دورة تاريخيه لمهرجان القاهره السينمائي – مقال اكثر شمولا
كان تقليدا ان تبتعد المهرجانات والأحتفالات الفنيه في مصر، عن السياسة،بشكلها المباشر،وان تكون المعالجات خصوصا في المناسبات ذات الطابع الفنى أو العلمي أو الأدبي، بعيدا عن عوالم السياسة وقضاياها خصوصا في أزماتها المتعددة ،فما بالك بأحداثها الراهنه،والتي نحيا دقائقها، وتغلف حياتنا، الا ان هذه الدورة من مهرجان القاهره السينمائي خرجت عن تلك القاعده،وهذا المفهوم المألوف، و وكانت تلك الدوره تحمل اسم (فلسطين).لماذا تم ذلك ..؟ يجيب رئيس المهرجان الفنان(حسين فهمي) قائلا :وجدت مهرجانات عالميه كثيرة، تحتفي بقضية (أوكرانيا)،باعتبارها قضية داعمه لمفهوم ألأستقلال الوطنى،وانها تقف ضد استبداد روسيا،واعتدائها عليها، وتساءلت مع نفسي،ونحن ايضا لنا قضية في فلسطين، التي تواجه عدوانا وحرب اباده، بشكل صارخ ،وقمنا بتأجيل مهرجان القاهره السينمائي في دورته العام الماضي،تقديرا للمعاناة الفلسطينيه،وارقام الشهداء بمستوياتها الحاده ،تعبيرا عن مشاعرنا تجاه فلسطين، وجاءت هذه الدوره،لهذا العام ،ومازال العدوان قائما ،مع حجم المعاناة ومضاعافاته الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني لاسيما في هذا القطاع الصغير (قطاع غزة)، وقررنا المضي قدما في اقامة المهرجان،ويحمل اسم (فلسطين) تضامنا معها،وأنه حريص على تسليط الضوء على القضية الفلسطينية في تلك الدورة، وقال ايضا انني عرب كذلك عن تضامننا مع ( لبنان) ،واتخذنا اجراءت محددة تصاحب اقامة هذا المهرجان. اولها عدم قبول اي دعم مالي من اي شركة لها علاقة باسرائيل،وكانت هناك شركات اجنبيه متعددة ترغب في تقديم دعمها لهذا المهرجان ،وانحصر الدعم فقط على الشركات المصريه المحليه،وعدد اسماء الكثير من الشركات والمؤسسات والبنوك والوزارات التي ساهمت في ذلك، بدأ كلمته بقوله (على هذه الأرض مايستحق الحياة ) ،وهي مأخوذه من قصيدة الشاعر الفلسطيني الكبيرالراحل (محمود درويش)،وقال ان الفن حاضر في المحن والأزمات ،والسينما قادره على رواية قصص عن اشخاص عاشوا وحلموا ،وعن اّخرين فقدناهم، و لكنهم تركوا فينا اثرا بأعمالهم. افتتح المهرجان الدكتور احمد فؤاد هنو وزير الثقافة المصري،وهو فنان تشكيلي حصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة (قسم الحفر)عام 1992،وماجستير(أفلام الرسوم المتحركه التجريبية عام 1997، ثم حصل على الدكتوراة في فلسفة الفن، وتخصص في (الاتصال المرئي وإبداع أفلام الرسوم المتحركه).اشاد الوزير بالجهود التي بذلت في اقامة هذا المهرجان الذي يعد مناره فنيه وثقافيه بما يقدمه وقال نحن نبحر معا في محيط الابداع منذ نصف قرن ،وهنا تلتقي الثقافات ونحتضن المواهب وتتعانق سينما الشرق مع السينما العالميه، وتحدث عن مؤسسي هذا المهرجان واولهم كان الفنان والناقد كمال الملاخ، وقد تأسس عام 1976 ،ولذلك فهو المهرجان الاقدم في المنطقه، كما يعد ضمن فئة (أ) من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام (FIAPF)، مما يجعله واحدًا من 15 مهرجانًا فقط حول العالم يحمل هذا التصنيف
برنامج الدوره
تأخذ هذه الدوره من مهرجان القاهره السينمائي رقم الخامسه والأربعون أهمية خاصه من حيث تاريخها ،ويشارك في اعمالها 194 فيلما من 72 دولة بينما تشمل الفعاليات 16 عرضا للسجاده الحمراء ،و37 عرضا عالميا أول و8 عروض دوليه أولى،و119 عرضا لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا،و يُقام المهرجان سنويًا في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة، قام هذا المهرجان بتكريم ثلاثة شخصيات سينمائيه بارزة، وهم .. المخرج الكبير( يسري نصر الله) بجائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر، كما تم منح النجم (أحمد عز ) جائزة فاتن حمامة للتميز، وقد ذكر وهو يستلمها ان اسم
الجائزة نفسه(فاتن حمامه) يعد جائزة ثانيه، وقام باهداء الجائزة للفنان الكبير (عادل امام ) بالإضافة إلى ذلك،تم تكريم المخرج (دانيس تانوفيتش)، رئيس لجنة تحكيم المسابقة وهومخرج وكاتب سيناريو من البوسنة..تضمن العرض في
افتتاحه رقصة (الدبكه الفلسطينيه) قدمتها (فرقة وتر الفنون) الفلسطينيه من غزة).وتضمنت هذه الدورة من المهرجان، مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات، بما في ذلك عروض الأفلام، ورش العمل، والحلقات النقاشية. كما قدم المهرجان برنامجًا غنيًا يستعرض فيه أحدث وأهم الإنتاجات السينمائية العالمية والعربية، مع تسليط الضوء على الإبداعات الجديدة في السينما المصرية.
