاقمار الصناعية تصويرالآنشطة البشرية التي تتجاوز على البيئه والغابات من كل الجوانب.

 وأن بعض الحطابين كانوا  يختارون اشجارا عالية القيمة كشجر الماهوجاني.

 قدمت الوكالة الأمريكية للفضاء ناسا معلومات مفيدة جدا للباحثين. حيث كشفت النتائج أن غابات الأمطار في الامازون  التي دمرت ما بين 1999 و2002 أكبر مما كان متوقعا بآلاف الكيلومترات المربعة.

كما بينت الدراسات ان كمية الكربون الناتجة عن الانشطة البشرية في الامازون أكبر بـ25 بالمئة مما يكفي لاحداث الاحتباس الحراري.

ويدعي رجال الاعمال الذين يستغلون أخشاب الامازون ان قطع اشجار وترك أخرى اقل ضررا للبيئة لكن المدافعين عن البيئة يقولون ان بلوغ الاشجار عالية الجودة يتطلب بناء طرق واحضار تجهيزات ثقيلة إلى قلب الغابات، مما يزيد المشاكل صعوبة.

 أن أسوأ جفاف  حصل قريبا منذ أكثر من 40 عاما، وقد أحدث أضرارا لأكبر غابات مطيرة في العالم، وأشعل حرائق في حوض نهر الامازون، واصاب سكان المناطق المطلة على النهر بأمراض بسبب تلوث مياه الشرب، كما أدى لنفوق ملايين الاسماك بسبب جفاف الجداول.

وأعلن حاكم ولاية أمازوناس حالة الازمة في 16 بلدية حيث اثر الجفاف المستمر منذ شهرين على سكان المناطق المطلة على النهر الذين لم يعد بمقدورهم العثور على الطعام أو بيع المحاصيل.

ويعتقد بعض المختصين  أن درجة حرارة المحيط المرتفعة يسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، والتي ترتبط أيضا بسلسلة أعاصير غير عادية مهلكة ضربت الولايات المتحدة وأمريكا الوسطى في الاونة الأخيرة.

ويقول بعضهم إن الهواء المرتفع في شمال المحيط الأطلسي الذي يغذي العواصف ربما سبب هبوط الهواء فوق الامازون ومنع تشكيل السحب وسقوط الأمطار.

3.التنوع البيولوجي:

 أن الغابات المدارية في الأمريكتين أكثر تنوعا بيولوجيا من الغابات المطيرة  (المطرية).

في أفريقيا وآسيا لكونها أكبر بقعة من الغابات المدارية في الأمريكتين. يعيش نوع من كل عشرة أنواع حية في العالم في غابات الأمازون المطيرة وهو ما يشكل أكبر تجمع من النباتات والحيوانات والأنواع الحية في العالم، وهذا تنوع حيوي نادر.

توجد في المنطقة حوالي 2.5 مليون نوع من الحشرات وعشرات الآلاف من أنواع النباتات  و2000 نوع من الثدييات والطيور تقريبا. علميا صنف في المنطقة على الأقل 40000 نوع من النباتات و2200 نوع من الأسماك و1294 نوع من الطيور و427 نوع من الثدييات و428 نوع من البرمائيات و378 نوع من الزواحف. يوجد نوع واحد من كل خمسة أنواع من الطيور في غابات الأمازون المطيرة (المطرية). كما يعيش نوع واحد من كل نوع من الأسماك في أنهار وجداول الأمازون. وصف المختصون ما بين 96660 و128843 نوع من اللا فقريات في البرازيل وحدها.

يوجد فيها حوالي ستةَ عشر ألف نوعٍ مختلف من الأشجار ويبلغ عددها جميعها ثلاثمئة وتسعينَ مليار شجرة وأكثر من أربعينَ ألف نوع من النباتات وما يقارب ثلاثة آلاف نوعٍ من الفواكه القابلة للأكل فيها.

