صوتهن… صوت اللبنانيين الشرفاء من كل لبنان

معن بشور

اجمل الأمهات اليوم.. هن اللواتي اجتمعن بين الشياح وعين الرمانة ليرفضن عودة شبح الحرب والتقسيم وخصوصا خطوط التماس…

إرادة  »العيش معاً«

مشهدان.. حضاريان

عاش اللبنانيون جميعاً نشوة خاصة على وقع تجمع أمهات وسيدات الشياح وعين الرمانة على الشارع الفاصل بين المنطقتين والذي كان خط تماس في الحرب الملعونة التي عاشها لبنان.. وعلى وقع هتافاتهم الجليلة ضد الحرب والتقسيم ومع وحدة لبنان وتماسك عائلاته..

لقد ساهم هذا التجمع في تغيير مزاج اللبنانيين كما قال لي هذا الصباح رفيقي عماد مكحل الذي كان وصوله إلى المكتب من منزله في خلدة عملية شاقة، – وجعلهم ينامون على مشهد جميل بعد أن حرمتهم مشاهد الليالي السابقة من النوم أصلاً..

لم يكن هذا المشهد النسائي الراقي والحضاري والوحدوي هو المشهد الوحيد في تاريخ لبنان المعاصر الذي عبّر فيه اللبنانيون عن حرصهم على وحدتهم وإدراكهم أنه بقدر ما تشكل المقاومة اللبنانية خطرا على الصهاينة الطامعين في لبنان، فأن صيغة  »العيش معاً« التي عاشها اللبنانيون تثير قلق هؤلاء الصهاينة وتكشف الطبيعة العنصرية لعقيدتهم ومشروعهم وكيانهم.

لكن بين المشاهد المتعددة هذه، مشهد لا يمكن أن ينساه من عاش قبل 32 عاماً، أي في 9 تشرين الثاني 1987، حين لبى أكثر من مئة ألف لبناني، من شطري العاصمة زمن الحرب الملعونة، نداء الاتحاد العمالي العام وجمعيات المعاقين وهيئات ثقافية وحقوقية إلى التلاقي على معبر

سيدات الشياح وعين الرمانة

المتحف حيث نزع المتظاهرات والمتظاهرون بأظافرهم السواتر الرملية التي كانت تفصل بيروت عن بيروت.

يومها قال لنا الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي لحل الأزمة اللبنانية، وخلال اجتماع اللقاء اللبناني الوحدوي في منزل الراحل الكبير المفكر منح الصلح وضم أركان الهيئات الثقافية (خصوصا دار الندوة والحركة الثقافية في انطلياس) التي دعت الى تلك المسيرة السلمية،  »قبل مسيرتكم كان المسؤولون العرب يرفضون البحث في الأزمة اللبنانية بحجة أن اللبنانيين يحبون القتال فيما بينهم، فجاءت مسيرتكم العظيمة لتقول لهم أنكم شعب يريد السلام والكرامة والحياة الهادئة، فانطلقت مبادرتنا لإنهاء الحرب في لبنان.. «

قد لا يكون  »تجمع الامهات« بالأمس بحجم مسيرة التاسع من تشرين الثاني 1987، ولكنه يحمل بالتأكيد الروح نفسها، بل يحمل روح اللبنانيين جميعاً، التواقين إلى لبنان واحد جديد خالٍ من الفساد والمحاصصة الطائفية والتبعية للخارج..

نرجو أن يفهم المعنيون معنى هذه الرسالة الموجهة من أمهات وزوجات وأخوات لا يريدون أن يخسروا رجالهم وأطفالهم واشقاءهم، كما يخسرون لقمة عيشهم بفعل طغمة الفساد والنهب والسلب المتحكمة برقاب البلاد والعباد..

العدد 100 –كانون الثاني 2020