افريقيا القارة السمراء التي الهمت الخيال لدي الكثير من الكتاب والروائيين في انحاء العالم وخاصة ،في امريكا وفي اوروبا . افريقيا في خيالهم عالم تحوطه الأسرار الخفيه،حيث الغابات المتداخله ، و عوالم الوحوش الضاريه والادغال المخيفه، والليل وأستاره المظلمة الحالكه، والأخطار المتربصه، أفريقيا ايضا الهمت خيال السياسيين بطموحاتهم التوسعية ،ورجال المال والأعمال بأحلامهم الوردية المتزايده عن الثروات في الأراضي الخصبه،والمعادن النادره الكامنه في جوف الأرض بل وفي أعماقها الغائرة ،كما في الأستثمارات الواعدة في الآفاق البعيدة ،والكنوز الراقده التي تلمع بوميضها تحت التراب. اّمال عريضه وأحلام تدغدغ المشاعر، وتحرض على الأقتحام ، وأبطالها

قائد ثورة أم قائد انقلاب
المغامرون والطامعون ممن يتمتعون بالجسارة، ويركبون موجات المغامرة والأخطار .أتذكر أن الكاتب الجليل الراحل (أحمد بهاء الدين) أعد ملفا ذات يوم عن افريقيا،وعرض لرؤي أديب وروائي أمريكي كبير مثل (أرنست همنجواي)وقد زار افريقيا مرتين ،وكيف يراها؟ قال ( همنجواي) انبهرت بغموضها واثارتها ،وبأحراشها و أدغالها،انها عالم مثير للخيال ويدعو للأنبهار. ثم كيف يراها من جانب اّخر زعيم لأحد الأحزاب ألأوروبيه الكبيره،ولا اتذكر اسمه ، قال أنها منجم من الذهب في ثرواتها المتعددة ،سواء على ظهر الأرض أو في باطنها .عقب الاستاذ الجليل (ان احدا لم يتحدث ابدا عن انسانها، و كيف تفتك به الأمراض المتوطنه،ولا الفقر المدقع ،رغم الثروات التي على جوانبه ،ولا بدائية الحياة التي تظلله، وقد كان انسانها فقط أحد ابرز عمليات التجارة،التي تم شحنها الى اوروبا،قبل ان تتفجر ثورات الأحتجاج،المناهضة للعنصريه.هكذا كانت أفريقيا لسنوات طويله،ومازالت حتى الأن موضع الأهتمام،لا للانسان واّدميته،ولكن لحجم الثراوات،ومناجم الفحم والذهب واليورانيوم وكنوزها الأخرى من المواد الأوليه،وهي عماد الصناعة ،وتقدم الحضارة .أفريقيا لم تذعن للأمر ،فعمت فيها صور من المقاومة،علت فيها اصوات الاحتجاج والاستنكار في البدايات،ولكنها وصلت في النهاية الى حد التمرد واعلان الثورات والرغبة والأصرار على الاستقلال الوطني ،وبحثا عن امتلاك الارادة الذاتية والرغبه في التنمية و اللحاق بعجلة الحضارة واحترام انسانية الأنسان.ووفقت في حركتها حينا ، وتعثرت أحيانا أخري،ولكنها مازالت تسعى في رحلة البحث عن الذات،ومنها تلك الانتفاضات الثورية التي تشهر بها راية العصيان. ترى الى اين يمضي بها الطريق ، رغم كل الألغام والأشواك من النوايا الأستعماريه المتربصه، التي لا تتسامح ولا ترحم أمام شهوات الأستئثار . ؟
الأنقلاب العسكري في النيجر
