العالم العربي في عام التحولات المفاجئة والأحداث الدموية الصادمه

حين نقف في بداية العام الجديد 2025،ونتطلع الى الوراء عبر الشهور التي مضت ،وكونت مساحة تلك الفترة من الزمن التي نطلق عليها عام 2024 ،ونحاول ان نتعرف على نسبة ماحققته شعوبنا ،من عوامل الاستقرار والبناء،مقابل ماتم خصمه من ماتم انجازه من قبل بالنسبة لتلك العوامل نفسها ، عبر سنوات كفاحنا وجهادنا من اجل حياة افضل،و بحثنا عن واقع أكثر أملا في مستقبل واعد .نجد – للأسف ان الحسابات النهائيه لتلك المساحة من الزمن قد كشفت لنا عن

عبدالفتاح البرهان
نتمنى وندعو للشرعية ان تنتصر

وقائع مرة،واحداث مؤلمة، جرت في أغلبها في اطار قوالب مأساويه ودمويه لشعوب كانت كل تطلعاتها هي الحرية والأمان ،ولم تجد في النهايةسوى ان الميزان في احكامه الختاميه كانت الكفة الأرجح فيه تميل الى تفوق عوامل القوة والبطش،على عناصر طلب السلام والأمان،بل والأمعان في السطو المسلح، على تحكيم شعارات حقوق الأنسان ،ومعايير التقدم الحضاري والتنميه والعمران.كانت سطوة العنف ،وحمامات الدم، والهدم والتخريب وسحق معاني العدالة وامتهان انسانية الانسان لها الغلبة والتفوق في مواجهة الأحتكام للشرعية،وسلطة القانون . كانت قوى البطش،التي لا تحركها سوى التطلعات الأستعماريه،لها على الدوام الغلبة،وكانت هي اليد العليا في كل ماجرى،سواء عبر العام المنصرم،أونهايات العام الذي سبقه وهو عام 2023 .

القضايا المطروحه على الساحة العربيه

اولا  : الصراع على الارض السودانيه بين الجيش وحركة الدعم السريع

ثانيا  : الحرب الاسرائيلية على غزة

ثالثا  : الحرب اللبنانيه مع اسرائيل

رابعا : الملاحه في البحر الاحمر أوحرب الحوثيين مع اسرائيل ومن يدعمها من دول الغرب

خامسا:  الأحداث السوريه واستيلاء هيئة تحرير الشام على الحكم، والأثر الغريب للصدى العالمي

اذا تناولنا تلك القضايا في اطارهذا التسلسل ،نجد انها قضايا لم تتولد وتتنامي بفعل عوامل مجهولة ،وانما وفق قواعد معروفه عايشناها بدايةونهاية، و كان القصور العربي احد الاركان الهامه ،سواء في تواجدها من حيث المنشأ، أو في استطرادها من حيث النتائج .

 اولا حول السودان

أزمة السودان لم تولد اليوم ،وانما تمتد جذورها الى يوم استقلال السودان ،وقد تعاقبت على حكمه تيارات سياسية