 يوجد فيها أكثر من مليونين وخمسمئة مليون نوع من الحشرات.

 سبعونَ بالمئةِ من النَباتات المعروفة بخصائصها المضادة للسرطان موجودة في غابات الأمازون إّلا أن تسعين بالمئة منها لم يتم تحليلها بشكل علميٍ في المختبرات.

 توجد فيها أخطر أنواع الثعابين والعناكب كما أنها موطن الأناكوندا العملاقة وتوجد فيها الخفافيش الماصة للدم وكذلك الضفادع السامة.

هذا التنوع البيولوجي من أنواع النباتات هو الأعلى على كوكب الأرض، فقد نشر بحث  في 1999 أن كيلومترا مربعا (247 فدانا) من غابات الأمازون المطيرة يمكن أن يحتوي على   90790 طنا من النباتات الحية. لقد سجل ما يقرب من 438000 نوع من النباتات ذات الأهمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة مع وجود المزيد الذي لم يكتشف أو يسجل بعد، ويقدر العدد الكلي لأنواع الأشجار في المنطقة بحوالي 16000.

ان إزالة الغابات تعني تحويل مناطق مشجرة بالغابات إلى مناطق غير مشجرة، والسبب الرئيسي لإزالة الغابات في الأمازون هو الاستيطان البشري وتطور الأراضي. لقد أصاب التدمير في عام 2018  حوالي 17 من غابات الأمازون المطيرة.

وهذا مخيف جدا لأن العلماء يعتقدون  أنه عند الوصول إلى نسبة تتراوح من 20-25 فان الأمر يصعب العلاج.

  إن غابات الأمازون من أكبر الغابات الاستوائية في العالم وبها أكبر تنوع بيولوجي على مستوى العالم وبها أيضا عدد كبير من الأنواع التي لا تزال غير معروفة للعلماء خاصة في المناطق النائية.

الحفاظ على التنوع البيولوجي أمر مهم لأنه يضمن الاستدامة لجميع أشكال الحياة. كما أنه من خلال ذلك تتعافى من الكوارث بشكل أفضل مثل حرائق الغابات النظم الإيكولوجية الصحية والمتنوعة.

يساهم الحفاظ على التنوع البيولوجي أيضا في تثبيت النظم البيئية الأخرى في المنطقة والشعاب المرجانية الضخمة قبالة مصب نهر الأمازون في المحيط الأطلسي هي موطن للشعاب المرجانية المهددة بفعل ارتفاع حرارة الأرض.

وفقا لعالم الأحياء كارلوس إدواردو لايتى فيريرا من جامعة فيدرال فلومينينسى في ريو دي جانيرو فإن هذه الشعاب يمكن أن تساعد في إعادة ملء المناطق المتضررة في المحيطات بالشعاب المرجانية ومع ذلك فإن شركات النفط مثل توتال وبي بي  بريتش بيتروليوم لديها خطط للتنقيب عن النفط بالقرب من شعاب الأمازون مما يهدد هذا النظام البيئي.

ان المنتجات من الغابات المطيرة الأنواع التي تستوطن غابات الأمازون مهمة أيضاً لإنتاج الأدوية والأطعمة وغيرها من المنتجات ويوفر أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات في المنطقة مكونات فعالة للاستخدام الطبي أو مستحضرات التجميل أو المكافحة البيولوجية للآفات.

وفقا لدراسة أجرتها جامعة  ABC  في ساو باولو، فإن استخدام ما يسمى بـ مخلب القط ،وهي نبتة موطنها غابات الأمازون لا يقتصر على علاج التهاب المفاصل والعظام فحسب بل يمكن استخدامها أيضاً في التقليل من التعب وتحسين نوعية حياة مرضى السرطان في المراحل المتقدمة.

