لعنة التاج »كورونا«… من المجهر الطبي ووالواجهة العالمية

رنا خير الدين- بيروت
بداية عام 2020 غير موفقة للعالم بأسره، فمع تواتر الأحداث السيئة عالمياً في الاقتصاد والتبادل الدولي والأوضاع الأمنية، أذيعت أنباء حول استجداد قدوم وانتشار المرض التنفسي الرئوي »كورونا« أو »متلازمة الشرق الأوسط«. فيروسٌ أثار القلق العالمي حول أسبابه وكيفية تناقله من الحيوانات إلى الإنسان، حيث بدأت المساعي منذ أواخر شهر كانون الثاني 2020 إلى إيجاد المسبب الكامن ورائه، ثم العمل الدولي الجاد على تدارك خطورة المرض وعدم الاستهانة به.
بداية، قبل الولوج في الأسباب والنتائج وعمليات الحدّ من انتشاره لا بد من الإشارة إلى أبرز الإشكاليات التي نضعها قيد الدرس والتقييم وهي مدى خطورة هذا الفيروس؟ كيفية احتوائه؟ هل من السهل انتشاره بين البشر؟ متى تنتقل العدوى من المصاب؟ كيفية التفريق بين

اخصائية الأمراض الداخلية والجرثومية د. ندى شمس الدين

الانفلونزا ومتلازمة الشرق الأوسط؟ هل من أمصال أو علاج؟
كلّ هذه التساؤلات وغيرها سنجيب عنها تباعاً في هذا التقرير باستشارة طبية من أخصائية الأمراض الداخلية والجرثومية »د. ندى شمس الدين«، التي ستصوب بعض المفاهيم والتصرفات الخاطئة التي تثير قلق الناس عبثاً.

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية
فيروس »كورونا« المنتشر في مدينة ووهان في الصين في الآونة الأخيرة، هو سلالة جديدة من الفيروس، لم يسبق التعرّف إليه من قبل، وهو واحد ضمن مجموعة فيروسات »كورونا« التي تصيب البشر، وتتراوح حدّتها بين البرد العادي وبين النزلة الرئوية.
فيروسات »كورونا« هي زمرة واسعة من الفيروسات تشمل فيروسات يمكن أن تتسبّب في مجموعة من الاعتلالات في البشر، تتراوح ما بين نزلة البرد العادية وبين المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة. كما أن الفيروسات من هذه الزمرة تتسبّب في عدد من الأمراض الحيوانية.

تاريخياً
ظهر المرض لأول مرة في السعودية عام 2012 ويُعتقد أنّ مصدره حيواني، حيث بدأ من إصابة الإبل به ثم انتقل إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وافريقيا وأوروبا وآسيا. وبما أنّ أغلب أعراضه تنفسية، أُطلق عليه اسم متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
وفي عام 2014 نُقل إلى المشفى أول أميركي مصاب بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في انديانا وتبعه مريض آخر في فلوريدا، وكان كلاهما قد قدم من السعودية. في آيار 2015 انتشر الفيروس في كوريا.
عُرف فيروس »كورونا« للمرة الأولى في الستينات القرن الماضي، لكن أصله غير معروف، وقد استمدّ اسمه من شكله المشابه للتاج.
يصيب هذا الفيروس الحيوانات كالفئران، الجرذان، الكلاب، القطط، الديوك، الخيول، الخنازير والقطعان.
التفشّي السريع لفيروس »كورونا« في التاريخ الحديث أي من عام 2003 عُرفت آنذاك بـ »سارس« كبير، تسبب بعدد كبير من الإصابات والوفيات، ثم ظهر فيروس الكورونا منذ حوالي ستة سنوات.
أمّا فيروس كورونا الجديد المعروف اليوم بـ »nCov – 2019« يتمثل في سلالة جديدة من الفيروس تم التعرف عليها لأول مرة في مجموعة حالات الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان في الصين.
في تفاصيل المسببات تشير »د. ندى شمس الدين« إلى أن القاسم المشترك بين المصابين بفيروس كورونا كان تناول المأكولات البحرية والحيوانات، لذلك اعتبر البعض أن الفيروس ينتقل من الحيوان إلى الإنسان فقط، لكنهم عادوا واستنتجوا إمكانيته على الانتقال بين البشر، وذلك يعود إلى الانتشار الكثيف والسريع للمرض.

