في مقال الشهر الماضي تناولنا الغاية المنشودة لهذه الدراسات وواقعها الراهن، رسميا واجتماعيا. في مقال هذا الشهر، والذي يليه, سيصار إلى البحث في المدخلات الكامنة وراء عموم الموقف العربي السلبي من المستقبل. ويكاد الراي يجمع على أن هذا الموقف يعد حصيلة لعدد من المدخلات، بمعنى المتغيرات، المهمة. فمثلا يرى، فواد زكريا، أنها مدخلات دينية، وحضارية، واجتماعية-سياسية. وعندنا يكمن هذا الموقف في حصيلة التأثير العميق في الذات العربية لمدخلات سلبية أساسية ومتعددة: ثقافيا واجتماعيا وعلميا.
1.المدخلات الثقافية
للثقافة تأثير مهم في تحديد رؤية المجتمعات لأبعاد الزمان، هذا جراء مفهومها وكذلك وظيفتها. فأما عن مفهومها، فالرؤى متعددة. ومع ذلك، نرى انها تعبر عن مفهوم يحتضن جميع السمات الروحية والفكرية والمادية، التي تميز أحد المجتمعات عن سواه. وأما عن وظيفتها، فهي تكمن في إعانة المجتمع على التفاعل مع معطيات الحياة انطلاقا من رؤية شاملة وانماط سلوكية محددة.
ولدورها في التمييز بين المجتمعات، تجسد الثقافة ائتلافا فريدا يجمع بين الروحي والمادي، وبين اللغة والكلمة، بين العمل والإنسان، وبين كل هذا والثقافة كأرض ووطن. ومن هنا تضحى الثقافة، من المنظور الاجتماعي، بمثابة أسلوب للحياة يتبناه هذا المجتمع أو ذاك ويتميز به.
وعندنا، تُعد رؤيتنا الثقافية، كعرب، للمستقبل حصيلة لتأثير أربع مدخلات أساسية متفاعلة، هي: العقلية الشاعرية، والموقف من تراث الماضي، والثنائيات المتقابلة، فضلا عن التثقيف الديني في شأن المستقبل.
1.1 العقلية الشاعرية
تُفيد الخبرة التأريخية، إن الشعر، كأحد الفنون العربية الأصلية، يحظى عند أغلب العرب بقيمة تكاد تكون خاصة وممتدة عبر الزمان. وعلى الأكثر، تعود جذور هذه القيمة الخاصة إلى عصر الجاهلية الثانية قبل الإسلام. ففي وقته كان للشعر وظيفة مهمة. فالشاعر الجاهلي كان بمثابة الناطق بلسان قبيلته. إذ كان بأمجادها يُفاخر، ولمعاركها وانتصاراتها يُؤرخ. ولنتذكر هنا شعراء المعلقات السبع على سبيل المثال.
ولم تتغير قيمة الشعر بعد حلول الإسلام. فماعدا عصر الخلفاء الراشدين، استخدم الشعر في العصور اللاحقة لأغراض متعددة تراوحت بين السياسة والحب وما بينهما. وقد برز خلال هذه العهود شعراء استمرت الذاكرة العربية تحتفظ بأسمائهم واشعارهم. وتكفي الإشارة، مثلا، إلى الاخطل، والفرزدق، وبشار بن برد، وأبو نؤاس، وأبو العتاهية، والمتنبي، …الخ
ونتيجة لتراكمات تأثير الشعر في الوجدان العربي تكونت تدريجيا عقلية شاعرية عربية لم تتأسس على مجرد الحنين السلبي إلى الماضي فحسب، وإنما ايضا على التطلع إلى المستقبل على وفق رؤية خيالية. وغني عن القول إن الحنين إلى الماضي عندما يكون طاغيا، والمستقبل عندما يكون خياليا، فإنه يفضي، وبالضرورة، إلى دفع الإنسان إلى الانطلاق من ذهنية معادية للتخطيط الاستراتيجي، هي الذهنية الارتجالية، التي تعطل من قدرة الإنسان على التكيف الكفوء مع استحقاقات حاضر متغير ومستقبل مفتوح ومتعدد الاحتمالات.