تباع منتجات الغابات المطيرة في جميع أنحاء البرازيل: التوت الأسي، والغوارانا، والفواكه الاستوائية، وقلوب النخيل، وأيضًا منتجات سكان المنطقة الأصليين. وأهم ما تصدره البرازيل: الجوز البرازيلي، والجارينا (نوع من النخيل)، والروتيل (معدن)، والجابوراندي (مواد عشبية فعالة)  والخشب الوردي النفيس، والصمغ، والزيوت.

وهذه بعض الأسباب التي تجعل غابات الأمازون مهمة جدا للعالم  لهذه الأسباب.

  1. الضغوط الدولية :

تتواصل الضغوط الدولية على الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو للتحرك من أجل حماية غابات الأمازون واحتواء الحرائق الهائلة التي تشهدها منذ أكثر من 3 أسابيع وأكد الرئيس الفرنسي   أنه سيبحث مع قادة مجموعة السبع في قمتهم في بباريس قضية حرائق الغابات في الأمازون التي تعتبر  رئة الأرض.

تتوالى الدعوات الدولية من جميع الأوساط السياسية والرياضية والفنية،على الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو من أجل احتواء الحرائق الهائلة التي تشهدها غابات الأمازون منذ أكثر من 3 أسابيع وأتت على جزء كبير على التي يطلق عليها  رئة الأرض.

وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر موقع تويتر، حملة نداءات لإنقاذ الأمازون،معبرا عن  القلق العميق  من الحرائق في أكبر غابة استوائية في العالم والتي يقع ستون بالمئة منها في البرازيل.

وقال  في خضم أزمة مناخية عالمية، لا يمكننا تحمل أن تلحق أضرار بمصدر رئيسي للأوكسيجين والتنوع البيئي ، وطالب  بحماية  غابات الأمازون.

فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيبحث مع قادة مجموعة السبع في قمتهم في بباريس قضية الحرائق التي اعتبرها  أزمة دولية.

وكتب الرئيس الفرنسي في تغريدة بيتنا يحترق  فعليا. غابات الأمازون المطرية  الرئة التي تنتج عشرين بالمئة من الأوكسيجين على كوكبنا تحترق، وأضاف  أنها أزمة دولية  داعيا الدول الأعضاء في مجموعة السبع  إلى  مناقشة هذه القضية الطارئة الملحة بعد يومين.

وفي تغريدتين متتاليتين، اتهم بولسونارو ماكرون  بتحويل قضية داخلية في البرازيل وأربع دول أخرى في الأمازون إلى أداة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية بأسلوب مشوق لا يساهم في حل المشكلة.

وبعدما أكد أن  الحكومة البرازيلية منفتحة على الحوار استنادا إلى وقائع موضوعية واحترام المتبادل ، قال الرئيس البرازيلي إن  اقتراح الرئيس الفرنسي   مناقشة قضية الأمازون خلال قمة مجموعة السبع بدون مشاركة دول المنطقة ينم عن عقلية استعمارية لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين.

وشارك بولسونارو في اجتماع  الأزمة   في برازيليا. وكان قد هاجم مجددا المدافعين عن البيئة الذين دعوا إلى مظاهرات   في جميع أنحاء العالم.

وتغبيرا عن مزيد الضغوط الداخليه والعالميه نشرت مداخلة محمد حبيب رئيس معهد الثقافة العربية في البرازيل بشأن السيطرة على حرائق غابات الأمازون وستنظم مظاهرات  من أجل غابات الأمازون في ساو باولو وريو دي جانيرو. ودعت حركة الشابة السويدية غريتا تونبرغ الناشطة في مكافحة ظاهرة الدفيئة إلى التظاهر أمام سفارات وقنصليات البرازيل في جميع أنحاء العالم.  وأطلقت نداءات من أجل الأمازون في الوسط الرياضي حيث نشر كريستيانو رونالدو على تويتر صورة

 التقطت في 2013 في منطقة لا تقع في الأمازون، حسب صحافي تقصي الحقائق في وكالة الأنباء الفرنسية.

