- مقدمة
تنتشر بين المستقبلين وسواهم مقاربة منهجية تبحث في العلاقة الطردية الموجبة بين المدخلات (Inputs)، بمعنى المتغيرات/ الأسباب/ المؤثرة في ثمة موضوع وبين المخرجات (Outputs), بمعنى النتائج الناجمة عنها.
إن هذه العلاقة تدفع، قدر تعلق الآمر بموضوعنا أعلاه، إلى التساؤل: ما التحديات التي تحول دون أن يكون التجديد مدخلا أساسيا لصناعة المستقبل العربي، وما الفرص الكامنة في الواقع العربي والداعمة لتحقيق مثل هذا التجديد, ومن ثم المستقبل. إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب، أولا، تحديد معنى كل من التجديد والمستقبل، كمفاهيم.
فأما عن التجديد، فهو يفيد بمفهوم تتعدد الرؤى بشأن مضمونه. ومع ذلك تلتقي هذه الرؤى عند قاسم مشترك، هو إن التجديد يستوي وعملية التغيير الحضاري للواقع. ولهذا الفهم المشترك يتميز مفهوم التجديد، كعملية حضارية وطاقة داعمة، بخاصية الأثارة، هذا لتماهي التغيير نحو الأفضل مع نوازع الإنسان ويكون وسيلة لتلبية تطلعاته وافضلياته. بيد أن التجديد، قد يكون بالمقابل خادعا، خصوصا عندما لا يقترن بتحولات أساسية في بنية ثمة نظام وعملياته.
ولآن التجديد يقترن بالتغيير الحضاري، فإنه يشير إلى ذلك النزوع الإنساني الجمعي الرامي إلى إحداث التغيير في معطيات الواقع الممتدة من الماضي إلى الحاضر سبيلا لصناعة المستقبل. ومن هنا لا يربط التجديد بين أزمنة الماضي والحاضر فحسب، وإنما يعمد أيضا إلى ربط الحاضر بالمستقبل. ولنتذكر أن العملية الرامية إلى تجديد وتغيير معطيات الحاضر هي التي تمهد لذلك المستقبل الذي يتماهى مع مخرجاتها الإيجابية، ولا سواها.
وللعلاقة بين التجديد والمستقبل، نتساءل ماذا يقصد بمفهوم المستقبل؟ رؤيتان متناقضتان تتناولان هذا المفهوم.
فأما عن الأولى، فهي تلك التي تفهم المستقبل فهما لغويا بدالة البعد الأخير لأبعاد الزمان: ماضي، حاضر، مستقبل. ولهذا يذهب أصحاب هذه الرؤية، هنا وهناك ومن بينهم عرب، إلى فهم المستقبل بدالة الزمان القادم بعد الحاضر ولا غير.
ولان أصحاب هذه الرؤية يدركون أن هذا الزمان القادم بعد الحاضر، أي المستقبل، ينشا، في الزمان السابق علية ويكون محكوما بحقائق معطياته، فإنهم يذهبون إلى رؤية المستقبل كامتداد اتجاهي لمخرجات هذه الحقائق، وأن هذا الامتداد يُعبر عن ذاته في مشهد واحد وحتمي ولا غير. ومن هنا، تستخدم كلمة المستقبل بالمفرد (The Future). ولازالت هذه التسمية، غير الدقيقة، تستخدم هنا وهناك وأيضا عربيا. وتعبر المقاربة المنهجية المستخدمة في دراسات المستقبلات والمسماة بمقاربة استقراء الاتجاه (Trend Extrapolation Approach) عن هذه الرؤية.
وعلى الرغم من أن المستقبل يستوي حقا والبعد الاخير لأبعاد الزمان، إلا أن مثل هذا الأدراك الآلي والاحادي الحتمي له ينطوي على مثالب عديدة. ولعل أبرزها أولا، أنه يتناسى أن العالم يتغير على نحو غير مسبوق، وعلى شتى الصعد تقريبا، وأن مخرجات هذا التغيير لا تسمح ببقاء المعطيات ثابتة لزمان طويل. لذا قيل إن كل شيء يتغير إلا التغيير.