ومن هنا تتناقض العقلية الشاعرية، في معظم أبعادها، مع العقلية الواقعية، التي تُعد مدخلا أساسيا للعقلية المستقبلية. وهذا التناقض يؤكده أيضا المستقبلي العربي الرائد قسطنطين زريق. ونرى أن هذا التناقض مرده ان العقلية الواقعية، وعلى خلاف العقلية الشاعرية، تتأسس أصلا على القناعة بقدرة العقل اليقظ المتطور والفاعل، رائدا وضابطا وحاكما، على الابتكار والإبداع، وبضمن ذلك تجنب الإضرار الناجمة عن التعامل مع الواقع وتحدياته تعاملا يتغافل عن حقائقه الموضوعية.
فالعقلية الواقعية تدعو إلى ضرورة رؤية ما كان، وما هو كائن، على نحوٍ موضوعي وليس على وفق ما يتخيله المرء أو يتمناه. ومما يدعم هذه العقلية هو اتجاهها إلى جعل المنهج العلمي أساسا لها في إدراكها للواقع وتعاملها معه، هذا فضلا عن البعد الاخلاقي الكامن فيها. فالعقلانية والاخلاق أمران متكاملان، سيما وإن الاولى لا تستطيع أن تكون مدخلا للأبداع إلا إذا تزامنت مع التزام أخلاقي به. فهذا الالتزام هو الذي يجعلها، ايضا، مدخلا مهما للاقتراب من الحقيقة.
2.1 الموقف من تراث الماضي
تؤكد تجربة التاريخ أن الإنسان، ومن ثم المجتمع، لا يستطيع الهروب من الماضي، سواء كان هذا خاصا يتعلق به، أو عاما يتعلق بمجتمعه أو أمته. فالماضي، بإيجابياته وسلبياته، يشكل جزءا مهما من تاريخ كل إنسان، وكل مجتمع. لهذا لا يمكن نسيانه أو تناسيه، سيما وأنه يستوي وذلك السجل المحفوظ، الذي يذكر الإنسان أو المجتمع بإنجازاته وإخفاقاته. ومع ذلك، يُعبر التوجه نحو إسقاط الماضي على الحاضر والمستقبل إسقاطا شاملا عن رؤية خاطئة، هذا لان مثل هذا الإسقاط يفضي بالضرورة إلى رؤية مجمل أبعاد الزمان وكأنها تستوي، مجازا، والبساط الممتد، الذي لا يتحرك، ولا يتموج، ومن ثم إدراك الزمان وكأنه زمان راكد. إن مثل هذه الرؤية تلغي العلاقة الطردية الموجبة بين التغيير وحركة التاريخ. ولنتذكر أن مخرجات هذه الحركة هي التي تفضي إلى التغيير، الذي يفضي بدوره إلى جعل الزمان متجددا. كما أن هذه الرؤية تتناسى أن اقتران المجتمع بحالة الركود هي التي تحول دون التجديد والارتقاء في الفكر والعمل، وبمخرجات تؤدي إلى إدامة واقع تراجعه وتخلفه الحضاري.
وبالقدر الذي يتعلق بنا، نحن العرب، فغني عن القول إننا أمة كانت، في زمان مضى، تصنع التاريخ والحضارة. ومع أن الإنسان لا يستطيع التنكر لأهمية هذا الماضي، ولا إلى مناهضة سياسة توظيفه في الحاضر من اجل تأجيج الانحياز إلى المستقبل، إلا أن الإسراف في هذا التوظيف، سبيلا لإضفاء سمة الشرعية على ثمة سياسات يُراد تبنيها في الحاضر، لابد أن يؤدي إلى نتائج عكسية تؤدي إلى تكريس الانحياز إلى الماضي، بديلا عن الانحياز إلى المستقبل. وتؤكد التجربة أن الحنين إلى الماضي من قبل تلك الامم، التي كانت تصنع الحضارة، أو التي شاركت في صناعتها، وثم تراجعت حضاريا، يُعد كابحا مهما يعطل انحيازها إلى المستقبل، خصوصا إن لم تأخذ بمقاربة إبداعية تجعل من الماضي مدخلا داعما لصناعة المستقبل المرغوب فيه. فتجارب الماضي يمكن ان تكون مدخلا داعما لصناعة المستقبل المرغوب فيه في حالة الاستفادة منها.
