اعتدنا على سماع مصطلح السياحة التاريخية والحضارية، وهو عبارة عن السفر لزيارة المواقع القديمة والمعالم التاريخية كالقلاع، المدن القديمة، المتاحف، والآثار بهدف التعرّف على أحداث الماضي، حضارات الشعوب، وتاريخ الأماكن لكن هنا، في هذا المقال، ستكون الفنادق التاريخية الحائزة على امتياز دليل ميشلان للضيافة هي وجهات السفر والمعالم الأثرية بحدّ ذاتها، ولن تحتاج، في معظم الأحيان، لمغادرتها واستكشاف المزيد.
تحكي هذه الفنادق حكايات الماضي بين جدرانها، وتروي زاوياها قصص الزوّار وشهدت جدرانها على مراحل تاريخية في حقبات زمنية معينة. هذه الإقامات لا تحتاج الكثير من التخطيط لأنك في الأغلب لن تضطر لمغادرة الفندق، لأن كلّ التجارب التي تود أن تعيشها متوفرة فعلاً، كجولات السيارات القديمة في المدينة، أو عشاء رومانسي في مطعم أصيل يعكس هوية الفندق التقليدية.
الإقامة في الفنادق التاريخية، ليس مجرد نوم أو ترفيه بل رحلة حسيّة تربط الضيف بالمكان والزمان تغني روحه وتترك أثراً طويل الأمد في نفسه.
رافقنا بهذه الجولة إلى أفخم فنادق العالم التاريخية المصنّفة، حيث تتقابل الرفاهية المعاصرة مع الماضي الفاخر، بدءاً من الإقامة في مبانٍ عريقة تعكس تراث المكان إلى تفاصيل التصاميم من الأروقة المزخرفة والأثاث الكلاسيكي.
إن كنت من عشّاق التاريخ المغامرة والاستكشاف، تابعنا للتعرّف على قائمة أبرز الفنادق التاريخية حول العالم التي تجمع بين سحر الماضي وفخامة نجمة ميشلان.
اليابان

هذا النُزل العتيق يُجسّد ثقافة مدينة أونوميتشي ببراعة، فمنذ عام 1943 تأسس هذا الفندق وبدأ باستقبال زوّاره، وما زال يحافظ على مكانته ضمن سلسلة الفنادق التقليدية. في هذه المدينة العريقة، أُعيد إحياء نيشياما بيكان، الذي كان بمثابة حديقة شاي، ليصبح ريوكان أونوميتشي نيشياما، نُزلًا يحافظ على ثقافة أونوميتشي.
قد حُفظ تاريخ هذا النزل، ليس فقط من حيث المبنى، بل أيضاً من حيث الأثاث والإضاءة وأدوات حفل الشاي والمخطوطات المعلّقة وأدوات المائدة، وقد أعيد ترميم بعضاً منه لكنه حافظ على إظهار وعرض مهارة الحرفيين اليابانيين.
هذا الفندق لا يشبه سواه، وإن كنت من محبي عيش تجارب بأنماط جديدة وغير اعتيادية فهنا ستعيش ذلك، فالغرف موزّعة على حديقة على شكل ستة مبانٍ كل منها يضمّ ثماني غرف، مبنية حول حديقة واسعة تُطل على بحر سيتو الداخلي كأنها بيوت وملحقات تابعة لمدخل الاستقبال الرئيسي.
أما الطعام فهو رحلة بحدّ ذاته حيث تقدّم الأطباق من مكوّنات يابانية فاخرة، وستحظى بوجبات صحية على اعتبار أن أهل هذه المدينة يرون بالأطباق شفاء للروح والجسد.
من النشاطات التي يمكن القيام بها بالقرب من هذا النُزل الحائز على نجمة ميشلان، يمكنك الاستمتاع برحلة بحرية ترفيهية على متن قارب صيد صغير بتصميم كلاسيكي في قناة أونوميتشي تشبه هذه القناة النهر، يُقدّم مع بسكويت نيكونوتيبان كتذكار كما يمكنك استئجار دراجة للتنزه في أنحاء المدينة أو زيارة متحف شاطئ أونوميتشي ومحال الشاي الشعبية.
تابلو، المملكة المتحدة

يقع كليفدن هاوس بقلب ريف لندن في مقاطعة بيركشاير الجميلة، على بُعد 40 دقيقة فقط من لندن و25 دقيقة من مطار هيثرو. يعدّ هذا المعلم الإيطالي الذي يعود للقرن التاسع عشر، والمُحاط بـ400 فدان من حدائق الصندوق الوطني، من المعالم التي لا تُضاهى. إنه مبنى مهيب ذو أهمية تاريخية لمالكيه المشهورين عائلة أستور ولضيوفه، بمن فيهم جميع ملوك بريطانيا منذ جورج الأول.
هذه الوجهة الفريدية في الريف البريطاني ترحّب بالضيوف لقضاء إجازات رائعة، الفندي مكوّن من 47 غرفة ومجموعة من الأجنحة الفاخرة بعضها جرى تسميتها على اسم شخصيات تاريخية بارزة، ما جعله محطّ أنظار الضيوف والزوّار حول العالم.
تحيط الفندق حديقة رسمية، متاهة تقليدية وملاعب خفيّة عدا عن مناظر الخضراء الشاسعة. كما يمكن لضيوف الفندق الاستمتاع بجولات إرشادية داخل القصر في أيام محددة من السنة.
من النشاطات التي يمكن للضيوف الاستمتاع بها، رماية الأطباق الطينية مع خبراء إي جيه تشرشل من هولاند آند هولاند، إلى تجربة البحث المستدام عن التوت والفطر البري مناسبة جداً للرحلات العائلية، أو يمكن التنزه بالقارب على طول نهر التايمز.
مايفير، المملكة المتحدة