وثانيا، أنه يلغي قدرة الإنسان على التحكم بمسارات مستقبله، ومن ثم اختيار المستقبل الذي يريد. وبهذا الصدد، لنتذكر أن الإنسان، وعلى خلاف الكائنات الحية كافة، وسواء أراد أو لم يرد، فإنه يعيش أزمنة الماضي والحاضر والمستقبل. فالإنسان هو الماضي الذي يلاحقه ويتعايش واياه، والانسان هو الحاضر الذي ينطلق منه استعدادا للقادم من الزمان. والإنسان هو أيضا المستقبل الذي يرنو إلى صناعته. ولآن الإنسان يجمع بين هذه الآزمنة في أن واحد، فإنه يشكل الأداة الأساسية للتجديد وهدفها.
وللمأخذ العديدة على رؤية المستقبل بالفهم الأحادي والحتمي أعلاه فإنها تراجعت لصالح رؤية أخرى، واسعة الانتشار عالميا، تستخدم كلمة المستقبل بدالة الجمع (The Futures)، أي مستقبلات. وقوام هذه الرؤية أن المستقبل لا يقبل الانغلاق على مشهد واحد وحتمي، وإنما ينفتح على العديد من المشاهد البديلة ولاسيما تلك الممكنة والمحتملة والمرغوب فيها، وأن الإنسان هو الذي يختار من بينها ما يريد أن يتحقق في زمان المستقبل المتوسط (عقدان من الآن)، أو المستقبل البعيد (خمس عقود من الآن). ومن هنا جاء تأكيد دراسات المستقبلات على أن المستقبل صناعة بشرية. وتتعدد المقاربات التي تعمد إلى تطبيق هذه الرؤية. ولعل أبرزها مقاربة بناء المشهد (Scenarios Building Approach).
وكما أن عالم اليوم ينطوي على ثمة تحديات وكذلك على ثمة فرص ذات تأثير في نوعية مستقبلاته، كذلك تجابه عملية التجديد الحضاري في الوطن العربي بتحديات وفرص نابعة من حقائق البيئة العربية الداخلية بشقيها القطري والقومي، وكذاك من حقائق البيئة العربية الخارجية بشقيها الإقليمي والعالمي. ولامتداد معطيات هاتين البيئتين على مواضيع عديدة، سنكتفي، هنا، بالتركيز العام على تلك التحديات والفرص، التي تقترن بها البيئة العربية الداخلية، انطلاقا من أن مجمل مخرجات هذه التحديات والفرص هي التي تحدد نوعية الفاعلية العربية الداخلية، التي بدورها تحدد نوعية الفاعلية العربية الخارجية.
- تحديات التجديد وصناعة المستقبل العربي
تفيد التجربة أن الأفعال التاريخية الكبرى، على تنوعها، لا تتبلور وتساعد على صناعة المستقبل، إلا بعد أن تكون ثمة شروط ومستلزمات أساسية داعمة لها، وسابقة عليها من حيث الزمان، قد تحققت أولا. ومن بينها توافر الوعي بجدوى تغيير الواقع نحو الأفضل خدمة لأهداف حيوية ينعقد الأجماع، أو شبه الأجماع، على ضرورة إنجازها في الحاضر تمهيدا لصناعة المستقبل المنشود، هذا فضلا عن توظيف الأدوات المؤثرة المتاحة سبيلا لنقل موضوع هذا الأجماع من حالته النظرية الى حالته الواقعية.
وتفيد التجربة الأوربية بمثال مهم على كيفية الارتقاء الناجح بالتعاون بين دول إلى مستوى متقدم منه. فعلى الرغم من أن أوربا تُعد في حقيقتها الموضوعية تجمعا متناقضا لتنوع قومي وثقافي واجتماعي وتباين اقتصادي وسياسي وتطور حضاري …إلخ. بيد أن مخرجات هذه التناقضات والتباينات وغيرها، لم تحل دون الارتقاء التدريجي والعمودي بالعملية التكاملية الأوربية، هذا ابتداء بالمجموعة الأوربية للصلب والحديد في عام 1952 مرورا بالسوق الأوربية المشتركة، في عام 1975, وصولا، بعد انتهاء الحرب الباردة، إلى الاتحاد الأوربي في عام 1993.