هو الأحدث في السماء الأفريقيه،ومازالت تتنازعه الأمواج ،بين أكثر من تهديد ،ولعل أكثرهم صراحة ووضوحا منظمة (ايكواس) الافريقيه، فما هي تلك المنظمة ؟. نشأت هذه المنظمة 1975 وهي تضم 15 دولة يبلغ مجموع سكانها نحو 350 مليون نسمة (إحصائيات 2021)، وتبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من إجمالي مساحة قارة أفريقيا.الدول الأعضاء هي غامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينافاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا وتوغو والرأس الأخضر ،يتكلم الانجليزيه في تلك المنظمة خمس دول ،ويتحدث الفرنسية ثمانية، ثم البرتغالية وتتكلم بها دولتان. تعرف المنظمة باسم( المجموعة الاقتصاديه

السؤال هل مازال له دور ؟
لدول غرب افريقيا ) بالأنجليزيه) (Economic Community of West African States واختصارها الى : ECOWAS ويشار اليها بالعربيه ( ايكواس) . تعمل ( ألأيكواس) ايضا كقوة في المنطقه حيث ترسل الدول الأعضاء أحيانا قوات عسكرية مشتركه للتدخل في اوقات تتعرض فيها دولها للأخطاروعدم الأستقرار السياسي والأضطرابات ،وقد شملت هذه الأخطار في السنوات الأخيرة بعض اعضائها ،مثل ساحل العاج وليبريا ومالي وغيرها . قام بالأنقلاب الحرس الجمهوري بقيادة ( عبد الرحمن تياني) ضد الرئيس المنتخب( محمد بازوم) ،وهو أول رئيس عربي يحكم النيجر ابتداء من
من 2 ابريل عام 2021 ،و ينتمي ( بازوم) الى عرب (ديفا) وهو الاسم الذي يطلق على قبائل البدو التي تقيم في شرق النيجر،ويمثل عرب(الديفا) 1،5% من سكان النيجر الذي يبلغ تعدادهم 24 مليون نسمه .حين حدث الأنقلاب، وتفاعلت معه جماهير الشعب،واندلعت المظاهرات الشعبيه تأييدا له ،اعلن الجيش النيجيري ايضا تأييده لما قام به الحرس،ولم يتصد بموقف مخالف ،وانما انسجاما مع التأييد الشعبي ،وتجنبا لنزيف الدم الذي يمكن ان ينفجر في البلاد ،وتفيق على حرب أهلية ،وعلى رغم اتخاذ الاتحاد الأفريقي منذ أكثر من عقد من الزمن قراراً حاسماً، بعدم الاعتراف بأي نظام يأتي للسلطة من خلف انقلاب عسكري، إلا أن الانقلابات العسكرية لا تزال تمثل ظاهرة فعلية في معظم دول القارة ،ويذكر ان هذا الانقلاب يعد الانقلاب الخامس في تاريخ الجمهورية التي استقلت عن فرنسا عام 1960. أعلنت منظمة( ايكواس) انها تمهل هذا الانقلاب اسبوعا ينتهي يوم الأحد 6 اغسطس من نفس العام 2023 لكي يعلن انسحابه ويسلم السلطه الى الرئيس الشرعي المنتخب ( بازوم) والا سوف تستخدم القوة المسلحه لتصحيح الأوضاع ،وان كان يرجو ويتمنى ان لا يقوم بذلك ،ويتراجع الأنقلابيون عما قاموا به . وهو سيستخدم ذلك الأجراء العسكري في حالة عدم الأستجابه لطلبه ، حتى لا يتكرر الأمر ،وتأمن كل الدول الأفريقيه خطر ألأنقلاب العسكري . لابد من الأشاره الى ان فرنسا لديها في النيجر قوة قوامها ( 1500 ) جندي من القوات العسكريه ،كما أن الولايات المتحدة الأمريكيه لديها قوة قوامها ( 1000) جندي من القوات العسكريه ،لكن يقال ان هذه القوة ليست معده عسكريا ،وانما هي قاعدة للتجسس والمسيرات ،وتخدم في اجهزة الاتصالات المتطوره
حركة الصراع تتفاعل على اوجه متعددة