3.1 الثنائيات المتقابلة
يرى محمد عابد الجابري، أن الفكر العربي المعاصر يتميز بالعديد من الإشكاليات التي أفضت مخرجاتها على قضايا الواقع العربي “… طابعا إشكاليا طابع الوضع المأزوم .” ويتجلى هذا الوضع، من جانب، في انتشار رؤى تدرك الاشياء على وفق صورة حدية قوامها ثنائية الشيء ونقيضه ولأغير، ومثالها ثنائيات الخير/الشر، القطرية/القومية، الحب/الكراهية، الماضي/المستقبل، الاصالة/الحداثة …الخ.
إن إدراك الاشياء بهذه الآلية الذهنية ينطوي بالضرورة على رفض لفكرة التعدد والتنوع الكامنة في أصل الاشياء، هذا فضلا عن رفض فكرة الوسطية والاعتدال. ومن هنا تكمن خطورتها. فهي تختزل الواقع وتلغي الإمكانات وتحصر الخيارات بين ما يجب القبول به وما يجب رفضه، هذا فضلا عن أنها تتناسى أن الحياة مثلما تنفتح على شتى الالوان، كذلك هو المستقبل. فهو الاخر ينفتح على شتى المشاهد، بعضها مستبعد الوقوع، وبعضها الاخر ممكن، او محتمل الوقوع، او مرغوب فيه.
وتفيد تجربة الواقع العربي أن تمسك دعاة الآخذ أما بهذا الشيء أو نقيضه لم يؤد إلى ديمومة الصراع الفكري بين فئات اجتماعيه وديمومة تشرذمها فحسب، وإنما أيضا إلى غياب التوافق المجتمعي على رؤية تفضي حصيلتها إلى الارتقاء الحضاري. وهذا أحد مدخلات ديمومة تخلفنا الحضاري.
4.1 التثقيف الديني في شأن المستقبل
تجدر الإشارة إلى ان الاديان السماوية تتوافر على رؤية متماثلة للزمان. فهي تدركه بمثابة المسار الطولي الذي يبدأ بالخلق وينتهي بالرجوع إلى الخالق، وبمعنى أن الزمان، في الاديان السماوية، له بداية ونهاية، وإن بدايته تكمن في لحظة الخلق. إما نهايته فهي تقترن بيوم القيامة. وهي بهذا تتناقض مع رؤية الاديان الوثنية للزمان، التي أدركته دائريا، وبالتالي لا أول له ولا أخر.
وبالقدر الذي يتعلق بالدين الإسلامي، فغني عن القول إنه يحظى بموقع خاص في الثقافة العربية-الإسلامية. فإضافة إلى أنه كان وراء نشوء الكيان السياسي العربي، فإنه يشكل متفاعلا مع اللغة العربية والتاريخ العربي اهم المقومات الأساسية التي تُشكل الهوية العربية. ومع ذلك، تتباين، عربيا، الرؤى حول موقف الدين الإسلامي من التفكير العلمي في المستقبل وتطبيقاته العملية. فهذه تتوزع بين رؤى داعمة، وأخرى مناهضة له.
فإما عن الرؤى الداعمة، فهي تؤكد أن جوهر الدين الإسلامي لا يغفل الدعوة إلى الاستبصار والوعي بالمستقبل، ولا يلغي النزوع الإنساني إلى الإعداد له وأخذ الحيطة واتخاذ الاسباب واغتنام الحاضر لضمان غد أفضل في الدنيا والاخرة. ومن هنا، لا يقترن المستقبل في الاسلام بالمقبل من الزمان في الحياة الدنيا فحسب، وإنما بالأخرة أيضا.