وتتقابل موضوعيا التناقضات والتباينات الأوربية التي لم تمنع أوربا من الارتقاء بتعاونها/تكاملها إلى مستوى متقدم، تتقابل مع واقع عربي أدت مخرجاته إلى ان يكون التراجع والتردي لصيقا به. وغني عن القول أن هذا الواقع لم يكن بمعزل عن تأثير عموم تلك الإشكاليات الهيكلية العربية، التي يتميز بها. فالتجذر التدريجي لهذه الإشكاليات، وهي عديدة ومتنوعة، لم تؤد فقط إلى تجذر التفكير والسلوك القطري، الذي أفضى ميثاق جامعة الدول العربية، ومن ثم النظام الرسمي العربي، عليه سمة الشرعية. وإنما أيضا إلى استمرار ارتفاع اسوار العزلة النسبية بين الدول العربية والحيلولة دون الارتقاء بتعاونها المشترك إلى مستوى التحديات القومية.
يقدم مؤتمر القمة الاقتصادية العربية في عمان عام 1988 مثلا واضحا على ما تقدم. فعلى الرغم من أن قرارات هذا المؤتمر أفادت بإدراك صناع القرار العرب لأهمية وجدوى الارتقاء بالاستجابة العربية إلى مستوى التحديات القومية، الآمر الذي أفضى إلى التوقيع على ثلاث وثائق تُعد من بين أهم وثائق مشاريع التعاون الاقتصادي العربي، هي: إستراتيجية العمل العربي المشترك، وميثاق العمل الاقتصادي العربي، فضلا عن عقد التنمية. بيد أن هذه الوثائق المهمة لم تدخل حيز التنفيذ منذ آنذاك إلى الان. إذ تم تجميدها في الآقل. والشيء ذاته ينسحب، على اتفاقيه الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي لعام 1950, وكذلك على ميثاق الوحدة الثقافية العربية لعام 1964.
إن مخرجات التنوع العربي، متعدد المضامين والاشكال، جعلت التجزئة العربية بمثابة البديل ليس فقط لمشروع الوحدة العربية، وإنما أيضا لأشكال التعاون والتكامل الجماعي بين الدول العربية، سيما إنها، أي التجزئة، استمرت تؤدي دورا خصبا في تكريس تباين المصالح، وسوء الإدراك واختلاف السياسات، وعدم التنسيق السياسي الخارجي، مثلا. وعلية لا مغالاة في القول إن الواقع العربي صار مدخلا للتجزئة ومخرجا لها في إن.
ونرى أن التغيب المتعمد لهذا الواقع ينطوي على خطورة مهمة تتمثل في تكريس ثقافة التجزئة في الوعي التاريخي والإستراتيجي الجمعي العربي، ومن ثم تسهيل توظيف مخرجاتها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من أجل تحويل الدول العربية لا حقا إلى مجرد دول لا يجمعها سوى النطق باللغة العربية، وعلى غرار تلك الدول الناطقة باللغة الإنكليزية أو الفرنسية في أفريقيا مثلا، ومن ثم الإبقاء على الوطن العربي مفككا وضعيفا ومحطا لنهب إقليمي وعالمي ممتد.
إن مخرجات هذا الواقع العربي، وبضمنه ندرة توظيف العرب لقدراتهم الموضوعية المؤثرة على الفعل، دعمت، ضمنا أو صراحة، السياسات الخارجية لثمة دول عالمية و/أو إقليمية التأثير. وتفيد التجربة الطويلة للتعامل الدولي مع العرب أن هذه الدول لم تتردد عن الوقوف، أما منفردة أو مجتمعة، بالضد من أي مشروع حضاري نهضوي عربي من أجل إفشاله.