في عالم السياسة هناك دائما ظروف متغيره ،تماما كما تقول حكمة شهيرة،(لا يمكنك ان تعبر البحر مرتين) فالمياه تتجدد ،وكذلك الظروف في السياسة لا تقف عند حال ،فالظروف الحاكمة تتغير،ولذلك نجد أولا :حين اعلن رئيس ( ايكواس) قراره وأصدر انذاره ، أعلنت أيضا كل من (مالي) و( بوركينا فاسو) وهما اعضاء في المنظمة، ان اي

هل يعكس كل ذلك مغزى ويجيب على علامات الأستفهام ؟
تدخل عسكري من جانب المنظمة ضد ( النيجر) ستعتبره الدولتان اعلان حرب عليها .ثانيا قام مجلس الشيوخ في دولة (نيجيريا) وهي المرشحه لأنطلاق قوات الهجوم منها باتخاذ قرار مفاده ( أنه ليس مع العمل العسكري،ويفضل اللجوء للعمل السياسي و الدبلوماسي ،ثالثا اعلن وزير الدفاع في دولة تشاد ( أن تشاد لن تشارك في اي عمل عسكري في النيجر) رابعا تخوفت بعض الدول المتاخمة من ان الحرب على النيجر،من شأنه أن ينشر الفوضى في داخلها ،وذلك سيحمل التدخل تبعاته الى الجزائر وليبيا وموريتانيا والسودان . سوف يدفع بالمهاجرين وكذلك بالأرهابيين للزحف نحو تلك الدول ،وما سيترتب على ذلك من مشاكل لا حصر لها بداية من اضطرابات الأمن الى الضغط الأقتصادي نتيجة للفوضي ،وعرقلة خطط التنمية ،الى زعزعة نظم الحكم.ولتلك العوامل كان رأي الجزائر المعلن انها ضد الحرب ،وتفضل الوصول بالعمل السياسي الى اتفاق يعيد الاستقرار من جديد من خلال العمل الدبلوماسي .
زيارة وفد من ( ألأكواس)
وصل وفد من منظمة ( ألأكواس) والتقي ببعض القيادات السياسيه ،ولكنه لم يلتق قيادات حركة الأنقلاب ،كذلك لم يلتق بالرئيس ( بازوم ) ولكنه تفقد الشارع النيجري ،الذي قابله بالهتاف للثورة ضد النظام الذي يرأسه الرئيس بازوم . كما كانت الاعلام الروسية ترفع في الشوارع وتلقى تأييدا وهتافا في الشوارع التي مروا بها .كذلك كانت الهتافات ضد فرنسا وامريكا .
الموقف العربي والدولي
التصريحات التي صدرت في العالم العربي كانت في مجملها تدعو للتوافق وضبط النفس وعدم اللجوء للقوة كخيار وحيد ، وتغليب العمل السياسي للوصول الى اتفاق يجنب البلاد اراقة الدماء.فيما عدا دولة الأمارات العربيه التي اعلنت انها ضد الانقلاب بشكل اساسي . لكن في المحيط الدولي كان التباين واضحا خصوصا بين الولايات المتحده التي كانت تصريحات المسؤولين فيها تدعو ايضا الى رفض الأمر الواقع ولكن معالجة الأحداث من خلال المباحثات والاتصالات، ولكنها اعلنت قطع مساعداتها للنيجر وتقدر بمئات الملايين ،وأعلن بلينكن وزير الخارجيه أننا مصممون على عودة الحكم الدستوري كما ذكر اننا على اتصال بالمجلس العسكري لحثهم على عودة الأمور الى نصابها .،لكن فرنسا كانت أكثر منها حده نظرا لأن المسؤولين الجدد قد قاموا بالغاء كل الاتفاقيات التي تم توقيعها بين النيجر وبين فرنسا ،كما انها رفضت من جانبها التسليم بذلك الأمر، والمعروف ان فرنسا تستورد من النيجر مايقرب من 35% من وارداتها من اليورانيوم .على جانب اّخر كان موقف روسيا الذي يدعو للتفاهم والحوار في الوقت الذي يعلن فيه انه ليس لروسيا اي دور فيما يحدث في النيجر او في اي دولة أخرى،بينما الاعلام الروسيه ترفع بكثافة في شوارع النيجر.