الفيلم الفلسطيني
حظي الفيلم الفلسطيني باستقبال حافل ،وقد أخذ فيلم (احلام عابره) عرضه العالمي الأول في هذا المهرجان،وهو من اخراج الفنان الفلسطيني (رشيد مشهراوي وقصة فيلم (احلام عابره) تروي تفاصيل رحله بريه فلسطينيه عبر مخيمات اللاجئين بما تتضمنه من المرور بنقاط تفتيش اسرائيليه عبر تلك
المخيمات،وقد صرح مخرج الفيلم لوكالة فرانس برس بعد عرض الفيلم،انه يدور حول فكرة (البحث عن الوطن) اي عن (فلسطين)، عن ( أنفسنا) .يحكي فيلم رشيد مشهراوي قصة صبي في الثانية
يُدعى سامي يقيم في مخيم للاجئين في الضفة الغربية، وينطلق برفقة عمّه وابن عمه للبحث عن حمامته الزاجلة التي طارت وفُقد أثرها. وبعد ان قيل له إن الحمام يعود دائماً إلى المكان الذي وُلد فيه، تحاول الأسرة تتبّع الطير إلى موطنه الأصلي في شاحنة نقل صغيرة حمراء من مخيم (قلنديا وبيت لحم) للاجئين في الضفة الغربية، إلى القدس القديمة، ثم إلى مدينة حيفا. وتتحول رحلتهم إلى نوع من (النكبة)، ولكن في الاتجاه المعاكس، إذ غادرت العائلة مسقط رأسها حيفا أثناء النزوح القسري للفلسطينيين عام 1948، عند تأسيس دولة إسرائيل. ذكر المخرج في حواره مع الجمهور ( ان المرور بأماكن محددة لها معنى عميق بالنسبة للتلريخ الفلسطيني ، انها ليست مجرد مصادفه.
لغة السينما
مشروع آخر قدّمه المخرج لأدارة المهرجان، وهو (من المسافة صفر)، الذي يضمّ مجموعة مختارات سينمائية أشرف عليها، وهي عبارة عن 22 فيلماً قصيراً صوّرها مخرجون من غزة خلال الحرب المستمرة. ومن خلال هذا المشروع، أراد رشيد مشهراوي، وهو صاحب أول تجربة فلسطينية سينمائية تُعرض بشكل رسمي في مهرجان كان السينمائي، في عام 1996، من خلال فيلمه (حيفا)، أن يكون بمثابة (جسر بين الجمهور العالمي والمخرجين الفلسطينيين على الأرض).
وقال المخرج رشيد مشهراوي انه يتحتم (علينا، كمخرجين، أن نوثّق ذلك من خلال لغة السينما).