يحيي السنوار
بطل سوف تظل صورته تملأ الخيال

متعددة منها المدنيه،ومنها ايضا العسكريه.وقد وصل الحال بينهما الى اشبه ما يكون نظام التسليم والتسلم،فكلاهما له حقبه من الزمن،ويتم بعضها بتعاون بين الطرفين، كما حدث مع ابراهيم عبود ،وما تردد من ان تقدمه للأستيلاء على الحكم كان بايحاء من عبدالله خليل احد اقطاب حزب الأمه وسكرتيره العام ،نظرا للضغط الجماهيري على الحزب للعمل على انجاز عملية الوحده مع مصر، ثم البشير ومساندة المؤتمر الوطنى له بزعامة حسن الترابي وايضا تيارات مدنية أخرى ابتداء من اسماعيل الأزهري والحزب الاتحادي الديموقراطي الى حزب الأمة كالصادق المهدي،ودون الدخول في التفاصيل ،وصل الأمر الى تربع  (البشير)على الحكم،وهو اول رئيس للسلطه توجه اليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب واباده جماعيه،وفي عهده فصل الجنوب عن الشمال وفقد السودان نتيجة لذلك ثلث سكانه واراضيه وما يربو على 85% من صادراته الخارجيه،وفي مقدمتها البترول. اذا تطرقنا الى احداث 2023 ،فان جوهر الخلاف بين البرهان ممثلا للجيش ،وقوات الدعم السريع التي شكلها البشير،لتكون عونا له،اذا تمرد الجيش عليه،وقد تطور الحال بها،فتطلعت الى الانفراد بالسلطه ،و تنحية الجيش. ان اكبر الخطايا التي يمكن ان يرتكبها نظام حكم ،هو ان يسمح بتشكيل عسكري مواز للجيش، تحت اي مزاعم،أو اسماء، كالدعم السريع، أوالحرس الوطني، أو الجيش الشعبي، وما الى تلك المسميات التي تجعل من الشعب، رهينة لتلك القوات حين تتنازع السلطه بعيدا عن المؤسسات الدستوريه والشعبيه.اندلعت الحرب السودانيه  في 15 من شهر أبريل 2023 بين القوات المسلحه  وقوات الدعم السريع العسكرية، اللذين كانا فصيلين متعاونين وأصبحا متنافسين لحكومة السودان العسكرية. حتى شهر ديسمبر الماضي، قتل ما بين 9000 و10 آلاف مواطن وتعرض 12 ألف مواطن آخر لإصابات ونزح نحو الداخل  حوالي 5.6 مليون مواطن ،وقد جرى كل ذلك ،سواء عبر العام الماضي ،أونهايات العام الأسبق 2023 . ولازال القتال دائرا من خلال دعم دول خارجيه ،سواء كانت عربيه أو أجنبيه،و لا تلوح في الأفق المنظور نهاية قريبه  لعذابات الشعب السوداني، وهو مايسجل في حجم الخسائر بامتياز ،ولابد ان يوضع في الاعتبار ان الجيش له الشرعيه في مواجهة الدعم السريع ،على ان يكون من واجب الجيش اجراء انتخابات تسلم بعدها السلطه لحكومة منتخبه.

ثانيا الحرب على غزة

كانت الحرب الأسرائيليه على غزة،هي الحرب الأطول في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي،وقد نتجت عن(طوفان الأقصي) التي شنتها حركة حماس على اسرائيل فجر السابع من اكتوبر 2023 وهي – كما شهد بذلك الأمين العام للأمم المتحده (انطونيو غوتيريش) لم تكن من فراغ – وانما كانت

نتيجة معاناه من كل نوع لاقاها الفلسطينيون من اسرائيل وتطلعاتها وممارساتها سواء في استيلائها على الأرض وتوسعاتها التي لاتتوقف ،أو ممارساتها العدوانيه في القتل والتدمير،وهناك من يفرد لها حسابا اّخر بانتقاد حماس

بنيامين نتنياهو
لا يمكنه ان يعاند حركة التاريخ

وتحميلها كل المسؤوليه عن حجم الدمار الذي لحق بغزة وحجم الشهداء، و الموت قصفا واغتيالا وجوعا وعطشا، الذي ألم بالفلسطينيين،بصرف النظر عما حققته من مكاسب في فضح اسرائيل وسياساتها،والقاء الضوء بكثافة على قضية فلسطين برمتها اصولها وجذورها ،ومقاضاة اسرائيل امام محكمة دوليه، ولكن من جانب اّخر يمكن الحكم على النتائج في اطار قاعدة عامة وهي أن الأنتصار السياسي (بأجنحته الاعلاميه والفكريه والقانونيه ) يفوق بمراحل اي خسائر منظوره ،وتضحيات معلومه اللم الا اذا  كانت مفاهيم الكفاح والنضال وحرية الأوطان مفاهيما مغلوطه ،وتحتاج الى مراجعه وتدقيق ، ولذلك يمكن رصدها في اطار المكاسب ،رغم فصولها المأساوية .تبدو في الأفق الآن محاولات لأبرام صفقة تحقق وقف اطلاق النار ،ولابد من العودة بعدها الى خط الدفاع الأول عن شعب فلسطين وهو الوحدة الوطنيه ،والألتزام بقواعدها ،وان تكون هناك سلطة واحده للقرار الفلسطيني ،وقيادة واحده للعمل الوطنى.