أن هذه الرؤى الداعمة تستند على ما يأخذ به القران الكريم. وغني عن القول إن القران الكريم مليء بالآيات الداعية لإمعان النظر والإعداد للمستقبل بمشاهده المتعددة. ومن ذلك قوله تعالى: ” يَا أيُها الذين أمنُوا اٌتقُوا الله ولٌتنظُر نَفس مَا قَدَمَت لغدٍ.” الذي يدعوا إلى الاستعداد للمستقبل واستشراف المستقبل حتى يتم تجنب مفاجئات الزمان. وكذلك قوله سبحانه وتعالى: “… وَتِلٌكَ اٌلآيامُ نُدَاوِلُها بَين الناس.” الذي يؤكد على فكرة عدم بقاء الامور ثابتة على حالها. وقوله كذلك سبحانه وتعالى: ” إن الله لا يُغيّر مَا بِقومٍ حتى يُغيّروا مَا بأنفسهم”, الذي يدعو إلى الاخذ بالتغيير. وكذلك قوله سبحانه وتعالى: “… فَمَن يَعّمَل مِثّقَالَ ذَرة خَيرّا يَره، وَمَن يَعمَل مثقال ذَرّة شَرّا يَرَه…”, الذي ينطوي على دالة واضحة تفيد أن المستقبل صناعة بشرية.
واتساقا مع دعوة القران الكريم إلى عدم إهمال التفكير في المستقبل، جاءت أحاديث نبوية كثيرة أكدت على جدوى الاستعداد للمستقبل ابتداء من الحاضر. ومثالها قوله عليه الصلاة والسلام: “من أستقبل الامور أبصر، ومن استدبر الامور تحير”, وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: “من لم يحترز من المكائد قبل وقوعها لم ينفعه الاسف عند هجومها.”
وفي ضوء تكامل رؤية المستقبل في عموم المنظومة الاسلامية، يؤكد، فؤاد بلمودن، ان هذه المنظومة تعتمد نهجا محددا يتسلسل في خطوات محكمة، وكالاتي:
” الاولى: قراءة الواقع المعاش ودراسة مفرداته وأدراك ابعاده عن كثب بشكل تحليلي…
الثانية: قراءة الماضي قراءة تاريخية واعية بتتبع حركة السنن التاريخية والاجتماعية وفاعليتها في تحليل علمي وموضوعي…
الثالثة: استشراف (صور) المستقبل بعملية تركيبية تربط بين حركة الواقع القائم والسنن التاريخية والاجتماعية من خلال استحضار الماضي والاهتداء بتجاربه ومواعظه…”
وعلى الرغم من أن الرؤية الداعمة للتفكير العلمي في المستقبل تجد استجابة وانتشارا، وهو الآمر الذي يؤكده نمو عدد الدراسات الإسلامية ذات العلاقة بالموضوع، إلا أن هذا التحول الإيجابي لم يُؤد إلى الارتقاء بواقع التفكير العربي-الإسلامي في المستقبل إلى المستوى الذي يمهد لبناء إنسان ينحاز إلى المستقبل تفكيرا وسلوكا. ومما ساعد على ذلك نقص المعرفة لدى كثير من المسلمين عن علاقة الدين الإسلامي بالمستقبل. ومما ساعد على ذلك الانتشار الواسع نسبيا لتأثير الرؤى الرافضة للتفكير العلمي في المستقبل وتطبيقاته العملية.
إن هذه الرؤى تؤكد أن معرفة الإنسان لا تتعدى حدود الماضي والحاضر. إما معرفة المستقبل فهي من الامور، التي استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمها. ومن هنا دعا أصحاب هذه الرؤية إلى الانشغال بالواقع دون المتوقع ومن ثم تجنب الانشغال بالمستقبل، وذلك انطلاقا من أن الذي ” لم يقع لا يستحسن الخوض فيه”, بل ان الغلو أفضى بإصحاب هذه الرؤى إلى رؤية الجهد الرامي إلى استشراف المستقبل وكأنه رجما بالغيب وتعديا على المقدسات الإلهية.