مالي وبوركينا فاسو
ينفرد البلدان ومنذ الوهلة الأولى بموقفهما الداعم للانقلاب منذ إعلانه، ورفضهما الشديد للجوء إلى الخيار العسكري، وسبق أن حذرتا في بيان مشترك من أن أي تدخل عسكري في النيجر لإعادة الرئيس (بازوم)إلى الحكم سيكون بمثابة “إعلان حرب على بوركينا فاسو ومالي”. وأضاف البيان أن ذلك “سيؤدي إلى انسحاب بوركينا فاسو ومالي من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا”. يذكر أن البلدان هما صاحبتا أحدث انقلابين في المنطقة يسبقان الانقلاب الأخير في النيجر، فقد شهدت بوركينا فاسو الواقعة جنوب غرب النيجر بحدود طولها 628 كيلومترا انقلابا عسكريا في 30 سبتمبر/أيلول عام 2022، أطاح بالرئيس المؤقت بول هنري سانداوغو داميبا الذي سبق أن وصل إلى

هل تعلن افريقيا نهاية دور فرنسا على ارضها
السلطة في انقلاب قبل 8 أشهر فقط من الانقلاب الأخير؛ حيث تولى النقيب إبراهيم تراوري منصب القائد المؤقت. أما مالي الواقعة شمال غرب النيجر بحدود يبلغ طولها 821 كيلومترا فقد شهدت في ليلة 24 مايو/أيار عام 2021 انقلابا عسكريا، عندما ألقى الجيش المالي القبض على الرئيس “باه نداو”، ومن ثم فإن موقف البلدين الداعم لانقلاب النيجر لا يدعو للدهشة .
ثم ماذا بعد ..؟
نيجريا بمقتضى قرار مجلس الشيوخ لم تعد تؤيد التدخل العسكري ،ولكنها فيما يبدو مع العقوبات ،فقد قامت بقطع الكهرباء عن النيجر،وهي تزودها بما يقرب من 70% من احتياجاتها الكهربائيه ، لطن المثير في الأمر، ان الذين يستفيدون من الكهرباء في النيجر لا تزيد نسبتهم عن 20% ،بالتأكيد هي لازمة للخدمات من مستشفيات ومؤسسات صناعيه او تجاريه او صحيه. في الجانب الآخر، يطرح سؤال لا بد له من جواب شاف ،ماهو تصور الذين يبحثون عن حل سياسي أو دبلوماسي ؟. ان المجلس العسكري اعلن انه لن يتنازل ويعود الى ثكناته، وفرضا ان قبل ،وعاد رئيس الجمهورية المعزول ،فما هي ضمانات من قاموا بالأنقلاب ،من أن تنالهم العواقب،ويقدمون للمحاكمة ،والتهم من هذا النوع من الجرائم ،عوقبتها المعتاده الأعدام .لكنهم ان تمسكوا وتابعوا انتفاضتهم الى اّخر المشوار في المقاومة وتثبيت أنفسهم في الحكم ،فربما نجحوا ،والعبره في الصمود في المقاومة خصوصا ان كانت مرافقه للتأييد الشعبي، وحظيت بداعمين اقوياء ،ولا يغيب عن الذهن وجود أطلالة جديده ومؤثره لقوات ( فاجنر) واحتمالات قويه بدخولها الى ساحة المعارك ،في حال ان تطور الصراع .أم أن هناك في الأفق صيغة أخرى توافقيه،ربما تحمل حفظ ماء الوجه للجميع وهي تشكيل
حكومة مؤقته من خلال مرحلة انتقالية ،تتولى الأعداد للأنتخابات ، وينصب فيها من خلال صندوق الانتحاب الرئيس الجديد للبلاد ،الذي يستند الى صوت الشعب ،واحكام الدستور .
افريقيا تسعى جاهدة الى خلع صورتها التقليدية ،في ذاكرة الرجل الأبيض ،انها مهد للثروات ،وللأيدي العاملة المنخفضة التكاليف ،لكي تزيد من حجم المستعمرات ،ودخول الرأسماليه المتوحشه ،افريقيا تسعى لكي تستعيد ثرواتها من اجل مواطنها المطحون بالفقر والجهل والمرض . افريقيا تنزع عن كاهلها تاريخ اسود من الاستغلال والاستعلاء ،وتتطلع الى مستقبل تشرق الشمس فيه من جديد ،وقد تحقق لها الافلات من تحكم من استعمروها واستعبدوها ، وتنعم بنسيم الحرية غي كل ربوعها .