ثالثا الحرب اللبنانية مع اسرائيل

دون الدخول الى دهاليز السياسة اللبنانيه،وتوجهاتها،فذلك امر يعود الى شعب لبنان وقادته، ولكن يمكن الدخول الى ساحة الرأي والديموقراطيه،وسندها حرية الحوار والسلطة الواحده للقرار.ان دخول حزب الله في لبنان الى ساحة الأشتباك مع اسرائيل مساندة لحماس في تصديها للعدوان الوحشى الاسرائيلي يمكن ان يثمن دواعيه القومية،ولا اقول فقط الأيدولوجيه .وقد خسر حزب الله في هذا الأشتباك الكثير من قياداته من الصف الاول والثاني في التفجيرات التي اصابتهم جراء الأجهزة الملغومة،ثم تم اغتيال قائده الأول  والثاني لاحقا،وفي حسابات المكسب و الخسارة لابدان يوضع ذلك في التقدير النهائي، وان كان الحزب بقواته قد ابلي بلاء جيدا في معاركه، ونتمنى للبنان في قياداته الجديده واولهم بالتأكيد الرئيس جوزيف عون ،ورئيس الوزراء نواف سلام التوفيق في الموائمات وعدم الاقصاء،لأي طرف من القوى

عبدالملك الحوثي
على الدوام الشرعيه سند البطوله

الوطنيه للبنان،والقاضي سلام رجل له سمعة دولية كبيره،ولبنان في حاجة الى جهد كبير فى دعم وحدة الصف ،وتوحيد الكلمه من اجل تحقيق اهداف الأصلاح والتنميه ،وقد كان لبنان عبر التاريخ هو الحاضنه الرئيسيه للتنوع في الأراء ،وانفتاح الحوار،وصيانة الحريات،وبمعنى محدد كان لبنان واحة للرأي والراي الآخر. ولاشك انه بعد المعارك مع اسرائيل أصبح اول واجباته العمل على وحدة الصف واعادة البناء،على قواعد احترام الراى والرأي الآخر

رابعا : الملاحه في البحر الاحمر

أوحرب الحوثيين مع اسرائيل ومن يدعمها من دول الغرب

قام الحوثيون في اطار العنف الاسرائيلي على غزه باستهداف الأراضي الأسرائيليه ،وكذلك السفن المتجهه الى اسرائيل ،وقد استطاعت ان تحقق بعض النجاحات، وقد قامت اسرائيل من جانبها بالرد على هذه الهجمات ،ثم سرعان ماتطور الأمر حين شاركت القوات الجويه الأمريكيه ومعها بعض الدول الأوروبه في مساندة اسرائيل ،واستهدفت بعض المواقع العسكريه في اليمن.وقد يكون ذلك الاجراء الذي قام به الحوثيون يشكل قدرا من الماّزره للفلسطينيين،ولكن لابد من الأقرار ايضا ان الحوثيين ليسوا اصحاب القرار الأول في الشأن اليمني ومواقفه السياسية والقتاليه .ان الجنوح للتفرد في القرار بعيدا عن الشرعيه،غير مبرر،ولا ينبغي الأنحياز اليه ،مهما كان حجم رهانه وغيرته. ومهما دغدغ مشاعرنا، وروي عطشنا ،فوحدة  اليمن وشرعية قراره ،لا تعلوها اي مصالح، وابقي لليمن ولشعبه.اليمن بحكومته الدستوريه ،وشرعية قراره ينبغي ان يكون دائما سيد الموقف في قراره