ويُفند المستقبلي، والمفكر العربي-الإسلامي، محمد بريش، هذا النمط من التفكير قائلا: ” إن الكد والجد والاخذ بالأسباب جاء بها الكتاب والسنة كأمر”. كما أنه، في موضع أخر، دعا إلى دفع القدر بالقدر، ورأى أنه نوعان: ” أحدهما دفع القدر الذي قد انعقدت أسبابه بأسباب أخرى من القدر تقابله فيمتنع وقوعه، كدفع العدو بقتاله. إما النوع الثاني فهو دفع القدر الذي وقع واستقر بقدر أخر يرفعه ويزيله، كدفع قدر المرض بالتداوي، ودفع قدر الإساءة بقدر.
ونرى أن هذه الرؤى الرافضة للانشغال في المستقبل، بالإضافة إلى إنها تعبر عن نمط من التفكير المعوج والتدين المغشوش، وتتناقض مع أصل الخلق وهدف الخلق ومع ما جاء به القران الكريم والأحاديث النبوية، وتتقاطع مع نزوع الانسان عضويا للتفكير في مستقبله، هي تخلط بين مضامين مفهومين مختلفين بالضرورة، هما استشراف المستقبل، والعلم بالمستقبل. ولنتذكر أن مفهوم استشراف المستقبل يعبر عن ذلك الجهد الإنساني الذي يعمد إلى توظيف المنهجية العلمية سبيلا لاستشراف احتمالات، أو مشاهد، تطور الحاضر، وذلك على وفق ما يقوم به الإنسان، أولا يقوم به من أفعال في الحاضر، فضلا عن تحديد هذه الاحتمالات ، ومن ثم تسويق الأكثر احتمالا منها داخل المجتمع للرأي العام و/أو إلى صناع القرار.
وبهذا المعنى، شبه المتفق عليه، لا ينطوي استشراف المستقبل على أي جهد للتنبؤ القاطع بالمستقبل، بمعنى العلم به. فالعلم القاطع بالمستقبل يبقى حقا ذلك الأمر الذي تنفرد به الذات الالهية. لذا نتفق مع، المهدي المنجرة، في قوله: ” إن هناك فرق شاسع بين الغيب والذي هومن علم علام الغيوب سبحانه وحده، وبين مفهوم المستقبل كما يوظفه الخبراء في… (تخصصهم). فمفهوم المستقبل حسب هؤلاء هو انعكاس على الزمن لأثار ونتائج أعمالنا أو عدم أعمالنا اليوم. ومن ثم، فمن الواضح من المضمون والدلالة، أن الأمر (أي استشراف المستقبل) لا يتعلق لا بنبوءة ولا بتكهن”.
ونتفق مع راي المهدي المنجرة. فدراسات المستقبلات لم تعد تنصرف، كما كانت في بداياتها، إلى التنبؤ بالمستقبل، وإنما أضحت تذهب إلى استشراف مشاهد ه الممكنة و/أو المحتملة و/أو المرغوب فيها. هذا إدراكا منها أن المستقبل لا ينغلق على مشهد واحد وحتمي وانما ينفتح على مشاهد متعددة ذات مضامين مختلفة، سلبا أو إيجابا. لذا نتساءل: لماذا تتمسك كتابات العديد منا، نحن العرب، برؤية صارت تنتمي إلى الماضي، هي تلك التي تفيد: إن المستقبل يٌعد امتدادا تلقائيا لمعطيات زمان مضى؟ ولان المستقبل هو حصيلة لما يفعله، او لا يفعله, الإنسان وهو في الحاضر, يمكن تعليل لماذا أخذت ثمة دول, كانت متخلفة حضاريا, بالارتقاء المتسارع, ولماذا استمرت ثمة دول أخرى في تخلفها أو تأخرها الحضاري؟
في مقال الشهر القادم سنستكمل تناول المدخلات الاجتماعية والعلمية المؤثرة سلبا في الموقف العربي من المستقبل.
*أستاذ العلوم السياسة/ السياسة الدولية واستشراف المستقبلات/ لندن