وأضاف في تأكيده على تلك اللغة، واثرها البالغ الأهمية في التأثير والتوجيه، ان السينما تدافع عن أرضنا أفضل بكثير من أي خطاب عسكري أو سياسي). وأشارّ المخرج الفنان، الذي ولد في مخيم للاجئين في غزة قبل أن يستقر في رام الله، بأن ثمة (عقبات تحول دون صنع الأفلام في ظل الأحتلال منها (الجدران العازلة والحواجز والقيود).واستطرد فقال ان (المرء لا يعرف إطلاقاً ما إذا كانت السلطات الإسرائيلية ستسمح له بالذهاب إلى حيث يريد، مثل ما قامت به العائلة
التي تلحق بالحمامة الزاجلة في فيلم (أحلام عابره)،أم ستقيم العراقيل، لافتاً إلى أنه يرفض من حيث المبدأ طلب الإذن من السلطات الإسرائيلية. وترتيبا على ذلك يلجأ الى التحايل، وضرب مثلا (بتهريب) ممثلين من الضفة الغربية غير مسموح لهم بالذهاب إلى القدس.ومضي المخرج مشهراوي في حديثه قائلا عبارة كان لها دويا وحظيت بتصفيق حار من الحاضرين الذي لوحظ ان الكثيرين منهم ،قد وضع الكوفية الفلسطينية على اكتافه. قال أن (طلَب الإذن (من السلطات الإسرائيلية) بالتصوير في القدس يعطيهم الشرعية لاعتبار أن القدس ملكاً لهم) كانت العباره عميقة الدلاله ،تعبر في مضمونها عن مشاعر جياشه ،تنضح بالكثير من الرفض،و الأستنكارللواقع المر والعصرالمدان.
فلسطين تحصد الكثير من جوائز الدورة
حصد الفيلم الفلسطيني (حالة عشق: غسان أبو ستة)، للمخرجتين كارول منصور، ومنى الخالدي، جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل. وفي مسابقة الفيلم الفلسطيني، فاز (أحلام كيلو متر مربع) بالجائزة الأولى، وكانت الثانية من نصيب (حالة عشق) إخراج كارول منصور، وذهبت الجائزة الثالثة لفيلم (أحلام عابرة) .
كما قررت لجنة التحكيم منح شهادة تقدير لكل من غسان أبو سنة، والمخرج رشيد مشهراوي عن فيلم (سن الغزال). أما جوائز أفلام غزة، ففاز بالجائزة الأولى فيلم (جلد ناعم) وذهبت الجائزة الثانية لفيلم (خارج التغطية) إخراج محمد شريف، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب (يوم دراسي) إخراج أحمد الدنف .
وأشاد المستشار الثقافي لسفارة دولة فلسطين ناجي الناجي، (بمواقف الشقيقة مصر ودورها الثقافي الريادي
المستمر، والذي تجسد أيضا عبر موقف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، خاصة فيما يتعلق بالجهود المشرفة التي بذلها الفنان حسين فهمي لدعم صمود شعبنا). ودعا إلى (ممارسة ضغط فكري وثقافي موحد لإعلاء الصوت من أجل مناصرة العدالة والوقف الفوري للحرب وإغاثة الشعب الفلسطيني ورفع الظلم عن آخر شعب يرزح تحت آخر احتلال على هذه الأرض) وأشارت وكالة الانباء الفلسطينيه (وفا) إلى أن (المهرجان حرص أيضا على إعلان دعمه الكامل للقضية الفلسطينية، واعطاء اهتماما خاصا بالسينما الفلسطينية،وتخصيص جائزتين خاصتين بالسينما الفلسطينية، وعروض أفلام من غزة لتسليط الضوء على السينما بفلسطين وصناع الأفلام في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية الحالية، بالإضافة إلى أعمال المنتجين الفلسطينيين من أجل إبراز شتى القضايا الفلسطينية من خلال الفن والسينما، ولإيصال رسائل قوية للعالم عن معاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته).
القائمة الكاملة للفائزين بجوائز الدورة
الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
المسابقة الدولية
حصد المنتج بوجدان موريشانو، جائزة الهرم الذهبي لأفضل فيلم عن الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأت أبدا»، ومُنحت جائزة الهرم الفضى جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل مخرج لـ ناتاليا نزاروفا عن الفيلم الروسي «طوابع بريد»، ونال المخرج بيدرو فريري جائزة الهرم البرونزي لأفضل عمل أول أو ثان عن الفيلم البرازيلي «مالو».
جائزة نجيب محفوظ
ذهبت جائزة نجيب محفوظ لأحسن سيناريو للفيلم الإيطالي «ريا» إخراج أليساندرو كاسيجولي، كيسي كوفمان، وحصد الفنان ليي كانج شنج جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأمريكي «قصر الشمس الزرقاء» للمخرج كونستانس تسانغ، وكذلك الفنان ماكسيم ستويانوف عن دوره في الفيلم الروسي «طوابع بريد» للمخرج ناتاليا نزاروفا.