وكذلك من الوسط الفني وخصوصا المغنية الأمريكية مادونا التي نشرت على إنستاغرام صورة تعود إلى 1989 أرفقتها بتعليق  الرئيس بولسونارو  نرجو أن تعدلوا سياستكم. يجب أن نستيقظ ، كما عرض رئيس الإكوادور لينين مورينو على نظيره البرازيلي  في مواجهة هذه  المأساة ، إرسال ثلاث وحدات من رجال الإطفاء المتخصصين بحرائق الغابات.

ويصعب تقدير مدى تقدم الحرائق في أكبر غابة في العالم لكن المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء تحدث عن اشتعال حوالى 2500 بؤرة حريق جديدة في البرازيل خلال 48 ساعه.وتحدث عن 75 ألفا و336 حريق غابات في البلاد منذ يناير/كانون الثاني حتى 21 أغسطس/آب أي بزيادة نسبتها 84 بالمئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. وقد اندلع 52 بالمئة من هذه الحرائق في غابات الأمازون.

لقد صارت الصورة أن كل من ناسا والأمازون يتصدران موقع تويتر للتواصل الاجتماعي.

بينما بدأت وسائل الإعلام البرازيلية تتحدث عن إصابات بمشاكل تنفسية في بعض المدن، هيمنت الحرائق في غابات الأمازون   في البرازيل الموضوع الأول على تويتر مع انتشار سيل من الصور وتسجيلات الفيديو التي لا علاقة لها بالمنطقة.

وتحت وسم  ناسا والأمازون بدون منظمات غير حكومية، أكد رواد لتويتر أن صورا جاءت من أقمار اصطناعية لوكالة الفضاء الأمريكية التقطت في الواقع في بوليفيا، بينما عبر آخرون عن تأييدهم لموقف الرئيس من منظمات غير حكومية.

وغداة عاصفة سببتها تصريحات بشأن  الحرائق الإجرامية ، قال بولسونارو إن من الممكن  اتهام السكان الأصليين المجتمعات المحلية وسكان المريخ وكبار مالكي الأراضي. وأضاف لكن الشبهات الكبرى تقع على المنظمات غير الحكومية.

وكان بولسونارو قد ألمح   إلى أن منظمات غير حكومية مدافعة عن البيئة تسببت بالحرائق بهدف  لفت الانتباه  إلى تعليق برازيليا مساعدات رامية للحفاظ على  رئة العالم.

وقال  ثمة احتمال لا أستطيع تأكيده بأن يكون ذلك مرده إلى خطوات إجرامية من هؤلاء الناشطين في المنظمات غير الحكومية بهدف التجييش ضدي وضد الحكومة البرازيلية. هذه الحرب التي نواجهها.

وكرر   اتهاماته قائلا  إن  المنظمات غير الحكومية تعاني من خسارة الأموال (القادمة) من النرويج وألمانيا ولم يعد لديها وظائف وتسعى إلى إسقاطي ، مشيرا إلى تعليق هذين البلدين مساعداتهما لصندوق الأمازون المخصص لحماية الغابة الاستوائية الهائلة.

إلا أنه عبر عن قلقه من الانعكاسات الاقتصادية لذلك. وقال إذا بدأ العالم يضع حواجز تجارية (في وجه البرازيل) فسيتراجع قطاع صناعاتنا الغذائية والاقتصاد مؤكدا أن هذا الرهاب البيئي يمنعنا من العمل.

وعبر مسؤولون في هذا القطاع الذي يتمتع بنفوذ كبير عن قلقهم من احتمال إطلاق دعوات إلى مقاطعة منتجات برازيلية.

وفي مقال  اتهمت 118 منظمة غير حكومية الرئاسة بـ اللامسؤولية.

وقالت المنظمات إن  بولسونارو لا يحتاج إلى منظمات غير حكومية لضرب صورة البرازيل في العالم. واتهمت الرئيس بأنه يحرض الرأي العام على العمل الذي قام به المجتمع المدني بمزاعم لا مسؤولة.