عوارض الفيروس
يمكن استخلاص العوارض المرافقة للمرض في ثلاث درجات، خفيفة متوسطة وخطيرة، وتلخصها »د. ندى شمس الدين« على الشكل الآتي:
1- عوارض تنفسية: تترافق مع بداية المرض.

اجراءات وقائية داخل الصين وخارجها

2- الحمى: هي إحدى العوارض السريرية التي يمكن أن تصيب المريض.
3- السعال
4- العطس
5- الرشح الأنفي
6- صداع
وتشدد »د. ندى شمس الدين« أن كل هذه العوارض التي ذُكرت آنفاً قد تختفي بعض بضعة أيام دون أي تطور في الحالة إلى عوارض صعبة، كالضيف في التنفس، وتعب شديد إضافةً إلى الإصابة الرئوية التي من الممكن أن تتطلب المعاينة في المستشفى.

وتجدر الإشارة إلى أنه حتى اليوم ليس هناك علاج معين، أو لقاح للفيروس. وخطر احتضان المرض يكون من يومين إلى 14 يوم.

نسبة الشفاء من الفيروس؟

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتوفى 36 بالمئة تقريبًا من المصابين بالمرض، والذين تصل الإصابة لديهم إلى مراحل الفشل الكلوي الحادّ، ولا سيما المسنون والذين يعانون الأمراض المزمنة، مثل السرطان والسكري وأمراض الرئة.

تستمر الدراسات المخبرية حول هذا الفيروس وماهيته

معايير الوقاية وضبط العدوى

تنصح منظمة الصحة العالمية بعدة سبل أساسية للوقاية من المرض، حيث أن مصدر الفيروس وطرق انتقال العدوى لا يزالا غير معروفين، فإنه من الحكمة تذكير السكان والعاملين الصحيين بالمبادئ الأساسية للحدّ من المخاطر العامة لانتقال الأمراض التنفسية الحادة:
ـ تجنب الاتصال الوثيق مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية حادة.
ـ غسل اليدين بصورة متواترة، لاسيما بعد الاتصال المباشر مع المرضى أو بيئتهم.
ـ تجنب الاتصالات مع حيوانات المزارع أو الحيوانات البرية من دون حماية.
ـ ينبغي للأشخاص الذين يعانون من أعراض مرض تنفسي حاد أن يتقيّدوا بالآداب المتعلقة بالسعال (الحفاظ على مسافة معينة، وتغطية الفم بأنسجة أو ملابس يمكن التخلص منها أثناء السعال والعطس، وغسل اليدين).
ـ داخل مرافق الرعاية الصحية: تعزيز الممارسات الموحدة المتعلقة بالوقاية من العدوى ومكافحتها في المستشفيات بشكل عام وفي أقسام الطوارئ بشكل خاص.
ـ لا توصي المنظمة بتطبيق أي تدابير صحية محددة على المسافرين. وفي حال ظهور أعراض توحي بالإصابة بمرض تنفسي أثناء السفر أو بعده، يُشجّع المسافرون على طلب العناية الطبية وإطلاع الجهة المقدمة للرعاية على سجل السفر الخاص بهم. وعلاوة على ذلك، فإنه جرى

تحديث إرشادات السفر.
ـ وينبغي للسلطات الصحية أن تعمل مع قطاعات السفر والنقل والسياحة من أجل تزويد المسافرين بما يلزم من معلومات للحد من المخاطر العامة المرتبطة بالأمراض التنفسية الحادة من خلال خدمات العيادة للمسافرين ووكالات السفر ومشغلي وسائل النقل وعند نقاط الدخول.
وإلى حين أن يتسنى فهم المزيد عن فيروس كورونا، سيُعتبر الأشخاص المصابون بداء السكري والفشل الكلوي وأمراض الرئة المزمنة والأشخاص المنقوصو المناعة معرضين لمخاطر شديدة للإصابة بالمرض الوخيم بسبب العدوى بفيروس كورونا. وبناءً على ذلك ينبغي أن يتفادى هؤلاء الأفراد مخالطة الحيوانات عن كثب، ولاسيما الإبل، عند زيارة المزارع أو الأسواق أو الحظائر التي يُعرف عنها أن فيروس كورونا يُحتمل أن يكون سارياً فيها. وينبغي الالتزام بتدابير النظافة العامة مثل غسل اليدين بانتظام قبل ملامسة الحيوانات وبعدها، وتجنب مخالطة

عوارض الفيروس كورونا

الحيوانات المريضة.

العدد 102 –اذار 2020