على يد الزوجان جيمس وسارة براون تأسس فندق براون عام 1832، وما زال يحافظ على رونق الضيافة وفخامة الإقامة، دفعتهما خبرتهما في خدمة الطبقة الأرستقراطية لإنشاء هذا الفندق حيث بات مقصداً للنخبة من الكتّاب، السياسيين والملوك في القرن التاسع عشر، وهو حتى اليوم أحد أبرز فنادق لندن التاريخية وحائز على نجمتي ميشلان للإقامة الاستثنائية.
من الشخصيات البارزة التي استضافها الفندق مثل روديارد كيبلينج، وستيفن كنغ، وأغاثا كريستي، والعديد من الشخصيات الملكية والدبلوماسية كجورج الثاني ملك الإغريقيين ما جعله وجهة رائعة لمحبي التجارب التقليدية بطابع عصري متجدد.
من وحي الطراز الانكليزي يستقبلك عمّال الخدمة في فندق براون حيث ستشعر أنك داخل قصة من حكايات الأحلام وسيأخذك الطابع العصري إلى عالم آخر، ولا تفوت فرصتك بالحصول على رحلة داخل شوارع لندن الملكية بسيارة ميني كوبر الكلاسيكية، وكي تضفي على إقامتك امتياز الإقامة الانكليزية بالكامل استمتع بشاي بعد الظهيرة واكتشف مشهد الفنّ المعاصر في بجولة في معرض مايفير.
تاورمينا، إيطاليا
تصوّر أنك تقف على حافة صخرة يربطها الإبداع المعماري والتراث العريق وعلى بعد أمتار منك يمتد البحر الأيوني بألوانه المتموجة وفوقك يعلو منحدر صخري جميل، هذا هو فندق سان دومينيكو التابع لسلسلة فنادق فور سيزنز، هنا يتحوّل الحلم إلى واقع.
ترافق الحدائق على طول الفندق أشجار الحمضيات العطرية، تجمع الإقامة في الفندق الذي يضمّ 111 غرفة وجناحاً، بين الفخامة والعبق العريق. يحتفي هذا الفندق بالتاريخ من خلال فعالياته، نشاطاته، خدماته الفاخرة والمراكز العلاجية فيه المستوحاة من التقاليد القديمة، ستشهد هنا على سحر مدينة تاورمينا العريقة.
استضاف الفندق الذي تحول إلى فندق فاخر عام 1896، نخبة من الأدباء والفنانين والمشاهير ونجوم هوليوود كأودي هيبورن، اليزابيت تايلور وصوفيا لورين.
يحافظ الفندق على هندسته المعمارية المستوحاة من دير يعود للقرن الرابع عشر مزيّن بفنّ عريق وقطع أثرية، وبعد أعمال الترميم التي قامت بها المهندسة فالنتينا بيساني تميز برونق آخاذ كمعلم أثري يزوره الضيوف من جميع أطياف العالم، مع إطلالته على شواطئ صقلية وجبل انتا.
من الأشياء الرائعة التي يمكنك القيام بها خلال هذه الرحلة، جولة إلى جبل إتنا في تاورمينا لمشاهدة سحر أكثر براكين أوروبا نشاطاً!
وتجدر الإشارة أن باحة حديقة القصر مناسبة لإقامة حفلات الزفاف أو المناسبات الخاصة.
مدريد، إسبانيا

يستقبل فندق غران انغليس الواقع في مدريد ضيوفه منذ عام 1886، ويعدّ جوهرة تاريخية نابضة بروح عشرينيات القرن الماضي، حيث يجمع الأصالة في التصميم والفخامة في الضيافة.
هذه الأيقونة الفندقية، مصمّمة بلمسات مستوحاة من الحقبة الذهبية للفنّ الزخرفي أو Art Deco مع دمج قطع أصلية مثل الثريات الحديدية، وموقعه المميز في مدريد جعله وجهة عصرية وراقية للضيوف الذين يرتقون لإقامة فندقية أشبه بالخيال.
يضمّ غران انغليس 48 غرفة وجناحاً، وفيه مطعم casa lobo الذي يقدّم تشكيلة من الأطباق المبتكرة بلمسة إسبانية تقليدية، إضافة إلى بار في الردهة المضيئة حيث يجتمع الفنّ بالمذاق الرفيع.
وفي الحي نفسه، تطلّ أبرز معالم مدريد الأثرية، مثل غران فيا، بلازا مايور ومتاحف ريتيرو لا تفوت زيارتها.