كما اشتدت الانتقادات المتبادله بين البرازيل وألمانيا ،في حين تزايد بشكل مأساوي معدل إزالة الغابات المطيرة بمنطقة الأمازون بالبرازيل منذ تولي بولسونارو الرئاسة بداية هذا العام. ونتيجة لذلك تعتزم ألمانيا وقف تمويل مشروعات لحماية الغابات والتنوع البيولوجي هناك. أمر لم يعجب بولسونارو قائلا :ان مئات النساء الأمازونيات يحتجن على إزالة غاباتهن وألمانيا تعلق مشاريع دعم لحماية الغابات في البرازيل فلن تشتري (ألمانيا) الأمازون، ويمكنهم الاستفادة من هذه الأموال. فالبرازيل لا تحتاج إليها هكذا أعلن الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو للصحفيين في العاصمة برازيليا  في (11 أغسطس/آب) ردا على ما أعلنته وزيرة البيئة الألمانية سفينيا شولتسه بأن وزارتها تعتزم وقف تمويل مشروعات لحماية الغابات والتنوع البيولوجي في البرازيل، نتيجة للزيادة الحادة في إزالة الغابات التي تم الإبلاغ عنها مؤخرا .

وقالت شولتسه في مقابلة مع صحيفة  تاغس شبيغل  الألمانية  نشرت  إن  سياسة الحكومة البرازيلية في منطقة الأمازون تثير شكوكا حول ما إذا كانت تنتهج خفضا مستمرا لمعدلات قطع الغابات.

وبحسب بيانات الصحيفة الألمانية ستكون الخطوة الأولى وقف دعم بقيمة نحو 35 مليون يورو (39 مليون دولار)  من تمويل المبادرة الدولية لتغير المناخ الخاصة بالوزارة، وكان قد تم تخصيص حوالي 95 مليون يورو للبرازيل في عام 2008.

ويهدف الصندوق إلى وقف قطع الغابات المطيرة وتمويل مشروعات إعادة التشجير ودعم السكان الأصليين، إلا أن بولسونارو يخطط لاستخدام مخصصات هذا الصندوق أيضا لتعويض المزارعين، وهو ما أثار حفيظة الممولين.

وبعد تصريحات الرئيس البرازيلي دافعت وزيرة البيئة  سفينيا شولتسه  في (12 أغسطس/ آب 2019) عن قرارها بخفض التمويل لغابات الأمازون المطيرة في البرازيل، وقالت  إن  ذلك يظهر لي أن هذا صحيح تماما، فقد قدمنا دعما في منطقة الأمازون، حتى تقل بشكل واضح عمليات إزالة الغابات. وإذا كان الرئيس (البرازيلي) لا يريد ذلك في الوقت الحالي  فلا يمكنني أن أرسل المال إلى هناك ببساطة.

ورغم تصريحات بولسونارو الأخيرة، لا تزال سفينيا شولتسه تريد الإبقاء على خط التواصل مع البرازيل مفتوحا  بطرق دبلوماسية.

 وكانت فرنسا وإيرلندا هددتا بوقف التصديق على اتفاقية تجارية ضخمة مع دول أمريكا الجنوبية ما لم تفعل البرازيل المزيد لمكافحة نيران غابات الأمازون.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن  »الرئيس جائير بولسونارو كذب عليه بخصوص موقفه من التغير المناخي.

ووافقت مجموعة السبعة الأوروبية على إدراج القضية في اجتماعها في نهاية هذا الأسبوع في فرنسا.

وعبر زعماء أوروبيون آخرون عن تخوفهم من الحرائق.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه قلق جدا بسبب التأثير الكارثي المحتمل لفقدان عدد كبير من الأشجار على البيئة.

ووصفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الحرائق بأنها  حالة طوارئ خطيرة  وأن تأثيرها سيكون أبعد من البرازيل ليشمل العالم بأسره.