إن المناهضة الدولية المتكررة لمشاريع النهوض العربي لم تعمد إلى مجرد إفشال هذه المشاريع فحسب، وإنما أيضا إلى إعادة ترتيب أوضاع الوطن العربي وعلى نحوِ يؤمن تعميق تجزئة الواقع العربي المجزأ أصلا وتكريس معطيات المشهد الناجم عنها، أي مشهد التراجع والتردي المستمر منذ عقود. فالقوى الدولية المناهضة للنهوض والتغيير العربي تدرك أن التجزئة العربية الأولى لم تحل، على الرغم من نتائجها السلبية المعروفة، دون تكرار محاولات التكامل والنهوض العربي. لذا، ومن أجل إلغاء أية محاولة عربية جديدة تعيد بناء الواقع العربي تمهيدا لبداية التغيير والارتقاء الحضاري العربي، يضحى استعمار مشاهد المستقبل العربي، ولا سيما مشهد التغيير، هو الهدف النهائي لهذه القوى.
إن تلك الآراء التي تغرق في التشاؤم، ومن ثم تعمد إلى التقليل من قدرتنا، نحن العرب، على النهوض الحضاري، تتناسى أن المستقبل يتحدد على وفق المشهد الذي يختاره كل مجتمع لذاته من بين العديد من المشاهد البديلة. لذا نرى أن حصيلة الصراع الدائر، ضمنا و/أو صراحة، داخل الوطن العربي بين المتغيرات الداعمة للتفكك والتشرذم والخروج من التاريخ وبين تلك التي تحفز على التعاون والتكامل والارتقاء والعودة إلى صناعة التاريخ، ستحددها مخرجات معطيات، مادية ومعنوية مهمة، مرئية وغير مرئية أخذت، ومنذ زمان، تنتشر ببطيء، ولكن بثبات بين العرب. وبها نقصد بها مجمل تلك المعطيات الداعمة لبناء شبكة واسعة وعميقة من المصالح المتبادلة بين العرب تمهيدا لعلاقة اعتماد متبادل وتكامل وطيد بينهم. لذا من المرجح أن يقترن المستقبل العربي خلال زمان المستقبل المتوسط، أي من الآن إلى عقدين من الزمان، بمشهد مركب سيجمع بين معطيات مشهد استمرارية التراجع التردي ومشهد بداية التغيير، وأن حصيلة الصراع بين معطيات هذين المشهدين هي التي ستحدد، على الأرجح, مستقبلنا العربي: فأما استمرارية التراجع والتردي والخروج من التاريخ ,وأما التجديد والنهوض وصناعة التاريخ.
- فرص التجديد الحضاري وصناعة المستقبل العربي
على الرغم من اقتران الواقع العربي بمعطيات التردي والتراجع، بيد أنه، في الوقت ذاته، لا يخلو أيضا من متغيرات مختلفة أخرى، والتي من المرجح أن تفضي مخرجاتها، ولكن بعد زمان، إلى واقع عربي جديد يتميز بمقومات الفاعلية الداخلية، ومن ثم الخارجية. ونرى أن جل هذه المتغيرات تتوزع على ثلاث مستويات مهمة:
فأما عن المستوى الاول، فهو يقترن بالتبلور التدريجي لإدراك شبه شامل بين صناع القرار العرب مفاده إن استمرار مدخلات التردي والتراجع العربي مؤثرة سيفضي إلى تفاقم التحديات الداخلية والخارجية لدولهم، وأن العرب، بتكاملهم وتكافلهم، يستطيعون الارتقاء إلى مستوى هذه التحديات تأمينا للارتقاء الحضاري في الداخل ودعما للفاعلية الدولية في الخارج. ومن المحتمل أن يفضي مثل هذا الادراك، المدعوم شعبيا، إلى اتفاق صناع القرار العرب على الآخذ برؤية حضارية تكونية بعيدة المدى، فضلا عن تخطيط استراتيجي يستند على دراسات تستشرف مشاهد المستقبل، وبمخرجات تجعل من الاخذ بمستويات متقدمة من التكامل العربي بمثابة الغاية المنشودة.