وذهبت شهادة تقدير لجائزة أحسن ممثلة للفنانة ألينا خويفانوفا عن دورها في الفيلم الروسي «طوابع بريد» إخراج ناتاليا نزاروفا، وحصدت جائزة أحسن ممثلة الفنانة يارا دي نوفايس عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو» إخراج بيدرو فريري.
جائزة هنرى بركات
وذهبت جائزة هنرى بركات لأفضل إسهام فني للمخرج نجمى سنجاك عن فيلمه التركي «آيشا»، وكذلك المخرجة نهى عادل عن فيلمها المصري «دخل الربيع يضحك»، وحصد الفيلم المصري «دخل الربيع يضحك» جائزة لجنة تحكيم النقاد الدولية (فيبرسى) للمخرجة نهى عادل.
مسابقة آفاق السينما العربية
حصدت كلا من كارول منصور ومنى خالدي جائزة سعد الدين وهبة لأحسن فيلم عربي عن فيلم «حالة عشق».
ومنحت جائزة صلاح أبوسيف للمخرجة نهى عادل عن فيلم «دخل الربيع يضحك».
وذهبت جائزة يوسف شريف رزق الله لأحسن سيناريو لكل من لؤي خريش وفيصل شعيب عن فيلم «أرزة» للمخرجة ميرا شعيب. ، وحصلت الفنانة رحاب عنان عن تنويه خاص عن فيلم «دخل الربيع يضحك» للمخرجة نهى عادل.
مسابقة أسبوع النقاد الدولي
حصل الفيلم الفرنسي «ألماس خام» على جائزة شادى عبدالسلام لأحسن فيلم للمخرج أجاث ريدينجر.
وحصل الفيلم الأرجنتيني «سيمون الجبل» للمخرج فيديريكو لويس على جائزة فتحى فرج من لجنة التحكيم الخاصة.
وحصل فيلم «أبوزعبل 89» على تنويه خاص للمخرج بسام مرتضى.
مسابقة الفيلم القصير
وحصد المخرجين كاي شويه وهونج جييشي جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير عن الفيلم الصيني «ديفيد».
وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم «انصراف» للمخرجة جواهر العامري.
وحصل الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص للمخرجة ياسمينا الكمالي.
لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الأفريقي
حصد فيلم «داهومي» على جائزة أفضل فيلم أفريقي طويل للمخرج ماتي ديوب، بالإضافة لفيلم «أبوزعبل 89» الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
جائزة منظمة ترويج السينما الآسيوية NETPAC
جوائز مسابقة الفيلم الفلسطيني
ذهبت جوائز إتحاد إذاعات وتليفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي لأفضل فيلم فلسطيني الجائزة الأولى لفيلم «أحلام كيلو متر مربع» للمخرج قسام صبيح.
والجائزة الثانية ذهبت لفيلم «حالة عشق» إخراج كارول منصور ومنى خالدي.
والجائزة الثالثة لفيلم «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوي.
كما منحت لجنة التحكيم شهادات تقدير لكل من الدكتور غسان أبوستة الطبيب الجراح بمستشفى الشفا بغزة وللمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي ولفيلم «سن الغزال» للمخرج سيف حمّاش.
جائزة شركة «مصر العالمية يوسف شاهين»
وهي ثلاث جوائز نقدية قيمة كل منها 1000 دولار أمريكي، ضمن سلسلة الأفلام الفلسطينية «المسافة صفر».
وذهبت لفيلم «جلد ناعم» إخراج خميس مشهراوي وفيلم «خارج التغطية» للمخرج محمد الشريف وفيلم «يوم دراسي» للمخرج أحمد الدنف.
مسابقة الفيلم الوثائقي
ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم وثائقي طويل لفيلم «حالة عشق» للمخرجتان كارول منصور ومنى خالد.
كما حصد فيلم «أبوزعبل 89» للمخرج بسام مرتضى على جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل.
وانتهت دورة المهرجان ،ولكنها كانت دورة فارقه ،في تحديد المواقف ،والكشف عن دور الفعاليات المختلفه ،وما ينبغي عليها ان تكون ،في تصحيح المفاهيم ،فليست هناك نشاطات منعزلة عن اهتمامات المجتمع ،والغوص في ابعاد مشاعره ،وكذلك واجباته . كانت فلسطين واضحه والنجمة المشرقه بين كل النجوم .