شهدت المملكة العربية السعودية حدثاً ثقافياً بالغ الأهمية، احتل الصدارة في المملكة، وهو “أوبرا زرقاء اليمامة”، الذي يُعدّ أول عرض أوبرا باللغة العربية في المملكة والأكبر في الشرق الأوسط. العمل من تنظيم “هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية”، وهو خطوة فنية رائدة تهدف إلى التعريف بالتراث الثقافي السعودي، وتوظيف التراث الموسيقي والاستعراض لرفع إقبال الجمهور على فن الأوبرا العالمي.
“زرقاء اليمامة” حدث فني بارز في إطار انفتاح المملكة على الفنون الأدائية والموسيقى والمسرح، وتحديداً الأوبرا كفنّ
عالمي من خارج الثقافة الفنية العربية، ويجسّد الحضور المتنامي للمملكة العربية السعودية في المشهد الفني العالمي.
فقد شهد مركز الملك فهد الثقافي عرض الملحمة التاريخية، في العاصمة الرياض ابتداءً من 25 أبريل/ نيسان الماضي، وأسدلت الستارة على العرض الأخير بداية شهر أيار/ مايو، وشارك فيه أوبراليون عالميون بالنص العربي، الذي حلّق بالقصة التاريخية إلى أبعاد فنية جديدة.
قصة “زرقاء اليمامة” الشهيرة هي حكاية مثل عربي قديم، يُضرب عن حدة البصر التي كانت تتمتع به عنزة بنت لقمان بن عاد التي عاشت في العصر الجاهلي، وهي امرأة ذات عيون زرقاء جمعت حدة البصر والبصيرة، ولُقبت بـ”زرقاء اليمامة”. وتورد الروايات أنّ زرقاء اليمامة، سيدة من قبيلة جديس عرفت بجمالها إذ تمّ تشبيهها بالبدر الذي يُمثل ليلة اكتمال القمر. وعاشت في اليمامة في منطقة واسعة كانت تسمى جو، وتميزت بحدّة بصرها وقدرتها على رؤية الأشياء من مسافات بعيدة جدًا، إذ قيل أنها كانت تبصر الأشياء من مسيرة ثلاثة أيام. ويُروى أنّ زرقاء اليمامة أنذرت قومها بأن وفود حسان بن تبع الحميري وجموعه قادمة لغزوهم مستترة بالأشجار، ولكنهم اتهموها بالخرف ولم يصدقوها، فاجتاحهم الحميري وقضى عليهم. فصارت قصتها متوارثة شهيرة على مدى العصور يُضرب بها المثل الذي يقول “أبصر من زرقاء اليمامة”.
العرض من تأليف الشاعر والكاتب السعودي صالح زمانان، والتأليف الموسيقي للملحن الأسترالي لي برادشو، والإخراج
للسويسري الإيطالي دانييل فينزي باسكا، وشارك في العمل عدد كبير من المواهب المحلية والخبرات الدولية مؤلفة من طاقم عمل من 18 جنسية، عملوا لسنوات لتقديم إنتاج بمعايير عالمية. وقد سلط صالح زمانان في العرض الضوء على أهمية الأسطورة عبر العصور، وتناول استكشاف القصة للمشاعر الإنسانية الأساسية والديناميكية المجتمعية.
وفي السياق نفسه، تعمل المملكة العربية السعودية حالياً على بناء دار أوبرا بطراز حديث يواكب التطور العالمي، في إطار إعادة تطوير منطقة الدرعية التاريخية المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة “اليونسكو”.