ويُعد هذا الإدراك حصيلة لتأثير ثمة معطيات عربية في طور التبلور. ومنها، مثلا الآتي:
- استمرار الانتشار الواسع لثقافة الانحياز إلى المستقبل بين العرب جراء انتشار الحوار الجاد بشأن مشاهد المستقبل العربي داخل الدول العربية.
- استمرار نمو الدور الفاعل لكتلة بشرية عربية، حضرية ومتعلمة وعاملة في ان واحد، في بلورة راي عام عربي أعمق وعيا وأكثر استعدادا للتأثير الجاد في أنماط حركة صناع القرار العرب من أجل إعادة هيكلة الواقع العربي على نحو أخر.
- استمرار اقتران نمط حياة شرائح عربية بتراكم تحولات كمية وكيفية عميقة يجعلها تتعامل مع معطيات الحاضر وامتداداته على وفق رؤية حضارية تجمع بين الأصالة والحداثة.
وأما المستوى الثاني من المتغيرات المؤسسة للواقع العربي الجديد، فهو يعد حصيلة لأدراك صناع القرار العرب لمحدودية الفاعلية الداخلية والخارجية الراهنة للنظام الرسمي العربي. فهذا الإدراك اومن غير المستبعد أن يفضي مثل هذا الادراك بهم إلى الاتفاق على تطوير وتفعيل دور جامعة الدول العربية من منظمة راعية لديمومة الواقع العربي الممتد منذ تأسيسها في عام 1945 إلى أخرى تتحمل مسؤولية الارتقاء بالواقع العربي إلى حالة متقدمة من التكامل النظامي عبر تخوليها صلاحيات مهمة تتيح لها اتخاذ القرار وتنفيذه؟
وأما المستوى الثالث من المتغيرات المؤسسة للواقع العربي الجديد، فهو يكمن في إدراك العرب لأهمية قدراتهم التأثيرية وامكانية توظيفها بفاعلية لصالح تحقيق اهداف وطنية وقومية. ولنتذكر مثلا المخرجات الايجابية للتوظيف العربي للنفط خلال حرب عام 1973. إن مثل هذا الادراك سيدفع إلى الآخذ بسياسة خارجية موحدة، هادفة ومؤثرة، وبمخرجات ستفيد أن رحلة العرب نحو الارتقاء إلى مستوى القوة الإقليمية الكبرى قد بدأت.
وفي ضوء ما تقدم قد يقال، جراء معطيات التراجع والتردي العربي، أن التفاؤل بإمكانية حدوث التغيير في الواقع العربي يستوي وفرضيات الخيال العلمي أو التفكير الحالم. وبدورنا نقول: إن المستقبل لا يكون دوما امتدادا أليا لمعطيات الحاضر الرديء، خصوصا عندما تتزامن هذه المعطيات مع رؤية حضارية وإرادة واعية ورافضة لديمومة الحاضر الرديء وساعية إلى التجديد الحضاري والارتقاء التاريخي.
وكما أننا لا نتفق مع القائلين بما تقدم، كذلك لا نتفق مع القائلين إن التجديد والنهضة تحول دونهم معطيات غير مواتية. فنحن نرى أن المعطيات الآمثل لولادة أي مشروع تجديدي نهضوي وتطوره هي معطيات الإخفاق والتراجع. فمثل هذه المعطيات هي التي تحفز على التجديد وصناعة المستقبل المنشود. ولنتذكر أن العديد من الدول، التي كانت في قاع التأخر الحضاري، استطاعت، خلال زمان قصير نسبيا، الارتقاء إلى مستوى الدول السائرة في طريق النمو. ومثالها سنغافورة. أن تجربة هذه الدولة تستحق التأمل والاستفادة منها.
- إستاد العلوم السياسية/السياسة الدولية ودراسات المستقبلات