وكان بولسناروا اتهم الرئيس ماكرون بالتدخل لأهداف سياسية ووصف الدعوة لمناقشة الموضوع في قمة الدول السبع الكبرى التي ستعقد في فرنسا ولن تحضرها البرازيل بأنها تنم عن  عقلية استعمارية.

ويقول ماكرون ورئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار إنهما لن يصادقا على الاتفاقية التجارية المذكورة ما لم تظهر البرازيل التزاما بحماية البيئة.

ويذكر أن بعض الاحتجاجات اقيمت  أمام السفارة البرازيلية في لندن دعما لبيئة الأمازون،كما تم التوصل إلى الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي والكتلة الأمريكية الجنوبية المكونة من الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وباراغواي بعد عشرين عاما من المفاوضات ووصفت بأنها أكبر اتفاقية يوقعها الاتحاد الأوروبي حتى الآن وسوف تخفض أو تلغى بموجبها الرسوم التجارية بين الطرفين.

وستمكن الاتفاقية الشركات الصناعية الأوروبية من الوصول إلى أسواق الدول المذكورة بمنتجاتها الصناعية ومنها السيارات كما ستساعد الدول على الجانب الآخر على تصدير منتجاتها الزراعية ومنها لحم البقر والسكر والدواجن إلى دول الاتحاد الأوروبي.

  1. الأمل في استمرار الحياة:

لا يمكن أن تتوقف عجلة الحياة عند كارثة حرائق غابات الأمازونولا يمكن أن تترك المشكلة بيد السياسيين وحدهم الذين يغرقون في  توجيه الاتهامات واللوم لبعضهم البعض وينصرفون عن المهمة الأكبر ألا وهي الحفاظ على البيئه فقد قامت الهند بعمل جبار خارق يمكن أن تقتدي به بقية شعوب الأرض ، حيث زرع المتطوعون في الهند أكثر من 66 مليون شجرة في 12 ساعة فقط في إطار حملة بيئية أقيمت مطلع الأسبوع الجاري.

وشارك حوالي 1.5 مليون شخص في الحملة الضخمة التي تم خلالها زراعة شتلات على طول نهر نارمادا بولاية مادهيا براديش.

وتعهدت الهند بموجب اتفاق باريس بزيادة غاباتها بمقدار 5 ملايين هكتار قبل عام 2030 لمجابهة التغير المناخي.

وفي العام الماضي سجل المتطوعون في ولاية أوتار براديش رقما عالميا من خلال زراعة أكثر من 50 مليون شجرة في يوم واحد.

كما رصد مراقبون من موسوعة غينيس العالمية حملة الزراعة التي جرت، ومن المتوقع أن يؤكدوا خلال الأسابيع القادمة أن هذه المجهودات قد حققت رقما قياسيا جديدا.

وقد نظمت الحملة من قبل ولاية مادهيا براديش حيث اختارت 24 موقعا على ساحل نهر نارمادا لزراعة أكثر من 20 نوعا مختلفا من الأشجار لزيادة فرص بقاء الشتلات على قيد الحياة قدر الإمكان.

ووصف شيفراج سينغ تشوهان حاكم الولاية الحدث البيئي بأنه يوم تاريخي وقال إن المتطوعين بمن فيهم الأطفال وكبار السن قد زرعوا 66.3 مليون شجرة بين الساعة السابعة صباحا والساعة السابعة مساء مضيفا عبر تغريدة على حسابه على تويتر أنه من خلال زراعة الأشجار نحن لا نخدم فقط مادهيا براديش ولكن العالم بأسره.

يذكر أن الهند هي ثالث أكبر مولد لانبعاثات الكربون في العالم وأكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الشهر الماضي التزام بلاده باتفاق باريس للمناخ بعد انسحاب الولايات المتحدة منه وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن  حماية البيئة والكوكب الأم هي جزء من الإيمان.

العدد 99 –كانون الاول 2019