خامسا:  الأحداث السوريه واستيلاء هيئة

تحرير الشام على الحكم، والأثر الغريب للصدى العالمي

لعل ما حدث في سوريا يمكن ان يطلق عليه ( تسونامي) وهو تعبير يطلق على مجموعة من الأمواج العملاقه تنطلق في لحظة من الزمان فتعصف وتدمر، وتترتب عليها قضايا ومشاكل متعددة. أنه.كناية عن كونه اشبه بزلزال مروع في اطاره السياسي،ان يخرج تنظيم كان جزءا من تنظيم القاعده ،ثم انشق عنه ،والتحق بداعش ،ثم انشق عنها،واتخذ اسم( تنظيم النصره) ،ثم غيره الى اسم ( هيئة تحرير الشام )،ويتحرك التنظيم ليستولى على مقاليد الحكم في سوريا،ودون اي مقاومة عسكريه أو شعبيه ،ثم والأغرب ان يحصل على دعم امريكي واوروبي واقليمي وعربي زاحف ،حتى وان شابه ذلك الدعم قدر من التحفظ ،في انتظار الافعال وليس الأقوال، ذلك امر بالتأكيد له ما بعده ،قدر مايحقق من نتائج ،ويبرهن من أفعال  .نعود للعراق ونستلهم الحكمة من احداثه، لقد اصدر الحاكم الأمريكي للعراق بعد الاحتلال ( بريمر) قرارين ،وهما 1 – حل الجيش العراقي . 2- اجتثاث حزب البعث . واصدر السيد (احمد الشرع) حاكم سوريا الجديد نفس القرارين 1- حل الجيش السوري 2- اجتثاث حزب البعث. وهو امر تندهش له الى ابعد الحدود ،في هذا التوافق بين قرارين .احدهما استعماري واضح المعالم،وقرار اّخر من المفترض ،ووفق الترحيب الذي يلاقيه السيد احمد الشرع من حكومة لها وزن شعبي وخارجي ،ولكنه نصا مثل قرار تعرفنا على نتائجه من خلال تجربة مرئيه. انك بصدد حكومة (تحرر) وتصدر مثل تلك القرارات الصادمه . ان الجيوش تمثل قلاعا لحماية الشعوب خارجيا وايضا داخليا في الأزمات الطاحنه ،حتى وان جنحت بعض قياداتها للأنقلابات مثل ماحدث في امريكا الجنوبيه أو في سوريا ايام حسني الزعيم وسامي الحناوي والشيشكلي وعبدالكريم النحلاوي .لكن ذلك هو (الأستثناء الذي لايقبل التعامل معه باعتباره القاعده) وحل الجيش العراقي نتجت عنه كل الكوارث التي لحقت بالعراق ومازالت تعمل عملها به .ثم ان حزب البعث ليس تشكيلا عسكريا ،وليست له ميليشيات عسكريه ، ولم يرتكب عبر تاريخه عملية اغتيال واحده . تاريخه لم يلوث بالدم ،وقد تختلف معه ،ولكن الحوار هو أداته ،وليس السلاح. وان كانت بعض ممارسات نظمه محل نظر ،فيمكن محاسبة النظم على ذلك باعتبارها سلطة، وليست حزبا ،اللهم الا اذا كان الباعث على القرار هو ( مصادرة الفكر القومي) برمته  فتلك تصبح قضية القضايا. ان سوريا كانت على الدوام ضمير الأمة العربيه ،ومواقف سوريا عبر كل نظمها ،كانت تلتحف بالفكر القومي، وتتدثر به ،ولذلك نتمنى ان يوفق النظام في حماية سوريا الشعب وسوريا الوطن ،مهما كانت درجات االخلاف في القضايا، أو تعددت الرؤى للمارسة .

يبقى لنا ان نقول

رغم تعدد الأحداث في العام الماضي واهميتها الا ان حدثين سيظل لهما ما بعدهما :

الاول من السابع من اكتوبر عام 2023 كان التوسامي الأول ،وستظل تداعياته قائمه ومحتمله لسنوات قادمة ،وتطورات القضية الفلسطينيه التي – رغم مرارة ماقساه الفلسطينيون – سوف تشهد تطورات لاحقه ،تزيد من جذوتها ووضوح معالمها على نحو أكثر اتساعا في العالم ،فهي قضية لا تموت ،وتظل تتفاعل على نحو كاشف يمهد لها دائما ارضا جديده . الثاني رغم مفاجأة حدوثه ،الا ان وقعه أكثر دراميه من اتفاقية كامب ديفيد التي دفع العالم العربي والفلسطينيون ضرائبها الباهظة،الا ان وثوب (هيئة تحرير الشام) رغم ماضيها ومفردات عناصرها على الحكم يمثل حدثا أكثر خطورة واهميه من كامب ديفيد .وقرارات ( حل الجيش السوري، وعدم التجنيد الأجباري على المواطنين يمثل حدثا له دلالته في ان تتفرد المنظمات ( الجهاديه) بعناصر القوة ،في مواجهة الضغوط الداخليه .واجتثاث (حزب البعث) دلالته المباشره هي مطاردة الفكر (القومي) فهل يمكن لأمة ان تتخلى عن هويتها .لاسيما ان كلمة العروبه لم تأت على لسان السيد ( احمد الشرع) ولا مرة واحده . كلها تحليلات ورؤي سوف تزداد ابعادها وضوحا سواء سلبا او ايجابا .

وعلينا وسط كل تلك الأحداث والأحتمالات ان نظل أكثر تفاؤلا ،ولكن بعين مفتوحه ،وبصيرة تتابع .